هل تكون أمريكا الجنوبية الخليج العربي الجديد؟
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
عندما اكتشفت شركة النفط الأنجلوفارسية، المعروفة الآن باسم شركة البترول البريطانية، النفط الإيراني في عام 1908، أعقب ذلك قرن من صدارة الطاقة النفطية. ومثل ذلك يحدث سريعا مع معادن من قبيل الليثيوم، والنحاس، والكوبالت، والنيكل، والعناصر الأرضية النادرة (المعادن الحرجة) الضرورية للتكنولوجيات التي تنتج الكهرباء، وتنقلها، وتخزنها.
ففي داخل هذه البطاريات، ثمة منافسة بين (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC) و(كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP). وكلاهما يستخدم الليثيوم لتخزين وإطلاق الكهرباء. يستخدم (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات) خامات أكثر شيوعا -والمزيد من الليثيوم- لإكمال الدائرة من خلال جهازك. فضلًا عن أن (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC) يوفر مخزون طاقة أعلى لزيادة نطاق القيادة في السيارات، لكن (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) أرخص وأكثر أمانا ويسد فجوة تخزين الطاقة بسرعة مع (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC).
وفي حين أن الكاثودين يعدان خيارين جيدين تجاريا، فإنهما لا يتساويان في ضوء الأمن القومي الأمريكي. فبطاريات (كاثود النيكل والمنجنيز والكوبالت NMC) تعتمد على ما يشبه احتكار الصين للكوبالت الكونغولي وسيطرتها التجارية على النيكل الإندونيسي، وكل من البلدين يحظى بالاحتياطي الأكثر في العالم من معدنه. والصين لديها تاريخ في استغلال صادرات المعادن الحرجة بوصفها ورقة ضغط. ولأن بطاريات (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) يمكن أن تحقق الاستقلال عن الصين عما قريب، فالولايات المتحدة تتفهم قيمتها الاستراتيجية، ومن هنا كانت الإقامة المخطط لها لأول منشأة خاصة-عامة لـ(كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) في الولايات المتحدة ومن هنا أيضًا الهدف الوطني المتمثل في التخلص من الكوبالت والنيكل في البطاريات بحلول عام 2030. وسوف يظل التحول إلى (كاثود الليثيوم والحديد والفوسفات LFP) يتطلب من الولايات المتحدة الاستثمار في معالجة الليثيوم وتصنيع البطاريات التي تهيمن عليها الصين حاليا، وهو ما يمكن تدبره بالقدر الكافي من الوقت والاستثمار من خلال السياسات الصناعية المحلية والمتعددة الأطراف - وإن يكن القول أسهل من الفعل. غير أن توفير القدر الكافي من الليثيوم لتلبية الطلب المحلي يستدعي اتباع نهج ثنائي مجرب وحقيقي.
مثلما كان من مصلحة الولايات المتحدة أن تضمن علاقة أفضل مع المملكة العربية السعودية في عام 1945، لضمان استمرار تدفق النفط، فمن مصلحة الولايات المتحدة الآن إقامة العلاقات المستقرة اللازمة لدعم واردات الليثيوم التي يقوم عليها الأمن الوطني والاقتصادي الأمريكي. وتأمين غالبية الطلب المحلي على البطاريات سوف يتطلب من الولايات المتحدة الاستفادة من 54% من الاحتياطيات العالمية المؤكدة من الليثيوم في «مثلث الليثيوم» بين شيلي والأرجنتين وبوليفيا و24% من الاحتياطي العالمي في أستراليا. كما تفكر المكسيك في السعي إلى شراكة ليثيوم مع الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، بما يستدعي المقارنة مع منظمة الدول المصدِّرة للنفط. وفي المقابل، تريد أمريكا اللاتينية إبرام اتفاقيات تجارية وتمويلا من أجل التصنيع والتعافي من إرث «التحرشات الأجنبية»، على حد تعبير الرئيس البوليفي لويس آرسي.
إن اكتشافات الليثيوم في ولاية ماين في يوليو ونيفادا في سبتمبر لا تعني استقلال الولايات المتحدة في مجال الليثيوم في أي وقت قريب. فالنفط المحلي لم يكن كافيا لإشباع الطلب الأمريكي خلال القرن العشرين، ولن يكون الليثيوم المحلي كافيا في المدى القريب إلى المتوسط. سوف تتطلب تلبية الطلب الأمريكي المتوقع على المركبات الكهربائية زيادة بنسبة 300% في مكافئ كربونات الليثيوم بحلول عام 2050 عما ينتجه العالم بأكمله سنويا اليوم -أي 765570 طنا في عام 2022- بالإضافة إلى أن اتجاهات الليثيوم العالمية تتوقع ما يقرب أن يكون الطلب بحلول عام 2030 من ثلاثة إلى أربعة ملايين طن، بينما كان من المقرر إنتاج 2.7 مليون طن فقط في العام نفسه.
ولهذا السبب فإن تأمين إمدادات مستقرة وكافية من الليثيوم للأمريكيين يعتمد على قيام الولايات المتحدة بالتوفيق بين إرث استغلال الموارد والتدخل السياسي في أمريكا اللاتينية، فقد صبغ هذا التاريخ استراتيجيات تأميم الليثيوم في المكسيك وتشيلي وبوليفيا، والعقود الصينية تستفيد من تأخر أمريكا في الاستثمار والعلاقات العامة في المنطقة. في هذا العام، تساعد الصين شيلي في بناء مصنع معالجة في مقابل الحصول على الليثيوم بسعر مخفض ومصنع لكاثود الليثيوم بقيمة 290 مليون دولار. وفي يوليو، استثمرت الصين 620 مليون دولار لإنشاء مصنع للسيارات الكهربائية في البرازيل في منشأة هجرتها شركة فورد أخيرا. ومنذ عام 2018، استحوذت الصين على 88% من إجمالي الأموال التي تم إنفاقها على صفقات اندماج واستحواذ الليثيوم التي تزيد قيمتها عن مائة مليون دولار في أمريكا اللاتينية. ويجب على الولايات المتحدة إقناع الدول الغنية بالمعادن الحرجة في المنطقة بأن التاريخ لن يكرر نفسه وذلك من خلال تقديم شروط أكثر ملاءمة.كما أن إقامة شراكات تنافسية في المعادن الحرجة سوف تتطلب ما هو أكثر من المال، وهذه هي ميزة الصين الرئيسية. فبفضل مجموعة مختلفة من الحوافز التي يسيطر عليها النظام، أصبح الحزب الشيوعي الصيني على استعداد للاستثمار لأسباب غير الربح ودون الاهتمام بالمخاطرة التنظيمية أو البيئية أو السياسية. ولكي تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها من التنافس مع مبادرة الحزام والطريق، سيتعين عليها رفع مستوى الرهان من خلال تقاسم التكنولوجيا، والموارد اللازمة لتبسيط وتحسين معايير الترخيص البيئي، والرقابة المشتركة لحماية العمل والشفافية.
أولا: يساعد تقاسم التكنولوجيا بلاد المعادن الحرجة على التمتع بالتكنولوجيا التي يتيحها العمل الذي تقوم به هذه البلاد. ثانيا: يمكن لهيئات الترخيص حسنة التجهيز رفع مستوى الإشراف البيئي وتقصير عملية الموافقة المطولة على الأنظمة البيئية التي تؤدي إلى اختناق إمدادات المعادن. ثالثا: تعمل الرقابة المشتركة على حماية العمال وتتغلب على رشاوى الاقتصاد غير الرسمي التي تزيد من تكاليف الاستثمار الخاص. على السطح، قد لا تروق الرقابة العابرة للحدود الوطنية لبعض المسؤولين الحكوميين الفاسدين في أمريكا اللاتينية، إلا في أعقاب موجة السخط الإقليمية الأخيرة الناجمة عن الفساد، والتي انقلبت على أكثر من اثنين من رؤساء الدول، وهي صورة محلية مواتية للشفافية مرتبطة بمليارات في الاستثمار الأجنبي. إن أفضل فرصة متاحة للولايات المتحدة للحصول على ميزة تنافسية في تجارة الليثيوم في أمريكا اللاتينية تكمن -على عكس المتوقع- في ضمان أطر عمل قانونية مشتركة، نظرًا لأن الشراكات التكنولوجية، والمعايير الإنسانية، والاستثمار الخاص تعتمد جميعا على سيادة القانون.تتوقع التكنولوجيا المستقبلية وإزالة الكربون أن تصبح المعادن الحرجة هي السلعة العالمية الأكثر طلبا - بعد أن يصل الوقود الأحفوري إلى نهايته المأساوية أو المدبرة. في غضون ذلك، ستستمر الجغرافيا السياسية لأمن الموارد واقعة بين النفط الحالي من ناحية وصعود المعادن الحرج من ناحية أخرى. وبالنسبة للبطاريات على الأقل، من مصلحة الولايات المتحدة أن تقيم تحالفًا أعمق، وليس بالضرورة أوسع، في المعادن الحرجة، لدعم أمنها الاقتصادي والقومي، كما فعلت ذات مرة مع الخليج العربي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی أمریکا اللاتینیة الولایات المتحدة اللیثیوم فی من خلال فی عام
إقرأ أيضاً:
الصفدي: الأردن هو بوابة سوريا إلى الخليج العربي والعالم العربي وسوريا بوابة الأردن إلى أوروبا
2025-05-20hadeilسابق الشيباني: نثمن موقف الأردن الرافض للتدخلات الإسرائيلية في سوريا التي تهدد المنطقة بأسرهاالتالي الشيباني: الدبلوماسية السورية انتهجت منذ اليوم الأول نهجاً منفتحاً مع الجميع بما يخدم الشعب السوري ونقلنا تطلعاته واحتياجاته بكل صدق وأمانة، وسوريا خرجت من الحرب بعد 14 سنة وما نريد التركيز عليه هو الأمن والاستقرار انظر ايضاًالشيباني: نشكر الأردن على استقبال اللاجئين السوريين لسنوات ونعمل على عودة جميع اللاجئين إلى وطنهم
آخر الأخبار 2025-05-20انطلاق المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني ونائب رئيس مجلس الوزراء الأردني وزير الخارجية الدكتور أيمن الصفدي، حول إحداث مجلس تنسيقي أعلى بين سوريا والأردن، وذلك في قصر تشرين بدمشق. 2025-05-20المهندس فضيلة: معمل إسمنت حماة سيعود كشركة مستقلة وهو في مراحله النهائية لإعادة تفعيله 2025-05-20تنفيذ خطة صيانة في أقسام رئيسية بمرفأ طرطوس وفق أولويات فنية وتشغيلية 2025-05-20وزير الأشغال يبحث مع محافظ حمص إجراءات تسريع تعافي الأحياء المتضررة 2025-05-20إعادة تأهيل مركز الري في نهر البارد بالغاب 2025-05-20اتفاقية بين الأمم المتحدة والسعودية لإعادة تأهيل عدد من المخابز في سوريا 2025-05-20وزير الطاقة يبحث مع وفد استثماري تركي آفاق التعاون الاستثماري في مجالات النفط والغاز 2025-05-20وزير الأشغال يناقش مع محافظ دمشق تطوير التخطيط المستدام للمدينة 2025-05-20رئيس الوزراء القطري: رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا خطوة في الاتجاه الصحيح 2025-05-20الوزير الشيباني يستقبل وفداً أردنيّاً رفيع المستوى
صور من سورية منوعات دراسة علمية تكتشف علاجاً واعداً لاستعادة البصر 2025-05-14 اكتشاف آلية غير متوقعة وراء تلف القلب بعد النوبات 2025-05-09فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |