في ظل الهجوم على أول مرشح مسلم لعمدة نيويورك ما تأثير والديه على أفكاره؟
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرين تناولت في أولهما الهجمات المحمومة من اليمين الأميركي المتطرف ضد "اليساري المسلم" زهران ممداني، الذي فاز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات العامة المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل لاختيار عمدة جديد لمدينة نيويورك.
وتطرق التقرير الثاني إلى مدى تأثير والدي ممداني في تشكيل آرائه السياسية، وما إذا كانا يتوقعان أن يأتي يوم يصبح فيه نجلهما عمدة لأكبر مدينة في الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الأول أن زهران ممداني -وهو أول مسلم يترشح لمنصب عمدة نيويورك عن الحزب الديمقراطي- بات هدفا للهجمات العنصرية من اليمين المتطرف، حتى قبل فوزه الأخير.
وأضافت أن تلك الهجمات اشتدت بعد إعلان نتائج التصويت يوم الثلاثاء، إذ اتهمه مسؤولو الحزب الجمهوري المنتخبون والشخصيات الإعلامية اليمينية بالترويج للشريعة الإسلامية ودعم "الإرهاب" وتشكيل تهديد لسلامة سكان نيويورك، خاصة اليهود منهم.
هجوم واسعوأوردت الصحيفة أن ستيفن ميلر، مهندس سياسات الهجرة في إدارة الرئيس دونالد ترامب، وصف فوز ممداني الكاسح بأنه "أوضح تحذير حتى الآن لما يحدث للمجتمع عندما يفشل في السيطرة على الهجرة".
وذهب أندي أوغليز، العضو الجمهوري في مجلس النواب عن ولاية تينيسي، إلى أبعد من ذلك متهما ممداني (33 عاما) بدعم "الإرهابيين"، وطلب من المدعية العامة للولايات المتحدة بام بوندي تجريده من جنسيته وترحيله.
وتضمنت الهجمات على ممداني -الذي سيصبح في حال انتخابه، أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك- عبارات معادية للإسلام والمهاجرين.
ويعتقد البعض أن هذه الاتهامات ترديد لنظرية "الأخ الأكبر" التآمرية التي ظل ترامب يروج لها لسنوات قبل انتخابه رئيسا، عندما ادعى زورا -حسب نيويورك تايمز- أن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مسلم ومولود في كينيا.
إعلانوتقول الصحيفة إن أوباما مسيحي وُلد في هاواي، بينما ممداني مسلم مولود في أوغندا لأبوين هنديين، وترى أن الانتقادات اللاذعة الموجهة إلى ممداني تهدف إلى تصويره كشخصية غامضة وخطيرة لا تشبه المرشح نفسه.
وطبقا للتقرير، فإن ممداني فاز في الأحياء التي تضم عددا أكبر من السكان ذوي الدخل المرتفع والمتوسط، ومثلهم من خريجي الجامعات، ومن السكان البيض والآسيويين وذوي الأصول الإسبانية.
ونقلت الصحيفة عن براندون مانسيلا، المدير الإقليمي لنقابة عمال السيارات المتحدة، القول إنهم في النقابة أيدوا زهران "لأننا كنا نعلم أنه يستطيع التحدث إلى سكان نيويورك العاديين"، واصفا الهجمات ضده بأنها "حقيرة ومخيبة للآمال، لكنها متوقعة في ظل المناخ السياسي السائد في هذا البلد الآن".
ومن جانبه، أعرب عابد أيوب، المدير التنفيذي الوطني للجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز، عن اعتقاده بأن "الذعر العنصري" إزاء نجاح ممداني يشير إلى التهديد الذي يشكّله على المؤسسة من كلا الجانبين.
وفي تحليلها للبيانات التي جمعتها، خلصت نيويورك تايمز إلى أن العوامل التي ساعدت ممداني على استمالة الناخبين المتنوعين جغرافيا وديموغرافيا إلى جانبه، تمثلت في سياساته اليسارية وأسلوبه المتفائل، بالإضافة إلى توق الناخبين إلى التغيير بعد أن سئموا من منافسه الرئيسي أندرو كومو حاكم نيويورك السابق.
وفي تقرير ثانٍ، قالت الصحيفة إن ترشح زهران ممداني لخوض الانتخابات التمهيدية كان مفاجئا لوالديه مثلما باغت المؤسسة السياسية في البلاد.
وأضافت أن والديه اللذين اعتادا على الأضواء -حيث تعمل أمه مخرجة سينمائية مرشحة لنيل جائزة الأوسكار، وأبوه استاذا في جامعة كولومبيا– لم يكن أي منهما يتوقع أن يكون قريبا لهذه الدرجة من أروقة السلطة.
وحسب الصحيفة، ينسب زهران الفضل لوالديه في توفير "تربية متميزة" له تضمنت نقاشات مستمرة حول السياسة والشؤون العالمية. لكن في هذه اللحظة التي تشهد خلافات سياسية حادة حول الصراع في الشرق الأوسط، فإن آراء والديه الناقدة لإسرائيل وعمل والده الأكاديمي المختص بالاستعمار الاستيطاني وحقوق الإنسان قد يجعلهما هدفا لهجمات اليمين.
ونقلت عن محمود ممداني (79 عاما)، والد زهران وأستاذ الشؤون الدولية والأنثروبولوجيا الشهير، وصفه للإسرائيليين في بعض كتاباته، بالصهاينة الظالمين، وألقى العام الماضي محاضرات في مخيمات الاعتصام التي نصبها الطلاب في حرم جامعة كولومبيا احتجاجا على الحرب على غزة، منتقدا تعامل الجامعة مع التظاهرات.
وانتقد ابنه أيضا إسرائيل ومعاملتها للفلسطينيين، وهو ما أثار اتهامات بمعاداة السامية التي يرفضها بشدة.
ورغم ذلك، ينفى الوالدان أي تأثير لهما على أفكار ابنهما السياسية، فقد أكدا أن زهران -وهو اشتراكي ديمقراطي- أن زهران لم يلجأ إليهما طلبا للمشورة السياسية. لكن الصحيفة تتوقع أن يجد الوالدان نفسيهما منجذبين الآن إلى حملته الانتخابية.
إعلانوفي مقابلة أُجريت معه، اختلف محمود ممداني والسيدة ناير حول مدى تأثير عملهما على رؤية ابنهما للعالم. فقد وصف الوالد ابنه بأنه "شخص مستقل بذاته، وأن ما نفعله تجاهه الآن كوالدين هو جزء من البيئة التي نشأ فيها، ولا يسعه إلا أن يتفاعل معها. وهذا لا يعني أن أي شيء يعود إلينا".
لكن والدته ميرا ناير (67 عاما) لا تتفق مع زوجها في رأيه إذ تقول "بالطبع، إن العالم الذي نعيش فيه وما نكتبه ونصوره ونفكر فيه هو العالم الذي استوعبه زهران كثيرا".
تجدر الإشارة إلى أن ممداني سيواجه في الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري عددا من المرشحين، أبرزهم الجمهوري كورتيس سليوا، والمستقل جيم والدن، إضافة إلى العمدة الحالي إيريك آدامز، في حين لا يستبعد بعضهم عودة أندرو كومو مستقلا، وهو ما قد يؤدي إلى انقسام أصوات الديمقراطيين وتقليص فرص ممداني، حسب مراسل الجزيرة نت في واشنطن محمد المنشاوي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات نیویورک تایمز زهران ممدانی
إقرأ أيضاً:
من هو المرشح المسلم لمنصب عمدة نيويورك زهران ممداني؟
يستعد هذا الشاب، البالغ من العمر 33 عامًا، ليكون المرشح الرسمي عن الحزب الديمقراطي في انتخابات العمدة المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر. اعلان
فجّر زهران ممداني، الاشتراكي الديمقراطي البالغ من العمر 33 عامًا، مفاجأة سياسية كبيرة في الولايات المتحدة، إذ يستعد ليكون المرشح الديمقراطي في انتخابات عمدة نيويورك المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
بعد الجولة الأولى من فرز الأصوات في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، حقق ممداني تقدمًا واضحًا على منافسيه، من بينهم حاكم نيويورك السابق أندرو كومو. ونجح هذا الوجه السياسي الجديد نسبيًا في حصد 43% من الأصوات، مستفيدًا من دعم شعبي واسع، مقابل 36% حصل عليها كومو.
وعلى الرغم من أن النتائج النهائية لفرز الأصوات لن تُعرف قبل يوم الثلاثاء، فقد أقر كومو بخسارته أمام ممداني، معلنًا أنه سيدرس إمكانية الترشح كمستقل. وقال كومو عن ممداني: "هذه الليلة هي ليلته. لقد استحقها. لقد فاز".
في الوقت نفسه، تعهّد ممداني، متحدثًا من على سطح أحد المنازل في كوينز في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بأن "يكون عمدة لكل نيويوركي" في حال فوزه بالمنصب. وجدد الشاب البالغ من العمر 33 عامًا، كما فعل طوال حملته الانتخابية، التزامه بدعم الطبقة العاملة في المدينة.
وقال ممداني: "لا ينبغي أن تكون الحياة الكريمة امتيازًا لقلة محظوظة، بل يجب أن تكون حقًا تضمنه حكومة المدينة لكل فرد من سكان نيويورك".
كما جدّد تعهده بجعل خدمات الحافلات مجانية، إضافة إلى تجميد الإيجارات للمستأجرين المستقرين.
لقد كان الصعود السياسي لهذا المرشح المنتمي إلى جيل الألفية استثنائيًا. لكن من هو ممداني، وكيف تمكن من شق طريقه إلى صدارة السباق المحتدم على منصب العمدة داخل الحزب الديمقراطي؟
صعود سياسي سريعوُلد ممداني في أوغندا، وانتقل إلى نيويورك عندما كان في السابعة من عمره، قبل أن يحصل على الجنسية الأمريكية في عام 2018. والدته تعمل مخرجة سينمائية، فيما يشغل والده منصب أستاذ في جامعة كولومبيا.
بعد حصوله على شهادة في الدراسات الأفريقية من كلية بودوين في ولاية ماين، عمل ممداني مستشارًا للإسكان في كوينز، حيث قدّم الدعم لأصحاب المنازل من ذوي الدخل المحدود (من المجتمعات غير البيضاء)، وذلك في معركتهم ضد الإخلاء.
ويقول إن هذه التجربة هي التي دفعته إلى دخول عالم السياسة.
حقق الاشتراكي الديمقراطي، الذي كان يقدّم موسيقى الراب سابقًا تحت اسم "مستر كارداموم"، أول انطلاقة سياسية له في عام 2020، حين انتُخب عضوًا في مجلس الولاية لتمثيل عدد من أحياء كوينز، من بينها مرتفعات أستوريا.
خلال سنوات عمله في المجلس التشريعي للولاية في ألباني، لم يُقر سوى ثلاثة من مشاريع القوانين التي قدّمها ممداني، ما جعله عرضة للانتقادات.
كان كومو، منافسه داخل الحزب الديمقراطي، من بين أبرز الذين شككوا في خبرة ممداني السياسية.
قال كومو، الذي استقال من منصب حاكم نيويورك في آب/ أغسطس 2021 إثر فضيحة تحرش جنسي: "لم يتعامل يومًا مع مجلس المدينة. لم يتعامل يومًا مع الكونغرس".
وأضاف: "لم يسبق له التفاوض مع أي نقابة، ولا بناء أي مشروع. لم يتعامل مع حالة طوارئ طبيعية، لا مع إعصار ولا فيضان أو غير ذلك. لم ينجز أيًا من المهام الأساسية. والآن، إلى جانب كل ذلك، يظهر دونالد ترمب في المشهد أيضًا".
كيف اكتسب كل هذا الزخم الشعبي؟لقد لامست وعود ممداني بمساندة سكان نيويورك من الطبقة العاملة مشاعر الكثيرين، رغم ادعاء منتقديه بأنها وعود غير قابلة للتنفيذ. وتتضمن وعوده مقترحات لتوفير رعاية عامة للأطفال دون سن السادسة، ورفع الحد الأدنى للأجور، وزيادة الضرائب على الأثرياء.
ومنذ إعلانه الترشح في الخريف الماضي، جذب ممداني عددًا كبيرًا من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي أحد مقاطع الفيديو، ظهر ممداني وهو يقفز في المحيط الأطلسي مرتديًا بدلة رسمية، قبل أن "يغرق" في شرح تفاصيل مقترحه بشأن تجميد الإيجارات في نيويورك.
ومن بين العروض اللافتة الأخرى في حملته الانتخابية، قيامه الأسبوع الماضي بالسير على الأقدام عبر مانهاتن، ما أتاح لسكان المدينة فرصة اللقاء به والتقاط الصور معه.
ويوم الثلاثاء، استعان المرشح البالغ من العمر 33 عامًا بمقطع فيديو ظهر فيه إلى جانب الممثلة وعارضة الأزياء إيميلي راتاجكوفسكي، لحثّ الناخبين على التصويت لصالحه.
دعم من شخصيات بارزةيحظى ممداني بتأييد عدد من السياسيين المعروفين على المستوى الوطني، من بينهم السيناتور بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، وعضوة الكونغرس عن ولاية نيويورك ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، وكلاهما من التيار الاشتراكي الديمقراطي.
وعقب فوزه، سارعت ألكساندريا أوكاسيو كورتيز إلى تهنئته عبر منشور على منصة X.
وكتبت: "لقد ألهمني تفانيك في العمل من أجل جعل نيويورك مدينة يسهل العيش فيها، وآمنة، ومرحبة، تتيح للعائلات العاملة فرصًا حقيقية في أنحائها".
بدوره، أشاد ساندرز بممداني و"بالآلاف من مؤيديه على مستوى القاعدة الشعبية لحملتهم الاستثنائية".
إذا فاز ممداني في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، التي يواجه فيها عددًا من المنافسين، من بينهم العمدة الحالي إريك آدامز الذي يخوض السباق كمرشح مستقل رغم الفضائح التي تلاحقه، فسيصبح أصغر من يتولى منصب عمدة نيويورك منذ عام 1917. وسيكون أيضًا أول عمدة مسلم في تاريخ المدينة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة