إن الاستراتيجية التي تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة ضد الشعب الفلسطيني الذي يزدحم تاريخه بقصص النفي والتهجير والنزوح، مألوفة ومعروفة بوضوح لا لبس فيه.

ذاكرة الشعب الفلسطيني حاضرة، وما زالت أحداث 1948 تتردد بقوة، لتذكر الفلسطينيين والعالم بالجريمة الكبرى التي ارتكبتها إسرائيل والمتمثلة في تهجير الفلسطينيين عن أرضهم إلى مناف في العالم.

وفي ظل القصف العنيف الذي تقوم به إسرائيل اليوم على قطاع غزة والذي يتعدى توصيفه فكرة «جريمة الحرب» إلى «الإبادة الجماعية» تبدو إسرائيل عازمة على تكرار التاريخ، وربما على أمل أن يتفاعل العالم بنفس الجمود الذي اتسمت به الأحداث التي وقعت قبل أكثر من 7 عقود من الزمن.

شهدت نكبة 1948 تهجيرا قسريا لنحو 750 ألف فلسطيني تم محو قرى بأكملها، واقتلعت بساتين الزيتون، وانقطعت روابط الأجيال بالأرض. واليوم، فإن القصف المجنون لقطاع غزة، تحت ذريعة «الانتقام» يهدد/ يهدف إلى إرغام أكثر من مليون فلسطيني على النزوح إلى جنوب القطاع وبالتالي إلى شبه جزيرة سيناء كما تخطط إسرائيل. إن المشاهد التي تنقلها مختلف وسائل الإعلام رغم ما فيها من محاولة للصمود إلا أنها لا تخفي الحزن في عيون الأمهات هناك، وصرخات الأطفال الحزينة، ورماد المنازل المقصوفة.. إنها ببساطة شديدة نذير نكبة فلسطينية ثانية تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة من جديد.

إن العالم المخطوف من الإعلام الصهيوني في أمسّ الحاجة إلى تفكيك الرواية الإسرائيلية.. إسرائيل تتحدث عن خطاب «الانتقام» و«الأمن» الذي حطمته حماس لكن الحقيقة تكمن في أبعاد أخطر كثيرا من هذا الخطاب. حيث صورت إسرائيل في عام 1948 أفعالها على أنها ضرورية لبقائها، وهي تعيد الطرح نفسه اليوم.. لكن الفارق صارخ جدا بين القدرات العسكرية الإسرائيلية وقدرات سكان غزة، كما أن أي عاقل لا يمكن أن يتصور أن ما يحدث في غزة اليوم هو محاولة لحفظ أمن إسرائيل! إن ما يحدث ببساطة هو تطهير عرقي لجميع سكان غزة، وفي المقابل هو يعقد القضية الفلسطينية أكثر وأكثر كما يعقد بناء أي علاقات طبيعية بين الدول العربية وبين إسرائيل، بل إن ما يحدث هو سبب مقنع لعمليات عسكرية قادمة يمكن لكل كتائب المقاومة الفلسطينية أن تنفذها ردا على هذه الهمجية الإسرائيلية.

لا يمكن للفلسطينيين جميعا والعرب وأحرار العالم أن ينسوا المشاهد التي تحصل الآن في غزة، وإذا كان العالم حقا يريد السلام والاستقرار فلا بد أن توقف كل هذه الجرائم المخزية في جبين النظام العالمي ومنظمات المجتمع الدولي.

إن المجتمع الدولي وخاصة القوى الغربية التي تتشدق في كل مناسبة بحقوق الإنسان تتحمل المسؤولية كاملة عما يحدث في غزة اليوم بل إنها تعد شريكا أساسيا فيما يحدث ما دامت تدعم إسرائيل بشكل كامل وتمدها بالسلاح والعتاد وتدعمها سياسيا.. وعليها أن تُسوّغ هذا الفعل أمام التاريخ والأجيال القادمة.

إن الروح الفلسطينية التي ما زالت صامدة أمام همجية إسرائيل وخذلان العالم المتحضر تستمد قوتها من ماضيها ومن ذكريات النكبة الأولى وأخطائها ومن اقتناعها بأن العدالة سوف تسود ذات يوم.

ولجميع من يفهم ويدرك تعقيدات ومآسي التاريخ الفلسطيني فإنه يدرك تماما أن ما يحدث ما هو إلا فصل آخر من فصول صراع مرير من أجل الحرية واستعادة حقيقية لما حدث خلال النكبة الأولى للشعب الفلسطيني وعلى أحرار العالم في كل مكان أن يشاهدوا الحقيقة ويقرروا إما الاعتراف بالعدالة أو البقاء مخطوفي الوعي والإرادة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما یحدث فی غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان

قصف الجيش الإسرائيلي، يوم الخميس، عدة مواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت قال إنها تضم منشآت تحت الأرض يستخدمها حزب الله في تصنيع الطائرات المسيرة.

وشكلت عمليات القصف الإسرائيلية، التي استهدفت ثمانية مبان في أربعة مواقع، المرة الأولى منذ أكثر من شهر التي تقصف فيها إسرائيل ضواحي العاصمة اللبنانية، والمرة الرابعة منذ وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة أميركية والذي أنهى آخر جولة من الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني في نوفمبر الماضي.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن عمليات القصف تهدف إلى منع حزب الله من إعادة تجميع صفوفه بعد الحرب التي أدت إلى القضاء على جزء كبير من قياداته العليا وترسانته.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أن حزب الله "يعمل على إنتاج آلاف الطائرات المسيرة تحت إشراف وتمويل جماعات إرهابية إيرانية".

وجاء في بيان الجيش أن حزب الله "استخدم الطائرات المسيرة على نطاق واسع في هجماته ضد دولة إسرائيل، ويعمل على توسيع صناعته وإنتاجه من هذه الطائرات استعدادا للحرب المقبلة".

ووفق الجيش الإسرائيلي فإن الأهداف التي يهاجمها تابعة للوحدة الجوية في حزب الله (الوحدة 127) في ضاحية بيروت الجنوبية.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قد هدد باستهداف عدد من المباني التابعة لحزب الله في الضاحية الجنوبية وطالب السكان بالقرب من هذه المباني الابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 300 متر.

وأفاد مسؤول في حزب الله، طلب عدم الكشف عن هويته بدعوى أنه غير مخول بالإدلاء بتصريحات علنية، إن المواقع المستهدفة لا تضم أي منشآت لإنتاج الطائرات المسيرة.

وأوضح المسؤول أن "أتفاق وقف إطلاق النار ينص على وجود آلية للتحقق في حال تقديم شكوى، لكن إسرائيل بشكل عام، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل خاص، يريدان استمرار الحرب في المنطقة".

وأسفر الصراع الأخير عن مقتل أكثر من 4000 شخص في لبنان، بينهم مئات المدنيين، في حين قالت الحكومة اللبنانية في أبريل إن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 190 شخصا آخرين وإصابة 485 شخصا منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • تحالف محامون من أجل فلسطين بسويسرا: أمريكا تقف إلى جانب إسرائيل لحمايتها دون وجه حق
  • شركة استثمار خاصة في شيكاغو على خط المساعدات في غزة.. ما الذي يحدث خلف الكواليس؟
  • إسرائيل تكشف طبيعة الأهداف التي تهاجمها في لبنان
  • صورة: إسرائيل تعلن استعادة جثث 2 من أسراها في غزة ضمن عملية خاصة
  • الوزير الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية انتهاك لسيادة سوريا وتفتح المجال أمام الجماعات التي تهدد أمنها لزعزعة الاستقرار.
  • الحكومة الإسرائيلية تمول آلية المساعدات التي تفرضها على غزة
  • أيرلندا الأولى أوروبيا: خطوات لحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية
  • المفتي في رسالة الأضحى: نرفض استمرار الاحتلال والاعتداءات في فلسطين ولبنان
  • هآرتس: إسرائيل وإيران وصلتا للامتحان الحقيقي الذي سيحسم في واشنطن
  • بن بريك يمنح نفسه وحكومته 100 يوم.. ما الذي يمكن أن يحدث؟