بوابة الوفد:
2024-06-12@09:14:44 GMT

هنا فلسطين من القاهرة

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

ستبقى مصر، ولو كره الحاقدون، صاحبة الدور الرائد والمحورى فى الشرق الأوسط، ورمانة الميزان فى المنطقة بما تملكه من موروث حضارى وثقافى وقدرة كبيرة وكفاءة عالية فى السلم والحرب، فهى محفوظة فى سِلمها بقول المولى عز وجل فى الآية الكريمة «فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أبويْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ»، «يوسف 99» وفى نفيرها ودفاعها عن نفسها وقيمة عدتها وعتادها قوله (صلى الله عليه وسلم) «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيرًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبوبكر: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة».

ورغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعرضت لها مصر منذ عدة شهور بسبب تعويم الجنيه وما أسفر عنه من ارتفاعات وقفزات فى الأسعار بصورة مبالغ فيها، وما تشهده المنطقة من تطورات تنذر بالخطر فى الملف العربى الإسرائيلى، فإنها تعاملت مع الملفين بمنتهى الحكمة والقوة، بصورة تعنى أنها قادرة فى الوقت المناسب على فرض إرادتها وهيمنتها على الموقف بشتى السبل.

فى الملف الداخلى «الغلاء وجشع التجار» جاء قرارها – وإن كان متأخراً بعض الشىء- حاسماً وتلقى منها تجار الأزمات وسماسرة البطون الجائعة لطمة قوية بالنزول بسعر سبع سلع استراتيجية بكل قوة وحزم، الأمر الذى أثر على باقى السلع وتنفس الأهالى الصعداء بعدما فرضت الدولة هيبتها وأعلنت كلمتها ونفذت ما أرادت، وانتصرت لأصحاب البطون الخاوية فى مواجهة سماسرة الاتجار فى كل شىء حتى لو دفع الناس أرواحهم ثمناً ليحيا مصاصو الدماء.

وفى الملف الخارجى الذى يتعلق بغزة، جاء الدور المصرى أكثر شموخاً كون مصر طرفاً رئيسياً فى الصراع العربى الإسرائيلى، مقاتلاً شرساً فى حرب العزة والكرامة، ودبلوماسياً بارعاً فى السلام واستعادة الحقوق.

وقالت مصر كلمتها منذ اللحظة الأولى وأعلنت لاءاتها للعالم أجمع.. لا لحرب الإبادة الجماعية.. لا لتجويع الشعب الفلسطينى.. لا للمقابر الجماعية.. لا لضرب الآمنين.. لا للتهجير.. لا للنزوح.. لا للوطن البديل، مؤكدة أنه لا نهاية للقضية إلا بحل الدولتين وفقاً لحدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

واستطاعت مصر أن تقول للعالم أجمع: «هنا فلسطين من القاهرة» ونعلنها مدوية القدس عربية، وترفض كل الحلول التى تأتى لتصفية القضية على حساب الأرض البديلة مهما كان السبب، متمسكة بحق الأشقاء فى أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة، كما أنها تمكنت من عقد مؤتمر القاهرة للسلام بهذه السرعة الفائقة فى الدقة والتنظيم، وبحضور قادة وزعماء العالم لتعلن أمام الجميع أن فلسطين ستبقى عربية أبد الآبدين.

ورغم ما تمر به مصر، وما يحاك لها من الداخل والخارج، فإنه رُب ضارة نافعة، فوفقاً لتصريحات أبرزتها وكالة بلومبرج الألمانية أن مصر سوف تستفيد من الأزمة الراهنة فى المنطقة بمعالجة مشاكلها الاقتصادية دون استقبالها لنازحين من غزة، مؤكدة أن الحرب بين إسرائيل وحماس أعادت الأضواء إلى الدور المصرى كمحرك إقليمى رئيسى مما يوفر مساندة غربية لها، وأن الدول الغربية مضطرة لمساعدة مصر اقتصادياً لأن دورها لا غنى عنه وغيابه سوف يؤدى لأزمات للعالم كله.

وكشفت الوكالة الألمانية أن الحكومة الإسرائيلية ناقشت مع أكثر من دولة إمكانية نقل الفارين من الصراع فى غزة إلى مخيمات مؤقتة داخل شبه جزيرة سيناء لإنقاذهم من العنف وإعادتهم مرة أخرى بعد انتهاء الصراع، إلا أن القيادة السياسية المصرية رفضت هذا الأمر بشدة، مشيرة إلى أن النشاط الدبلوماسى الأخير فى القاهرة شكل دور مصر البارز فى المنطقة.

أحداث غزة أثبتت أن الدور المصرى لا يستطيع أحد سرقته وأنها الوحيدة القادرة على قيادة المنطقة رغم ما تتعرض له من ضغوط وهجوم من جماعات منظمة بل ودول.

وتبقى الحقيقة الراسخة أن إشعال فتيل الحرب فى الشرق الأوسط سوف يهز استقرار العالم، وأن مصر ضلع رئيسى وهام فى الصراع العربى الإسرائيلى، وأن كلمتها هى العليا، فلا حلول بدونها، وأن لاءات مصر التى أطلقتها مؤخراً هى السبيل الوحيد والأمثل لاستقرار المنطقة والعالم وفرض السلام القائم على الحرية والعدل وحسن الجوار.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصراع العربي الإسرائيلي باختصار هنا فلسطين من القاهرة الشعب الفلسطيني

إقرأ أيضاً:

«كيم» الأرض السوداء

الدولة هى عبارة عن أرض وشعب ونظام، ولكل دولة فى العالم تاريخ ظهور، ومصر هى أقدم كيان سياسى فى التاريخ بشهادة العلماء، حيث وجدت من آلاف السنين بحدودها الجغرافية، هذا الوجود للدولة المصرية الذى يزيد عن خمسة آلاف عام، لا يعنى عدم وجود شعوب أو قبائل قبل ذلك التاريخ، ولكن كدولة يحكمها نظام تعد مصر أقدم الدول، حيث ظهر تاريخها منقوشًا ومصورًا، أو مكتوبًا فى بعض البرديات أو على جدران المعابد، فتاريخها موثق. وورد اسم مصر فى بعض النصوص القديمة الآشورية، والعبرية، وقد كان اسم مصر «كيم» ويعنى الأرض السوداء أى الخصبة، وعندما دخلت الحضارة الاغريقية إليها أطلقوا عليها «أجيبتوس» وهو الاسم الذى اشتق منه اسم «EGYPT» وهو الاسم الحالى للجمهورية المصرية باللغة الانجليزية.

هناك عدة عوامل مهمة ساعدت على قيام الدولة المصرية وهى نهر النيل الذى ساعد على اكتشاف الزراعة، الأمر الذى أدى إلى استقرار الجماعات البشرية على ضفافه، كما كان للمعتقدات الدينية التى كانت سائدة فى تلك المراحل دور كبير فى تماسك المجتمع المصرى، حيث كان يعتبر الحاكم إلها أمره مطاع والخروج عنه كفر يعاقب عليه المجتمع، لذلك كان نظام الحكم مستقرًا مما ساعد على ازدهار المدن والقرى فيها، واستطاعت بناء حضارة مزدهرة، كما عرف الشعب المصرى القديم السنة الشمسية وقسمها إلى اثنى عشر شهرًا، وقسم كل شهر إلى ثلاثين يومًا، وكانت هذه المعلومات غير معروفة عند الشعوب الأخرى، قدمت الحضارة المصرية القديمة للعالم الكثير من المنجزات العلمية بالاضافة إلى حضارتها المادية التى ما زالت ماثلة حتى أيامنا هذه.

فى التاريخ الحديث، مصر دولة ذات سيادة، وهى موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها جمهورى ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة.

وسيادة القانون.. والشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامى، تنتمى إلى القارة الافريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوى، وتسهم فى بناء الحضارة الإنسانية، والسيادة فيها للشعب وحده، والأداء السياسى فى مصر ينظم فى إطار نظام رئاسى جمهورى، ويقوم النظام السياسى على أساس مبادئ الديمقراطية والمواطنة التى تساوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة على أساس التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة.

تاريخ مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية، حضارة رائدة فى ابتكاراتها وعمائرها وفنونها، هى حضارة متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصرى وتركت فى عقله ووجدانه بصماتها.

 

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية الأردن: الصراع في المنطقة سينتهي بوقف العدوان على غزة
  • محمد بن زايد ورئيس وزراء هولندا يدعوان لتجنب اتساع نطاق الصراع في المنطقة
  • معدن الشعب المصرى
  • خبير علاقات دولية: زيارة بلينكن تؤكد محورية دور مصر
  • بلينكن يدعو زعماء المنطقة للضغط على حماس للقبول بمقترح وقف إطلاق النار
  • رزان المبارك: مخرجات COP28 نجحت في دمج الحفاظ على المحيطات ضمن أجندة المناخ
  • رزان المبارك : مخرجات “COP28” نجحت في دمج الحفاظ على المحيطات ضمن أجندة المناخ
  • نائب المحافظ عن المنطقة الشرقية يتفقد لجان امتحانات الثانوية العامة
  • تاريخ حافل ومواقف حاسمة للدور المصري تجاه الأشقاء في فلسطين
  • «كيم» الأرض السوداء