كيف تنشط الإمارات في الاتجار بالجنس وكيف أحبطت القبائل محاولتها في اليمن

YNP - إبراهيم القانص -

يتزامن مع الوجود الإماراتي، في أي مكان تمتد إليه أذرع أطماعها التوسعية، ظواهر مشينة ودخيلة على المجتمع الذي تتواجد فيه قواتها أو وكلاؤها، وغالباً ما تتعلق هذه الظواهر بالأخلاق والقيم والأعراف- سواء الدينية أو القبلية أو المجتمعية أو الإنسانية- وكما لو أن هذه القيم عدو يجب أزاحته من طريقها حتى لا يعرقل خططها ويعطل مصالحها، رغم أنها تنسب إلى نفسها وحكامها كل تلك القيم النبيلة وتروج لها عبر شبكة كبيرة من الفضائيات والمواقع، لكن الواقع مختلف، والشواهد كثيرة على أن كل ذلك مجرد غطاء تتوارى خلفه الحقيقة الصادمة لهذه الدولة التي كشفت تحركاتها في اليمن الكثير من سوداوية سياساتها.

 

 

قبل أيام، وبعد اختفاء عدد من الفتيات، هاجمت قبائل محافظة شبوة اليمنية، التي تسيطر عليها قوات موالية لأبوظبي، مقراً لخلية "إماراتية" تدير عمليات اختطاف وتجارة بالجنس، وحسب مصادر محلية فقد طوّق مسلحو القبائل منازل في ضواحي مدينة عتق الجنوبية، تستخدمها عناصر تابعة للإمارات كمقرات توضع فيها الفتيات المختطفات وتجبرهن على ممارسة الرذيلة.

 

المصادر قالت إن مسلحي القبائل اعتقلوا عدداً من الأفارقة، بينهم نساء، بالإضافة إلى عثورهم على فتيات كُنَّ محتجزات هناك داخل تلك المنازل التي اقتحموها، واتضح بعد ذلك أن الفتيات ينتمين إلى عدد من المحافظات اليمنية، ومن خلال اعترافات الأفارقة تبيّن أنهم يعملون تحت إشراف وتوجيهات ضباط إماراتيين ويمنيين، وكانوا ينقلون فتيات إلى القاعدة الإماراتية في بلحاف وفقاً لتعليمات وأوامر أولئك الضباط، حسب المصادر.

 

 

منذ سيطرت الإمارات على عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، شهدت تلك المحافظات ارتفاعاً مخيفاً في معدلات اختطاف الفتيات، ويؤكد مراقبون أن عمليات الاختطاف وتجارة الجنس والمخدرات تعتبر أبرز المصادر لتمويل الفصائل التي شكلتها الإمارات كأدوات محلية تنفذ عبرها مخططاتها في اليمن، كما يدير ضباط إماراتيون بشكل مباشر نشر وترويج المخدرات في تلك المناطق.

 

ورغم أن الإمارات تجبر مسئولي الشرعية التابعين لها على الظهور في شاشات الفضائيات للإشادة بإنسانيتها وأياديها البيضاء في اليمن، وحتى المواطنين تتعمد إظهارهم وهم يتسلمون الفتات مما تقول إنه مساعدات إنسانية وتجبرهم أيضاً على تقديم الشكر والعرفان لتلك الالتفاتات الإنسانية، إلا أن كل ذلك لم يحقق الغرض ولم ينجح في إزالة تشوهات الصورة الحقيقية وتلميعها، فقد تم دحض هذا الزيف بشواهد وشهادات من خارج الجغرافيا اليمنية التي طاولتها يد العبث الإماراتي، عبر تقارير دولية أثبتت أن الإمارات ترعى ظواهر الاتجار بالبشر والجنس والمخدرات داخل أراضيها كواحدة من سياساتها الاقتصادية والاستثمارية.

 

ومن أحدث ما تم كشفه في هذا الإطار، ما أورده تحقيق لمنظمة migrant-rights المتخصصة في الدفاع عن حقوق العمال المهاجرين إلى الخليج، بشأن ظاهرة الاتجار بالبشر، حيث قالت المنظمة في تحقيقها إن الاتجار بالبشر هو الشكل الوحيد لتوظيف الكثير من العمال المهاجرين المتجهين إلى الإمارات، رغم ما ينطوي عليه من مخاطرة بالأرواح والأجساد.

 

التحقيق عرض نماذج لعمال وافدين إلى الإمارات من سيراليون، التي تُعدُّ من أفقر دول العالم حيث يعيش أكثر من 25% من سكانها بأقل من 1,9 دولار أمريكي في اليوم، مؤكداً أن سلطات الإمارات تتغاضى عن تفشي إساءة استغلال تأشيرة الزيارة.

 

وأكد التحقيق أن عاملات المنازل في الإمارات يتعرضن لانتهاكات جسيمة، تجعل واقعهن قائماً على العبودية والاتجار بالبشر، في ظل قصور حكومي عن وضع آليات قانونية لحمايتهن، لافتاً إلى أن الطلب على عاملات المنازل في الإمارات يُعد مرتفعاً، مما خلق سوقاً سوداء وأنعشها، فاستحوذت الوكالات غير المسجلة على زمام الأمور مما أدى إلى استغلال مكاتب التوظيف عشرات الآلاف من عمالة المنازل، غالبيتهن من الإناث، اللاتي يشكين من الممارسات غير القانونية بشكل مباشر.

 

وكان الاتحاد الدولي للمحققين الصحافيين ووكالة رويترز أنجزا تحقيقاً مشتركاً توصّل إلى أن الإمارات أصبحت وجهة رئيسة للاتجار بالجنس، حيث توفر السلطات غطاء كبيراً لشبكات غير قانونية تعمل داخل الدولة تجبر نساء أفريقيات- خصوصاً من نيجيريا- على ممارسة الدعارة، ولا تقدم السلطات أي حماية لهن، بحسب ناشطين في مكافحة الإتجار بالبشر، وأيضاً وفق مقابلات مع 25 امرأة أفريقية، تحدثن عن إغراء تجار بشر لهن بالذهاب إلى الإمارات، ويتم تهديدهن بالقتل إذا لم يفعلن ما يطلب منهن، موضحات أن من لم تستطع جني المال الكافي تتعرض للتعذيب والتجويع والجلد ووضع معجون الفلفل الحار في أعضائهن التناسلية، وحسب مسؤولين في مكافحة الاتجار بالبشر ونساء قدمن روايات مفصلة في المقابلات فإن تجار الجنس يمارسون نشاطهم وتزدهر أعمالهم، بلجوئهم إلى الإمارات التي لا تضع اعتباراً لحماية العمال الأجانب داخل أراضيها ولا تلتفت أبداً لصون حرياتهم الأساسية وكرامتهم وإنسانيتهم المهدورة.


المصدر: البوابة الإخبارية اليمنية

كلمات دلالية: الاتجار بالبشر إلى الإمارات فی الیمن

إقرأ أيضاً:

عادل الباز: “رهائن لا حواضن”: تفكيك الأكذوبة

1 بارك الله في الدكتور أسامة العيدروس ونفعنا بعلمه. فقد تميز، منذ بداية الحرب، بتحليل واقعي وبصيرة نافذة لما يجري على الأرض. في الوقت الذي كان الناس فيه تائهين بين الشائعات واليأس، ظل الدكتور أسامة يكرر أن هذه المليشيا، رغم دعواها الفارغة بالسيطرة، ما هي إلا “قلعة رمل” سرعان ما تتهاوى. وقد صدق.
2
وبالفعل، من جبل موية إلى جبال كردفان، انهارت أوهام السيطرة الميدانية تباعًا. ومؤخرًا، عاد الدكتور أسامة ليطل من على شاشة قناة الجزيرة مكذبًا مزاعم المليشيا الإجرامية بأنها تحظى بـ”حواضن اجتماعية”. أكد الدكتور أسامة أن أولئك الذين تدعي المليشيا أنهم يشكلون حواضنها هم في الحقيقة رهائن ومختطفون من أبناء الوطن، اختطفتهم المليشيات عنوة. وقال بوضوح: “من واجبنا تحريرهم من براثنها”. وقد صدق.
3
اليوم، يمكن القول بثقة إن كل القبائل والمكونات الاجتماعية التي كانت تُستغل دعائيًا كظهير اجتماعي للمليشيات تبحث الآن عن مخرج، بل تتمرد على هذه العصابة علنًا. الأدلة على ذلك كثيرة:
• رغم دعوات المليشيا المتكررة للتجنيد، رفضت القبائل الدفع بأبنائها إلى محرقة حرب خاسرة، ولم تنفع الوعود بالمناصب أو المال. الناس يرون بأعينهم جثامين أبنائهم تُقبر بالعشرات، بل بالمئات، يوميًا، فلم يعد المال يعني شيئًا.
• تحدث الاستاذ الصحفي الصادق الرزيقي عن أن مدينة الضعين وحدها فقدت أكثر من 40 ألفًا من أبنائها في هذه الحرب العبثية.
• وليس هذا فحسب، بل خرج يوسف عزت، المستشار السياسي السابق لقائد المليشيا حميدتي، في تغريدة قبل أيام داعيًا إلى عدم الزج بالقبائل في الحرب، مؤكدًا أن الحرب نشأت أساسًا من خلاف داخل المؤسسة العسكرية، وأن إدخال المكونات الاجتماعية فيها سيحولها إلى حرب أهلية طويلة الأمد. هذه التغريدة تكشف عمق الانقسام داخل شظايا الدعم السريع.
• بل إن المليشيا، التي طالما تغنت بالحاضنة الشعبية، باتت تعترف ضمنيًا بانهيارها من خلال لغة التهديد والابتزاز التي يستخدمها قادتها. فقبل أيام، خرج عبد الرحيم دقلو محذرًا القبائل من التخاذل، مهددًا بمحاسبة زعمائها إن لم يساهموا في التجنيد. قالها بوقاحة: “ذقتم حلو الدعم السريع.. الآن ذوقوا مره.”
أي حواضن تلك التي تُهدَّد بالعقوبة إن لم تُسلّم أبناءها للموت؟
4
وفي مشهد آخر من مشاهد انهيار أكذوبة الحواضن، رُصدت أكثر من 18 نزاعًا مسلحًا خلال ثلاثة أشهر بين مجموعات إثنية داخل المليشيا نفسها، على خلفية اتهامات بالخيانة والصراع على الغنائم، مما أدى إلى اشتباكات مسلحة وانقسامات متزايدة. هذا الانقسام الداخلي يعكس عمق أزمة الشرعية الاجتماعية التي تعاني منها المليشيا، ويُسقط عنها آخر أوراق التوت.
لقد وثقت منظمة العفو الدولية في تقرير منتصف 2024 أن المليشيا اختطفت مدنيين من القرى واستخدمتهم كدروع بشرية، مما يؤكد أن مفهوم “الحواضن” هو أكذوبة لا تصمد أمام التحقيقات الميدانية.
كما أن انشقاق شخصيات قيادية من داخل المليشيا، مثل العميد المنشق محمد شرف الدين، الذي قال بوضوح إن “المليشيا تستغل أبناء القبائل كوقود رخيص”، يدعم ما ذهب إليه الدكتور العيدروس ويوسف عزت.
5
مفهوم “الحواضن الاجتماعية” ليس جديدًا في النزاعات السودانية، بل استُخدم عبر التاريخ كغطاء لتبرير وجود المليشيات المسلحة في مناطق محددة. لكن هذه الحواضن، كما أثبتت التجارب، كانت دائمًا هشة، تعتمد على المصالح الآنية أكثر من كونها تعبيرًا عن دعم شعبي حقيقي ومستدام.
الحديث عن الحواضن بات أداة سياسية لاستغلال الانتماءات القبلية في تقسيم المجتمع وشرعنة العنف، وليس تعبيرًا عن قاعدة دعم شعبي متماسكة. إن القبائل التي زُعِم أنها حواضن للمليشيات هي في الواقع ضحايا وأسرى، ترفض اليوم الاستمرار في دعم الحرب.
تخلت العديد من هذه القبائل عن المليشيات وتمردت ضدها، وبدأت تتجه نحو الجيش الوطني كحامٍ ومحرر، ما يؤكد هشاشة الحواضن التي تتحدث عنها المليشيات والدعاية الإعلامية التابعة لها، والتي لا تعكس الواقع على الأرض.
6
هذه الحقائق تدحض أسطورة الحواضن وتكشف أن الحديث عنها ما هو إلا جزء من الدعاية المضللة التي تهدف إلى إطالة أمد الصراع وتفتيت النسيج الاجتماعي السوداني.
إن الذين يتحدثون عن الحواضن يحاولون الانحراف بطبيعة الحرب، من تمرد على الدولة قادته أسرة عميلة أعماها المال، واستُخدمت كمخلب لنزع سيادة البلاد واستقلالها، بواسطة غزو شاركت فيه أكثر من تسع دول بأسلحتها ومرتزقتها. هؤلاء يحاولون تحويل طبيعة هذه الحرب إلى حرب أهلية، بينما الحديث عن الحواضن لا يتجاوز كونه غطاءً دعائيًا لجرائم ممنهجة.
وقريبًا، حين يصل الجيش إلى مرتع من يُسمَون اليوم “الحواضن”، سيدرك الناس أنه لا حاضنة أصلًا لهؤلاء المجرمين، وستنهار أوهام الحواضن والحرب الأهلية، كما انهارت من قبل قلعة الرمل.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • معاكسة الفتيات في الشارع.. سقوط المتهمين بالتعدي على المواطنين بالزيتون
  • «الميديا فضحتهم».. القبض على المتهمين بـ معاكسة الفتيات في الزيتون
  • داخلية كوردستان: ضبط 90 شركة وهمية متورطة بالاتجار بالبشر
  • طقس معتدل ولطيف الحرارة في اغلب المناطق حتى الاربعاء
  • عادل الباز: “رهائن لا حواضن”: تفكيك الأكذوبة
  • ما وراء عزل زعماء قبائل وإدارات أهلية في غرب السودان؟
  • السبت .. ارتفاع ملموس على درجات الحرارة
  • الدعم السريع فقد كل مبررات القتال ودوافعه وفزاعاته القديمة
  • أردوغان يعيد إحياء معركة الدستور.. ما موقف المعارضة وكيف يبدو المشهد؟
  • بعد الـ60.. لماذا يُعد الجري مفيدا؟ وكيف تمارسه دون إصابات؟