عبد الله علي إبراهيم

ظل جماعة من الناس تلقي عليّ أسئلة ثقيلة عن جاهزيتي للترشيح لرئاسة الجمهورية. فأنا بلا مال ولا حزب ولا إثنية خرجت تنصرني في المشاهد من نصرة “القبيلة” لأبنائها. ولم استنكر هذه الأسئلة لأنها في لب الانتخابات كوجه من وجوه التدافع بين الناس تخضع نتائجها أيضاً لفروق المال والجاه. ولم أخرج للانتخابات جاهلاً بهذه الاعتبارات.

وفي الواقع خرجت لتحجيمها حتى لا تكون دولة من الأغنياء منا، أو ليسود فينا الملأ القبلي. فقد استخرت الله وخرجت لنزع السياسة من أيد الطغم المسلحة (أياً كانت) التي استثمرت السلطان للإثراء المباغت الضرير. أردت بترشيحي أن يشق غمار الناس والمعلمين الله بالسياسة طريقهم لبلوغ مجتمع العدالة الاجتماعية. وطالما كان الكلام في الانتخابات على العدد أيضاً فغمار الناس كثرة والكثرة غزرت الجراد كما يقول عربنا.

أنا من قوم بسطاء. لا أذكر أن هناك من أهلي من ترشح لانتخابات كبرى أو صغرى. وإذا فعل فلربما لم يفز. ولا أعرف من جرؤ على الترشيح من عترة أبي سوى عمنا المرحوم على محمد خير دلال مدينة الأبيض المشهور على أيامه. وهو رجل طرفة. واستعيد هنا طرفة ترشيحه لمجلس بلدي الأبيض في انتخابات 1963 التي ارتبطت بتكوين المجلس المركزي لنظام الفريق عبود. وهو مجلس أرادت به حكومته إلهاء الناس عن مطلبهم بالعودة إلى الحياة البرلمانية. فقيل أنهم سألوا عمي علي عن برنامجه الانتخابي. فقال: “والله بس نثبت كشكنا ده”. وكان للعم كشك بالمدينة. وأزعجته السلطات بتحريكه من موضع إلى آخر. فعلت ذلك مرات. وساء ذلك الفعل العم. وانتهز سانحة الانتخابات ل “يتجيه” بها، ويكون في السلطة حيث تطبخ قرارات تنقلات الأكشاك ليثبت كشكه إلى حين. وودت لو كان لي مثل كشكه من لحم ودم أثبته متى صرت رئيساً. ولكن الأكشاك مذاهب. وكشكي أنا هو تمكين الكادحين من الدولة. وليس منا إلا من أزعج هذا الكشك عن موضعه خلال الاستقلال. فحتى أولئك الذين خرجوا لنصرة هذا الكشك اضطربوا وفشلوا. وبلغوا من الضعف والهزال حداً سلمنا به بأن السياسة هي لأهل الجاه والعصبية، أو حملة الدكتوراة (وبالذات كوزراء).

ما ساءني هو تبرع بعضهم بحقيقة خلوي من المال والجاه لتثبيطي. فهم يروني قد علوت على الحاجب وخرجت لأمر هو حكر للملأ السوداني. وكنت في نظرهم العنز الغريبة النطَّاحة. قال أحدهم (وساء ما قال) أنني ربما غرتني دراهم جمعتها بالولايات المتحدة سرعان ما ستتبخر في حملتي الانتخابية الكاذبة. وأردف متنطع أخر (وساء ما قال) بأنني سأفلس وأعود حانفاً وجهي لهم. ويقصد إلى حيث هم في الولايات المتحدة. يا ولد يا أمريكاني يا تفتيحة! وصدق السوداني الذي قال لجماعة من زملائه رآهم يتحلقون كالبنيان يشد بعضه بعضاً ليغيروا إطار سيارة زميل لهم. قال السوداني الحويط: “هوي خربتو السودان ما تخربو أمريكا”.

يزعم هؤلاء المثبطون أنني سأخسر الانتخابات فلم المحاولة أصلاً. يعني جردوني حتى من أجر المحاولة. ولكن هناك من لم يبخل على بأجر “المناولة”. فقال مفتر منهم أنني ترشحت لأسحب أصوات المعارضين فيخلو الجو للمشير عمر البشير. وتعودت بالطبع على هذا الخيال المهيض من أعداء الإنقاذ الأشاوس. يا للبوار. ونعود لأجر المحاولة المحرم عليّ. فالانتخابات أصلاً محاولة يفوز باللذات منها واحد ويرجع بالقماح منافسوه. ونقول لهم أحسنتم المحاولة.

عن أجر المحاولة أحكي قصة أخرى عن عمي علي محمد خير. فلربما لم أكن من أهل الجاه ولكن من أهل الحكاوي. ولعلي من نسل ذلك الرجل الذي جاءته ليلة القدر فطلب منها أن يكون “الغناء” فيه وفي ذريته حتى قيام الساعة. وكان يقصد “الغنى” فأخطأ. وصار الغناء كاراً في ذريته. وكان الغناء قديماً لزيماً للفقر. مش زي هسع يعني. طرفة عمي علي عن كسب المحاولة تقول أنه جاء من الأبيض بكمية من الصحف القديمة ليبحث لها عن سعر أفضل في الخرطوم. عرضها على صاحب كشك بمدينة بحري قريباً من نزله فقيمها بعشرين قرشاً. ويفتح الله يستر الله. رفض عم علي السعر. وأخذ ابنه معه ليعرض بضاعته في أم درمان. وقَبِل أن يبيعها لصاحب دكان بثلاثين قرشاً. وفي طريق العودة من أم درمان إلى بحري استنكر الابن هذه الرحلة الهباء فقال:
-يابا هسع جية أم درمان دي لزومه شنو؟ بعنا بتلاتين وركبنا مواصلات بعشرة قروش. طيب ما كنا نبيعها في بحري بعشرين ولا أم درمان ولا يحزنون.
وقال عم علي بهدوئه المعهود:
-يا ولدي اتفسحنا.

الوسومعبد الله علي إبراهيم

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: عبد الله علي إبراهيم أم درمان

إقرأ أيضاً:

بعد إلغاء متابعة زوجته له .. عصام صاصا يتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي

تصدّر اسم مطرب المهرجانات عصام صاصا مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية بعد إلغاء زوجته متابعته على موقع إنستجرام، بينما هو ما زال يتابعها، وذلك الأمر أثار فضول الجمهور حول وجود خلاف بينهما، ومن المقرر أن يظهر أحد الطرفين ليوضح حقيقة الأمر.

التحقيق مع عصام صاصا في واقعة أغنيته "محكمة" بسبب الألفاظ غير اللائقة

وخلال الأيام الماضية، كشف محمد عبد الله، وكيل ثاني نقابة المهن الموسيقية والمتحدث الرسمي باسمها، أن النقابة قامت بالتحقيق مع الفنان عصام صاصا في واقعة أغنية "محكمة ودخلنا على المفرمة"، والتي تحمل عبارات مسيئة وألفاظًا خارجة.

وقال محمد عبد الله في تصريح خاص لـ"صدى البلد": "عصام صاصا مثل إلى مقر النقابة وتم التحقيق معه بالفعل في واقعة أغنية 'محكمة ودخلنا على المفرمة'، وتمت مواجهته بكل تفاصيل العمل وما يحمله من ألفاظ خارجة."

وأضاف محمد عبد الله: "النقابة تدرس حاليًا الموقف وكل الأوراق المقدمة لاتخاذ القرار النهائي مع عصام صاصا."

عصام صاصا وواقعة دهس شاب

من ناحية أخرى، علق الفنان عصام صاصا على واقعة دهسه لشاب، وهي الأزمة التي مر بها مؤخرًا وتم حبسه بسببها، كما تم اتهامه بتعاطي المخدرات أثناء القيادة.

وقال عصام صاصا في برنامج "كلام الناس" مع الإعلامية ياسمين عز، المذاع عبر قناة "MBC مصر": "الناس شافت أني بدوس على الناس بفلوسي، ولكني أغلب خلق الله. وممكن تكون الحادثة رزقًا لأبناء المتوفى، ولكني لا أعرفه وأرى أن ربنا جعلني سبب رزق لبناته الأربعة."

طباعة شارك عصام صاصا اغاني عصام صاصا نقابة المهن الموسيقية

مقالات مشابهة

  • 2010 متدرباً بتقنية القطيف يبدأون اختبارات الفصل الثاني
  • بعد إلغاء متابعة زوجته له .. عصام صاصا يتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي
  • الأزهر يطلق مشروعه الصيفي لحُفّاظ القرآن بمناطق الجمهورية
  • أهمية (تموضع) الجيش في طريق الصادرات أن الطريق إلي بارا الجميلة أصبح سالكاً
  • رئيس مصلحة الضرائب: لا فحص ضريبي للمشروعات الصغيرة لمدة خمس سنوات
  • مقررة البرلمان: 13 مرشحًا لرئاسة الحكومة الجديدة.. والحسم خلال أيام
  • الجنجويدى بائع الهوي ومكر البرجوازية
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: ( .. كتابات .. ومعناها)
  • أزمة "الزمالك للساق الواحدة".. تجاهل واستغاثة برئيس الجمهورية
  • يا أخوانا الكفر والسفه الحصل أيام الثورة و أيام قحت حاجة ما بتتصور نهائي