حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي سيكون بمثابة "السيناريو الأسوأ" عقب الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني، معتبراً أن مثل هذه الخطوة تمثل "انحرافاً وإضعافاً جماعياً" لمنظومة الأمن الدولي.

وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين عقب قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، قال ماكرون إنه يعتزم خلال الأيام المقبلة التواصل مع قادة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تباحث معه مؤخراً حول تطورات الملف النووي الإيراني.

وأوضح الرئيس الفرنسي أنه أطلع نظيره الأميركي على تفاصيل المحادثات التي أجراها المسؤولون الفرنسيون مع الجانب الإيراني خلال الأيام الماضية، قائلاً: "نأمل أن يكون هناك تقارب حقيقي في وجهات النظر، لأن الهدف هو منع استئناف أي نشاط متعلق بانتشار الأسلحة النووية".

من جانبه، دعا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول البرلمان الإيراني إلى التراجع عن قراره تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبراً ذلك "إشارة خاطئة تماماً" في هذا التوقيت الحساس.

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقده في برلين مع نظيرته الكندية، شدد فاديفول على ضرورة أن تعلن القيادة الإيرانية بشكل واضح أنها لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، مؤكداً أن الأوروبيين يحتفظون بقدرة تفاوضية مهمة يمكن استخدامها لإعادة طهران إلى طاولة الحوار.

وأشار الوزير الألماني إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال قادراً على تفعيل آلية "سناب باك"، التي تتيح إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، وهو الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 بقرار من الرئيس ترامب.

وقال فاديفول: "لدينا ورقة ضغط حقيقية، ونعمل على استخدامها بطريقة منسقة مع واشنطن"، مشدداً على أن الهدف لا يزال هو التوصل إلى تسوية دبلوماسية تحافظ على استقرار المنطقة وتمنع انتشار السلاح النووي.

وتُعد آلية "سناب باك" واحدة من أدوات الضغط الأساسية التي تمتلكها دول الاتحاد الأوروبي، وتحديداً "مجموعة إي-3" (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا)، والتي وقّعت الاتفاق النووي الإيراني قبل نحو عقد من الزمن. وينتهي العمل رسمياً بالاتفاق في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إلا أنه لم يُطبق فعلياً منذ عدة سنوات.

وبموجب الاتفاق، يمكن لأي طرف من الأطراف الموقعة إعادة فرض العقوبات الأممية السابقة ضد إيران دون الحاجة إلى توافق دولي، ما يمنح الحكومات الأوروبية أداة تفاوض قوية حتى وإن لم تكن طرفاً مباشراً في المفاوضات الجديدة.

في المقابل، أكدت طهران موقفها المتمسك بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد مصادقة البرلمان الإيراني على القرار، وموافقة مجلس صيانة الدستور عليه، ليصبح ملزماً للحكومة.

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في تصريحات للتلفزيون الرسمي، إن بلاده ستعيد صياغة علاقتها مع الوكالة الدولية، مؤكداً أن "التعاون سيتخذ شكلاً جديداً من الآن فصاعداً".

وأضاف عراقجي أن أحد أبرز الملفات الخلافية خلال اجتماع طهران مع وزراء خارجية مجموعة "إي-3" في جنيف الأسبوع الماضي كان التهديد الأوروبي بتفعيل آلية "سناب باك"، محذراً من أن هذا التصعيد سيدفع إيران لاتخاذ خطوات أكثر صرامة تجاه المجتمع الدولي.

تأتي هذه التطورات وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط بعد الضربات الأميركية على منشآت إيرانية، وتزايد القلق الدولي من انهيار الاتفاق النووي نهائياً، ما قد يعيد المنطقة إلى مربع المواجهة.

وبينما تسعى الدول الأوروبية لإنقاذ الاتفاق من الانهيار الكامل، تتجه الأنظار إلى مواقف الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، ومدى تصعيدهما أو تهدئتهما في المرحلة المقبلة.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند إيران تقطع خطوات جديدة نحو التصعيد النووي... هل عاد شبح الحرب؟ اليابان تنفذ أول حكم بالإعدام منذ 2022 بحق "سفاح تويتر"..هكذا استدرج ضحاياه تصاعد المجازر في غزة وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية تقييمات استخبارية تؤكد فشل الضربات الأميركية ضد إيران رسائل صباحية جميلة في يوم الجمعة للأخ Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اقرأ ايضاًبراد بيت بصدد إصدار فيلم عن هارفي وينشتاين يكشف عن إساءاته الجنسية

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

المصدر: البوابة

إقرأ أيضاً:

ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغون تفاصيل جديدة

(CNN)—كشف البنتاغون، الخميس، عن تفاصيل جديدة حول كيفية استعداد الولايات المتحدة لمهمة القصف الماراثونية ضد ثلاثة مواقع نووية إيرانية، والطواقم التي نفذت الغارة الجريئة، وكيف حاولت إيران تحصين أحد المواقع الذي يضم جوانب حيوية من برنامجها النووي.

وبالإحاطة صباحية، والتي وعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مسبقًا بأنها ستكون "مثيرة للاهتمام ولا تقبل الجدل"، قال وزير الدفاع، بيت هيغسيث، إن الولايات المتحدة نفذت "أكثر عملية عسكرية سرية وتعقيدًا في التاريخ"، دون تقديم الكثير من التفاصيل، وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال دان كين، الشخص الذي عرض تفاصيل مقنعة حول كيفية تنفيذ المهمة المتطورة للغاية، ولكن مع ذلك، لم تقدم الإحاطة معلومات استخباراتية جديدة تدعم تأكيد الرئيس بأن الضربات "قضت" على البرنامج النووي الإيراني.

صورة من فيديو عرض خلال إحاطة البنتاغون لآلية عمل القنبلة الخارقة للتحصينات (بموقع اختبار تجريبي وليس بعملية إيران)Credit: Pentagon

ما كُشِفَ عنه

كشف كين عن تفاصيل لم تُنشر سابقًا حول طاقم القصف الذي شارك في المهمة، بالإضافة إلى الاستعدادات المكثفة التي بُذلت لها على مستوى الجيش، وقال إن عددًا كبيرًا من الخبراء عملوا على تصميم القنابل التي أصابت هدفها، وضمت الطواقم التي نفذت المهمة التي استغرقت 37 ساعة رجالًا ونساءً، برتب تتراوح من نقيب إلى عقيد، وكان من بينهم أفراد في الخدمة الفعلية في القوات الجوية وأعضاء في الحرس الوطني الجوي في ولاية ميسوري. وكان معظمهم من خريجي مدرسة القوات الجوية، وهي أكاديمية نخبوية في صحراء نيفادا.

وقال كين: "عندما ذهب أفراد الطواقم إلى العمل، الجمعة، ودعوا أحباءهم، دون أن يعرفوا متى سيعودون إلى منازلهم أو إن كانوا سيعودون.. وفي وقت متأخر من ليلة السبت، علمت عائلاتهم بما كان يحدث.. عندما عادت القاذفات إلى ميسوري، كانت عائلات الطاقم هناك، ترفرف الأعلام وتنهمر الدموع، أشعر بالقشعريرة وأنا أتحدث عن هذا حرفيًا".

وقبل أيام من المهمة، حاولت إيران تحصين منشأة فوردو النووية، الواقعة في عمق جبل، بتغطية فتحات التهوية بالخرسانة قبل اختراق القنابل الأمريكية لها، قال كين: "لن أفصح عن الأبعاد الدقيقة للغطاء الخرساني، لكن يجب أن تعلموا أننا نعرف أبعاد تلك الأغطية الخرسانية، وكان على المخططين مراعاة هذا الأمر، لقد وضعوا كل شيء في الحسبان".

ورغم التعديلات الضرورية في اللحظة الأخيرة، أصر كين على أن المهمة سارت كما هو مخطط لها، وأن القنابل الخارقة للتحصينات الضخمة التي تزن 30 ألف رطل عملت "كما هو مصمم" خلال استخدامها الأول في القتال.

وخلال الإحاطة، عرض كين فيديو يوضح كيفية عمل هذه القنابل الضخمة، أظهر الفيديو بالحركة البطيئة قنبلة تخترق ما يبدو أنه نوع من المخابئ، انبعث وهج برتقالي من ممر مفتوح مرئي على جانب المنشأة، تلاه كرة نارية كبيرة، وقال كين: "بالطبع، لم يكن هناك أحد داخل الهدف، لذا ليس لدينا فيديو منه".

وكُلِّف حوالي 44 جنديًا وبطاريتا صواريخ باتريوت للدفاع عن قاعدة قريبة من أي رد إيراني محتمل.

صورة من فيديو عرض خلال إحاطة البنتاغون لآثار القنبلة الخارقة للتحصينات (لموقع اختباري وليس من إيران)Credit: pentagon

أسئلة بلا إجابة

في حين قدّم المسؤولان العسكريان بعض المعلومات الجديدة حول تخطيط الضربات، إلا أنهما لم يقدما أي دليل جديد على فعاليتها ضد البرنامج النووي الإيراني، وأحال كلٌّ من كين وهيغسيث الأسئلة المتعلقة بذلك إلى أجهزة الاستخبارات، وركزا على منشأة فوردو النووية دون ذكر المنشأتين نطنز وأصفهان.

ولا يزال المدى الكامل للأضرار التي لحقت بالمنشأتين غير واضح، ففي فوردو، أشار هيغسيث إلى أن شخصًا ما سيحتاج إلى "مجرفة كبيرة" لتقييم ما هو داخل المنشأة بالكامل، مضيفًا أنه "لا يوجد أحد تحت الأرض قادر على تقييم" الأضرار، في حين قال كين إن هيئة الأركان المشتركة لا تُجري تقييمات لأضرار ساحة المعركة "بشكل مقصود"، وأحال أسئلة محددة حول مدى فعالية الضربات إلى أجهزة الاستخبارات الأمريكية، حيث قال: "نحن لا نُقيّم واجباتنا المدرسية، بل أجهزة الاستخبارات هي التي تُقيّمها".

وأشار تقييم أولي صادر عن وكالة استخبارات الدفاع التابعة للبنتاغون، نقلته شبكة CNN ووسائل إعلام أخرى عديدة، إلى أن الضربات لم تُدمر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، بل على الأرجح أخرته لأشهر فقط، وصرح مدير وكالة المخابرات المركزية، جون راتكليف، لاحقًا بأن وكالته علمت أن المنشآت دُمرت، وأنه "يتعين إعادة بنائها سنوات".

أشار هيغسيث إلى أن التقييم الأولي لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) أفاد بأن الأمر قد يستغرق أسابيع لتوضيح صورة فعالية الضربات وتأثيرها على البرنامج النووي الإيراني، مضيفا أنه كان "هجومًا ناجحًا تاريخيًا"، لكنه أشار إلى أن تقييمات هذا النجاح لا تزال قيد الدراسة.

وواصل هيغسيث الدفاع عن ادعاء ترامب بأن البرنامج النووي الإيراني قد "دُمّرَ"، متجنبًا الإجابة عن أسئلة حول كيفية توصل الرئيس إلى هذا الاستنتاج بعد ساعات فقط من إسقاط القنابل، حيث قال: "أؤكد لكم، رئيس اللجنة وموظفوه، ومجتمع الاستخبارات، وموظفونا، وآخرون، يجرون جميع التقييمات اللازمة لضمان نجاح المهمة".

وفي حين أن رواية كين للمهمة قدمت بعضًا من أكثر التفاصيل الملموسة التي قدمتها الولايات المتحدة حول الاستعدادات لتنفيذ الغارة، وتضمنت عناصر بشرية خصصت أطقم القصف وأفراد الخدمة الآخرين الذين شاركوا، اتخذ هيغسيث نبرة أكثر حدةً وسياسيةً، حيث انتقد تقارير وسائل الإعلام عن تداعيات المهمة.

إنه دور مألوف لهيغسيث، المعروف منذ زمن طويل بمدافعه الشرس عن ترامب أمام الكاميرات، ويوم الخميس، بدا أن رئيسه كان يراقب: فبعد فترة وجيزة من طرح الصحفيين أسئلة حول ما إذا كانت المركبات التي شوهدت خارج إحدى المنشآت قبل الهجمات تُشير إلى أن إيران نقلت اليورانيوم المخصب من الموقع استباقيًا، لجأ ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتقليل من أهمية الفكرة.

وقال الرئيس على صفحته بمنصة تروث سوشيال: "السيارات والشاحنات الصغيرة في الموقع كانت لعمال الخرسانة الذين يحاولون تغطية الجزء العلوي من أعمدة التهوية، لم يُسحب أي شيء من المنشأة".

مقالات مشابهة

  • ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغون تفاصيل جديدة
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية: أضرار هائلة بالبرنامج النووي الإيراني.. و"فوردو" خارج الخدمة
  • المرشد الأعلى الإيراني: لا خضوع للضغوط الدولية.. والرد على التصعيد سيكون حاسمًا
  • النووي الإيراني بعد وقف النار..جرد حساب مع الوكالة الدولية وتعرية ازدواجية المعايير الدولية
  • الرئيس المصري يبحث مع نظيره الإيراني جهود احتواء التصعيد في المنطقة
  • البرلمان الإيراني يقر تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. ماذا بقي من البرنامج النووي الإيراني؟
  • الخارجية الأمريكية: سنتخذ خطوات إضافية إذا حاولت إيران إعادة بناء برنامجها النووي
  • تطورات جديدة في الملف النووي الإيراني… وروسيا تراقب بقلق!
  • ما بعد الهدنة: خطوات تصعيدية إيرانية تجاه الوكالة الذرية وجدل حول مصير البرنامج النووي