محللون: إسرائيل والمقاومة وصلتا لنقطة صفرية ولا بد أن ينتصر أحد الطرفين على الآخر
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
يقول محللون سياسيون إن نتائج الاجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة في حال وقوعه ستغير وجه المنطقة، مؤكدين أن القضية الفلسطينية وصلت -على ما يبدو- إلى مرحلة صفرية لا بد لطرف فيها من الانتصار على الآخر.
وفي حين لا تزال إسرائيل تؤكد عزمها على اجتياح القطاع المحاصر، الذي يتعرض لقصف عنيف منذ 12 يوما، فإن موعد هذا الاجتياح يبدو محل حديث لأسباب عديدة، حسبما يقول أستاذ العلوم السياسية خليل العناني.
ويرى العناني -في تحليل على شاشة الجزيرة- أن موعد الاجتياح وأمده تحكمهما عوامل عديدة على الأرض، في مقدمتها الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها منه.
وحسب العناني، فإنه يظهر أن إسرائيل تضع أهدافا كثيرة لهذا الاجتياح البري، ولكل منها نتائجه على مستقبل المعركة، مضيفا أن طول أمد الحرب يتوقف على إذا ما كان الهدف ترميم الصورة الإسرائيلية التي نالت منها فصائل المقاومة خلال عملية طوفان الأقصى، أم إعادة احتلال القطاع، أم القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أم تهجير سكان غزة.
ومن وجهة نظر العناني، فإن مطلب القضاء على حماس لن يكون سهلا، لأنه يعني حربا برية شرسة تتوقف نتائجها إلى حد كبير على رد فعل المقاومة ومدى جهوزيتها وقدرتها على المواصلة.
ورجح العناني أن يكون الهدف الإسرائيلي من الحرب البرية هو تهجير السكان باتجاه مصر والتخلص من "صداع غزة" التي تمثل شوكة في خاصرة الاحتلال، خصوصا بسبب العبء الأخلاقي المفروض على تل أبيب جراء الحصار المتواصل للقطاع وما يترتب عليه من انتقادات دولية.
أما الكاتب والمفكر السياسي اللبناني منير شفيق، فيرى أن المقاومة هي من بدأت الحرب وبقوة، ودفعت الاحتلال إلى التراجع عسكريا وأجبرته على طلب العون من الولايات المتحدة والغرب لكي يتمكن من المواجهة.
بناء على ذلك -يقول شفيق- فإن المقاومة لا تزال منتصرة في حربها على إسرائيل التي تحولت إلى الانتقام من المدنيين، و"بالتالي فإن مرحلة الانتقام هي التي ستحدد مستقبل الحرب".
وذهب شفيق للاعتقاد بأن المعركة البرية، في حال حدوثها، لن تطول، لأن "المقاومة ستلحق بإسرائيل هزيمة غير متوقعة وربما تتقدم باتجاه الضفة الغربية".
وحتى تهجير السكان ليس ممكنا إلا بدخول دبابات إسرائيل إلى القطاع والسيطرة عليه، وهذا لن يحدث في ظل وجود المقاومة الحالية، وفقا لشفيق الذي يؤكد أن القصف الجوي لا يمكنه تهجير سكان غزة وقد فشل في هذا حتى اليوم.
حسابات معقدةوعن الموقف المصري من مسألة تهجير سكان القطاع، يرى العناني أن القاهرة لديها حسابات معقدة جدا، لأنها ترفض تماما تهجير سكان غزة إلى سيناء، لأن ذلك يعني تصفية القضية، ويعني أيضا رخاوة أمنية في شبه جزيرة سيناء وربما مشاكل أمنية مع إسرائيل.
ومع ذلك، اعتبر العناني حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تهجير السكان إلى صحراء النقب "خطأ كبيرا جدا، لأنه يعطي إسرائيل حلولا للتهجير الذي هو مرفوض أصلا، ومعروف أنه لا يوجد تهجير مؤقت منذ 1948، ومن يخرج من أرضه في فلسطين لا يعود أبدا"، حسب العناني.
وعن احتمالات تدخل حزب الله اللبناني أو إيران في الصراع، يقول العناني إن إيران تتحرك وفق حسابات دقيقة وإن تدخلها في الحرب يتوقف على حجم الاجتياح البري الإسرائيلي لغزة ومداه، قائلا "إن طهران لن تقبل بسقوط حجر من أحجار "محور المقاومة، لأنه هذا يعني تساقط بقية الأحجار وصولا إلى طهران نفسها".
ويجزم العناني بأن طهران -من منطلق إستراتيجي بحت- تعتبر محو حركة حماس خطا أحمر لا يمكنها التغاضي عنه، ومن ثم فإن تدخلها في الحرب ربما يكون مرتبطا بحجم الاجتياح وأهدافه المتوقعة.
مقابل ذلك، يقول شفيق إن المقاومة الفلسطينية في غزة، وتحديدا كتائب القسام، ستكون قادرة على تحقيق الانتصار في الحرب تماما كما فعلت في عميلة "طوفان الأقصى" ولن تكون بحاجة لتدخل أي طرف.
موقف عربي جديدوفي ما يتعلق بموقف الأطراف الأخرى من الحرب، يقول العناني إن هناك موقفا عربيا بدأ يتبلور على خجل بسبب بشاعة ما تقوم به إسرائيل، وأيضا بسبب الخوف من تزايد الغضب الشعبي وتحوله إلى خطر على الأنظمة السياسية العربية نفسها.
وأشار إلى وجود مخاوف فعلية من التهجير و"هو موقف جيد نوعا ما، لكنه ليس مأمونا مستقبلا"، واعتبر أن إلغاء القمة الرباعية مع الرئيس الأميركي جو بايدن يعكس هذا الموقف، إضافة لتصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي فشل تماما في الحصول على موقف عربي يدين المقاومة الفلسطينية.
وخلص العناني إلى أن الموقف العربي "يتحرك ببطء، لكنه يضع الشارع في حساباته أيضا، خصوصا أن رقعة الغضب تتسع، وربما ينفجر الشارع وتجد الأنظمة نفسها في خطر".
ويرى العناني أن الأمور وصلت إلى نقطة صفرية تماما، فإما أن تنجح إسرائيل في سحق المقاومة والهيمنة على المنطقة بشكل كامل أو أن يحدث العكس وتتخذ القضية مسارا جديدا.
وعن هذه المواقف الشعبية، قال شفيق إنه عندما يتشكل موقف عربي غاضب من إسرائيل وداعميها "فإنه سيتحول من مجرد شعارات إلى فعل مادي قوي، وكلما طالت الحرب ستكون في صالح الفلسطينيين، ولن تتوقف إلا بشروط المقاومة، وفي مقدمتها عدم المساس مجددا بالمسجد الأقصى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تهجیر سکان
إقرأ أيضاً:
تهديدات ياسر العطا بالانقلاب على السلطة المدنية.. ماذا يقول القانون؟
أثار تهديد ياسر العطا مساعد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن فيه يوم الجمعة الماضية أنه سينفذ انقلابا على القوي المدنية إذا تسلمت الحكم عبر الانتخابات حتى لو أحيل إلى المعاش، جدلا واسعا في الشارع السوداني، فكيف ينظر القانون للتهديد بالانقلاب العسكري؟ وما الذي يعنيه التهديد العلني للرجل الثالث في الجيش بالنسبة للجهود الحالية الرامية للوصول إلى حكم مدني ينهي أزمة السودان؟.
التغيير _ وكالات
اعتبر مراقبون قانونيون وسياسيون تهديد العطا، جريمة كبرى وفقا لأكثر من 10 مواد في القانون الدولي والقوانين الجنائية والعسكرية السودانية، التي تنص على عقوبات تصل إلى الإعدام في مثل هذه الحالات.
ووفقا للمراقبين، فإن خطورة تصريحات العطا تكمن في أنها لا تشكل رأيا سياسيا، بل “إعلان نية لارتكاب جريمة ضد الدولة وفق القانون الجنائي السوداني وقانون القوات المسلحة، وازدراء واضح لسلطة الشعب ولسلسلة الشرعية التي تعد أساس الدولة الحديثة”.
وعد المراقبون حديث العطا تهديد مباشر وتأكيد لدور الجيش في تقويض الانتقال المدني في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان في أبريل 2019.
وأشاروا إلى أن ذلك يؤكد أيضا دور الجيش في إشعال الحرب بالتنسيق مع تنظيم الإخوان وذلك لقطع الطريق أمام الاتفاق الإطاري الذي كان سيؤدي إلى إنهاء الأزمة السياسية التي نشبت عقب انقلاب البرهان في أكتوبر 2021.
ومنذ استقلال السودان في عام 1956، نفذ الجيش 5 انقلابات عسكرية على الحكومات المدنية، كان آخرها انقلاب البرهان في اكتوبر 2021 على حكومة عبدالله حمدوك التي تم تشكيلها بتوافق مدني عقب الإطاحة في أبريل 2019 بنظام الإخوان الذي حكم البلاد 30 عاما بانقلاب عسكري.
ورأى المراقبون أن تصريحات العطا تؤكد أن الجيش لم يعد جيشا لكل السودانيين، مشيرين إلى أن دخول أي قائد من قادته في خصام سياسي بهذه الطريقة التي تحدث بها العطا – وهو الرجل الثالث في الجيش – كان سيواجه بإجراءات وملاحقات قانونية صارمة وفقا لما نصت عليه القوانين المحلية.
وشددوا على أن تلك القوانين وضعت تقاليد صارمة في الضبط والربط لمنع تحوله إلى منصة لإطلاق المهاترات السياسية وخطابات تقسيم الشعب الى موالين ومعارضين.
جريمة صريحة
ينظر خبراء قانونيون إلى خطورة تهديدات ياسر العطا من زاوية أنها إعلان لنية ارتكاب جريمة ضد الدولة وفق القانون الجنائي السوداني وقانون القوات المسلحة، وازدراءً واضحاً لسلطة الشعب ولسلسلة الشرعية التي تُعدّ أساس الدولة الحديثة.
ويقول المحامي وعضو هيئة الاتهام في جريمة انقلاب 1989، التي كان يحاكم فيها المخلوع عمر البشير وعدد من قيادات الإخوان والتي أوقفها انقلاب البرهان في أكتوبر 2021، إن تصريحات العطا تتضمن تهديدا واضحا بتقويض أي نظام مدني دستوري في المستقبل وهو ما يستوجب توقيفه فورا وعرضه للمحاكمة إن كانت هنالك أجهزة عدلية فاعلة في البلاد.
ويضيف حضرة في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تضمنت تصريحات العطا تحريضا واضحا على الانقلاب وهي جريمة يعاقب عليها القانون السوداني بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإعدام”.
وفي ذات السياق يشير إسماعيل علي الخبير في القانون الدولي، إلى أن القوانين المحلية والدولية تنظر إلى الانقلابات بوصفها أعلى درجات الجريمة المنظمة ضد الدولة؛ موضحا لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إضافة إلى قانون القوات المسلحة، فإن المواد 21 و25 و26 و50 و65 من القانون الجنائي السوداني تنص بوضوح على تجريم أي فعل يهدف لتغيير النظام بالقوة، وتصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد”.
وتجرم تلك المواد التنظيم أو التحريض أو المشاركة في مؤامرة لقلب الحكم، حتى لو لم يقع الانقلاب فعليًا؛ إذ أن الركن المادي يكتمل بمجرد الإعلان أو الإعداد”.
وينبه علي إلى أن قانون القوات المسلحة يقوم على مبدأ قاطع وهو أن الجيش ليس مالكا للسلطة، بل حاميا لها، ويجرم التحريض والعمل السياسي والتدخل في الحكم المدني.
ويضيف: “في الدول التي تقوم على مبدأ سيادة القانون، يكون مثل هذا التصريح وحده كاف لفتح تحقيق جنائي عاجل، لأنه يضع المتحدث في مواجهة أخطر التهم التي يمكن أن تُوجَّه لشخص يعمل في القوات النظامية”.
دوامة مستمرة
ربط مراقبون بين تهديدات العطا والسعي المستمر للجيش لتقويض التحول المدني بكل السبل، معتبرين أن هذا المسعى شكل أحد الأسباب، التي أدت إلى إشعال الحرب الحالية، لافتين إلى أن خطورة تهديد العطا لا تتمثل في الهجوم على المدنيين بل في كشفها النوايا الحقيقية للعسكر تجاه السلطة والحكم.
وفي هذا السياق يوضح القيادي في تحالف القوى المدنية “صمود” بابكر فيصل إلى أن هذا التهديد يعكس العقلية، التي يفكر بها العسكر نحو إرادة الشعب، ويقول: “المستهدف من حديث العطا هو المدنية والديمقراطية وخيارات الشعب”.
ويشير فيصل إلى أن حديث العطا يتسق مع تفكير جماعة الإخوان لأنه “يعكس ذات العقلية الشمولية التي يتربون عليها، حيث لا تعني لهم مصادرة خيار الشعب أي شيء”.
وفي إشارة إلى خطورة حديث العطا، يقول فيصل: “هذا الحديث يجب أن يمثل جرس إنذار لكافة القوى المدنية لأنه يؤكد أن هذه الحرب هي حرب ضد الثورة وضد التحول المدني”.
تبعات سياسية
رسخت تصريحات العطا الاعتقاد المتصاعد بأن الجيش تورط بشكل ضار في العمل السياسي بسبب ارتهانه لقرار تنظيم الإخوان.
وترى الكاتبة الصحفية رشا عوض أن تهديد ياسر العطا يؤكد أن الجيش تحول الى “حزب سياسي وليس جيشا قوميا مهنيا”، وتقول: “الجيش الذي يتسلح من عائدات الثروة القومية السودانية ومن مال دافع الضرائب السوداني يجب ان يكون في حماية كل السودانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والاثنية والجهوية.. لكن الجيش الذي يطلق قادته القنابل الكلامية ضد فئة معينة من المواطنين الذين يصنفهم كخصوم سياسيين، لا يكون جيشا قوميا”.
وتحذر عوض من التبعات السياسية والأمنية الخطيرة التي يمكن ان تنجم من مثل التهديدات التي أطلقها العطا.
وتوضح: “عندما يستخدم قادة الجيش القوة العسكرية الممولة من مال دافع الضرائب ومن موارد الدولة السودانية في قمع المواطنين ومصادرة حريتهم والاساءة لبعض تياراتهم السياسية من منصة الجيش، فانهم ينزعون عن الجيش بأيديهم وألسنتهم صفة القومية والمهنية”.
الوسومالقوي اعودة القوى المدنية عبر الانتخابات تنفيذ انقلاب تهديد ياسر العطا مساعد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حتى لو أحيل إلى المعاش