تقرير: على الولايات المتحدة منع تصعيد الحرب بين إسرائيل وحماس
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
في الوقت الذي ترد فيه إسرائيل على هجوم حماس الأخير، رأى عدد من المراقبين الأمريكيين أنه يجب على الولايات المتحدة اتخاذ إجراء مباشر ضد إيران، باعتبار أنها الدولة الراعية الأساسية لحماس، مما من شأنه توسيع نطاق الحرب.
ورغم أنه لا شك أن إيران تقدم دعماً مادياً لحماس، وبالتالي تُعتبر مشتركة في بعض المسؤولية، تشير تقديرات الاستخبارات الأمريكية الأولية أن إيران لم تأمر بالهجوم، وأن الأمر كان مفاجئاً لكبار المسؤولين الإيرانيين.
U.S. Should Prevent Escalation of Israel-Hamas War
Whatever Iran’s role in Hamas’ attacks, provoking Tehran could have devastating consequences.https://t.co/o6l8HWDXJ2
ويقول المحلل الأمريكي غريغ بريدي، أحد الزملاء البارزين في مركز "ناشونال انتريست" الأمريكي، إنه "مع ذلك، فإنه بغض النظر عن المسؤولية الأخلاقية، يتعين على الولايات المتحدة بوضوح التفكير في التكاليف العملية التي ستتعرض لها مصالحها نتيجة أي تصعيد مع إيران، وهي تكاليف باهظة. وينبغي على الولايات المتحدة تقديم دعم قوي لإسرائيل في جهودها لتفكيك حماس في غزة، وتحذير إيران من أن توسيع نطاق الحرب سيكون كارثياً للجميع، ولكن ينبغي عليها أيضاً الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تجر إيران إلى الحرب. ويتعين أن يكون هدف أمريكا هو أن تظل الحرب مقتصرة على غزة إذا كان ذلك ممكناً".
وأضاف بريدي في تحليل للمجلة، أنه "إذا ما قررت الولايات المتحدة اتخاذ إجراء عسكري ضد إيران، فإن هذه ستكون المرة الأولى منذ عقود التي يمتلك فيها العدو القدرة على إلحاق أضرار واسعة النطاق وخسائر في الأرواح خارج محيطه المباشر". فقد تم إنتاج الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز، والمسيرات الانتحارية الإيرانية بكميات هائلة وأثبتت دقتها في حالات مثل هجمات سبتمبر (أيلول) عام 2019، على المنشآت النفطية السعودية في ابقيق وخريص، والهجوم الصاروخي في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018 ضد عناصر تنظيم داعش الإرهابي في شمال شرق سوريا، والانتقام ضد القوات الأمريكية في العراق في يناير (كانون الثاني) عام 2020، بعد الهجوم بالمسيرة الذي تم فيه قتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وأشار بريدي إلى أنه عندما تعاملت الولايات المتحدة مع عراق صدام حسين عامي 1991 و 2003، وليبيا معمر القذافي عام 2011 لم تكن لدى أي من الدولتين أنظمة أسلحة تتمتع بأي نوع من الدقة والفعالية التي تتمتع بها أنظمة الأسلحة الإيرانية.
وأضاف أن أحد التداعيات التي ينبغي توقع حدوثها في أي اشتباك بين الولايات المتحدة وإيران هو حدوث اضطراب في إمدادات النفط. ومن المرجح أن ترد إيران بهجمات بالصواريخ والمسيرات على مرافق النفط الحيوية في الخليج، وهو ما يمثل تهديداً للنفط أكثر من محاولة اعتراض السفن في مضيق هرمز.
وقال إن "هجوم حماس ضد إسرائيل، يحظى بصدى واسع وعميق في العالم العربي وفقاً لما كشفته ردود الفعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يماثل كثيراً ما حدث في عام 2006 عندما اندلعت الحرب بين ميليشيا حزب الله وإسرائيل، وسوف يؤدي أي اشتباك مباشر بين الولايات المتحدة و إيران إلى احتمال تعجيل إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مما يعرض منشآتها لأضرار بالغة، لكن مع احتفاظها بالخبرة الفنية التي تمكنها من إعادة بنائها في سنوات قليلة. وسوف يؤدي هذا إلى زيادة وليس تقليل احتمال أن تغير إيران من وضعها، وتصبح دولة نووية".
ويري بريدي أنه من الممكن أن ترغب إيران أو إسرائيل في توسيع نطاق الحرب أو من الممكن أن يفعل حزب الله ذلك، وهنا يتعين على الولايات المتحدة الحث على عدم حدوث ذلك بقدر الإمكان. فحزب الله لديه قدرة أكبر كثيراً من حماس على إلحاق الضرر بإسرائيل، من خلال ترسانته من الصواريخ المتطورة بصورة متزايدة، ولكن إيران تعتبر ذلك رادعاً لمنع إسرائيل من مهاجمة منشآتها النووية وليست شيئاً تريد استهلاكه واستنفاده بسهولة.
ويقول بريدي في ختام تحليله إن "أفضل موقف في هذه الظروف هو ما يبدو أن إدارة بايدن تتبعه- وهو الحفاظ على احتواء الحرب بقدر الإمكان، وضرورة وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في اكتساحها لحماس في غزة، ومنح إسرائيل قدراً كبيراً من الحرية فيما ستكون من الواضح معركة مروعة، مع إدراك أنه لايمكن دائماً تجنب حدوث أضرار جانبية وخسائر كبيرة في الأرواح بين المدنيين. ومع ذلك، فإن المصالح الأمريكية تقضي بقوة رفض فكرة توسيع نطاق الحرب لمعاقبة إيران. إنه أمر مؤسف، لكن مراعاة إمكانيات العدو أمر مهم عند وضع هذه الحسابات".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: غزة وإسرائيل التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أمريكا إيران حزب الله على الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لهذا تتعثر استراتيجية الولايات المتحدة تجاه لبنان
ترجمة: أحمد شافعي -
بعد عام من بدء ما يطلق عليه «وقف إطلاق النار» بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، قد تكون إسرائيل على أهبة استئناف أعمال عدوانية شاملة ضد الجماعة، لتؤكد من جديد أن الاتفاق ليس إيقافًا حقيقيًا للأعمال العدائية، ولا يمكن أن يكون كذلك.
واقع الأمر أن سياق لبنان يمثل حالة واضحة لنهج «السلام من خلال القوة» الذي تتبعه إسرائيل وواشنطن، أي العدوان السافر على أعداء حقيقيين أو وهميين لتحقيق انتصارات سياسية تكتيكية قريبة الأجل، لا مكاسب استراتيجية كبيرة؛ وذلك ما لن يغير بجدية التركيبة الجيوسياسية في الشرق الأوسط دون إعادة تقييم جادة.
من المؤكد أن جهود نزع السلاح في لبنان، ناهيكم بجنوب نهر الليطاني ـ بحسب المنصوص عليه في وقف إطلاق النار المعيب ـ كان على الدوام من أصعب المواضيع في الشرق الأوسط الموبوء أصلا بالمواضيع الصعبة.
ومع ذلك، بموجب اتفاق نوفمبر 2024؛ كان على كل من حزب الله وإسرائيل إجلاء قواتهما وأصولهما العسكرية من جنوب لبنان، ووقف إطلاق النار على مواقع أحدهما الآخر وعلى أي مواقع مدنية بصفة أعم.
وكان الظن السائد هو أن حزب الله قد ضعف إلى حد أن صار بوسع إسرائيل أن تتراجع وتحقق مكاسب مستدامة في البلد على حساب أحد أعدائها غير الحكوميين.
ولكن ما حدث هو أن إسرائيل رفضت أن تخلي خمسة مواقع محورية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية المتنازع عليها، وآثرت أن تواصل ضربات شبه يومية لجارتها الشمالية ـ منها ضربات لجنوب بيروت ـ مع توغلات متفرقة في قرى الجنوب اللبناني وجهود متواصلة للقضاء على البنية الأساسية المدنية.
وتواصل القيادة السياسية الإسرائيلية الإصرار على أنها لن تغادر الأراضي اللبنانية ذات السيادة التي تحتلها بصفة غير شرعية ما لم تتلق تأكيدا تاما بنزع سلاح حزب الله في شتى أرجاء البلد.
وتستمر في التهديد بمعاودة الأعمال العدوانية الشاملة ضغطا على قيادة لبنان السياسية من أجل أن تضغط بدورها على الجماعة، ومن أجل تعزيز ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف الذي يبقيه في السلطة.
وإدراكا منها لاضطراب الوضع، آثرت بيروت التدرج ثم اللِين في جهود نزع السلاح، مع تزايد نشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب، وهذه الجهود أساسية في وقف إطلاق النار.
غير أن عمليات إسرائيل المستمرة تعوق هذه الجهود إعاقة بالغة، إذ لقيت أعداد غفيرة من القوات اللبنانية مصرعها على أيدي الجيش الإسرائيلي خلال محاولة التحرك إلى الجنوب. كما استهدفت هذه العمليات مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلد أي قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان المعروفة بيونيفل.
وبالنسبة لقيادة لبنان السياسية، تمثل هذه الدينامية موقفا خطيرا: أي التعرض لضغط إسرائيل والغرب بصفة عامة للاشتداد على حزب الله من جانب، والتعرض لضغط حزب الله وحلفائه لوقف تعاونها الوثيق مع أولئك الفاعلين الغربيين في قضايا من قبيل نزع السلاح في الجانب الآخر.
فالسيناريو هو الخسارة في كل الحالات بالنسبة لحكومة الرئيس الإصلاحي جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، وكلاهما يفهم تمام الفهم بأي سهولة يمكن أن ينهار الوضع السياسي الداخلي في لبنان بعد المرور بحرب أهلية استغرقت خمس عشرة سنة قبل عقود قليلة.
ويفهم حزب الله أيضا الدينامية الفاعلة، ولو أنه يعمل من موقف الضعف. فالجماعة تعرف أنه لا يمكن اقتلاعها ببساطة ومحوها تماما، وبخاصة بعد أن شاهدت صمود حماس في غزة. وما احتلال إسرائيل المستمر إلا تقوية لعزيمة الجماعة إذ يرسخ سبب وجودها: وهو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
فالأمر ببساطة هو أنه ما دام بقيت إسرائيل في أراض لبنانية؛ ازدادت قاعدة حزب الله السياسية دعمًا للجماعة في المقاومة ورفض نزع السلاح.
لن يفضي هذا المأزق إلى حل جدي، ولكنه سوف يفاقم الصراع في البلد الذي يصارع أصلا من أجل التعامل مع اضطرابه الداخلي.
ومع ذلك يبدو أن الوضع القائم هو الغاية بالنسبة لإسرائيل. فهي تشعر بالاجتراء على خلق وقائع على الأرض تتيح لها أن تفرض الحد الأقصى من المطالب على أعدائها الحقيقيين والموهومين. ويعني ذلك قيامها بأفعال تعطيها حرية مطلقة في المنطقة، وبخاصة داخل البلاد المجاورة وضدها، ما خلا الاتفاقيات مع الفاعلين الذين يضمنون لها ضمانا كاملا مصالحها الجيوسياسية وتبطل الاحتياج إلى الوضع القائم.
لكن في الوقت الذي يشهد محاصرة قيادة لبنان السياسية بين المطرقة والسندان، لا تستطيع إسرائيل أن تحقق مطالبها القصوى أيضا. وليس معروفا اليوم إن كانت قيادتها السياسة تعترف بهذا الواقع أم لا، لكنها سوف ترتقي إلى ما يشبه نسخة محدثة من استراتيجية «جز العشب» في لبنان.
فالوعود الإسرائيلية المستمرة باستئناف حملة عسكرية كاملة النطاق في لبنان تشير إلى أن هذه الدينامية هي الفاعلة، خاصة أن البديل ـ أي إشعال فتيل حرب أهلية لبنانية أخرى ترغم قوى لبنان السياسية على محاربة حزب الله بنفسها ـ بديل غير وردي مطلقا.
وحالة سوريا لها دلالتها في هذا المقام.
ففي نهج شبه مطابق لنهج لبنان، تحتل إسرائيل بغير صفة شرعية أراضي سورية ذات سيادة ضمن عقيدة أمنها الوطني الجديدة التي توسع نطاق الأمن مع فرض المطالب القصوى.
وتظل محتفظة بحقها المفترض في ضرب البلد كيفما تشاء بينما تعاني المحادثات من الركود. وبالنسبة لإسرائيل، يبدو هذا الوضع الراهن ملائما لقيادتها السياسية والعسكرية، خاصة أن حرية العمل في سوريا تتيح لهم ضرب إيران كيفما يشاؤون إذا رغبوا في ذلك.
وهكذا، فإن الوضع الجيوسياسي الناشئ في الشام والشرق الأوسط بعامة يعكس محاولة إسرائيل أن تحافظ على سيطرتها المهيمنة على جيرانها. وهي تفعل ذلك من خلال دعم أمريكي سياسي وعسكري واقتصادي لا يمكن بدونه أن تستمر في جهودها.
ويشاع أن جهود الولايات المتحدة سوف توسع حضورها العسكري في سوريا، بجانب إسرائيل، بما يعكس عزم واشنطن على دعم الهيمنة الإسرائيلية وصولا إلى مستوى جدي مع إدارتها الدقيقة لشريكتها الصغيرة وجيرانها الضعفاء في المنطقة.
غير أن هذا المشروع في ما يعرف بـ«الشرق الأوسط الجديد» ليس سوى تكرار للماضي؛ فترسيخ الوضع الراهن غير المستدام القائم على الاحتلال والعنف العسكري لن يحقق «للشرق الأوسط السلام» المراوغ. وقد أدى القيام بذلك في الماضي إلى أهوال اليوم؛ منها هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، وغزو إسرائيل لغزة. والقول بأن إيران الضعيفة وما يسمى بـ«محور المقاومة» التابع لها يمثلان لحظة فريدة يمكن فيها أن تنجح هذه الاستراتيجيات التدخلية أخيرا هو جنون محض، وليس صناعة سياسات سليمة.
بعد عام من وقف إطلاق نار كارثي أحادي الجانب، يقف لبنان واستراتيجية الرئيس دونالد ترامب الأوسع في الشرق الأوسط عند مفترق طرق. ولو أن ترامب حقا صانع صفقات وصانع سلام؛ فعليه أن يعترف بدور إسرائيل في إفساد الصفقات والسلام في الشرق الأوسط، وعليه أن يكبح جماح شريكه الأصغر من خلال استغلال النفوذ الكبير الذي تتمتع به واشنطن على إسرائيل لإنهاء رعايتها للاضطراب والفوضى على حساب جيرانها.
أما البديل ـ أي الثبات على المسار الحالي ـ فسيؤدي إلى أن تنتهي استراتيجية هذه الإدارة في الشرق الأوسط إلى سلة قمامة التاريخ، وذلك عن جدارة واستحقاق، نظرا للإخفاقات التي نتجت عنها والتي ستظل تنتج عنها إذا تم تطبيقها.
ألكسندر لانجلوا محلل للسياسة الخارجية، ورئيس تحرير مجلة «داون»، وزميل مساهم في «أولويات الدفاع».
ـ الترجمة عن ذي ناشونال إنتريست