صواعق الحق تهزم فلول الباطل
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
ما يحدث في غزة ولله الحمد هو نصر للحق على الباطل واجتثاث للظلم من أرض الطُهر وانتهاء لاحتلال مغتصب واهم قتل الأبرياء من أجل تحقيق مآربه.
اليوم تكتبُ وتسطر صواعق الحق أنصع الصفحات في تاريخ البشرية جمعاء لفئة انتصرت لدينها وقضيتها ووطنها الذي ساده الاستبداد ممن ظلموهم طوال ٧٥ عامًا من اغتصاب الأوطان والقتل والتدمير.
انتصر الحق وشاع أمره رغم القصف والتدليس الذي يُمارسه العدو من تزييف للحقائق وطمس الهزيمة التي حاقت به وحلت به وذاق وبالها فيما يحدث الآن له- لعنة الله عليهم أجمعين.
وقف العالم الظالم مع هذه الفئة الظالمة المتغطرسة بقوتها ولكن صواعق الحق قلبت المائدة عليهم مع تخاذل الأمة فأصبحت بفضل الله وتأييده تذيقهم أشد العذاب.
إن ما يحدث اليوم في غزة هو درس للجميع بأن الظالم لا يبقى ولو بعد حين وأن الحق سينتصر مهما تكالبت الأمم ولم تستنكر ظلمها وتجملت بثوب الصلاح فخبائثها نتةً تفوح روائحها من بعيد فيما يحدث أمامنا اليوم.
بطولات سطرها أبطال غزة بتوكلهم على الله فيسَّر الله لهم الأرض والسلاح والفكر وحسن التدبير فبارزوا بإيمانهم من تدعي بأنها قوى عظمى وأنها لا تقهر ولا تُهزم- قاتلهم الله- فانقلبوا بعون الله على أعقابهم صاغرين أذلة لا يعون ما يفعلون في وقت هم يمتلكون كل شيء المال القوة السلطة والجبروت ولكن بأس الله شديد.
غزة هي مضرب الأمل القادم نحو حياة الشجعان ونحو صحوة الأمة التي أصابها الخذلان والانحطاط والتذلل لقطعان الصهاينة ومواليهم فأصبحت جسدا بلا روح ولا خلق ولا دين تتقاذفها أيدي الإجرام وذل الهوان.
شكرًا لكم أيُّها الشجعان فلقد علمتمونا معنى الفداء ومعنى البطولات ومعنى الصبر ومعنى أن نكون مع الله ومعنى أن نجاهد في سبيله ومعنى النصر أو الشهادة فالمسلم قوي بربه قوي بإيمانه يدافع عن حياض دينه وعروبته واستقلاله.
شكرًا لكم أيها الشرفاء الطاهرون الذين نفتخر بهم ونرى نور وبريق الهدى فيهم ونرى عزة الإسلام والمسلمين من خلالهم أنتم من صنعتم هذا المجد وقاومتم جبروت الطغيان وتحديتم عالماً بأكمله خذلكم وصفق لعدوكم.
اليوم هزمت صواعق الحق فلول الباطل ولا زالت في معركتها التي سينتصر فيها بإذن الله الحق على الباطل وسيشرق عهد جديد تكون فيه فلسطين حرة أبية في معركة الأحرار.
حفظ الله المجاهدين في سبيله وحرر الأقصى من قبضة اليهود وأذل كل ظالم جحود.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وإلى ملاحم بطولية قادمة؛ فالحق سينتصر والباطل سيذهب جفاءً بإذن الله.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حرية التعبير بين الحق والاختبار المجتمعي
د. أحمد بن موسى البلوشي
في كل مُجتمع، تُعد حرية التعبير من أهم ركائز التقدم الفكري والنقاش الصحي، فهي التي تتيح للفرد أن يُعبّر عن آرائه ومعتقداته دون خوف من القمع أو الإقصاء. بل إن المجتمعات المتحضّرة تُقاس بدرجة انفتاحها على الأصوات المختلفة وقدرتها على استيعاب التنوّع الفكري وبكل أطيافه. غير أن هذا المبدأ كثيرًا ما يُصبح محل اختبار حقيقي عندما تُطرح آراء غير تقليدية أو أفكار تتحدى المفاهيم السائدة.
وفي اللحظة التي يُعبِّر فيها شخص ما عن رأي يُخالف ما تعود النَّاس عليه، أو يُعيد قراءة القضايا المألوفة بمنظور جديد، يجد نفسه في مواجهة موجة من الانتقادات وربما الهجوم العنيف، فبدلًا من أن يُستقبل رأيه كجزء من حوار مفتوح، يُفهم على أنه تهجم على الهوية أو القيم، ويُفسّر أحيانًا على أنَّه خروج عن الإجماع أو تهديد للنسيج الاجتماعي.
هذا التوتر لا يعني بالضرورة أن المجتمع ضد حرية التعبير من حيث المبدأ والفكرة، لكنّه يكشف عن التباين بين القيم النظرية والتطبيق العملي لها. فقبول الرأي المُخالف يتطلب نضجًا ثقافيًا واستعدادًا نفسيًا لسماع ما لا يُوافق قناعاتنا، وهو أمر لا يتوفّر دائمًا، لا على مستوى الأفراد ولا المؤسسات.
إضافة إلى ذلك، فإن البعض يُسيء استخدام مفهوم "حرية التعبير"، فيطرح آراءً صادمة أو مستفزة دون ضوابط؛ مما يُسهّل على الآخرين رفض الفكرة ومهاجمتها، لا بسبب مضمونها فقط، بل بسبب طريقة طرحها، وهنا تبرُز إشكالية: هل حرية التعبير تعني قول كل شيء بأي طريقة وأسلوب، أم أنها مسؤولية تتطلب وعيًا ثقافيًا؟
حرية التعبير لا تعني إطلاق العنان لقول كل شيء بأي طريقة وأسلوب؛ بل هي مسؤولية تتطلب وعيًا ثقافيًا وأخلاقيًا؛ ففي المجتمعات المُتحضِّرة، تُعد حرية التعبير من القيم الأساسية التي تتيح للفرد أن يُعبّر عن آرائه ومعتقداته، لكنها لا تُمنح بمعزل عن الضوابط التي تحمي كرامة الآخرين وتصون السلم الاجتماعي. والتعبير الذي يتجاهل القيم الثقافية أو يستفز المشاعر العامة قد يضر أكثر مما ينفع، ويؤدي إلى النفور من الفكرة بدلًا من مُناقشتها. لذا، فإنَّ حرية التعبير الحقيقية تتطلب قدرة على إيصال الرأي بذكاء، واحتراماً للآخر، ووعياً بأن الكلمة قد تبني أو تهدم، تُقنع أو تُقصي، تُصلح أو تُؤجج.
ولعل السؤال الذي يتكرر في كل مرة كذلك: لماذا يُنتقد البعض ويُهاجمون لمجرد أنهم عبّروا عن وجهة نظرهم؟ الجواب ليس بسيطًا؛ فالهجوم قد يكون أحيانًا رفضًا للفكرة، وأحيانًا أخرى رفضًا للطريقة، أو حتى للشخص نفسه بسبب خلفيته أو مواقفه السابقة، وفي أحيان كثيرة، يكون الهجوم ناتجًا عن خوف دفين من التغيير.
المجتمعات تميل بطبيعتها إلى الاستقرار الفكري والثقافي، لذلك فإنَّ أي فكرة تُهدد هذا الاستقرار تُواجه بموجة من الدفاع والرفض. عندما يطرح شخص ما رأيًا مخالفًا عن المألوف، يُنظر إليه على أنَّه "مُزعزع" للمنظومة، وليس كمفكّر حر أو باحث عن التغيير.
ليس كل من يُثير الجدل يُعد مفكرًا حرًّا أو صاحب رؤية؛ فهناك من يطرح أفكارًا غير عقلانية أو سلبية بشكل متعمد، بغرض لفت الانتباه أو إثارة الرأي العام دون مراعاة للتبعات الأخلاقية أو المجتمعية. هؤلاء لا يسعون لتقديم حلول أو إثارة حوار بنّاء؛ بل يُغذّون التوتر والانقسام عبر خطاب صادم أو طروحات تتجاوز حدود المنطق والمسؤولية.
غالبًا ما تعتمد هذه النوعية من الطروحات على الاستفزاز المقصود، والتعميم، والتشكيك في الثوابت، دون تقديم أدلة واضحة أو رؤية متماسكة، وهذا النوع من الكلام قد يجد صدًى سريعًا في بيئة يسهل فيها الانتشار عبر وسائل التواصل، لكنه لا يخدم إلا الفوضى الفكرية، ويُربك الرأي العام بدل أن يوجّهه نحو التفكير الهادئ والبنّاء.
الخطر الحقيقي هنا أن هذه الطروحات قد تُسهِم في زعزعة الثقة العامة، ونشر الإحباط، أو تأجيج الصراعات، لا سيما حين تتناول قضايا حساسة تمس الدين أو الهوية أو الأمن المجتمعي. لذلك، لا بد من التمييز بين من يُحاول كسر الجمود الفكري بوعي، ومن يُمارس التشويش الفكري بدافع الظهور أو السلبية.
في مجتمعاتنا، توجد العديد من المواضيع والقضايا الجوهرية التي تستحق الطرح والنقاش الجاد، لأنها تمس حياة الناس اليومية وتؤثر في استقرارهم الاجتماعي، هذه المواضيع لا يجب أن نتجاهلها ونركنها؛ بل ينبغي تناولها ومُعالجتها بعمق ومسؤولية من خلال منصات إعلامية وفكرية رشيدة، وبمشاركة مجتمعية واعية، والفرق الجوهري هو في طريقة الطرح: فبينما يسعى البعض لإثارة الرأي العام من أجل إثارة الجدل فقط، هناك من يفتح هذه الملفات بحس وطني وأسلوب موضوعي، يستعرض المشكلة ويقترح الحلول، ويُسهم في بناء وعي جماعي، مثل هذا الطرح لا يُحدث تُوترًا؛ بل يُحدث حراكًا فكريًا صحيًا، ويدفع بالمجتمع نحو التطوير والإصلاح.
إنَّ مناقشة قضايا النَّاس بعمقٍ لا تعني التحريض أو الهدم؛ بل تعني الإصلاح الحقيقي، خاصة إذا بُني النقاش على معلومات دقيقة، ونوايا صادقة، وأسلوب يحترم عقول الناس ويبتعد عن التهويل والتضليل، وإن النقد والهجوم ليسا دائمًا علامة على خطأ الطرح؛ بل قد يكونان دليلًا على أهمية القضية التي طرحت، ولكن مسؤولية الفكرة لا تقل عن مسؤولية رد الفعل عليها، وعليه نحتاج إلى مجتمعات تحتمل الاختلاف، وأفراد يعرفون كيف يُعبّرون دون أن يجرحوا، ويُناقشون دون أن يلغوا الآخر.