" هنا فلسطين من القاهرة".. هذا الفيلم الوثائقى الذى كشف عن أن عام 1948 هو العام الذى غير مجرى التاريخ فى مصر والنقطة الفاصلة فى تاريخ النضال الفلسطينى.
منذ ذلك التاريخ وبناء على الأحداث التاريخية كان لمصر دور كبير فى الوقوف بجوار الدولة الفلسطينية لتحرير أرضها المحتلة. وفى الواقع مازالت مصر داعمة للقضية الفلسطينية باعتبارها جزءً لا يتجزأ من المنطقة العربية.
فمنذ عهد الملك فاروق حينما أرسل الجيش المصرى إلى فلسطين للحرب فى موقعة الفالوجة التى حوصرت من قبل القوات الإسرائيلية، ولكن الفرقة رفضت الاستسلام إلى أن أدت المفاوضات بين إسرائيل ومصر أخيرًا إلى التنازل عن الفالوجة إلى إسرائيل. وقد تحملت القوات المصرية القصف العنيف فى الفالوجة، بالرغم من أنها كانت معزولة عن قيادتها، وأصبح المدافعون عنها، أبطالًا وطنيين حينها.
وبعد ثورة 1952، حاولت إسرائيل أن تعرض مبادرة سلام إسرائيلى مع مصر، وكان العرض الإسرائيلى هو مجرد صلح مصرى إسرائيلى منفرد والتى تحتل بموجبه إسرائيل حوالى 78٪ من فلسطين وترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بعودة اللاجئين الفلسطينيين لقراهم وبيوتهم فى كامل فلسطين، وهنا أدرك جمال عبد الناصر أن السلام مع إسرائيل مستحيل.
بعد هزيمة القوات المصرية واحتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء المصرية فى حرب 1967 عقدت قمة جامعة الدول العربية فى الخرطوم وقطع ناصر العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الحرب، وبدأت مصر تلعب على توازنات القوى العظمى، وقبل ناصر قرار مجلس الأمن رقم 242، الذى دعا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة فى الحرب، والتى تشمل إلى جانب شبه جزيرة سيناء، قطاع غزة الذى كان تحت السيطرة المصرية قبل الحرب.
وفى حرب الاستنزاف، عرض ناصر مساعدة حركة فتح بالأسلحة والأموال بعد أدائهم ضد القوات الإسرائيلية فى معركة الكرامة. كما نصح عرفات بالتفكير فى السلام مع إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة. بذلك يعتبر ناصر قد دفع فعليًا منذ ذلك الحين بقيادة القضية الفلسطينية من شخصه إلى عرفات.
ومع الرئيس أنور السادات انتقلت القضية إلى مرحلة جديدة، مرحلة إجبار الصهاينة على التفاوض من موقف قوة، بعد نصر أكتوبر 1973م. وهذا ما كان واضحًا وجليًا فى خطاب السادات الثالث إلى الرئيس الأمريكى كارتر عن مدى التزامه بحل قضية فلسطين وتمسكه بعودة القدس للسيادة العربية، وأنها القضية الأولى بالنسبة له وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وبالذات القراران 242 و338، اللذين ينصان على انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة عام 1967م بما فيها الأراضى الفلسطينية، وبالرفض العربى ضاعت على الفلسطينيين فرصة حل يسعون اليوم لنيل جزء منه، وفى يقينى أن مسار قضية فلسطين كان سيتغير لو أمهل الأجل السادات، إذ برحيله عادت القضية لنقطة الصفر.
فى عام 1993، شارك الرئيس مبارك، فى توقيع اتفاق "أوسلو" الخاص بحق الفلسطينيين فى الحكم الذاتي، وبعدها فى 2003 أيدت مصر وثيقة "جنيف" بين الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع فى المنطقة. وأيضًا، كان المؤتمر الصحفى الذى عقده مبارك مع نظيره الفرنسى عام 2005 مبادرة مصرية تهدف لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل فى غزة، عندما اعتبر الوضع فى غزة "شديد الخطورة" بسبب الاعتداءات الإسرائيلية التى أدت إلى تصعيد للتوتر فى المنطقة، فى الوقت الذى سمح فيه الرئيس الأسبق بفتح أبواب مصر للفلسطينيين المصابين والجرحى لتلقى العلاج فى مستشفيات سيناء والقاهرة.
فى الواقع تستمر القضية الفلسطينية ويستمر الدعم لها من قبل الدولة المصرية العريقة، حيث أنها لم تتوقف أبدًا خلال الـ70 عامًا الماضية. ولكن الموقف يتضح جليًا فى هذا الزمن وفى هذا التوقيت.
فمنذ اندلاع الهجمات الإسرائيلية على فلسطين فى أكتوبر 2023 وكان موقف مصر واضحًا من إدانة هذا العدوان الغاشم ومن جرائم الاحتلال الإسرائيلى بحق المدنيين والنساء والأطفال من شعبنا العربى فى فلسطين، حيث قام الاحتلال بقصف بربرى مجرم على مستشفى المعمدانى بقطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد ما يجاوز الألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ.. لذا دعت القيادة السياسية لقمة القاهرة للسلام 2023 التى أوضحت جهود الدولة المصرية لدعم القضية الفلسطينية، التى تدعو لوقف التصعيد العسكرى فى غزة.
وايضا كان لأعضاء البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ، دور فى التأكيد على أن الدولة تعمل على تحقيق التهدئة والسلام من مخاطر توسيع رقعة الأزمة ووقوع المزيد من الضحايا من الأطفال والنساء مما يؤثر على الأمن والاستقرار للمنطقة.
وكان الدور الأعظم هو تلاحم المصريين للتبرع بالدم لصالح الشعب الفلسطيني، وتجميع قوافل المساعدات الإنسانية الشاملة والتى وصلت لقرابة 106 قافلة من قبل التحالف الوطنى للعمل الأهلى، أكبر دليل على أن القضية الفلسطينية لا تغيب عن أذهان المصريين.
ومن هذا يتضح أن مصر على مر العصور تقوم بدور ريادى قوى وواعٍ فى المنطقة العربية إيمانًا منها برفعة المنطقة العربية ووعيًا منها بالمخطط الغربى اللعين لتقسيم الشرق الأوسط.. لذا كان الاهتمام بالقضية الفلسطينية لأنها جزء لا يتجزأ من الوطن العربى وما تحمله هذه القضية من حفاظ على الأمن القومى المصرى.
*نائبة بمجلس النواب عن محافظة قنا
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فلسطين القاهرة النقطة الفاصلة
إقرأ أيضاً:
«هيروشيما» على فلسطين وإيران؟!
د. مجدي العفيفي
(1)
في رسالة صادمة هزَّت أركان السياسة الدولية، طالب سفير أمريكا الإرهابي في إسرائيل رئيسه ترامب باستخدام «قنبلة هيروشيما» لتدمير إيران وغزة، في خطاب دموي ينضح بالتهديد النووي المُباشر.
هذه الكلمات ليست مجرد تحذير، بل دعوة مفتوحة إلى الفوضى والدمار، تنسف كل الأعراف الدبلوماسية وتُعيد شبح الحرب النووية إلى الواجهة، وسط توترات متصاعدة تهدد استقرار الشرق الأوسط والعالم بأسره.
رسالة وقحة... من إمبراطورية الدم إلى سيدها.. مليئة بالشعارات الدينية والسياسية، وتُظهر ولاءً عميقًا من أحد خدام ترامب، وتحمل في طياتها ذاك النفس الإمبراطوري الأمريكي - الفاشي - تجاه الكيان الصهيوني والموقف في المنطقة.
أقل توصيف لها أنها رسالة «وقحة» من سفير أكثر وقاحة «مايك هاكابي» وجهها على الملأ في الميديا، إلى الكاوبوي «ترامب» وتدعوه إلى الاستماع لــ «صوت الله»... (هاهاها) ويذكره بما فعله «ترومان» - أقذر رؤساء أمريكا الذي اتخذ قرار ضرب اليابان بالقنبلة الذرية عام 1945، وأنهى الحرب العالمية الثانية.
ترامب- راعي البقر الأمريكان- نشر هذه الرسالة عبر حسابه على منصته تروث سوشيال، وهذا نصها الحرفي:
«سيدي الرئيس، لقد نجاك الله في بتلر، بنسلفانيا، لتكون الرئيس الأكثر تأثيرًا في قرن - وربما على الإطلاق. القرارات التي تقع على عاتقك لا أريد أن يتخذها أي شخص آخر..
يا سيدي، هناك أصواتٌ كثيرة تُخاطبك، لكن صوتًا واحدًا فقط هو المهم: صوته.
أنا خادمك المُعيّن في هذه البلاد، ومتاحٌ لك، لكنني لا أحاول التواجد معك كثيرًا لأني أثق بحدسك.
لم يمرّ رئيسٌ في حياتي بمثل وضعك، منذ عهد ترومان عام 1945 لا أتواصل معكم لإقناعكم، بل لتشجيعكم فقط. أؤمن أنكم ستسمعون من السماء (!!!) وهذا الصوت أهم بكثير من صوتي أو صوت أي شخص آخر...
أرسلتموني إلى إسرائيل لأكون عيونكم وآذانكم وصوتكم، ولأضمن أن علمنا يرفرف فوق سفارتنا.
مهمتي أن أكون آخر من يغادر، لن أتخلى عن هذا المنصب، لن يُنْزَل عَلمُنا! لم تسعَ إلى هذه اللحظة، بل هذه اللحظة بحثت عنك! يشرفني أن أخدمك!
«مايك هاكابي»
(2)
ها هي أمريكا، مرةً أخرى، تكشف عن أنيابها الحديدية المغلفة بغشاء الدين الزائف، وها هو سفيرها لدى الكيان الصهيوني اللقيط، مايك هاكابي، يقف على منصات الميديا كواعظ أحمق، يُشهر رسالته إلى رئيسه ترامب، كمن يُلقي بيان حرب من على صهوة دبابة... لا كرجل دبلوماسي يُفترض أن يمثل دولة عظمى تحترم القانون الدولي، أو يفترض ذلك.
أي وقاحة؟! أي سُمٍ يُحقن في عروق العالم من هذه الرسالة العلنية؟ أي عقل ينشر هذه الكلمات التي تدعو رئيس أقوى دولة في العالم إلى أن يستمع لصوت «الرب» لا إلى صوت ضميره الإنساني؟
(3)
ثم أي ربّ هذا الذي يُستدعى كغطاءٍ أخلاقي لتثبيت العلم الأمريكي على سفارة مغتصبة في أرض فلسطين المحتلة؟
أي ربّ هذا الذي يُقارن المجرم «هاكابي» صوته الإلهي، بما فعله المجرم الأسبق «ترومان» حين أباد مئات الآلاف من البشر بقنبلة نووية عام ١٩٤٥؟!
أي ربّ هذا الذي يُسوغ سفك الدماء؟!
أي إله؟ إله مَن؟
أي ربّ يُستدعى لتبرير رفع علم الاحتلال فوق سفارة في القدس؟
أي ربّ يُستخدم كغطاءٍ ديني لفعل الإبادة؟
(4)
إنها ليست مجرد رسالة نصيّة، إنها بيان نوايا استعمارية، إنها إعلان صريح لفاشية مسيّحية صهيونية، تعتنق العنف طريقًا، والتدمير خلاصًا، وترفع علمها لا على سفارة، بل على جثث الأبرياء وأشلاء الأطفال.
هذا الـ «مايك هاكابي» بكل عنجهيته الفظة وغطرسته البهيمية، يقول: «لن يُنْزَل عَلمُنا!»
أي علم؟ علمُ دولةٍ تتغذى على خراب الشرق الأوسط، وتدعم الاحتلال، وتُشعل الحروب، وتصادر الحق الفلسطيني وتُسلّح الكيان الغاصب حتى النخاع.
ثم يضع في طيّات رسالته ذِكرَ «ترومان»! ترومان هذا الذي ألقى قنبلة نووية على هيروشيما وناجازاكي.. رسالة مبطّنة تقول: «نحن مستعدون لفعلها مجددًا»
في عُرفهم: من يصنع المجازر يصنع التاريخ! ومن يزرع الرعب يُخلّد في سجلات البيت الأسود - الأبيض!
(5)
ويا للعجب... ينشر ترامب الرسالة بنفسه عبر حسابه على«تروث سوشيال» مفتخرًا بها، كأنها وسام شرف، لا وصمة عار! كأنها دعوة للمزيد من الجنون السياسي، لا تحذير للبشرية من تكرار الكوارث..
لكن.. فليعلم هاكابي وترامب ومن سار على دربهم من خُدّام الفاشية في أوروبا العجوز، أن رايات الحق لا تُنتزع.. وأن رايات الظلم مهما عُلّقت على السفارات ستسقط يومًا ما تحت أقدام الأحرار.
يا هذا ..إن الأوطان لا تُباع ولا تُشترى في سوق السياسة، وأن صوت الشعوب أعلى من كل المنابر، أقدس من كل الأعلام المرفرفة بالباطل.
(6)
هذه رسالة ليست إلى ترامب فحسب، إنها صفعة في وجه العالم الحر، إنها ناقوس خطر: أمريكا تعود إلى أسوأ أطوارها.. أمريكا التي يحكمها اليمين المسيحي المتصهين.. أمريكا التي تمجّد سفك الدماء تحت لافتة «الإرادة الإلهية».
ولا تزال أمريكا تُعرّي «ظهرها» أمام الشعوب الحرة.. وستظل !!
المدعو «هاكابي» قال: «هذه اللحظة لم تبحث عنها... بل هي التي بحثت عنك!»
ونحن نقول له: هذه اللحظة ستُكتب في صفحات التاريخ السوداء.. وسيأتي اليوم الذي تبحث فيه عن خندق تهرب إليه من لعنة دماء الأبرياء.
لكنها ليست المرة الأولى.. هذه هي أمريكا التي قصفت، بعد الحرب العالمية الثانية، نصف كوكب الأرض.
هذه أمريكا التي أحرقت البشر من طوكيو إلى بغداد.. وهذه قائمة، يا «سعادة» السفير (!!) بتراث بلادك الدموي، بلادك التي جذورها في الهواء:
اليابان (1945): قنابل نووية على هيروشيما وناغازاكي.. كوريا والصين (1950-1953): الحرب الكورية، فيتنام، لاوس، كمبوديا (1960 -1970 ): الموت بالمطر الناري «Agent Orange»، غواتيمالا، إندونيسيا، كوبا، الكونغو، غرينادا، لبنان، ليبيا، السلفادور، نيكاراغوا، إيران، بنما، العراق (1991، 2003) الكويت، الصومال، البوسنة، السودان، أفغانستان، يوغوسلافيا، اليمن، باكستان، سوريا... ولا ننسى غزة (2023) لبنان (2024) فلسطين (2025) والآن... إيران؟
هذه ليست قائمة «حروب». هذه سجل جرائم ضد الإنسانية..
هذا تاريخ إمبراطورية قامت على القتل، واستمرت بالقتل، وتُخطط لمستقبلٍ من القتل.
ثم يأتي هذا المخلوق «هاكابي» ليقول: «لن يُنْزَل علمُنا» نقول له:
علمكُم نُقِش على جلود الأطفال في غزة..
علمكُم كُتب بالفسفور الأبيض فوق سماء بيروت..
علمكُم مُضرّجٌ بدماء ملايين القتلى.. وأنتم تتحدثون عن «صوت الله»؟!
ثم يُفاخر ترامب بنشر هذه الرسالة... كأنها دستور المرحلة القادمة.. كأنها إعلان استعداد لجرائم جديدة.
أما العالم.. أما الشعوب الحرة.. أما أحرار الأرض.. فليعلموا أن أمريكا، بكل ما تملك من قنابل وصواريخ وطائرات، لم تستطع كسر إرادة فييتنام، ولا أفغانستان، ولا العراق، ولن تكسر إرادة فلسطين، ولا حرف من اسم إيران.
(7)
وإذا كان هذا الـ «هاكابي» يُشبّه ترامب بترومان.. فنُذكّره: أن ترومان انقرض.. وأن القنبلة النووية، رغم دمارها، لم تُعط أمريكا «المجد الأبدي» بل حفرت عارًا لا يُمحى في سجل البشرية.
يا هاكابي... ستُسقط الشعوب علمكم..
ولن تنفعكم أصوات السماء المزعومة..
وإنما صوت الأرض... صوت المقاومة... هو الذي سيكتب النهاية.
(8)
سنظل نكتب.. نقاوم.. نصرخ ونلقي القفاز في وجه هذا العالم الأعرج..
ونرفع رايات الحق.. رايات الحرية.. رايات الإنسانية..
الإنسانية التي بينكم وبينها سنوات ضوئية..
فهل تفهم؟ أشك يقينا..!
رابط مختصر