آخر ما كان يتوقعه السباح المصري العالمي عبد الرحمن سامح أن دعمه للقضية الفلسطينية ووقوفه إلى جانب أهل قطاع غزة لما يتعرضون له من إبادة جماعية على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي سيكون السبب وراء تلقيه تهديدات بالقتل وحذف صورته من الحساب الرسمي لكأس العالم للسباحة رغم حصوله على الميدالية الذهبية في اليونان.

اقرأ ايضاًمستوطنة أم مجندة .. من هي الفتاة المقتولة في عملية "طوفان الأقصى"؟

وكشف السبّاح عبد الرحمن سامح عدم قدرته على الاحتفال بالميدالية الذهبية في بطولة "كأس العالم للسباحة – أثينا 2023)، بسبب شعوره بالقلق والخوف على نفسه نتيجة تعرضه لتهديدات بالقتل بسبب موقفه السياسي.

وقال عبد الرحمن على قمة منصة التتويج بعد أن أنهى السباق بفارق 15 ثانية عن الأسترالي إسحاق كوبر: "لا أعرف إذا كان بإمكاني الاحتفال بهذا بصراحة، كان أسبوعًا صعبًا ذهنيًا حقًا بالنسبة لي. لقد تلقيت تهديدات بالقتل، كان الناس يهاجموني طوال الأسبوع بسبب دعمي لفلسطين”.

وأضاف الشاب البالغ من العمر 23 عامًا: "عائلتي تنام ولا تعرف ما إذا كان شخص ما سيقتحم غرفتي، أو ما إذا كان شخص ما سيقتحم شقتي، عليهم أن يتساءلوا في كل مرة لا أرد فيها على مكالمة، هل هو مشغول أم أن هناك من يحاول قتله؟ لا أعرف ما إذا كان ينبغي علي الاحتفال بهذا أم لا. إخوتي وأخواتي يُقتلون في فلسطين، وأنا مهدد بالقتل لمجرد أنها قضية أدافع عنها”.

View this post on Instagram

A post shared by Youssef Sabry (@youssefsabry)

عبد الرحمن سامح يدعم الشعب الفلسطيني

وكان السباح عبد الرحمن قد نشر بيانًا قبل أيام عبر حسابه الرسمي في تطبيق “إنستغرام”، أكد من خلاله دعمه للشعب الفلسطيني في الحرب.

وكتب عبد الرحمن في بيانه: “إن فقدان أرواح بريئة في أي صراع هو مأساة يجب أن ينعيها الجميع، بغض النظر عن خلفياتهم، لم أتغاضى أو أحتفل قط بمثل هذه الخسائر، لأنني أعتقد اعتقادًا راسخًا أنه لا يوجد شيء يبرر معاناة الأبرياء. إن الحرب حقيقة مأساوية، ويجب أن تكون أولويتنا القصوى هي منعها وحماية أرواح الأبرياء”.

وأضاف: "من المحبط أن نشهد تناقضًا في الطريقة التي يُسمح بها للأفراد بالتعبير عن حزنهم وتعاطفهم، يجب أن يتمتع الرياضيون الإسرائيليون، مثل نظرائهم الفلسطينيين، بالحرية في الحداد على معاناة شعبهم دون مواجهة اتهامات أو تصنيفات”.

View this post on Instagram

A post shared by Abdelrahman Elaraby (@haridiiii)

عبد الرحمن سامح ليس الأول

لا يُعد عبد الرحمن سامح السبّاح المسلم الوحيد الذي يواجه ردود فعل عنيفة بسبب دعمه لفلسطين وسط الأزمة الحالية، إذ كشف البطل الأولمبي التونسي أحمد الحفناوي تعرضه للتخويف بسبب الترويج لصندوق إغاثة الطوارئ الفلسطيني على صفحته على إنستغرام. 

وقال الحفناوي أن الحملة تدين بشدة جميع أعمال العنف ضد المدنيين - بما في ذلك الخسارة الأخيرة في الأرواح، مؤكدًا أن جميع الفلسطينيين والإسرائيليين، بغض النظر عن الدين أو العرق، لديهم الحق في العيش بأمان وكرامة، وأن يتمتعوا بحقوقهم الإنسانية الأساسية".

كأس العالم للسباحة تحذف صورة عبد الرحمن سامح

تعمد الحساب الرسمي لـ الاتحاد الدولي للسباحة في تطبيق "إنستغرام" حذف صورة السباح المصري عبد الرحمن سامح رغم بتتويجه بذهبية سباق الـ50 متر فراشة.

اقرأ ايضاًأسرى إسرائيليين للبيع على أمازون.. إليكم السعر!

وغاب المصري سامح عن الصورة الجماعية للأبطال في كأس العالم، مما دفع كثير من رواد مواقع التواصل التوجه بسؤال لحساب الاتحاد الدولي للسباحة: أين سامح في الصورة، لماذا حذفتم؟

دعم عبد الرحمن سامح

حصل بطل العالم في السباحة 50 مترًا فراشة المصري عبد الرحمن سامح على مساندة ودعم كبيرين من قبل العرب في منصات التواصل الاجتماعي، بعد حذف الاتحاد الدولي للسباحة صوره من جميع المنصات التابعة له وتهديده بالقتل نتيجة دعمه للشعب الفلسطيني.

 

المصدر: البوابة

كلمات دلالية: التشابه الوصف التاريخ عبد الرحمن سامح مصر فلسطين قطاع غزة عبد الرحمن سامح إذا کان

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: حرب الهوية 2

يأتي هذا المقال استكمالًا للمقال السابق الذي حمل عنوان «حرب الهوية»، والذي كشف كيف تُدار معركة الوعي في المجتمع المصري والعربي عبر أدوات ناعمة وغير مباشرة، تبدأ بتفريغ الهوية من مضمونها، تكسير الذوق العام، رفع التفاهة، تشويه القيم، وإخفاء الرموز الحقيقية. المقال السابق ركّز على الظواهر اليومية التي تبدو عابرة، لكنها عند تفكيكها تكشف عن عملية متكاملة لإعادة تشكيل وعي الإنسان، وفصله عن جذوره الثقافية والأخلاقية، بحيث يصبح أكثر قابلية للتوجيه والسيطرة.

هذا الجزء الثاني يأتي لتوسيع الرؤية، وربط هذه الظواهر بالمخططات الصهيوأمريكية، بمخطط برنارد لويس، ومشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يسعى لإعادة هندسة المنطقة العربية بالكامل، ليس فقط على المستوى الجغرافي، بل على مستوى العقل الجمعي، والهوية الثقافية، والانتماء الوطني. لم تعد حرب الهوية مجرد توصيف نظري، بل واقع ملموس يُعاد إنتاجه يوميًا عبر الإعلام، الفن، التعليم، الرياضة، والمنصات الرقمية. الإعلام، الذي كان يومًا وسيلة لنقل الحقيقة، أصبح اليوم أداة مركزية لإعادة برمجة الذوق العام وصناعة الرأي الجمعي، حيث يُستغل لنشر الفضائح، العري، التفاهة، العنف، والجدل السطحي بهدف إشغال المجتمع عن التفكير النقدي، وتحويل الاهتمام من القضايا الوطنية والاستراتيجية إلى محتوى سطحي مستورد.

الفن والثقافة أيضًا خضعت لهذه المعركة، حيث أصبح الإنتاج الفني يتبع منطق السوق وليس القيم، وتم تسليع كل شيء، حتى الرموز الثقافية والتاريخية. المسرح، السينما، والبرامج التلفزيونية أصبحت منصات لإعادة تشكيل الوعي، حيث يُصنع الجدل من لا شيء، وتُرفع الشخصيات الفارغة على حساب الرموز الحقيقية، بما يخلق قدوات زائفة للشباب، بعيدًا عن القيم الجوهرية. التعليم أصبح أيضًا ساحة للاختراق الثقافي، فالمناهج الدراسية في العديد من الدول العربية تم تصميمها لتقليل الارتباط بالتاريخ الحقيقي، وتهميش الرموز الوطنية، وتشويه البطولات، وغرس نماذج أجيال مستوردة بلا جذور، ما يؤدي إلى خلق أفراد غير مرتبطين بهويتهم الوطنية، يسهل توجيههم نحو قيم وأفكار خارجية. الجامعات أصبحت مراكز لإنتاج الفكر المستهلك، حيث يتم التركيز على المعرفة التقنية دون تعزيز الانتماء الوطني أو الثقافة الأصيلة.

الأسرة، التي تمثل العمود الفقري للهوية والقيم، تتعرض أيضًا لضغوط مستمرة من خلال الإعلام والفن والمحتوى الرقمي، ما يضعف الرابط الأسري ويجعل الشباب غير قادر على التمييز بين الصواب والخطأ. يُروج للمفاهيم المستوردة عن الحرية والانفتاح على حساب القيم التقليدية، مما يجعل الأجيال القادمة أكثر هشاشة أمام المؤامرات الفكرية والسياسية. الفقر والبطالة والضغط المعيشي جزء من خطة السيطرة على المجتمع، إذ يصبح الفرد المشغول بتحقيق لقمة عيشه أقل اهتمامًا بالثقافة والانتماء، وأكثر تركيزًا على المتعة الفورية والاستهلاك السطحي، ما يسهل توجيهه نحو التفاهة والقيم المستوردة.

منصات التواصل الاجتماعي تمثل المنصة الأهم لتسريع عملية إعادة تشكيل الوعي، حيث يغرق الشباب في موجة لا نهائية من المحتوى الرقمي الذي يُبقيهم منشغلين دائمًا، ويبعدهم عن التفكير النقدي والتحليل العميق. كل صورة، فيديو، أو ترند يُختار بعناية لتعزيز الشخصيات الفارغة وزيادة شهرتها، بينما يتم تهميش الرموز الحقيقية والقيم الجوهرية. اللغة، التي ليست مجرد وسيلة للتواصل بل وعاء للهوية والثقافة، تتعرض أيضًا للاستهداف، حيث يؤدي إهمال اللغة العربية الفصحى واستبدالها بمصطلحات أجنبية ولهجات مستوردة إلى تآكل الثقافة والأخلاق تدريجيًا. من يسيطر على اللغة، يسيطر على الفكر، ومن يسيطر على الفكر، يسيطر على المجتمع كله، وهو ما نراه اليوم واضحًا في الإعلام والفن والمحتوى الرقمي.

حتى الرياضة، التي يفترض أن تكون مساحة للتواصل الوطني والتنافس الشريف، تتحول إلى أداة لتعزيز الانقسام والتعصب، فتشتت الجماهير وتوجيهها نحو الصراع يجعلها أكثر قابلية للتأثير والسيطرة عليها. الفن، الذي كان يمكن أن يعكس أصالة المجتمع وثقافته، أصبح منتجًا للسطحية والغرابة، بعيدًا عن أي رسالة تربوية أو وطنية، بينما تُرفع الشخصيات الفارغة على حساب الرموز الحقيقية.

كل هذه الأدوات تتقاطع مع أهداف المشروع الصهيوأمريكي، ومخطط برنارد لويس، الذي يركز على تفكيك المجتمعات العربية من الداخل عبر إثارة النزاعات الطائفية، العرقية، والمذهبية، لضمان انشغال المجتمع بخلافاته الداخلية، ما يسهل السيطرة الخارجية. مشروع الشرق الأوسط الكبير ليس مجرد تقسيم للأراضي، بل إعادة هندسة العقول والهوية والثقافة، بحيث يصبح الإنسان العربي مفصولًا عن جذوره، هشًا، مشتتًا، وسهل التأثير عليه. مخطط لويس يركز على استخدام كل أداة متاحة: الإعلام، التعليم، الاقتصاد، الثقافة، الرياضة، والفن لإضعاف الانتماء الوطني، وخلق أجيال غير قادرة على تقييم ما يُفرض عليها من أفكار وقيم، وكل تفصيل، من برنامج تلفزيوني إلى منشور رقمي، هو جزء من شبكة متكاملة تهدف إلى تحقيق أهداف المشروع الصهيوأمريكي في إعادة تشكيل المنطقة العربية.

رغم كل هذه التحديات، يبقى الوعي الفردي والجماعي الدرع الأقوى لمواجهة هذه الحرب. إدراك أن ما يحدث ليس صدفة، وأن كل تفصيل مخطط له بعناية، هو الخطوة الأولى نحو المقاومة. الهوية الوطنية ليست شعارات تُرفع، بل وعي متجذر بالثقافة، بالتاريخ، بالقيم الجامعة، والتي يجب تعزيزها يوميًا، بمواجهة أي محاولة للتشويه أو التهميش. حرب الهوية هي معركة الوجود، فإما أن يظل الإنسان العربي ضحية لإعادة التشكيل، متنازلًا عن جذوره ومفككًا داخليًا، أو يصبح واعيًا، مدركًا لمخاطر المؤامرة، مدافعًا عن وطنه، هويته، ومستقبل أجياله. كل لحظة ضياع للوعي هي فرصة للقوى الخارجية لتكريس مشاريعها، مثل المشروع الصهيوأمريكي، مخطط برنارد لويس، ومشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يسعى ليس فقط لتقسيم الأراضي، بل لتقسيم العقول وإضعاف المجتمعات، وإعادة صياغتها وفق مصالحه الخاصة، مما يجعل الوعي والثقافة الوطنية خط الدفاع الأول ضد أي مخطط لتدمير المجتمع وهويته.

إن الحرب على الهوية لا تقتصر على الشكل والثقافة فحسب، بل تمتد لتشمل الاقتصاد والسياسة، فكلما ضعفت القدرة الاقتصادية للفرد والمجتمع، زادت سهولة التحكم في اتجاهاته وتحديد أولوياته. الفقر، البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة تجعل الإنسان مشغولًا بالنجاة اليومية، بعيدًا عن التفكير الاستراتيجي أو الاهتمام بالقيم الثقافية والوطنية. القوى الخارجية تدرك هذا جيدًا، فتعمل على تعزيز هذا الانشغال عبر سياسات اقتصادية، إعلامية، وتربوية دقيقة، تجعل المواطن أكثر استجابة لأي محتوى سطحي، وأقل قدرة على مقاومة التأثيرات الفكرية والاجتماعية الخارجية.

في هذا السياق، تلعب الجماعات المستأجرة أو المستوردة دورًا في نشر ثقافة التفاهة والانحراف، بحيث يتم تحويل أي نشاط ثقافي أو سياسي إلى ساحة للمناكفات والصراعات الثانوية، بدلاً من التركيز على القضايا الجوهرية التي تمس الهوية الوطنية. ومن هنا، يتحول الإعلام الرقمي إلى أداة لإشغال العقول وتشتيت الانتباه، حيث يُدار كل ترند، كل خبر، وكل حملة على الإنترنت بطريقة مدروسة، بهدف تعزيز الانقسام الاجتماعي، وضعف الشعور بالانتماء، وغرس شعور بالعجز والتردد تجاه أي مواجهة حقيقية لمخططات القوى الخارجية.

الأجيال الجديدة، التي تربت على هذا النوع من المحتوى، تصبح أداة لنشر القيم المستوردة والانقسامات الداخلية، ويصبح من الصعب عليها فهم أو تقدير التراث الثقافي، التاريخي، والاجتماعي لمجتمعها. التعليم، الذي يمكن أن يكون سلاحًا لمواجهة هذه المؤامرة، يُستغل لإنتاج أفراد تقنيين قادرين على العمل، لكن معزولين فكريًا عن هويتهم، لا يفهمون التاريخ ولا يحسون بالمسؤولية تجاه مستقبل مجتمعاتهم. وهكذا، يتم تقليص القدرة على النقد والتحليل، ويصبح المجتمع سهل التأثير والسيطرة، بما يخدم مصالح المشروع الصهيوأمريكي ومخطط برنارد لويس.

حتى الدين، الذي يشكل جزءًا مهمًا من هوية الفرد والثقافة، لا ينجو من هذه الحرب. يتم تصويره في الإعلام والفن على أنه أداة تشدد أو قيد، بينما يُرفع القليل من التعابير الدينية المختارة لتبرير الانحرافات أو التناقضات. هذا التلاعب يؤدي إلى حالة من الارتباك بين الجيل الجديد حول ما هو حق وما هو باطل، وما هو تقليدي وما هو حرية، فيصبح من السهل استغلال هذا الارتباك لصالح مخططات التقسيم الفكري والثقافي.

كما أن هناك استهدافًا مباشرًا للتاريخ الوطني والبطولات المجتمعية. يتم تصوير البطولات والرموز الحقيقية بشكل ساخر أو مهمل، بينما تُعطى الشخصيات الفارغة والمستوردة أهمية مبالغ فيها، ليشعر الشباب بأن ما لديهم من تراث وقيم ليس له قيمة حقيقية في الزمن الحالي. هذا الإحساس بعدم الانتماء يعزل الشباب عن مجتمعهم، ويجعلهم أكثر استعدادًا لتبني القيم المستوردة، وبالتالي تصبح الأمة معرضة لفقدان استمراريتها الثقافية والاجتماعية.

الرياضة، التي كانت دائمًا رمزًا للوحدة الوطنية والفخر الجماعي، تتحول إلى مسرح لصراعات صغيرة ومتناقضة، تغذي التعصب وتُبعد الناس عن القيمة الحقيقية للرياضة، بحيث يُغرق الفرد في مشاعر الغضب والانفعال، ويصبح أسهل في السيطرة عليه وتوجيهه نحو أهداف خارجية. الإعلام الرياضي، بدوره، لا يعكس مجرد أحداث المباريات، بل يُستغل لنشر الانقسام، وتحويل الناس إلى مستهلكين لمشاعر سطحية، بدل أن يكون محفزًا للانتماء والوعي الوطني.

الجانب الثقافي والفني يخضع أيضًا لتوجيهات محددة، حيث يتم تعزيز النماذج السطحية والمستوردة، ويُهمل الإنتاج الفني الذي يعكس القيم الحقيقية أو التاريخ المحلي. الموسيقى، السينما، البرامج التلفزيونية، وحتى الإنترنت، تصبح أدوات لإعادة برمجة الوعي، بحيث تُحول اهتمام الناس من التفكير النقدي إلى الانشغال بالمظاهر والصراعات الثانوية، وهو ما يتوافق تمامًا مع أهداف مخطط برنارد لويس ومشروع الشرق الأوسط الكبير.

من هنا يظهر جليًا أن الحرب على الهوية ليست صدفة، ولا تحدث بدون تخطيط، بل هي جزء من مشروع أكبر يهدف إلى تقسيم المنطقة العربية على المستوى الفكري والثقافي، وليس فقط الجغرافي. الهدف هو خلق مجتمعات مشتتة، ضعيفة، سهلة التوجيه، بحيث تصبح أي مقاومة وطنية أو ثقافية غير فعالة، ويُسهل تنفيذ المخططات الصهيوأمريكية التي تسعى لإعادة هندسة المنطقة بالكامل بما يخدم مصالحها.

إن مواجهة هذه الحرب تتطلب وعيًا جماعيًا وفرديًا، يبدأ من إدراك ما يحدث على مستوى المجتمع، والقدرة على التمييز بين التفاهة والقيمة، بين الأصل والمستورد، بين الحقيقة والوهم. لا يكفي مجرد النقد، بل يجب العمل على تعزيز القيم، حماية الرموز، دعم التعليم الواعي، وصيانة الأسرة، لأنها الدعائم الأساسية للهوية القادرة على الصمود أمام أي مخطط خارجي.

الحفاظ على الهوية والثقافة ليس رفاهية، بل ضرورة وجودية. المجتمع الواعي هو المجتمع القادر على مواجهة مشاريع التدمير الثقافي والسياسي، مشروع الشرق الأوسط الكبير، ومخطط برنارد لويس، وكل ما يتصل بالمؤامرة الصهيوأمريكية، بما يحمي استقلاله وكرامته ووجوده المستقبلي. إن تعزيز الوعي، والفخر بالتراث، والتمسك بالقيم الجوهرية، هو السلاح الذي يواجه محاولات تفكيك المجتمعات وتشويه الهوية، ويعيد للأمة تماسكها الداخلي وقدرتها على الصمود في وجه التحديات الكبرى التي تهدد حاضرها ومستقبلها.

الوعي، الانتماء، الثقافة، والهوية ليست كلمات عابرة، بل عناصر صلبة تشكل خط الدفاع الأخير للأمة. كل جيل ينشأ غير واعٍ، كل قيمة تُهمل، كل رمز يُهمل، هي فرصة للمخططات الخارجية لترسيخ سيطرتها، بينما الجيل الواعي القادر على التحليل والفهم العميق هو الأمل الحقيقي لحماية المجتمع، وإعادة بناء الأمة على أسس قوية ومستدامة، تمنع أي محاولة لتدمير هويتها أو فصلها عن جذورها التاريخية والثقافية.

إن حرب الهوية، بهذا الشكل، ليست مجرد تهديد نظري، بل واقع ملموس يعايشه كل فرد في حياته اليومية، في اختياراته، في ما يشاهده ويستمع إليه، وفي الطريقة التي يُفكر بها. كل فرد يقاوم السطحية، يحافظ على القيم، يدعم التعليم الواعي، ويربط نفسه بثقافته وتاريخه، هو جزء من المقاومة الحقيقية ضد المخطط الصهيوأمريكي، مخطط برنارد لويس، ومشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يسعى لتفكيك الأمة وتسييد الانقسام داخلها، لضمان أن تصبح الشعوب أدوات سهلة التوجيه، بعيدًا عن وعيها وهويتها الأصيلة.

طباعة شارك حرب الهوية معركة الوعي المجتمع المصري

مقالات مشابهة

  • نجاة عبد الرحمن تكتب: حرب الهوية 2
  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • إيران توجه انتقادات حادة لأميركا بسبب "تأشيرات مونديال 2026"
  • صفة عباد الرحمن .. تعرّف عليها واحرص أن تكون منهم
  • السب والضرب وتلفيق الاتهامات.. ثلاث جرائم قد تهدم حياة زوجية وتسقط حقوق الزوج
  • من القاهرة إلى العالم.. المتحف المصري الكبير يضع مصر على خريطة السياحة الثقافية
  • لبنان 24 السبّاق
  • تباطؤ النمو العالمي لمبيعات السيارات الكهربائية بسبب استقرارها بالصين وتغيرات بأمريكا
  • وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)
  • غضب بمصر وإيران بسبب مباراة الفخر في كأس العالم.. ماذا نعلم؟