الثورة نت:
2025-10-12@12:58:36 GMT

مقاربات في فهم المواقف السياسية..!

تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT

 

مقاربة أولى  موقف الولايات المتحدة من القضايا السياسية وبؤر التوتر في العالم تقوم على قاعدة براجماتية بحتة، وضع قاعدتها شيخ دبلوماسييها وزير خارجيتها الأسبق هنري كيسنجر ومفادها “على الولايات المتحدة الأمريكية أن لا تكون معنية بحل مشاكل العالم، وإنما أن تديرها على قاعدة مصالحها”، إلاّ أنها في موقفها من الكيان الصهيوني الغاصب تتعامل بغير هذه القاعدة، وهذا الأمر يجد تفسيره في علاقة الانسجام بين نشأة الولايات المتحدة الأمريكية الذي يشبه إلى حد كبير نشأة الكيان الصهيوني، إذ قامت أمريكا ومثلها الكيان الصهيوني على إبادة السكان الأصليين، ولذا فإن موقف أمريكا الداعم للكيان الصهيوني ينسجم أخلاقياً مع بنيتها السياسية ولا يمكن لها أن تتخذ موقفاً مغايراً.

مقاربة ثانية موقف أنظمة البترودولار في المنطقة من الكيان الصهيوني الداعم من خلف الكواليس في زمن سابق، والدعم الوقح والسافر الذي بات ظاهرا اليوم، هذا الموقف ينطلق من حقيقة أن الكيان الصهيوني الغاصب وداعميه في المنطقة من أنظمة البترودولار صنيعة الاستعمار، وكلها كيانات وظيفية أوجدها الاستعمار لحظة رحيله من أجل حماية مصالحه في منطقة غنية بالطاقة، وفي المقابل نشأت في المنطقة دول وطنية نشأت على أنقاض الاستعمار وقامت فيها ثورات ضد المستعمر، ولولا وجود الكيان الصهيوني الغاصب لما استطاعت أنظمة البترودولار الصمود والبقاء أمام رياح الثورات الذي انتشر في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم، فكان لا بد من وجود إسرائيل كخط دفاع أول وأخير للمصالح الغربية وخط دفاع يحمي كل هذه الكيانات الوظيفية في المنطقة، ولذا فإن دعم أنظمة البترودولار للكيان الصهيوني الغاصب يمثل لها قضية وجودية، فجميعها مرتبطة بحبل سري بقوى الهيمنة الغربية، وسقوط الكيان الصهيوني يعني في محصلته سقوط الهيمنة الغربية على المنطقة وسقوط كياناته الوظيفية كلها لا محالة، أي أن الدعم تفرضه الخشية الوجودية « الزوال»، بمعنى آخر أن أنظمة المنطقة تعيش أزمة وجودية ناتجة عن أزمة نظام الهيمنة العالمي الذي بات في لحظة أفوله النهائي. مقاربة ثالثة لقد كان نظام 7/7 في هذا البلد الذي نشأ في غفلة من التاريخ وفي زمن انعدمت فيه الذمة الأخلاقية، وكلنا يعرف سيرورة نشأة هذا النظام منذ اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي والدور الذي قامت به المملكة في التخطيط لهذه الجريمة وحتى 17 يوليو 1978م يوم تسنم رأس النظام وانتهاء في اكتماله إثر حربه على الجنوب عام 1994م. وبسبب سياسات نظام الفساد والإفساد الكارثية المرضي عنها من قوى الهيمنة الاستعمارية والدول الإقليمية قاد البلد إلى الهاوية وبسبب سياساته ظهرت القضية الجنوبية وقضية صعدة. وعندما نشأ الحراك الجنوبي اتخذ من إيران داعماً له، وكان محقاً في ذلك، فلا يمكن أن يدعم قضية شعبوية إلّا نظام سياسي شعبوي، وقويت شوكة الحراك وازداد زخمه بفعل الدعم الإيراني، لكن إبتداءً من العام 2011م جرى اختراق الحراك الجنوبي من أطراف كثيرة داخلية وخارجية لهدف حرف بوصلته، ولقد أضحى الحراك الجنوبي فريسة استقطابات المال الخليجي ومال مراكز القوى المتصارعة داخليا، ونتيجة هشاشة قيادات الحراك السياسية وغياب برنامج سياسي والاعتماد على استثارة انفعالات الناس واللعب على أوجاعها وآلامها، الأمر الذي أفضى بالقضية الجنوبية بأن توظف كأداة تحشيد للحرب العدوانية، وبلغت أسوأ مراحلها مع تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 4 /5 /2017م الذي قاد كثيراً من الجنوبيين وباسم القضية الجنوبية إلى أحضان أنظمة التطبيع في المنطقة، وتوهمت قياداته بأن عودة الدولة الجنوبية لن يحالفها النجاح إلاّ عبر التماهي سياسياً مع أنظمة التطبيع الخليجية، وفي مقابلات تلفزيونية مع رئيس المجلس الانتقالي وفي فيديو لنائبه على وسائل التواصل الاجتماعي باركا وأيدا تطبيع الإمارات والبحرين مع الكيان الصهيوني، ولم يستبعد رئيس المجلس الانتقالي تطبيع الجنوب بمجرد عودة الدولة الجنوبية. أي في الوقت الذي تدعي فيه قيادات المجلس الانتقالي بأنها الحامل السياسي لقضية شعب الجنوب وتناضل من أجل هذه الغاية، فإنه لا مانع لديها من عودة الدولة حتى لو جاءت محمولة على أوجاع وآلام الشعب الفلسطيني والتطبيع مع كيان استيطاني محتل. وعليه هناك وجهان للمفارقة السياسية التي أفصح عنها وضع الجنوب أثناء الحرب، لقد برزت قيادات تدّعي نضالها باسم القضية الجنوبية ولكنها لا تمانع أن تظفر بها بالتحالف مع القوى الداخلية التي كانت سبباً مباشراً في خلقها ولا مانع لديها أن تتحالف مع الدول الإقليمية الحليفة للقوى الداخلية والشريكة في خلق القضية الجنوبية وإن بصورة غير مباشرة. أما الوجه الثاني للمفارقة السياسية ناتج عن وهم القيادات بأن عودة الدولة لا يمكن أن يكون إلا من بوابة رضى قوى النهب والهيمنة الاستعمارية وذهبت إلى توددها لا، بل وأيدت تطبيع المطبعين ووعدت بالسير على نفس النهج عند عودة الدولة الجنوبية، وضاربة عرض الحائط بتاريخ الجنوب مع القضية الفلسطينية، وبئس مطلب المظلوم الذي يسعى لرفع الظلم عن نفسه حتى لو جاء على حساب شعب آخر مظلوم. ولذا فإن براجماتية قيادات المجلس الانتقالي السياسية أصابت القضية الجنوبية في مقتل، وذلك بسبب المفارقات التي ذكرناها آنفاً، ولأن البراجماتية السياسية هي فضاء التعبير عن المصالح الفردية بدرجة أساسية، ولا تصلح بأن تكون فضاء للتعبير عن القضايا ذات الطابع الشعبوي.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

هل يعود الكيان للحرب‎

الاحتلال ينسحب مجددا من معظم مناطق قطاع غزة في المرحلة الأولى، والفضل -بعد الله تعالى- يعود لصمود المقاومة كما يقولون حتى الدقيقة 90 ثم الوقت الإضافي وحتى ضربات الجزاء.. ويعود لتشبث المواطن الفلسطيني بأرضه وعدم تنازله عنها، مما أفشل مخططات الترحيل والتهجير.. ويعود لفشل جيش الكيان وإنهاكه وعدم قدرته على تحقيق الأهداف بعد عجزه في الميدان..

ويعود كذلك للحراك الشعبي العالمي الذي جعل الكيان نظاما إرهابيا منبوذا، وجعل المعركة بين فريقين؛ الأول تقوده غزة ومعها غالبية الشعوب في العالم كله، ثم الكيان وداعموه من الأنظمة الإقليمية والغربية، وحتى هذه الأنظمة أصبحت محاصرة من شعوبها.

كان من تدبير الله أن غزة المحاصرة أصبحت رغم التجويع والحصار والمجازر هي من يحاصر الكيان ويحاصر الأنظمة الداعمة للكيان في دول أوروبا وأمريكا.

وهنا سؤال لا بد منه، وهو: من يضمن أن لا يعود الكيان إلى الحرب بعد أن يتسلم أسراه؟

والجواب على ذلك من وجوه:

الأول: أن نتنياهو لم يضع الأسرى في أولوياته في أي مرحلة، وبالتالي لم يكونوا هم سبب فشله.

الثاني: أن العودة ستعمق خسارته على المستوى الدولي وربما تطيح بأنظمة داعمة له. وقد رأينا الرعب الذي حلّ على رئيسة وزراء إيطاليا ميلوني لمجرد أن قيل إن اسمها موضوع أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة المشاركة في الإبادة الجماعية، وليس بعيدا عن ذلك ستارمر في بريطانيا ولا مستشار ألمانيا.

الثالث: أن المقاومة سترتب صفوفها وستكبد العدو ما لا يتحمله من الخسائر، مع ما هو فيه من إنهاك وفشل وهزيمة.

الرابع: أن العدو وفي خلال سنتين كاملتين لم يستطع الحسم وكان يقول إن ذلك سيستغرق فقط بضعة أسابيع، وهو بالتالي لن يستطيع الحسم ولو ظل 10 سنوات.

أما الخامس: إنني على يقين أن المقاومة لديها أوراق ضغط جديدة لم تبرزها حتى الآن ولكنها تدخرها لوقت تعلم أنها ستحتاجها فيه، وربما لن تقل في قدرها عن ورقة الأسرى، وهي لا تثق في الاحتلال ولا تأمن جانبه.

مقالات مشابهة

  • يوسف الحسيني: مصر تعرضت لضغوطات غير مسبوقة واتفاق شرم الشيخ علامة فارقة في الذاكرة السياسية
  • لميس الحديدي: مصر الرقم الصعب الذي أحبط مخطط التهجير في معادلة القضية الفلسطينية
  • «بطاقة حمراء لإسرائيل».. احتجاجات في النرويج قبل مواجهة منتخب الكيان الصهيوني
  • النائب أيمن محسب: الصلابة السياسية للرئيس السيسي كانت حجر الأساس ومنعت انزلاق المنطقة إلى الفوضى
  • هل يعود الكيان للحرب‎
  • ناشط جنوبي بارز: الانتقالي حول القضية الجنوبية إلى “مسرحية كوميدية”
  • الشنفرة يهاجم الزبيدي: خائن للقضية الجنوبية
  • الخارجية الإيرانية .. ندعو جميع الأطراف إلى اليقظة والحذر تجاه خداع الكيان الصهيوني ونكثه للعهود
  • المنطقة العسكرية الجنوبية تُحبط محاولة تسلل طائرة مسيّرة
  • بعد اتفاق إنهاء الحرب.. خبراء: «مصر نجحت في إنقاذ القضية الفلسطينية من خطر التصفية»