صحيفة التغيير السودانية:
2025-08-02@22:22:37 GMT

المراوحة في منتصف الطريق

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

المراوحة في منتصف الطريق

خالد فضل

سبع وستون سنة انقضت من عمر الاستقلال عن الحكم الاستعماري الثنائي (انجليزي /مصري) ، بعد ثلاثة أشهر من الآن ندخل في العام الثامن والستين وما تزال قضية السودان المركزية هي (مسألة البقاء). نعم قد يكون صادما بالنسبة لكثيرين أن نواجه الحقيقة بكل تبعاتها وما تنطوي عليه من مرارة فاقعة تلوب في الأفواه،  السودان لم ينتقل رغم عمره المديد وهو يحتفل سنويا بذكرى الإستقلال المجيد ؛ من خانة البقاء ليضع رجلا على خانة النماء.

العالم تغيّر كثيرا خلال سبعة عقود تقريبا، دول وشعوب كانت في منتصف الخمسينات من القرن الماضي في رحم الغيب  ونحن في عامنا ال68 نومئ إليها بأنها ذات دور فعال في قضايانا المحلية تساعدنا بالمال والخبرات والإغاثات  ونتهمها بمد هذا المتمرد وذاك الخائن وبينهما العميل بالسلاح والدولار . لا نهتم أبدا بخيبتنا الوطنية  ولا نتهم أنفسنا بالعيب والتقصير واللا مبالاة وقصر النظر والفساد والاستهتار وعدم الجدية، بل قصارى جهد معظمنا أن يجد مشجبا يعلق عليه عثراته الذاتية  وتلك آفة الآفات .
ما تزال قضيتنا المركزية هي قضية بقاء على قيد الحياة، فمنذ بداية الثمانينات من القرن المنصرم أي لنحو 43سنة من عمر الاستقلال الوطني لم تنقطع عمليات الإغاثة الدولية لمجموعات كبيرة من شعبنا  في الجنوب السابق وفي دارفور وجبال النوبة وشرق السودان وكردفان ووسط السودان حتى الخرطوم والشمالية. قائمة السودانيين /ات المشمولين بالإغاثات الضرورية للبقاء على قيد الحياة من غذاء ودواء وإيواء وكساء تكاد تغطي ما لا يقل عن 80%من أبناء وبنات شعبنا، وهذا يؤكد ما افترضته في هذا المقال من أن قضيتنا الملحة هي مسألة البقاء  أما النماء فتلك سكة يبدو أن بلوغ أول عتباتها لن يتيسر لنا قريبا ما دمنا في هذه المراوحة المدوخة فعلا في منتصف الطريق . فما هي العلّة التي جعلت بلدنا في ذيل قائمة البلدان من حولنا، ولا أقول بلدان العالم الفسيح؟.
العلّة هي في القيادة، نعم القيادة الملهمة المفكرة المسؤولة الجادة  وهي القيادة الشرعية المنتخبة من الشعب والمسؤولة أمامه والتي يمكنه محاسبتها ومراقبتها وتغيّرها متى فشلت أو حادت عن الطريق وهذه القيادة لا تأتي إلاّ في ظل نظام سياسي معروف اسمه (الديمقراطية). فالشعوب لا تلد ديمقراطية إلا إذا حملت الأمهات وأنجبن أطفالا وتدرج الأطفال منذ المهد وإلى اللحد في ظل نظام ديمقراطي. الديمقراطية هي عمليات وليست مناسبات انتخابية يهرع الناس في وقت معلوم ليصوتوا للقطية أو الخنزير. مع الأسف، ست وخمسون سنة من عمر الاستقلال شغل خلالها مقعد القيادة السادة الجنرالات في الجيش الرحمة لمن مات منهم ( الفريق إبراهيم عبود (6سنوات)، العقيد جعفر محمد نميري(16سنة)، العميد عمر حسن البشير(30سنة)  الفريق عبدالفتاح البرهان 4سنوات قابلة للزيادة، الفريق سوار الدهب حكم انتقاليا لمدة عام واحد ليصبح المجموع سبع وخمسون سنة، وما تزال قضية السودانيين المستمرة هي مسألة البقاء،فهل من فشل أفدح من هذا بالنسبة للسادة العساكر؟.
بهذه النتيجة الواضحة وبأطنان الخيبات الوطنية المروعة والتي يدفع ثمنها باستمرار جماعات وأفراد من المواطنين/ات في مختلف جهات البلاد ولأتفه الأسباب يفقدون حياتهم وأحبائهم؛ فالهم هو البقاء وليس النماء بالنسبة لهولاء الضحايا، كل ذلك يقع والسيد الجنرال الحاكم معتليا صهوة كرسي الحكم آمرا بالمزيد من الشرور وناهيا عن كل خير، وتعجبك جحافل الجندرمة من العسكر ومن الإنتهازيين، أولئك الذين يسبحون بحمد كل جبّار عنيد نظير امتياز مادي في الغالب ( تشييد عمارة أو تأسيس شركة تجارية أو بنك يقي الذرية الوارثة شرور الفقر كما قال أحدهم ذات يوم  ) أها العمارات تسكنها (الكدايس) اليوم في أرقى أحياء الخرطوم  والشركات طارت شبابيكها وأثاثاتها لتفترش التراب فيما يعرف بأسواق (دقلو) المنتشرة في أماكن كثيرة في الخرطوم وغيرها. الحرب اليوم لم تندلع من الغيب ولم تك قضاء وقدر بل هي حرب تأكيد موجع على التلكؤ والمماحكة في بناء وطن لا يتسيده العسكريون، مع احترامنا لأشخاصهم بيد أن تجاوزهم وخرقهم القاتل لأساسيات مهنتهم وتشبثهم بما لم يتأهلوا له أساسا جعل وطننا مهينا بين الأوطان وشعبنا ذليلا وسط الشعوب  يتضور الملايين جوعا رغم الماء والسماء والسهل والسفح  يصطف الملايين خلف كاونترات اللجوء ويجوس مثلهم الأصقاع بحثا عن خيمة تأويه. الحرب لم تبدأ يوم 15 أبريل 2023 لكنها كانت قاصمة الظهر لأنها ضربت المركز الذي تسيّده العسكر وأذنابهم لستة عقود دون انتخاب أو رغبة في التنحي أو بناء وطن.

يجب أن تقف الحرب اليوم ولو بنزع سلاح القاتلين بوساطة قوات أممية تحت الفصل السابع من الميثاق، خروج العسكر من الحكم نهائيا غير مأسوف عليهم، البداية من منصة التأسيس لوطن اسمه بلاد السودان يضم كل قاطنيه دون تمييز بلون أو عرق أو دين أو ثقافة وطن يسوده دستور علماني عديل كدة بلا مماحكات, فالدولة للناس كلهم والدين والمعتقد الروحي لمن يشاء. فإذا لم يتحقق ذلك للسودانيين سيظلون في المستنقع يبحثون عن أسباب البقاء فيما الشعوب تمطو الجو إلى الفضاء.

الوسومالسودان خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان خالد فضل

إقرأ أيضاً:

الأندية والفرق الأهلية.. صراع البقاء

أحمد السلماني

[email protected]

المشهد كان صارخًا وواضحًا في نهائي بطولة دوري الهواة "شجع فريقك" لمحافظتي جنوب وشمال الباطنة؛ مدرجات مكتظة، أهازيج لا تهدأ، وحضور جماهيري طاغٍ أعاد وهج كرة القدم إلى صورته الشعبية الحقيقية. مشهد يدعو للتأمل والدراسة، حين نقارنه بمباريات دوري عمانتل التي تعاني من مدرجات شبه فارغة، وكأنها تدور في عالم موازٍ بعيد عن نبض المجتمع. الفارق شاسع، والرسالة جلية: الناس تبحث عن الانتماء، والفرق الأهلية تمنحه بسخاء.

لكن خلف هذا الحضور المهيب، يطل سؤال مُقلق: ما معنى أن يجمد 27 ناديا نشاط فريقها الكروي الأول؟ الجواب مؤلم، إذ إن الأندية التي يفترض أن تكون قلب الحركة الرياضية والثقافية والاجتماعية، فقدت الكثير من دورها الطبيعي في خدمة المجتمع. هذا الدور انتقل تدريجيًا إلى الفرق الأهلية، التي باتت الأقرب إلى الناس، والأقدر على جذبهم، لأنها ببساطة منهم ولأجلهم.

الأندية اليوم، في كثير من الحالات، تعتاش على الفرق الأهلية، بينما تفرض عليها رسومًا مرتفعة للمشاركة في البطولات، من رسوم عضوية، واشتراكات، وتكاليف تسجيل لاعبين من خارج الولاية، وصولًا إلى الغرامات. هذا عكس المنطق الطبيعي، فالمفترض أن تتلقى الفرق الأهلية الدعم من الأندية والوزارة، لا أن تتحول إلى ممول لها.

إذا كنا نريد إصلاح الخلل، فلا بد من تمكين الفرق الأهلية لتصبح أندية هواة حقيقية، تمنح مساحات أرض مناسبة لتشييد بنيتها الأساسية، وتُفتح أمامها أبواب الاستثمار، مع دعم حكومي مباشر كتخفيض تعرفة الكهرباء ومنح تصاريح حفر آبار مياه لها، طالما أنها تقوم بالدور الذي يفترض أن تقوم به الأندية. في المقابل، يجب أن تتحول الأندية إلى كيانات متخصصة في رياضات معينة تتفوق فيها، وأن توفر مرافق مجتمعية حقيقية من صالات لياقة وملاعب ومكتبات وأحواض سباحة ومقاهٍ ومطاعم، وأن تكون الحاضنة المنظمة والداعمة للفرق.

الاستمرار بالوضع الراهن يعني تعميق أزمات الأندية، وإخراجها من نطاق الخدمة، وفقدان ما تبقى من الحاضنة المجتمعية التي كانت يومًا سر نجاحها. ما يحدث الآن غير صحي، وهو سبب رئيسي في معاناة الأندية وانحسار جماهيريتها.

ويبقى السؤال الذي يجب أن تجيب عليه الحكومة بوضوح وجرأة: هل الأندية في عُمان كيانات حكومية أم أهلية؟ الإجابة على هذا السؤال هي بوصلة الطريق نحو المستقبل. وإذا كانت الأندية تريد التطور والبقاء، فإن تحويلها إلى شركات أهلية قادرة على إدارة مواردها وضمان ديمومتها، لم يعد خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة وجودية.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الأندية والفرق الأهلية.. صراع البقاء
  • عناوين الصحف والمواقع الإلالسودانية اليوم السبت 2أغسطس2025م
  • تراجع سعر الذهب في منتصف تعاملات اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025
  • سعر الدولار في منتصف تعاملات اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025
  • القيادة تهنئ رئيسة الاتحاد السويسري بذكرى اليوم الوطني لبلادها
  • آب في العراق .. تذبذب حالة الطقس يصاحبه انخفاض نادر بعد منتصف الشهر
  • القيادة تهنئ رئيسة الاتحاد السويسري بذكرى اليوم الوطني
  • القوات الأمنية العراقية تدخل حالة الإنذار منتصف الأسبوع المقبل
  • تعرف على بيانات طقس السودان اليوم
  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في منتصف تعاملات اليوم الخميس 31 يوليو