غزة: في تحدّ للصعاب والمخاطر... الصحافيون الفلسطينيون يواصلون ممارسة مهنتهم
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
إعداد: فارس بوشية | بهار ماكويي إعلان اقرأ المزيد
بعد مرور تسعة عشر يوما على الهجوم الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل، لا يزال الوصول إلى قطاع غزة مستحيلا، إلى غاية الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول، بما في ذلك لوسائل الإعلام. لم يتمكن أي صحافي من مغادرة القطاع أو الوصول إليه، إذ يقوم المراسلون المحليون بنقل المعلومات من موقع الحدث، رغم وجودهم بين مطرقة وسندان القصف والحصار الإسرائيلي.
"قلة التغطية الإعلامية لقطاع غزة... جراء مقتل أكثر من 12 صحفيا، والقصف، وانقطاع الكهرباء والإنترنت. لكننا ما زلنا نحاول المقاومة ومواصلة التغطية لكي يرى العالم جرائم إسرائيل في غزة"... هذا ما كتبه المصور الصحافي رشدي السراج في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقا)، قبل أن يُقتل بدوره في قصف إسرائيلي على بيته بحي تل الحلوة في مدينة غزة، فيما أصيبت زوجته وابنته البالغة من العمر سنة واحدة بجروح.
ومع وفاة رشدي السراج في 22 أكتوبر/تشرين الأول، ارتفع عدد الصحافيين الذين قتلوا في هذه الحرب إلى 23، بينهم 19 فلسطينيا لقوا حتفهم في غزة، وفقا لأحدث تقرير صادر عن لجنة حماية الصحافيين، ومقرها نيويورك.
A lack of media coverage from Gaza ..
due to the killing more than 12 journalists, the bombing, and the blackout of electricity and the Internet.
However, we are still trying to withstand and continue coverage so the world can see the israili crimes in Gaza. pic.twitter.com/ELlmUN2984
وكان هذا الأب الشاب البالغ 31 عاما، يعمل كمنسق لـ "راديو فرانس" و"فرانس تلفزيون" منذ العام 2021، ولصحيفة لوموند وبي بي سي أيضا وللعديد من وسائل الإعلام الأخرى. وكان قد أسس بقطاع غزة، مع زوجته، وكالة صحافة خاصة بقطاع السمعي-البصري أُطلق عليها اسم "عين ميديا"، إلى جانب صديقه ياسر مرتجى الذي قتل في العام 2018 برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء تغطيته لمظاهرة على حدود الفصل مع إسرائيل.
وقال راديو فرانس في مقال تكريما له: "أولئك الذين عرفوا رشدي السراج وعملوا معه، يحيون الصحافي المتميز". وأضاف: "بفضل عمله، تم وصف وسرد حياة الفلسطينيين ورعب الحرب، على إذاعة فرانس إنتر".
ومن جهتها، كتبت على منصة إكس الصحافية أليس فروسار التي تعمل في نفس الإذاعة: "كان أول من يعطينا المعلومة، مخاطرا بحياته من أجل ذلك، في الوقت الذي كان يستحيل لأي كان الدخول إلى المنطقة".
“Sending love to you”. Voilà son dernier message. En bombardant sa maison, Israël a tué mon ami @RoshdiSarraj, mon fixeur, celui sans qui je n’étais rien là bas. Il était journaliste et réalisateur, il avait créé @AinMedia. Il avait 31 ans, c'est bien trop jeune pour mourrir. pic.twitter.com/f3Mg39JDxB
— Alice Froussard (@alicefrsd) October 22, 2023 مخاوف من التعتيم الإعلاميوذكرت منظمة مراسلون بلا حدود، التي تحقق حاليا في ملابسات وفاة رشدي السراج، مقتل تسعة صحافيين في غزة أثناء تأديتهم واجبهم أو استهدفوا بسبب مهنتهم. وقالت المنظمة "إن الإجراءات العامة مثل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ فترة طويلة والذي تم تعزيزه مؤخرا، إضافة إلى التهجير القسري للمدنيين في الأيام الأخيرة تؤثر على الصحافيين المحليين وأسرهم. كما حذرت المنظمة من "خطر محدد يأخذ عدة أشكال، يطال طواقم التحرير والصحافيين" ويجعل المنظمة تخشى "تعتيما إعلاميا حقيقيا" في القطاع.
وقد سجلت المنظمة غير الحكومية المدافعة على حرية الإعلام التدمير الكلي أو الجزئي بالصواريخ الإسرائيلية لعدد من المراكز الإعلامية. وأوضحت منظمة مراسلون بلا حدود: "في 19 أكتوبر/تشرين الأول، دمرت غارة جوية مكتب تحرير موقت في خيمة تضم فرقا من بي بي سي، ورويترز، والجزيرة، ووكالة الأنباء الفرنسية ووكالات صحفية محلية، بدون التسبب في إصابات، بالقرب من مستشفى ناصر بخان يونس". وبحسب اتحاد الصحافة الفلسطيني، فإن 50 مقرا إعلاميا أصبحت الآن خارج الخدمة.
هذا، واضطرت وكالة الأنباء الفرنسية، التي تضم فريقا من تسعة موظفين في القطاع، إلى إخلاء مكتبها الواقع في مدينة غزة. ويشرح فيليب تشيتويند، مدير الأخبار في الوكالة الفرنسية الوضع قائلا: "نتوزع الآن على عدة شقق بالجنوب، مع صحافيينا وعائلاتهم أيضا، أي ما يقارب الخمسين شخصا.. إن عمل صحافيينا صعب للغاية في مثل هكذا ظروف. إنهم يعيشون تحت ضغط مستمر. يقومون بتغطية الأخبار ويفكرون في مصير أسرهم وفي الوقت ذاته. فَقَد أحد مصورينا الليلة الماضية [في ليلة 22 أو 23 أكتوبر] عددا من أقربائه".
كاميرات موجهة نحو سماء غزةوفي غياب مبعوثين خاصين إلى عين المكان أي داخل غزة، تصبح المعلومات التي ينقلها صحافيو وكالة الأنباء الفرنسية في الموقع مادة ذات قيمة أكبر بالنسبة لوسائل الإعلام الدولية.
هذا، وقد تم وضع ثلاث كاميرات للوكالة وبشكل دائم، موجهة إلى سماء غزة لالتقاط وتوثيق القصف الإسرائيلي وعواقبه. ولا تزال إحدى هذه الكاميرات موجودة على سطح مقر مكتب الوكالة الفرنسية السابق في مدينة غزة وأخرى عند معبر رفح، أما الثالثة فتلتقط الصور من الأراضي الإسرائيلية.
ولكن، مثلما هو الحال بالنسبة للمراسلين النادرين الموجودين في القطاع، تعاني وكالة الأنباء الفرنسية أيضا من شح في الماء والبنزين، كما يوضحه فيليب تشيتويند: "لدينا قليل من البنزين لمدة يومين أو ثلاثة فقط لتشغيل مولداتنا. ونحن نبحث عن حلول للمستقبل. ومن دون إمدادات، ستنطفئ الكاميرات الموجودة على أرض غزة، وحينها سيتوقف العالم عن رؤية ما يجري هناك".
وإلى ذلك، تعتمد معظم وسائل الإعلام الفرنسية، غير القادرة على إرسال صحافيين إلى غزة، على المنسقين ووكالات الأنباء المتواجدين في عين المكان.
وتعتمد قنوات فرانس24 مثلا على كاميرات البث المباشر لوكالة الأنباء الفرنسية بشكل دائم، كما أنها تنقل الأخبار بفضل مراسلتها الناطقة باللغة العربية في غزة مها أبو الكاس، التي نجت قبل أسبوعين من قصف للجيش الإسرائيلي. فقد أصيبت بجروح طفيفة وتم إجلاؤها من منطقة سكنها مع عائلتها. وبشجاعة تواظب عملها في ظروف قاسية وبوسائل محدودة للغاية على غرار انقطاع الكهرباء والهاتف والإنترنت في معظم أنحاء القطاع.
هذا، ويعمل فريق مراقبون في فرانس24 أيضا على التحقق من صحة الصور المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي. ويعمل الصحافيون أيضا مع مراقبين في غزة للوصول إلى معلومات تم التحقق منها حول ما يحدث في القطاع.
Alors que l'accès des #médias internationaux est très limité à #Gaza, beaucoup de citoyens et de journalistes continuent à rapporter sur le quotidien difficile dans l'enclave sous la menace permanente des bombardements israéliens. pic.twitter.com/GsJCtME08t
— Les Observateurs (@Observateurs) October 25, 2023 تحقيقات صحفية مستقلةإن القصف الذي تعرض له مستشفى الأهلي في غزة، وأسفر عن مئات القتلى في 17 أكتوبر/تشرين الأول، بحسب حركة حماس، أثار مصدره تضاربا إعلاميا كبيرا، وأظهر حاجة ماسة إلى توفر مصادر محلية مستقلة وحرة في التنقل داخل القطاع بدون التعرض للخطر، وذلك لإجراء تحقيقات صحفية والوقوف على الحقائق على أرض الواقع.
ويذكّر جوناثان داغر، رئيس مكتب الشرق الأوسط في منظمة مراسلون بلا حدود، أن "هؤلاء الصحافيين الفلسطينيين الموجودين على الأرض هم خط الدفاع الأول في مواجهة الأخبار المضلّلة والدعاية التي وللأسف تشتد حدتها في مناطق النزاع".
فبالإضافة إلى كونهم أهدافا محتملة للقصف الذي تتعرض له غزة، فهم يواجهون أيضا ومنذ سنوات عدة ضغوطات تمارسها عليهم حركة حماس في القطاع.
وفي هذا الصدد يؤكد جوناثان داغر قائلا: "يشرح لنا الصحافيون العشرون الذين نتواصل معهم في غزة أن المخاطر الرئيسية الحالية تتعلق بالغارات الجوية الإسرائيلية والحصار المفروض والتهجير القسري. ولكن قبل هذه الحرب كانوا تحت ضغط حماس".
كما سبق وأن تعرض العديد منهم للاعتقال أو الترهيب بمجرد إثارة مواضيع كتلك التي تتعلق بسوء الإدارة أو الفساد، من جانب حركة حماس السلطة الحاكمة في القطاع.
ويردف رئيس مكتب الشرق الأوسط في منظمة مراسلون بلا حدود قائلا: "هناك مؤيدو دعاية حماس الذين يعملون معهم، ولكن يوجد أيضا صحافيون محترفون في غزة، يقومون بعمل صحفي حقيقي، ويجدون أنفسهم عالقين بين قمع حماس والحصار العنيف الذي تفرضه إسرائيل".
هذا، وكانت قد دعت منظمة مراسلون بلا حدود العام 2019 كلا من حركة حماس والسلطة الفلسطينية إلى "عدم جعل الصحافيين -ضحايا جانبيين- لخلافاتهما" في غزة والضفة الغربية.
ويذكر أنه، وفقا للتصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2023 الذي أصدرته مراسلون بلا حدود، تحتل فلسطين المرتبة 156.
النص الفرنسي بهار ماكويي / النص العربي فارس بوشية
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج غزة الحرب بين حماس وإسرائيل إسرائيل حماس فلسطينيون حرية الصحافة للمزيد حصار غزة وکالة الأنباء الفرنسیة أکتوبر تشرین الأول رشدی السراج فی القطاع حرکة حماس فی غزة
إقرأ أيضاً:
تدريب قوات فلسطينية وفق خطة أمنية مصرية.. ماذا تُعد القاهرة وشركاؤها لغزة؟
كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن ملامح خطة أمنية متكاملة أعدّتها القاهرة لما بعد الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة، وذلك بعد يوم واحد من توقع 17 دولة بينها مصر على "إعلان نيويورك"، الذي يطالب بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وإنهاء حكم حركة "حماس" في غزة.
وحمل حديث عبد العاطي، لقناة "العربية" السعودية، الكثير من الأبعاد والدلالات وأثار مخاوف مما قد يجري إعداده من خطط بحق قطاع غزة، خاصة مع تأكيده أن مصر تعمل على تجهيز ترتيبات واضحة لـ"اليوم التالي" في غزة، بما يشمل الجوانب الأمنية والإدارية.
كما أعلن أن بلاده بدأت بالفعل تدريب "قوات فلسطينية" من المتوقع أن تتولى مهام حفظ الأمن في القطاع فور انتهاء العمليات العسكرية، مشددا على أن القاهرة لن تسمح بالفوضى أو بفراغ أمني قد تستغله أطراف داخلية أو خارجية.
حديث عبدالعاطي، يتلاقى مع مقترح أمريكي إسرائيلي يقضي بتشكيل قوة متعددة الجنسيات تتألف من قوات أمريكية وعربية تتولى مسؤوليات الأمن والشرطة في غزة، ومن الدول العربية مصر والإمارات، وفق تقرير لموقع " The Soufan Center"، 3 تموز/ يوليو الجاري.
ويعرقل الاحتلال الإسرائيلي فرص التوصل لاتفاق وقف حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية الجارية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، على قطاع غزة، ووضعت نحو 2.3 مليون فلسطيني بوضع غير إنساني، مع استمرار آلة الحرب، وسياسة الحصار، وغلق معابر القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية.
والأربعاء، أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص (39 بالمئة) يقضون أياما دون طعام، وأن أكثر من 500 ألف شخص، "يعانون من ظروف أشبه بالمجاعة".
مؤشرات على الدور المصري
وبينما يسعى الاحتلال الإسرائيلي وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على القطاع، عبر طرح عدة مشروعات بينها تهجير 600 ألف فلسطيني إلى سيناء، وتحويل القطاع إلى منطقة سياحية عالمية، وجعله معبرا لـ"ممر بايدن" التجاري، والتخلص بشكل نهائي من المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ونزع سلاحها، تبدو عدة مؤشرات على السطح حول دور مصري بالخطط المحتملة.
وفي تأكيد على دور القاهرة المحتمل في إعادة إعمار غزة، أعلن وزير الخارجية بدر عبد العاطي، أمام مؤتمر "حل الدولتين" في الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، الاثنين، الماضي، تنظيم مؤتمر لإعادة إعمار غزة بالتعاون مع الشركاء فور إنهاء الحرب.
وخلال ذات المؤتمر وفي غياب الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا وقعت مصر والسعودية وقطر والأردن وتركيا و12 دولة أخرى والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية الثلاثاء الماضي، على "إعلان نيويورك"، الذي يطالب "حماس" بإنهاء حكم القطاع ونزع سلاحها، وتولي السلطة الفلسطينية أمور غزة بدعم دولي.
الإعلان الذي وقعته أيضا: فرنسا، والبرازيل، وكندا، وإندونيسيا، وإيرلندا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، والنرويج، والسنغال، وإسبانيا، وبريطانيا، وإيرلندا الشمالية، ودعا لخطوات محددة وسريعة لتطبيق حل الدولتين عبر 42 بندا، أكد أنه عقب وقف إطلاق النار في غزة، يتم إنشاء لجنة إدارية انتقالية فورا في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية، ونشر بعثة دولية مؤقتة برعاية الأمم المتحدة.
وفي مؤشر ثاني، حول دور مصري محتمل في قطاع غزة، أعلنت صحيفة "هآرتس" العبرية الأحد الماضي، عن تنفيذ الإمارات "خط مياه" من محطة أقامتها في العريش بشمال سيناء في مصر إلى منطقة المواصي بجنوب قطاع غزة، بموافقة إسرائيلية، لتوفير 15 لترا من المياه المحلاة يوميا لكل فرد، لما يقارب 600 ألف فلسطيني.
وأوضحت أن ممثلين من الإمارات بدأوا في جلب المعدات للمشروع إلى مصر بطريقة خاضعة للإشراف وبعد فحوصات أمنية صارمة عبر معبر كرم أبوسالم الذي تديره إسرائيل، الأمر الذي قرأ أن من خلفه مراقبون فائدة تعود على النظام المصري.
توقيت مثير وتوتر في الأجواء
ويأتي حديث عبد العاطي عن تدريب قوات لتولي الأمن في غزة، و"إعلان نيويورك" المطالب لحماس بتسليم السلطة والسلاح، في توقيت تشهد فيه الأجواء المصرية توترا مع المقاومة الفلسطينية.
وفي خطاب مسجل وجه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، نداء للمصريين قال فيه: "نقول لأهلنا في مصر قيادة وجيشا وشعبا وأزهر وكنيسة نتطلع لمصر العظيمة أن تعلن أن غزة لن تموت جوعا".
الأمر الذي لاقى انتقادات لاذعة من أذرع إعلامية مصرية، منها اتهام المذيع أحمد موسى، المقرب من جهات سيادية مصرية لحركة حماس، بسرقة المساعدات المصرية وبيعها للشعب الفلسطيني.
ويتهم نشطاء مصريون وفلسطينيون وعرب القاهرة، بالمشاركة في غلق معبر رفح ومنع وصول المساعدات الإنسانية، ما تنفيه القاهرة رسميا وتتهم إسرائيل بهذا الفعل.
وفي بيان حكومي الأربعاء، أكدت أنه تم دخول 4500 طن مساعدات غذائية لغزة، و35 ألف شاحنة منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، وتحمل "الهلال الأحمر" المصري 105 ملايين دولار، وإنفاق 578 مليون دولار خلال 21 شهرا، لتوفير الرعاية الصحية للمصابين الفلسطينيين وذويهم.
وعلى الجانب الآخر، نقلت قناة "العربية" عن حماس، قولها إن البيانات المصرية الرسمية حول دخول المساعدات إلى غزة "لا تعكس الواقع إطلاقا".
ماذا يعني دور مصر ؟
تحليلات مركز "ذا صوفان سنتر" تشير إلى أن مصر قد تضطر إلى القبول بدور أمني في غزة ما بعد الحرب، خاصة إذا لم تظهر بدائل ذات مصداقية، وذلك للحفاظ على دورها في القطاع، وضمان عدم تهجير الغزيين إلى أراضيها، والحفاظ على أمنها القومي، ولتأكيد دورها الإقليمي أمام واشنطن وتل أبيب والخليج العربي.
وإلى جانب تدريب العناصر الأمنية الفلسطينية، تشير التوقعات لدور أمني مصري في مكافحة التهريب عبر الحدود مع القطاع، لكنها فيما يخص الدور الإداري، ورغم رفض القاهرة مقترح توليها إدارة مباشرة للقطاع، يبقى دورها الإداري مفقودا في معبر رفح، مع سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني منه، وعلى محور صلاح الدين منذ آذار/ مارس 2024.
واقترحت مصر في كانون الأول/ ديسمبر 2024، تشكيل "لجنة إسناد مجتمعي" لإدارة قطاع غزة، وقد وافقت عليه حماس، بعد محادثات مع حركة فتح، قبلت فيه حماس بالتنازل عن السلطة وتدشين حكومة تكنوقراط مع تمثيل للحركة بها.
لكن أي خطة تعيد قادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى غزة للحكم بعد الحرب أو مشاركة حماس بها، تلاقي اعترض إسرائيل التي تصر حكومتها على خطط البقاء في القطاع، ما يدعم فكرة الحضور المصري الأمني والإداري المحتمل للقطاع كإحدى الحلول المحتملة والمؤقتة في ظل التباينات القائمة، وفق مراقبين.
"مخاوف قائمة لهذا السبب"
وفي قراءته، لإعلان وزير الخارجية المصري، أعرب الخبير في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات الدكتور مراد علي، عن بعض المخاوف، مبينا أن "هذا الإعلان يأتي مع ظهور (مجموعة ياسر أبو شباب) وما يثار عن علاقاتها بإبراهيم العرجاني -رئيس اتحاد القبائل العربية في مصر.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وعندما أجد أن أبو شباب يكتب قبل أيام مقالة في (وول ستريت جورنال) طالب فيها بإدارة فلسطينية لغزة يقودها هو ومجموعته، بعد إسقاط حماس، مع أن المعلومات تشير إلى أنه لا يقرأ ولا يكتب، يدفعني الأمر للتساؤل: من أوصله للكتابة بالمنصة الدولية؟، ولماذا يتم تسويقه الآن؟".
وقال علي: "عندما تربط هذه النقاط تظهر لدينا علامات حذر، وهنا متخذي القرار ووزير الخارجية المصري مطالبون بالإجابة عن تساؤلات: من أين جاءت بالمتدربين؟ وما الدور المنوط بهم؟"، ملمحا إلى أنه "يظهر بفضائيات محددة بأسئلة غير ذات معنى، وبهدف تشويه المقاومة والترويج لدور نظام القاهرة".
ومضى يؤكد أنه "يتحدثون الآن عن دولة فلسطينية ويسوقون لها، فما ماهية هذه الدولة؟، وهل ستكون عاصمتها القدس أم تم التنازل عنها؟، وما حدود تلك الدولة؟، وعلى أي أساس ستكون بلا جيش ومنزوعة السلاح؟، ومن يضمن حمايتها؟، وكيف تملك قراراها؟"، خاتما بالقول إنها "ورقة لتهدئة الشارع العربي".
"زرع أطراف مرتبطة بإسرائيل"
وفي رؤيته، قال رئيس "أكاديمية العلاقات الدولية" المصري الدكتور عصام عبد الشافي، لـ"عربي21": "الحديث عن دور أمني وإداري لمصر في القطاع ليس بجديد وليس مرتبطا فقط بتصريحات عبدالعاطي، ولكنها فكرة مطروحة منذ أشهر، عندما تم الحديث عن تعاون مصري إماراتي لتشكيل هذه القوات".
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بعدة جامعات عربية وغربية، أوضح أن "الإمارات وبشكل منفرد بدأت في تمويل جماعة أبوشباب المرتبطة بإسرائيل".
ويعتقد عبد الشافي، أن "الهدف الرئيسي القضاء على حركات المقاومة بالقطاع، وسيطرة أطراف مرتبطة بإسرائيل ارتباطا استراتيجيا على غزة".
ولفت إلى أن "فكرة وجود كيان أو جهة موحدة مرتبطة بالسلطة الفلسطينية في غزة، في وقت يعلم الجميع موقع ومكانة هذه السلطة بالمعادلة الفلسطينية وأنها بلا وزن ولا قيمة، فهي مجرد أداة لفرض السيطرة الأمنية على فلسطينيي القطاع من ناحية، ومحاولة إعادة إحياء دور للسلطة بالقطاع، وبهدف تأمين الضفة وغزة في مواجهة المقاومة ولصالح إسرائيل".
ويعتقد أن "الفكرة قد تكون قابلة للتحقيق في مرحلة ما كأحد سيناريوهات مطروحة في ظل حرب إبادة مستمرة وتدمير ممنهج للبنى التحتية وسياسات التجويع؛ ولكن لا أعتقد أنها يمكن أن تستمر طويلا لأنه في الأخير هذه قضية أرض وحرية واحتلال، ومحاولات القضاء على المقاومة بالكامل أعتقد أنها لن تنجح وإلا لنجحت محاولات سابقة منذ 1948".
"مرتزقة.. وعناصر محسوبة على هؤلاء"
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الكاتب الصحفي المصري الفلسطيني أدهم حسانين، إن "مصر تقوم بدور لكسر شوكة المقاومة ومحاولة لإدخال عناصر محسوبة على دحلان أو على القاهرة أو تل أبيب"، مبينا "أنه ليس دورا جديدا بل تقوم في الأساس بأدوار لصالح إسرائيل وأمريكا، والدليل غلق معبر رفح، وبالتالي لو وضعوا له دورا جديدا فسيقوم به للحفاظ على الكرسي".
وأضام قائلا: "المخطط معد منذ بداية الحرب، والحديث دائم عن اليوم التالي من انتهائها، والهدف محاولة سيطرة الاحتلال على القطاع، لأن المقاومة أظهرت عواره ونقاط ضعفه، والأيام الأخيرة أثخنت المقاومة جراح الاحتلال الذي لم يعلن الأرقام الحقيقية لقتلاه".