الحوثي تحت مرمى النار ولن يُمنح فرصة لإستحضار فزاعة إسرائيل
تاريخ النشر: 27th, October 2023 GMT
وأنت تقرأ بوب ودورد “خطة الهجوم” الخاصة بالتحضير لغزو العراق ، تعرف كيف تجري عملية الإستعدادات للحرب، من التخطيط المبكر جداً والضخ الطويل نسبياً للقطع والاساطيل والجيوش، وحتى مزامنة هذا مع المعارك الدبلوماسية الملتوية ، بما تمثله من ساتر دخاني، يحجب الرؤية لما يجري من وضع اللمسات لخوض حرب ضد دولة ما.
ومن وحي هذه المعطيات لايبدو أن هناك حرباً إقليمية قادمة في الشرق الأوسط، وأن إيران ليس في مرمى إسقاط النظام إمريكياً وتغييره بالقوة، لإعتبارات عدة أبرزها أن للنظام الإيراني علاقات قوية مع روسيا والصين ، وهاتان الدولتان ستجهضان بالقوة أو بالدبلوماسية إنجاز مثل هكذا غاية، تتخطى كل موانع ومخاطر تهديد السلم الدولي، سيصطفان مع إيران لمصالح تجمعهما منها الحفاظ على خط الحرير ، والعمل معاً للتصدي للمشروع المقابل خط الهند أوروبا الشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل.
البديل الإمريكي:
الحد من إندفاعة إيران وإحتواء مخاطرها ، بالعمل على سياسة العصا والجزرة: المكافأة والعقوبة، والضرب خارج حدودها السيادية بجزجزة اذرعها العسكرية ، وتقليص قدرتها في التأثير على المعادلات الوطنية دخل الدول العربية وبإتجاه الإقليم.
ما الذي سنشهده في ضوء تداعيات الحرب على غزة وإستهداف القواعد الإمريكية ؟
لن نشهد حرباً مباشرة على إيران، وستنتج الولايات المتحدة ذات السياسية الإيرانية بشكل معكوس ، أي ضرب قوة إيران بإضعاف أذرعها النشطة في المنطقة ، من الفصائل الطائفية العراقية السورية وهو مابدأته أمس في سوريا، وحتى حوثي اليمن، وحرمانها من ميزة خوض حروبها عبر الأدوات التابعة لها، دون أن تدفع ثمناً لنزقها المسلح.
وفي المجمل لسنا أمام حرب إجتثاث للنظام على غرار الحرب ضد عراق صدام، ولكننا في خضم عملية إحتواء متدرجة، تقود بالنتيجة إلى إعادة رسم معادلات منطقة لا تمثل فيها إيران عقدة المنشار، ومصدر إرباك للسياسة الإمريكية وتهديداً لأمن الحلفاء.
بهذا المعنى وعلى صعيد اليمن، الحوثي تحت مرمى ضرب النار أما بدعم خصومه المحليين وتقويتهم عسكرياً ، أو بالإستهداف المباشر ، أو بالإثنين معاً، بعد تسييج السعودية والإمارات بأحزمة ردع مضادة للصواريخ، تحمي أمنهما الداخلي ومناطق الثروات، وبالنتيجة المصالح الإمريكية، ولن يُمنح الحوثي فرصة للهروب إلى الأمام بإتجاه إستحضار فزاعة إسرائيل.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
ماذا تريد إسرائيل من عملية قرية بيت جن بريف دمشق؟
القدس المحتلة- تحافظ إسرائيل، في المرحلة الراهنة، على إبقاء جبهاتها مشتعلة في أكثر من ساحة، من قطاع غزة إلى الضفة الغربية ولبنان وسوريا، دون أن تواجه ردودا مباشرة بحجم الهجمات التي تنفذها.
ويبدو أن هذا النهج سيستمر خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع دخولها في سنة انتخابات تتصاعد فيها الضغوط الداخلية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، وفي مقدمتها ضغوط المستوطنين والأحزاب اليمينية.
في سوريا، صعّدت إسرائيل، أمس الجمعة، من عملياتها العسكرية عبر هجوم دموي على بلدة بيت جن بريف دمشق، أسفر عن وفاة 20 شخصا وإصابة 24 آخرين، في أعقاب اشتباك مسلح وقع خلال توغل لقوات الاحتلال في المنطقة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن العملية استهدفت عناصر من "الجماعة الإسلامية"، معلنا إصابة 6 من جنوده بينهم ضباط. ويثير هذا الهجوم تساؤلات حول توقيته ودوافع إسرائيل السياسية والعسكرية منه، وبشأن أهمية منطقة بيت جن بالنسبة لتل أبيب، وما إذا كانت تسعى لإعادة رسم قواعد الاشتباك أو منع تشكيل بنى عسكرية "معادية" قرب حدود الجولان السوري المحتل، أو إرسال رسائل ردع إقليمية قبل مرحلة سياسية حساسة داخل إسرائيل نفسها.
وبحسب التحليلات العسكرية والسياسية، تسعى تل أبيب من وراء هذه العملية إلى:
ترسيخ ردع طويل الأمد في الجبهة الشمالية بعد أشهر من التوترات. منع أي تمركز مسلح جديد بالقرب من الجولان، خاصة في مناطق تُعد امتدادا طبيعيا لجبهات جنوب لبنان. الضغط على نظام الرئيس السوري أحمد الشرع وإبقائه في موقع "المستقبل للرسائل" لا "المرسل لها". استثمار عدم الاستقرار السوري لتأكيد أن أي تفاوض سياسي أو ترتيب حدودي مع دمشق مستبعد. تثبيت السيطرة على منطقة جبل الشيخ بوصفها عنصرا حساسا في المنظومة الأمنية الإسرائيلية. ربط الجبهة السورية باللبنانية، وتقديم التصعيد كجزء من "معركة موحدة" ضد فصائل تعتبرها إسرائيل خط تهديد واحدا.
وفق قراءة المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن تل أبيب تسعى منذ أشهر إلى الحفاظ على مستوى من التوتر العسكري في ساحات متعددة، دون الانجرار إلى حرب شاملة.
إعلانوأوضح أن استمرار التصعيد في الضفة وغزة ولبنان وسوريا لا يمكن فصله عن الحسابات السياسية في إسرائيل، ولا عن التوازن الدقيق الذي تحاول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضه. وبين رغبة واشنطن في منع الحرب الشاملة، ورغبة تل أبيب في استثمار التوتر انتخابيا، تبقى المنطقة أمام شهور متوترة يصعب التنبؤ بمسارها النهائي.
وقال هرئيل إن إسرائيل تواصل تنفيذ ضربات متكررة في لبنان وسوريا دون تلقي رد مماثل بالوتيرة أو الحجم نفسيهما، ما يمنحها هامشا واسعا للتحرك العسكري. وقدر أن هذا السلوك يخدم بشكل مباشر الخطاب الأمني للائتلاف الحاكم فيها، الذي يوظف هذه العمليات لتأكيد قدرته على "الردع" وإبقاء الجبهات تحت السيطرة.
ويرى المحلل العسكري أن التصعيد الإسرائيلي يصطدم بمعضلة واضحة تتمثل في محدودية قدرة إدارة ترامب على وضع خطط إستراتيجية طويلة المدى مقابل قدرتها على فرض إجراءات تكتيكية مؤقتة. ويبرز هذا التناقض في غزة بشكل خاص، ما قد ينعكس سلبا على أي خطوات أميركية مستقبلية في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن احتمال نشوء أزمة بين ترامب ونتنياهو لا يزال غير واضح، إذ يعتمد نتنياهو على استمرار العمليات لتعويض أزماته الداخلية وكسب اليمين، بينما يسعى الرئيس الأميركي إلى تحقيق إنجاز سياسي قبل الانتخابات. وقد يضع هذا التباين الطرفين في مواجهة إذا رفضت إسرائيل المبادرة الأميركية المرتقبة لإنهاء الحرب.
في قراءة تحليلية لتقرير مراسلة الشؤون العربية في موقع "واي نت" ليؤور بن أري، تبدو تل أبيب بصدد رسم معادلة جديدة في الساحة السورية، عنوانها الأساسي: "منع التمركز المعادي قرب حدودها، وتثبيت الردع، وتأكيد أن سوريا غير مستقرة بما يمنع أي اتفاق مستقبلي".
وتقول بن أري إنه بعد الاشتباك الدامي في بيت جن بريف دمشق، وجهت إسرائيل رسائل سياسية وأمنية "جدية" إلى نظام الرئيس أحمد الشرع، بالتوازي مع إعداد حزمة ردود عسكرية قد تشمل ضربات إضافية ضد البنية التحتية لفصائل تصفها بـ"المعادية".
وأوضحت أنه على الرغم أن تل أبيب لم تؤكد تورط عناصر من النظام مباشرة في العملية، فإنها تعتبر ما حدث مؤشرا واضحا على أن سوريا لا تزال ساحة رخوة وغير مستقرة، وأن أي اتفاق أو تفاهم سياسي معها في هذه المرحلة غير ممكن.
حجج أمنيةوتتابع ليؤور بن أري أنه وفق الرواية الإسرائيلية، فإن منطقة بيت جن ليست مجرد قرية حدودية، بل هي جزء من شبكة انتشار لفصيل تصفه بأنه يمتلك "أسلحة متواضعة" لكنه يملك بنية تجنيد ومواقع انتشار في جنوب لبنان والحدود السورية اللبنانية وريف دمشق.
وأضافت أن تل أبيب ترى أن هذه البنية، رغم محدودية قدراتها، تشكل "تهديدا خلفيا" لمستوطنات الجولان وقواتها المنتشرة هناك، وأن السماح بترسخها يعني فتح "ثغرة" في الجبهة الشمالية.
وبرأي المراسلة، فإن التصعيد الأخير أعاد إبراز موقف إسرائيل الرافض للانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها، خصوصا جبل الشيخ، معتبرة أن هذا الطرح يشكل جزءا من "الحجج الأمنية" التي تستخدمها المؤسسة العسكرية لتبرير استمرار وجودها المكثف على السفوح الشرقية للجولان المحتل.
إعلانوأشارت إلى أن تل أبيب تعرض عملياتها في سوريا كمعركة "دفاعية" مستمرة منذ شهرين، بهدف إحباط البنى العسكرية داخل العمق السوري، ومنع اقتراب التنظيمات من حدودها، وتعطيل جهود التجنيد وبناء شبكات الانتشار قرب الجبهة.
كما تريد إسرائيل -وفقا لها- استغلال "هشاشة الداخل السوري"، والتغيرات الإقليمية، ومرحلة الانتخابات داخلها، لفرض معادلة جديدة، وعليه فإن هذه السياسة مرشحة للاستمرار، وربما التصعيد، خلال الأسابيع المقبلة.