"فيتش ريتينجز"، Fitch Ratings، "موديز"، Moody's ، "ستاندرد اند بورز"  Standard & Poor's  .. هذه هي الوكالات العالمية الثلاثة، الأكثر شهرة وتأثيرا في تقييم الإئتمان والمخاطر المالية للدول والمؤسسات، من خلال تحليل متكامل لقدرة المقترض أو المدين من هذه لدول أو المؤسسات على الوفاء بالتزاماتها المالية وسداد الديون، من خلال تحليل عدد من العوامل المالية والاقتصادية والمؤسسية المرتبطة بهذا المقترض أو المدين مثل القدرة على السداد، والتاريخ الائتماني، والهيكل المالي والسيولة، إضافة إلى الاقتصاد العام والصناعة، وقدرة الملاءة المالية للمقترض، بالتالي فإنه من المفترض أن تلعب تلك المؤسسات الثلاث، دوراً حياديا في تقديم المشورة الفنية والمالية والاقتصادية للدول سواء التي التي تحتاج للاقتراض أو الدول الدائنة والمقرضة أو حتي المؤسسات الدولية المانحة كصندوق النقد والبنك الدوليين.

ومؤسسات التصنيف الدولية تعتمد في تقييمها علي عدة عوامل أهمها، حجم المديونيات على الدولة أو المؤسسة ومنها أدوات الدين الحكومي وقدرة هذه الدولة او المؤسسة على الوفاء بمديونياتها، وحجم الاحتياطيات الموجود بتلك الدولة، النسبة التي يشكلها الاحتياطي مقابل المديونية، وسعر صرف العملة ومؤشره ارتفاعا أو انخفاضا، فضلا عن قياس مؤشرات أخري كثيرة كالتضخم والنمو والبطالة والفقر في الوضع الحالي وتقديراته في المستقبل.

لكن السؤال المهم، هل تعمل هذه المؤسسات بحيادية ونزاهة ومهنية بعيدا عن المؤثرات السياسية وضغط الدول الكبري، أم أنها كبقية مؤسسات الأمم المتحدة وغيرها تخضع للابتزاز السياسي والضغوط لمحاولة توجيه الدول واخضاعها لتوجهات الدول الكبري التي ورثت النظام العالمي عقب الحرب العالمية الثانية.

ما فجر هذا السؤال من جديد، هو اعلان وكالة موديز للتصنيف الائتماني، قبل ساعات، وبالتحديد يوم الأحد الماضي، تأجيل نشر التصنيف الائتماني الجديد لإسرائيل، مبررة ذلك بالتطورات العسكرية القائمة في المنطقة، رغم أن كل المؤشرات كانت تؤكد خفض تصنيف اقتصاد اسرائيل، بسبب المظاهرات التي استمرت لأسابيع ضد حكومة نتنياهو، بسبب التعديلات القضائية علي قانون المحكمة العليا، ثم الخسائر الإقتصادية التي لحقت به عقب عملية "طوفان الأقصي" التي قامت بها المقاومة الفلسطينية، وبذلك جاء التأجيل خدمة لتل أبيب واستفادة كبيرة لاقتصادها، رغم أنها وفي ظروف مشابهة عن ادلاع الحرب الروسية الأوكرانية، خفضت كل من وكالة "فيتش" و"موديز" التصنيف الائتماني السيادي لروسيا بمقدار ست درجات إلى وضع "غير مرغوب فيه". 

ويبلغ التصنيف الائتماني لإسرائيل "A1 " حاليا، مع نظرة مستقبلية مستقرة، مما يخالف التطورات على الأرض، حيث تقود حربا على قطاع غزة من جهة، وتوترات متصاعدة على الجبهة اللبنانية من جهة أخرى، ما جعل اقتصاد اسرائيل يواجه أزمات متصاعدة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، كان من أهم مؤشراته الهبوط المتسارع للشيكل أمام الدولار، وتراجع مؤشرات البورصة، وتصاعد الإنفاق الحربي اضافة للأزمات داخل حكومة نتنياهو.

وعطلت وكالة موديز نشر التصنيف الجديد لاسرائل لمدة 6 أشهر وهو مالم تفعله الوكالة مع دول عديدة منها مصر، وكان خبراء وكالة "ستاندرد آند بورز" Standard & Poor's ، قد خططوا للقدوم إلى إسرائيل لبدء تقييمهم، ولكن يبدو الآن من غير المرجح أن يفعلوا ذلك في أعقاب اندلاع الحرب، فيما قال صندوق النقد الدولي، إنه يتابع عن كثب الوضع في إسرائيل وغزة، وإن من السابق لأوانه تقييم أي أثر اقتصادي، وفيما مضي ثبتت موديز تصنيفها لإسرائيل دون تغيير لمدة 15 عاما.

ورغم الأداء المالي القوي المحقق بمصر خلال العام المالي 22 / 2023، وكل المتغيرات والتحديات الراهنة على الساحتين العالمية والداخلية من ارتفاع في معدلات التضخم وأسعار الفائدة وتحقيق فائض أولي 1.63% من الناتج المحلي وانخفاض العجز الكلي للموازنة الي 6% من الناتج المحلي، وتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة مساهماته في النشاط الاقتصادي وتنفيذ حزمة من الإجراءات والإصلاحات الهيكلية وتحسين بيئة الأعمال وزيادة المنافسة وتعزيز الحياد التنافسي، واستقرار صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، وزيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي، جاء تخفيض وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني لأداء الاقتصاد المصرى من "B3" إلى "Caa1".

ولم تكن موديز فقط هي من تصدر تقاريرها المتوالية حول مصر، فقد رجح صندوق النقد الدولي، أن يتسع عجز الموازنة المصرية بشكل كبير خلال العام المالي الحالي 2023- 2024، على أن يشهد المزيد من الارتفاعات خلال العام المقبل، بل وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، إن مصر سوف تستنزف احتياطاتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى.  

هذه المؤسسات وتقاريرها تدفع بموجة من الشك ف عدم مهنيتها خاصة وأن معظم اقتصاديات العالم تعاني تراجعا في معدلات النمو، وارتفاع في سقف الديون، بسبب تداعيات الصراع الروسي الأوكراني، ومن قبلها جائحة كورونا، وأخيرا حرب اسرائيل علي غزة وربما لبنان، فهل تستخدم مؤسسات التصنيف الائتماني تقاريرها كنوع من الضغط على الحكومات لدفعها نحو اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة ومنها تعويم العملات المحلية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أبوبكر الديب إسرائيل مؤسسة موديز مصر روسيا التصنیف الائتمانی

إقرأ أيضاً:

حرب الرسوم تعود من جديد… ترامب يعلن ضربة مزدوجة ضدّ الصين والاتحاد الأوروبي

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن قرار جديد يقضي برفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب من 25% إلى 50%، في خطوة وصفها بأنها تهدف إلى “تعزيز صناعة الصلب الأميركية” وزيادة الاكتفاء الصناعي الوطني.

وجاء إعلان ترامب خلال زيارته لمصنع تابع لشركة “يو إس ستيل” في ولاية بنسلفانيا، حيث قال في خطاب أمام العمال: “سنضيف 25% إضافية على الرسوم الحالية، لترتفع إلى 50%، هذه الخطوة ستمنح دفعة قوية لصناعتنا وتعيد آلاف الوظائف الأميركية”، وأكد أن القرار نابع من التزامه بحماية الصناعات الوطنية من المنافسة غير العادلة.

وأشار ترامب إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق اتفاق استثماري ضخم مع اليابان، يشمل ضخ مليارات الدولارات في مشاريع صناعية داخل الولايات المتحدة، ويضمن– بحسب قوله– “الحفاظ على السيطرة الأميركية على منشآتنا الحيوية”.

هذا القرار يأتي بعد سلسلة من الإجراءات التصعيدية في مجال التجارة، كان أبرزها توقيع ترامب في وقت سابق على مرسوم بفرض رسوم “متبادلة” على واردات من 57 دولة بنسبة أولية بلغت 10%، مع بدء تطبيق معدلات أعلى اعتبارًا من 9 أبريل، مستندًا إلى اختلالات الميزان التجاري الأميركي مع تلك الدول، لكن هذه الرسوم أثارت جدلًا واسعًا، حيث قضت محكمة التجارة الخارجية الأميركية بأن ترامب تجاوز صلاحياته، وأمرت بتعليق الرسوم.

ورغم هذا الحكم، أعادت محكمة الاستئناف في اليوم التالي تفعيل الأوامر الرئاسية مؤقتًا، مما أتاح للرئيس مواصلة خططه في فرض الرسوم، على الأقل في المدى القريب، بينما تتواصل الإجراءات القانونية.

وفي سياق متصل، نقلت وسائل إعلام أميركية أن واشنطن تضغط حاليًا على الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم مماثلة على الواردات الصينية، في إطار سياسة تجارية تهدف إلى إعادة رسم العلاقات الاقتصادية العالمية بما يخدم المصالح الأمريكية.

ويندرج القرار الأخير من ترامب ضمن توجهه الصريح لدعم الصناعات الثقيلة والتصنيع المحلي، في وقت تتصاعد فيه المنافسة مع كل من الصين والاتحاد الأوروبي على النفوذ الاقتصادي، وسط اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

مقالات مشابهة

  • نشوى الديب: المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام تعطّل عمل الصحفيين
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • "أوقفوا إيران فورًا".. أول تعليق من إسرائيل على تقرير وكالة الطاقة الذرية
  • مكتبة مصر العامة بالدقي تطلق برنامجها الصيفي لعام 2025 بأنشطة ترفيهية
  • ستاندرد آند بورز تُبقي التصنيف الائتماني لفرنسا عند AA- مع نظرة مستقبلية سلبية
  • حرب الرسوم تعود من جديد… ترامب يعلن ضربة مزدوجة ضدّ الصين والاتحاد الأوروبي
  • غزة ومصر: ماذا تريد إسرائيل من مصر؟
  • رأي.. عمر حرقوص يكتب: حزب الله.. سلام مع إسرائيل وحرب على سلام
  • مسؤول حوثي: ارتفاع عدد الطائرات المدنية التي دمرتها إسرائيل في مطار صنعاء إلى 8
  • الحسان:على العراق أن يكسب ثقة المؤسسات المالية الدولية من خلال الإصلاح الحقيقي