موقع 24:
2025-06-09@01:22:51 GMT

أنفاق وحرب الشوارع وميليشيات إيران تؤخر الغزو البري

تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT

أنفاق وحرب الشوارع وميليشيات إيران تؤخر الغزو البري

في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سادت توقعات أن تشن إسرائيل على الفوز هجوماً بريّاً على غزة. وصرَّحَ رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو مخاطباً شعبه بُعيد الهجوم ا الذي أسفر عن مقتل 1400 إسرئيليّ بأنه أصدرَ أوامره "بتعبئة واسعة النطاق لجنود الاحتياط للرد على نطاق واسع وبكثافة لم يشهدها العدو من قبل".

ما سيتمخض عن تدمير الحركة لا يقل خطورة عنها


ورغم التعبئة السريعة التي شهدت انضمام مئات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين، لم يبدأ أي هجوم بري بعد. وأفاد الكاتب الصحفي ستيف هندريكس بأن هناك تساؤلات متزايدة عن هذا التأخير الواضح.
لقد انسحبت القوات البرية الإسرائيلية من جانب واحد من قطاع غزة في عام 2005، وضربت حصاراً برياً وجوياً وبحرياً بعد عامين من استيلاء حماس على السلطة. وعادت القوات الإسرائيلية مرتين مؤقتاً منذ ذلك الحين؛ إحداهما خلال عملية "الرصاص المصبوب" في عامي 2008 و2009، والثانية خلال عملية "الجرف الصامد" في عام 2014.
قالت إسرائيل إن هذه المرة ستكون عملية أكبر بمراحل، نظراً لجسامة العنف الذي ترتكبه حماس، لا بهدف إضعاف شوكة الحركة وحسب، وإنما لإلحاق هزيمة منكرة بها. لكن، في الوقت الذي دمَّرَت فيه إسرائيل غزة بالغارات الجوية التي أسفرت عن مقتل 6500 شخص وفقاً لوزارة الصحة في غزة، ونفّذت توغلاً محدوداً واحداً على الأقل، فإن هذا الهجوم البري المزعوم لم يبدأ بعد.

 

 

Today’s WorldView: Why hasn’t Israel’s Gaza offensive started yet? ⁦@washingtonpost⁩ https://t.co/GSHFAZYnHz

— Amb Antonio Garza (@aogarza) October 26, 2023


قال نتانياهو في كلمة ألقاها بعد 18 يوماً من الهجوم على إسرائيل: "لن أخوض في تفاصيل مجموعة من الاعتبارات التي لا يعرفها الجمهور... فهذه هي الطريقة التي نحمي بها أرواح جنودنا".

جدوى الهجوم البري وفي هذا الإطار، قال الكاتب الصحفي الأمريكي آدم تايلور في تحليل بصحيفة "واشنطن بوست" إن الظروف مختلفة هذه المرة بشكلٍ ملحوظ عن التوغلات المحدودة في الماضي. فالعملية البرية تنطوي على تضاريس أصعب بكثير لإسرائيل، سواءً في غزة نفسها أو في المنطقة الأوسع لقطاع غزة. وهناك أسئلة خطيرة لا تتعلق وحسب بما إذا كان الهجوم البري يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، وإنما أيضاً بما إذا كان سيحقق أهدافه أصلاً.
وأضاف التحليل: "يبدو أن حماس توقعت هجوماً بريّاً قبل أن تشن هجومها، فاحتجزت نحو 200 رهينة خلال اجتياحها لإسرائيل. وقالت إحدى الرهائن التي أُطلق سراحها الأسبوع الجاري كيف كان مختطفوها متأهبين لاحتجاز الرهائن في غرفٍ نظيفة وفرش على الأرض داخل شبكة بالغة التعقيد من الأنفاق.
في الماضي، بذلت إسرائيل جهوداً كبيرة لحماية سلامة الرهائن وإعادتهم إلى ديارهم. ففي عام 2011، توصلت الحكومة إلى اتفاق مع حماس لإعادة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل 1027 سجيناً فلسطينيّاً. أنفاق حماس وحرب الشوارع

ووفق التحليل، تعدُّ أنفاق حماس مزايا دفاعية قوية في هذا النوع من حروب الشوارع المحتملة في أي هجوم بري إسرائيلي على غزة، إذ يضمن لحماس عنصر المفاجأة. وقد حاولت إسرائيل تدمير هذه الشبكات السرية من قبل، غير أن معظم الدلائل تشير إلى أن حماس عززت هذا التكتيك باحتجازها رهائن في الأنفاق، مما يجعل أكثر الأساليب الإسرائيلية تدميراً عقيمة.

 

Analysis: In the aftermath of Hamas’s Oct. 7 attack on Israel, some expected Israel to almost immediately launch a ground offensive against Gaza. Yet despite a speedy mobilization of thousands of Israeli forces, no ground offensive has begun. https://t.co/60AT7ldagn

— The Washington Post (@washingtonpost) October 26, 2023


وأضاف تايلور: من الصعب أيضاً استيعاب الوجود الحتمي للمدنيين الفلسطيين في ساحة القتال. ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين ضربوا القطاع بعددٍ غير مسبوق من الغارات الجوية، فإن أوامرهم التي أصدروها للمدنيين بالانتقال من شمال غزة ورد الفعل السريع على الادعاءات بأنهم قصفوا مُستشفى تشير إلى أنهم على الأقل حساسون إلى حدٍ ما تجاه المساس بغير المقاتلين.
وحتى الدول الداعمة لإسرائيل لديها مخاوف بشأن عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا في غزة بالفعل، وهناك دعوات متزايدة لوقف إطلاق النار للسماح بدخول المساعدات إلى القطاع. لا شك في أن الرأي العام مناوئ لإسرائيل في المنطقة، بل وحتى في البلدان التي كانت حكومة نتانياهو تسعى قبل أسابيع إلى الانفتاح الدبلوماسي عليها.

إيران ووكلاؤها تهديد أكبر لإسرائيل وفي الوقت عينه، تمثل إيران ووكلاؤها تهديداً أقوى بكثير لإسرائيل، ونذيراً باندلاع صراع إقليمي أوسع يمكن أن يشمل إسرائيل وحلفائها. ووضع البيت الأبيض خططاً لعمليات إجلاء جماعية من المنطقة، في حين ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الأربعاء أن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً لتأجيل أي هجوم بري كي يتاح لديها متسع من الوقت لنشر دفاعات جوية في المنطقة لحماية القوات الأمريكية.
يعرف الخبراء العسكريون الإسرائيليون جميع العراقيل التي تعترض طريقهم. ولذلك كانت هناك مداولات بشأن الهجوم البري داخل القيادة الإسرائيلية. قال يعقوب عميدرور مستشار الأمن القومي لنتنياهو إنه لا يزال يتشاور مع رئيس الوزراء، مضيفاً أنه يحمد الرب على أن هناك خلافات، وأن النقاشات ينبغي أن تمتد لساعات وأياماً. فشل الهجوم البري ضربة قاصمة لإسرائيل والجدال الأبرز بالطبع يتعلق بما إذا كان بوسع إسرائيل تحقيق أهدافها في غزة بالغزو البري. كتب جون ساورز الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني في صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية ما مفاده أنّ "قادة الأمن الإسرائيليين يعرفون أن هدف تدمير حماس ربما كان بعيد المنال"، وأنه حتى لو تحقق، فإن ما سيتمخض عن تدمير الحركة لا يقل خطورة عنها، ويتطلب تخطيطاً واعياً من الآن.
هل تستطيع إسرائيل أن تنتظر هذه المرة؟ يتساءل معد التحليل ويقول: نظراً لمعاناة الشعب الإسرائيلي، قد لا يكون الانتظار ممكناً من الناحية السياسية. لكن، هناك أمور كثيرة على المحك، سواء على المدى القريب أو البعيد. وبحسب ما جاء على لسان عاموس هاريل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم الأربعاء: "من الممكن أن يمثل الهجوم الفاشل على غزة ضربة قاصمة للروح المعنوية الإسرائيلية".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الهجوم البری الهجوم ا فی غزة

إقرأ أيضاً:

أسطورة البطل جدعون وحرب الرموز بين الاحتلال والمقاومة

تكاد القضية الفلسطينية تكون الأولى في العالم على مستوى تعقيدات الصراع ونوعيته، فالصراع على هذه الأرض يتجاوز كونه صراعًا سياسيًا إلى جوانب متعددة منها الأيديولوجي، والاجتماعي، والاقتصادي، والديني، والنفسي، والاجتماعي، وربما تكون حرب الرموز والصور واحدةً من أبرز مظاهر هذا الصراع الطويل.

مشهد بنيامين نتنياهو قبل أيامٍ وهو يسير في نفق تحت أرض قرية سلوان الحالية- مدعيًا أن أرضية الطريق التي يسير عليها تعود للفترة اليهودية، وسار عليها "أجداده"- كان له رمزية مقصودة خلال احتفال دولة الاحتلال بما يسمى "يوم القدس" الذي يمثل ذكرى احتلال شرقي القدس عام 1967.

وكذلك كان مشهد أعلام الاحتلال التي رُفعت في صباح ذلك اليوم بكثافة لأول مرةٍ داخل المسجد الأقصى المبارك لتعلن أن "مسيرة الأعلام" التي تنفذ سنويًا في شوارع القدس، نفذت أولًا وقبل أي مكانٍ آخر داخل المسجد الأقصى.

كما أنَّ إدخال قرابين حيوانيةٍ إلى المسجد الأقصى المبارك خلال ما يسمى "الفِصح الثاني" قبل أسابيع كان له رمزية كبيرة تتجاوز فكرة مجرد إدخال ماعزٍ إلى المسجد الأقصى، إذ اعتبر المستوطنون أن تمكنهم من إدخال القربان إلى حدود المسجد إشارةٌ إلهيةٌ بقرب تمكنهم من ذبح القربان داخله.

إعلان

ولم يكن المشهد الدرامي الذي شهده المسجد الأقصى المبارك في الثاني من يونيو/ حزيران الجاري خلال احتفال المستوطنين بما يسمى "عيد نزول التوراة" بعيدًا عن تلك الصورة الرمزية كذلك. فقد تسلل ثلاثة مستوطنين بصحبة قطع تقطر دمًا من لحم ماعزٍ مذبوح باعتباره قربانًا، وحاولوا وضعه على أرضية قبة السلسلة المجاورة لقبة الصخرة المشرفة، لولا تدخل المرابطات والمرابطين في المسجد الأقصى والقبض عليهم في اللحظة الأخيرة.

ولم تكن العملية المطلوبة يومها تتجاوز مجرد وضع هذا اللحم والدماء على أرض قبة السلسلة فقط لتتم الصورة الرمزية المطلوبة، حيث يعتقد هؤلاء المستوطنون أن موضع قبة السلسلة هو المكان الذي كان فيه "المذبح" أيام المعبدَين: الأول والثاني المُتَخَيَّلَين، ومجرد وضع دماء ولحم هذا "القربان" في أرض "المذبح" كان سيعني لهذه الجماعات انتصارًا رمزيًا كبيرًا، إذ إنه سيكون قد نجح في ترسيم هذه النقطة مذبحًا كما ورد في شروح التوراة تمامًا، وإن لم يتمكن من حرقها كما هي العادة الدينية، أو لم يتمكن حتى اللحظة من تنفيذ طقس ذبح القربان نفسه داخل المسجد الأقصى.

الأمر لا يقتصر على القدس، بل حتى في حرب الإبادة الجارية على غزة لم تغب فكرة الرمزيات عن عقلية الاحتلال، فعمليته الأخيرة التي أطلق عليها "عربات جدعون"، تشير إلى أسطورة البطل "جدعون" التوراتي في سِفر القضاة، والذي أرسله الرب ليجمع بني إسرائيل ويحارب بهم أهل مَديَن الأقوياء، ولم يبقَ معه من كل الشعب الذي خذله غير 300 محارب تمكن بهم فقط من الانتصار على العدو، في قصةٍ تشبه إلى حد بعيدٍ قصة "طالوت" التي ذكرها القرآن الكريم.

وبذلك قدم نتنياهو نفسه لشعبه في هذه الصورة الرمزية باعتباره "جدعون" الجديد الذي يقاومه ويخذله أغلب الشعب ولا يفهمه إلا القلة فقط، وبأنه مع ذلك سينتصر كما انتصر "جدعون".

إعلان

وكذلك فعل نتنياهو غيرَ مرةٍ في بداية حرب الإبادة حين حرص هو وأركان حكومته على الإشارة إلى الشعب الفلسطيني بلقب "العماليق" لتشبيهه بشعب العماليق الذي كان لا بد من إبادته كما ورد في التوراة.

منذ أن جثم الاحتلال الإسرائيلي على هذه الأرض، استخدم الرموز دائمًا في صراعه مع السكان الأصليين، ذلك أن الرمزية والصورة لها سحرها الخاصّ في تقوية مركز صاحبها في صراعه مع الطرف الآخر؛ لكسب الرأي العام الداخلي والخارجي على حد سواء دون الحاجة لكثير من التأويلات والشروح.

وسواء شئنا أم أبينا، فإن الأهمية الدينية الخاصة للأراضي الفلسطينية بشكل عام وللقدس بشكل خاص هي ما تعطي الرأي العام العالمي مكانةً لا يستهان بها في هذا الصراع.

وذلك ما رأيناه غير مرةٍ في محطاتٍ كثيرةٍ كان لتدخل القوى الدولية والرأي العام العالمي أهمية كبرى في توجيه شكل ونتيجة الصدام على الأرض، ولا أقل للتدليل على ذلك من قرار تقسيم فلسطين عام 1947 الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، لا مجلس الأمن فقط، فكان بذلك قرارًا أمميًا عالميًا ما زالت إسرائيل ترفعه في وجه الفلسطينيين كلما مرت الأراضي الفلسطينية بمحطةٍ من محطات الصدام.

وكون الجمعية العامة في ذلك الوقت هي التي تبنت هذا القرار، يعطي ذلك إشارةً إلى حجم التأييد العالمي الواسع في ذلك الوقت للسردية التي قدمتها الحركة الصهيونية، لا سيما في أعقاب الحرب العالمية الثانية، في مقابل ضعف السردية التي تبناها العالم العربي أمام بقية دول العالم.

وهذه السردية الصهيونية اعتمدت كثيرًا على الرمزيات، فالحركة الصهيونية طالما ربطت اسمها بجبل صهيون في القدس، وجعلت "الأمل" عنوانًا لنشيدها الوطني، وحتى العملة الإسرائيلية الأصغر "العشر أغورات" على سبيل المثال تحمل صورةً لعملةٍ قديمةٍ متآكلة وجدت في القدس وعليها نموذج لشمعدانٍ يهودي، وصارت هذه العملة القديمة رمزًا للأحقية التاريخية لليهود في هذه الأرض!

إعلان

والتسميات التي اختارها الاحتلال للمواقع والمستوطنات كلها حملت رمزياتٍ خاصةً مرتبطةً بالتوراة والتاريخ اليهودي في هذه المنطقة حسب رؤية الاحتلال.

كل ذلك لتجعل من نفسها جزءًا أصيلًا من سردية التاريخ في هذه الأرض، بما يقنع بقية العالم بحقها "الطبيعي" في الوجود على هذه الأرض، وإن كان الثمن إحلال شعبٍ مكان شعب، وإجراء عملية تطهير عرقي غير مسبوقةٍ خلال النكبة الفلسطينية.

في المقابل، فإن حرب الرمزيات ليست بعيدةً عن المقاومة الفلسطينية التي تعلمت الكثير من الدروس خلال الصراع، وتبنت رؤيةً إستراتيجية واضحةً تحتوي العديد من الرمزيات التي تقدمها أمام العالم كله، وتحاول من خلالها تعريف نفسها وتوجهاتها بشكل واضح وسهل. وذلك بعد أن كان الجانب الفلسطيني حتى الثمانينيات تقريبًا بعيدًا عن التفوق في حرب الدعاية والرمزيات.

فالمقاومة الفلسطينية حرصت دائمًا على أن تقدم صورتها باعتبارها حركة مقاومةٍ مرتبطةٍ بهذه الأرض بالذات، ولذلك نجد خريطة فلسطين الانتدابية جزءًا من الشعار البصري لأغلب الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية.

وتحرص الفصائل الفلسطينية الإسلامية بالذات – كحركتَي حماس والجهاد الإسلامي- على إبراز صورة قبة الصخرة المشرفة، وهي رمز المسجد الأقصى المبارك وقلبه، في شعاراتها وشعارات أجنحتها العسكرية. وهذا الأمر يجعل المسجد الأقصى المبارك برمزيته الدينية الكبرى جزءًا أصيلًا من رسالة هذه الفصائل.

ولا تغيب رمزية التسميات كذلك عن عقلية الفصائل الفلسطينية، فانتفاضة الحجارة كان لها مفعول السحر في لفت النظر للقضية الفلسطينية باعتبار الفلسطيني المدني يقاوم الاحتلال بالحجر، وهو أبسط المكونات، وكذلك كانت رمزية انتفاضة الأقصى التي ارتبطت بالمسجد الأقصى.

أما الحروب المتتالية في قطاع غزة فشهدت ذروة الإبداع الفلسطيني في معركة الرمزيات، حيث أطلقت المقاومة الفلسطينية على تلك الحروب تسميات ذات بعد رمزي كبير وعميق مثل: معركة الفرقان عام 2008، ومعركة حجارة السجيل عام 2012، ومعركة العصف المأكول عام 2014، ومعركة سيف القدس عام 2021، وصولًا إلى عملية طوفان الأقصى عام 2023.

إعلان

والمتعمق في فهم مكونات هذه التسميات يلحظ تدرجًا في الأسماء وترابطًا فيما بينها وصولًا إلى أضخم عمليةٍ أطلقتها المقاومة الفلسطينية في تاريخها وهي طوفان الأقصى، وهو ما يعطي انطباعًا بتدرج الفعل الفلسطيني من التمايز والتحضير وتمركز القدس في المعركة إلى التحرك العارم الكبير باسم "الطوفان".

وخلال الحرب الجارية، نلاحظ كذلك اعتماد المقاومة على عنصر الرمزية كثيرًا في طريقة تسليم الأسرى بملابس عسكرية للعسكريين ومدنية للمدنيين، ونشر شعارات محددةٍ في المنصات خلال تلك العمليات التي شهدها العالم على الهواء مباشرةً.

ويصل السجال الرمزي إلى الذروة مع حرص المقاومة على إظهار فهمها للرسائل الرمزية الإسرائيلية والرد عليها بمثلها في العملية الجارية حاليًا خلال كتابة هذه السطور، وهي العملية التي يطلق عليها نتنياهو اسم "عربات جدعون" كما ذكرنا آنفًا، في تبنٍّ للقصة التوراتية القريبة لقصة طالوت في سورة البقرة في القرآن الكريم، لترد المقاومة بإطلاق سلسلة عمليات باسم "حجارة داود"، ومن الواضح هنا أن المقصود هو النبي داود عليه الصلاة والسلام، والذي تقول القصة التوراتية إنه قتل عدوه بحجر ومقلاع، وكأن المقاومة في ذلك تقول لإسرائيل: إن نتنياهو ليس "جدعون" التوراتي ولا "طالوت" القرآني، وإنما هو "جالوت" العدو الذي قضى عليه الفتى داود الذي لم يتخيل أحد أن يتمكن منه، وأنه كما ورد في القصة الدينية سينتصر ويؤتيه الله المُلك، وأنه يقاتل بالحجر أبسط الأدوات، معيدةً بذلك الاعتبار للحجر كذلك، وهو رمز الانتفاضة الأولى.

هذه الرمزيات بكثافتها تشكل مادةً خصبةً في الحرب النفسية بين الجانبين، ولعل رمزية ربط الحدث كله بالمسجد الأقصى المبارك تعتبر إحدى أهم النقاط التي راهنت وما زالت المقاومة الفلسطينية تراهن عليها في ربط هذه المعركة بامتداد الأمة بمفهومها العربي والإسلامي.

إعلان

بينما يعول الطرف الآخر على جرّ التيارات الدينية المحافظة في الغرب بالذات لمعسكره من خلال استخدام الرمزيات الدينية التوراتية.

هذه الحرب، إذن، ليست مجرد معركةٍ محليةٍ أو إقليمية، فلها امتدادات تتجاوز الحدود الفلسطينية وتتجاوز الإقليم، وكل ما نراه فعليًا من آثار عالمية لما يجري اليوم في الأراضي الفلسطيني يؤكد ذلك.

ولعل هذا ما يعطي القضية الفلسطينية برمتها دفعةً إلى الواجهة العالمية بعد محاولاتٍ طويلةٍ من أطرافٍ متعددةٍ لإلغائها وحصرها في الشعب الفلسطيني وحده تحت شعار: "فلسطين ليست قضيتي"، أو "القدس ليست قضيتي" التي كانت تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لتأتي هذه الحرب وتثبت أن تلك الشعارات لم تكن في الحقيقة تتجاوز شاشات الهواتف فقط.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • واشنطن تجدد دعمها لإسرائيل وتشترط إطلاق الرهائن قبل أي هدنة في غزة
  • ضربة غير مسبوقة.. إيران تكشف عن اختراق واسع للمنظومة الأمنية الإسرائيلية
  • إيران تعلن تنفيذ أضخم اختراق استخباراتي في تاريخ إسرائيل
  • إيران تعلن حصول استخباراتها على آلاف الوثائق النووية الإسرائيلية
  • تحذير إسرائيلي: مشاهد الجوع غير الأخلاقية في غزة أفقدتنا الشرعية الدولية التي نحتاجها
  • استطلاعات: نصف الإسرائيليين يشككون في إنهاء حكم حماس ويؤيدون ضرب إيران
  • «طبيبة طوارئ» أمريكية تدحض مزاعم الاحتلال: لا أدلة على استخدام «حماس» للمستشفيات مقار لها ولا أنفاق أسفل هذه المنشآت
  • "قبل الهجوم"... إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة في شمال قطاع غزة
  • أسطورة البطل جدعون وحرب الرموز بين الاحتلال والمقاومة
  • وهم ضعف إيران.. هل يقود التصعيد إلى حرب إقليمية؟