الأميرة نورة بنت عبدالرحمن تقوم بأدوار اجتماعية وإنسانية تاريخية
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
د. دلال الحربي: الأميرة نورة بنت عبدالرحمن قامت بأدوار اجتماعية وإنسانية تاريخية
أبرزت أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر الدكتورة دلال الحربي جوانب متعددة في شخصية الأميرة نورة بنت عبدالرحمن حيث أوضحت أنها قامت بأدوار إنسانية واجتماعية تاريخية ، ما قبل مرحلة تأسيس المملكة العربية السعودية وما بعدها، وكانت عونا للملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – حيث كان لها رأي ومشورة في بعض القضايا الاجتماعية.
وأوضحت د. دلال الحربي أن الأميرة نورة بنت عبدالرحمن لعبت دورا كبيرا في تربية بعض أبناء الملك عبدالعزيز، وتربية بعض الأمراء والأميرات، وهناك أكثر من رسالة للملك عبدالعزيز تشير فيها إلى ذلك، كما كان لها دور في توجيه شباب الأسرة
ونفت د. دلال الحربي أن يكون للأميرة نورة دور في الأحداث السياسية كما يردد البعض، فهي لم تكن مستشارة سياسية للملك عبدالعزيز – رحمه الله- وكان دورها الكبير في القضايا الإنسانية والاجتماعية، وكانت تستقبل الضيفات اللاتي يزرن الرياض، وكانت تقوم بمهام السيدة الأولى .
جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقده صالون أفق الثقافي بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض في السابعة من مساء أمس السبت 21 أكتوبر الجاري بفرع الخدمات وقاعات الاطلاع بطريق خريص بالرياض بعنوان:" الأميرة نورة بنت عبدالرحمن : مسار البحث وانعكاس التجربة" وأدارته أروى أبا الخيل ، وحضره عدد من المهتمين والباحثين والباحثات، حيث أصدرت د. دلال الحربي كتابا عن الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، بعنوان :" امرأة في مسار البناء: نورة بنت عبدالرحمن بن فيصل آل سعود: حياتها ودورها" وكتبت من قبل عنها عدة دراسات في العام 1999م
وذكرت د. دلال الحربي أن الأميرة نورة بنت عبدالرحمن عانت كثيرا في مرحلة الطفولة، حيث نشأت في مرحلة ما بعد انهيار الدولة السعودية الثانية، وشهدت أحداثا مؤلمة وتوفي أحد أشقائها بالجدري، وكانت هناك محاولة اغتيال لوالدها، لكن هذه الأحداث أعطتها صلابة وبعد نظر، وهي وظفت هذه المرحلة الصعبة في طفولتها بشكل جيد انعكس في كثير من مواقفها وحياتها.
وتطرقت د. دلال الحربي في لقائها إلى دراستها عن شخصية الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وأنها تحولت إلى العناية بشكل موسع بتاريخ المرأة السعودية بشكل عام، وتخصصت في ذلك وأصبحت رائدة في هذا المجال.
وقالت : " لدي اعتبارات خاصة بي نتيجة اهتمامي بهذا المجال وممارستي البحثية، ولي الشرف أن أكون رائدة لهذه النوعية من الدراسات، الحقيقة عندي قضية شغلتني وهي: تكوين الوعي بالمرأة والاعتزاز بالهوية، وإذا تكوّن هذا الوعي وترسخ تبدلت الصورة النمطية المعتادة، ومن هنا يمكن تصحيح المعلومات المغلوطة الموجودة خاصة عند الباحثين الغربيين، من أن تاريخ المرأة لا يستحق، لأن الممارسات الاجتماعية ضدها، وهذه معلومات مضللة" .
وأضافت: أردت أن أفند هذه المغالطات، فالمرأة كان لها إسهام وحضور، ومواقف تبعث على الاعتزاز بتاريخنا والمكانة التي أعطيت لها من مجتمعها..
وتحدثت د. دلال الحربي عن كتابها قائلة:
ما بذلته في كتابي عن الأميرة نورة الذي استغرق العمل عليه خمس سنوات، جهد كبير لأن الأمر تطلب قراءة كل شيء، في التاريخ والجغرافيا والمرويات الشعبية والأنساب والقبائل ، وساعدني هذا التنقيب على أن أعثر على معلومات لم يتوصل إليها أحد ، واعتمدت في ذلك على كتابات لفيلبي، وأحمد عبدالغفور عطار
وأشارت د. دلال الحربي إلى أن معظم ما كتب من قبل المؤرخين عربا أو أجانب فيما يخص تاريخ المملكة بشكل عام به كثير من الصور التخيلية وهي غير صحيحة، ليست حقيقة تاريخية، فيجب التأكد من صحة المعلومات المتداولة، خاصة فيما يتعلق بالروايات الشفهية التي تتبدى خطورتها حين تتحول من رواية شفهية إلى معلومة في كتاب، لكن يجب التدقيق في الروايات الشفهية لأنها قد لا تتفق مع السياق العام للأحداث أو ما يخص الشخصية نفسها.
وأضافت: كنت مستمتعة جدا بالقراءة، كل قراءاتي حول الشخصية وكنت أتعمق في القراءات. وبالكتاب وثائق محلية، ووثائق فرنسية وبريطانية، من الأرشيفين الفرنسي والبريطاني، وهذا كله احتاج جهدا كبيرا، وتطلب الكتاب ثلاث زيارات للأرشيف البريطاني .
كنت أبحث في كل المصادر، وكانت هناك معلومة غير دقيقة أن صور الأميرة نورة بنت عبدالرحمن موجودة في الأرشيف البريطاني، وبحثت كثيرا حتى في مركز الشرق الأوسط في أوكسفورد ، وتوصلت إلى أن المعلومة غير صحيحة
واختتمت د. دلال الحربي اللقاء بالقول:
البحث العلمي لا يتوقف، وهو مفتوح للجميع، وأشد ما يؤلمني مسألة: الاستلاب من كتاباتي دون ذكر المصدر أو البعض يأخذون الفكرة ويستخرجون بعض المعلومات وكلها موجودة بكتابي، أنا وضعت اللبنة الأساسية ولكن الباب مفتوح لكل باحث أن يضيف ويكتشف. ومن المفترض أن الباحثات والباحثين يبذلون جهدا أكبر للحصول على معلومات إضافية.
إن المملكة رقعة جغرافية وتاريخية كبيرة ومن يريد أن يبحث في مجال تاريخ المرأة لديه آلاف الموضوعات، وما ينقصنا هو القراءة المعمقة الجادة.
ودعت د. دلال الحربي إلى ضرورة أن تتضمن المناهج التعليمية سير النساء من التاريخ الإسلامي أو التاريخ الحديث، وتعزيز حضور المرأة عبر المناهج خاصة بجامعة الأميرة نورة التي تحمل اسم الأميرة نورة بنت عبدالرحمن والتوسع في دراسة سيرتها.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: اليوم الدمام الأميرة نورة بنت عبد الرحمن المملكة العربية السعودية الأمیرة نورة بنت عبدالرحمن
إقرأ أيضاً:
خواطر اجتماعية.. الدكتورة سعاد العزازي: لا بد من الصحوة الأسرية وإعادة التفكير في مفاهيم التعليم والنجاح
استكمالًا لموضوع الثانوية العامة، وحديثي هنا موجَّه إلى الأسرة: أعزائي الآباء والأمهات، أَلَم يَأنِ الأوان لتغيير المفاهيم الخاطئة التي تشوب ثقافة التعليم والشهادة الجامعية؟
ألم يَأنِ الأوان أن نرحم أبناءنا من الوقوع فريسةً للأمراض النفسية والاجتماعية، فقط لأنهم لم يحققوا “أحلامكم” في الالتحاق بكلية “مرموقة”؟
من الذي قرر ما هي “الكلية المرموقة”؟
مصطلح “كلية مرموقة” مصطلح واسع وفضفاض…
لكن من الذي حدد هذه “المرموقية”؟
من وجهة نظر الدين؟
أم من نظرة المجتمع المحلي؟
أو من منظور الاقتصاد وسوق العمل؟
أم مجرد قناعات موروثة عن أن “الناس لا تحترم إلا الدكاترة والمهندسين”؟
لماذا لم نتوقف لحظةً لمراجعة هذا المفهوم؟
لماذا لم نُجْرِ تصحيحًا لهذه الثقافة التي حوّلت حياة الكثير من الأسر إلى قلق وضغط دائمين؟
أين ذهب دفء الأسرة؟
لقد افتقدنا، وبدون مبالغة، قيمًا ومعاني عميقة:
جلسات العائلة الهادئة
الأحاديث العفوية عن الذكريات
النقاش حول تطلعات الحياة بعيدًا عن الدرجات والامتحانات
تحوّل البيت إلى مركز دروس مكثفة:
درس داخل المنزل وآخر خارجه لنفس المادة!
بل أحيانًا مع أكثر من مدرس…
هل أصبح هذا هو “الطبيعي” الجديد؟
يا الله، لطفك بنا.
توازن مهم: الصحة النفسية أم شهادة “كبيرة”؟
سؤال صريح لكل أب وأم:
أيهما أهم؟
أن يكون ابنك سويًّا نفسيًّا واجتماعيًّا؟
أم أن ينهار بسبب أعباء لم يخترها، لتحقيق حلم لم يكن حلمه من الأساس؟
حين تسأل بعض الطلاب: “ما هدفك من الثانوية العامة؟”
يُجيبون:
“لا أعرف… أبي وأمي يريدانني في كلية مرموقة.”
هكذا يعيشون لا لأجل أحلامهم، بل من أجل طموحات غيرهم.
خيبة الأمل بعد “النجاح”
بعض الأبناء، بالفعل، يدخلون كليةً “مرموقة”… لكنهم يكتشفون لاحقًا أن هذا التخصص لا يناسبهم، فيتوقفون عن الدراسة أو يفقدون شغفهم تمامًا.
يعيشون في عزلة، بخيبة أمل مريرة.
لابد من صحوة أسرية قبل فوات الأوان، صحوة نعيد بها حساباتنا وتصوراتنا حول التعليم والنجاح.
كيف نُعِد أبناءنا للحياة لا للامتحانات فقط؟
علينا أن نغرس فيهم القيم التالية:
أن الله كرم الإنسان بالعقل لا بالشهادة
أن النجاح الحقيقي يبدأ من الإخلاص والنية
أن مراقبة الله والتقوى هما الأساس
أن الإنسان قد يكون “مرموقًا” بأخلاقه وتأثيره وليس فقط بلقبه
أبناؤنا قادرون - بإذن الله - على بناء مستقبل مشرق،
لكن بشروطهم هم، وبما يوافق شخصياتهم وقدراتهم الفعلية، وليس بمقاسات اجتماعية مفروضة.
القدوة ليست دائمًا “أصحاب الشهادات”
كم من أشخاص نلتقيهم يوميًا، حاصلين على قدر بسيط من التعليم، لكنهم يمتلكون حكمة ونُضجًا، ويُقنعونك بفلسفة الحياة بكل بساطة وهدوء.
صاغوا لأنفسهم حياة كريمة، خالية من الضغط والتوتر، وأصبحوا قدوة حقيقية في مجتمعاتهم الصغيرة.
لنُعد التفكير… بثقافة جديدة، نحن شددنا على أنفسنا، فشدد الله علينا.. لسنا ملومين بالكامل، فثقافتنا تشكلت على عبارات مثل:
• “اللي بيأكل على ضرسه ينفع نفسه”
• “شهادتك هي سلاحك”
• “ما حدش بيحترمك إلا لو بقيت دكتور أو مهندس”
لكن…
الآن حان الوقت لنعيد التفكير.
حان الوقت لتغيير هذه الموروثات، ولخلق بيئة هادئة، متزنة، تسودها الثقة والحب بين الأبناء وآبائهم، وتقوم على الحوار لا الإملاء،
وعلى الدعم لا الضغط.
فلنترك لأبنائنا الفرصة لصناعة ذواتهم، لماذا لا نترك أبناءنا وبناتنا يسعون لتحقيق ذواتهم، وفق مفهومهم هم عن الحياة؟
وفق اهتماماتهم، شغفهم، وطاقاتهم؟
دعونا نؤمن بهم… وندعمهم، لا نوجههم فقط.
أ.د / سعاد العزازي
أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر الشريف