يتوهَّم بعض بني آدم -في هذا العصر المضطرب- أن الإنسان يصنعه كم المعلومات الذي حصَّله، وكمية البيانات التي راكمها، والإحصاءات التي يعتمد عليها، بل وأن التكثير في هذه "المعرفة الكمية" يزيد من فرص "ضمانه" لاستقرار مُستقبله وسلامته. وربما بسبب هذا الوهم، لا زالت طبقات واسعة تؤمن بالتعليم النظامي الرسمي، الذي صُمم خصيصا -في أفضل أحواله- لصناعة عبيد وخدم، وتروس موظَّفة بكفاءة في نظام عالمي متوحش لا يرحم.
وربما لهذا السبب تحديدا لا يكتسب عموم الناس اليوم مهارات حياتيَّة فعليَّة إلا لماما، وبغير وعي ولا إرادة في الغالب؛ أي أنهم قد يخوضون بجد مسارا من مسارات حياتهم التي لم يختاروها، فيكتسبون عبر هذه المسيرة وبسبب هذه "الخبرة" مهارة عمليَّة معينة لم يقصدوا إلى اكتسابها (وإنما تراكمت بانتظام ممارسة ما)، بل وقد يبلغ البؤس بأكثرهم درجة ألا يستطيعون اكتشاف شيء مما اكتسبوا بأنفسهم؛ فيكتشفه بعض أقوياء الملاحظة من المحيطين بهم.
الاكتساب الحقيقي النافع للمهارات والأدوات لا يكون -في الأغلب- مُصادفة قدريَّة، ولا يقع اتفاقا بغير قصد مُسبَق، أو جهد منظَّم، ولا يحدُث أصلا بسبب جمع المعلومات الجزئية مجردة، ومراكمتها؛ وإنما هو حصيلة عمليَّة طويلة ومستمرة من التعلُّم بالتجربة والخطأ في إطار رؤية كليَّة جامعة، وحصيلة صيرورة منهكة من الخبرة، فيها قدر من الاطراد والانتظام، بل وحد أدنى من الانضباط في مسيرة تعلُّم تسمح بمراكمة الخبرة، والتعلُّم من الأخطاء، وتصحيحها
وما ذلك إلا لأن الاكتساب الحقيقي النافع للمهارات والأدوات لا يكون -في الأغلب- مُصادفة قدريَّة، ولا يقع اتفاقا بغير قصد مُسبَق، أو جهد منظَّم، ولا يحدُث أصلا بسبب جمع المعلومات الجزئية مجردة، ومراكمتها؛ وإنما هو حصيلة عمليَّة طويلة ومستمرة من التعلُّم بالتجربة والخطأ في إطار رؤية كليَّة جامعة، وحصيلة صيرورة منهكة من الخبرة، فيها قدر من الاطراد والانتظام، بل وحد أدنى من الانضباط في مسيرة تعلُّم تسمح بمراكمة الخبرة، والتعلُّم من الأخطاء، وتصحيحها. وبعبارة أخرى؛ فإن التعلُّم الحقيقي ليس "مُراكمة لتفاصيل الوجود" البراني، وإنما هو "خبرة وجوديَّة" جوانية لا يُمكن أن تُكتسب إلا بانتقاص البراءة، وبالألم والمعاناة، وتقلُّص الراحة، والتآكُل المطرد -والمخيف- لطمأنينة الجهل، وربما ببعض العيش على حافة الخطر، وعلى شفير الحياة القاطع، بل وأحيانا بالسقوط في هاوية بعض محن الحياة العاصفة المزلزلة.
أي أن التعلُّم الحقيقي نُضج إنساني، يجب أن يُمزِّق غشاء البراءة، أو بعضه على الأقل. وكل "تعلُّمٍ" لا يُنضج شخصيتك؛ مخلفا جروحا وندوبا، تشغل مكان بعض البراءة الفطرية؛ فهو غُثاء ضار، لا قيمة له ولا جدوى منه. إن البيانات والمعلومات لا يمكن أن تصنع ذلك بذواتها الباردة المتشظية، وإنما تصنعه آثارها في نفسٍ تُراكمها كبدا في إطار خبرة وجودية، ورؤية كُليَّة واعية لهذا العالم؛ أي أنها تُحدث هذا الأثر اعتمادا على شخصيَّة المتلقي ومؤهلات التلقي، وربما لهذا السبب؛ كان السلف يؤكدون على ضرورة أن يؤتى الإنسان الإيمان قبل القرآن؛ فإن كتاب الله تعالى لا يؤتي أُكله، ويحقق غرضه الذي تنزَّل له؛ إلا بين جنبي نفس مؤمنة ابتداء. وكذلك إعادة إحياء الإسلام في كل جيل، يجب أن تبدأ بالإيمان لا بتحكيم الشرائع والنواميس الإلهيَّة؛ فإن النفوس التي لم تمتثل ابتداء ستتفلَّت من التعاليم.
والناظر في نفوس الخلق، يجد أن البراءة الفطريَّة الأولى التي لم تُخدش بسبب قلَّة الخبرة العمليَّة، وبسبب نقص المعرفة الحقيقيَّة التي يتم تلقيها بواسطة الحركة والخطأ، وتكرار الحركة لتصويب الخطأ؛ تتحول بعد طور الصبا إلى لون بغيض مقزز من البلاهة، أو السذاجة الممقوتة. فإذا كان الطفل البريء نظيف النفس، يُخرج فضلات جسمه لا إراديّا في أي زمان ومكان بحكم حداثة الخبرة؛ فإن البالغ العاقل يجب أن يفقد من عموم البراءة ويكتسب من الخبرات الحياتية -إجمالا- قدرا يليق بما اكتسبه من "خبرة" حبس فضلاته عن الآخرين، واعتياد إخراجها بطريقة تليق بإنسانيته. فكذلك يجب أن تكون مُعدلات النضج العام لشخصيته الاجتماعيَّة، موازية لنُضج إنسانيته والتزامه الإرادي بآداب الفطرة الإنسانيَّة مثل العفة والطهارة.
لكنَّ النفوس الضحلة -والمفتقرة إلى خبرة الحياة- لا تكون بالضرورة ساذجة في كل شيء، فهي قد تتلقى -بالتقدُّم في العمر- معارف نظريَّة وعمليَّة شتى، لكن تظل هذه السذاجة تتجلَّى أشد ما تتجلَّى في توقُّع المرء للمعونة ممن يُصحح له خطأه في كل مرة، بعد أن اعتاد ذلك من والديه؛ فهو أجبن من أن يستطيع الإقدام على شيء مفارق لمألوفاته، بله أن يتجاوز ذاته ليُصوب أخطائها في الحركة. فإنما مثله في نفسه وحياته، مثل الطفل البريء؛ الذي ينتظر من يُنظف له إفرازات جسده وفضلاته لعجزه عن ذلك، أو لنكون أدق؛ لجهله أحيانا بأنها فضلات، لكثرة ما اعتاد على من يرفعها عنه حتى كأنه صار يجهل وجودها.
أسوأ ما يترتب عليه هذا العجز، عن التعلُّم من الأخطاء ثم تصحيحها وأخيرا التصالُح معها؛ فهو أن تتحول مكابدة الإنسان الحياتيَّة الضروريَّة واللازمة إلى "مُعاناة سلبيَّة"؛ آلام نفسيَّة "مجهولة السبب" ولا يُمكن التعاطي معها -في روع صاحبها فحسب!- تستثير الشكوى ولا تستثير التفكُّر، وتُسبب الإحباط والاكتئاب بدل أن تكون درسا للتعلُّم
وجه آخر من أوجه السذاجة؛ هو انعدام المقدرة على التصالُح مع الأخطاء. وهذا النوع من البشر إما أنه دُلِّل في طفولته لدرجة عدم تصوره إمكان وقوعه في الخطأ، أو أنه نشأ في بيئة قاسية لم تكن تسمح له -أصلا- بالخطأ، فكانت تُعاقبه على أتفه الأمور أشد العقوبة. ورغم التعارُض الظاهر بين الطريقين، إلا أن جوهرهما واحد؛ افتراض الملائكية في الإنسان، وأنه لا يُخطئ ولا يجدر به ذلك؛ رغم أن جوهر التكليف هو سرعة التوبة بعد الخطأ الذي غُرست إمكانية اجتراحه عميقا في نفس الإنسان. والتصالُح مع الأخطاء ليس المقصود منه الرضا عنها، والاستسلام لها؛ فهذا فعل دنيء يجب أن يتنزَّه عنه الإنسان المُكرَّم المكلَّف، وإنما التصالُح المقصود هاهُنا هو تسليم المرء بحتميَّة وقوعه في الخطأ وارتكابه الإثم، مع إيمانه بمقدرته على تصحيحه. هذا التصالُح لا يُمكن تحقُّقه أصلا إن كان الإنسان لا يستطيع أن يتصور وقوعه -هو أو من يحب!- في الخطأ. وبدهي أن من لا يُدرك كون الإنسان مجبول على الخطأ والإثم، ومفطور على الرجوع والتوبة؛ لا يستطيع التصالُح مع أخطائه، ودع عنك أن يتعلَّم منها. فهذا من "البراءة" أو السذاجة الممقوتة التي اصطبغت بها أجيال كثيرة للأسف.
أما أسوأ ما يترتب عليه هذا العجز، عن التعلُّم من الأخطاء ثم تصحيحها وأخيرا التصالُح معها؛ فهو أن تتحول مكابدة الإنسان الحياتيَّة الضروريَّة واللازمة إلى "مُعاناة سلبيَّة"؛ آلام نفسيَّة "مجهولة السبب" ولا يُمكن التعاطي معها -في روع صاحبها فحسب!- تستثير الشكوى ولا تستثير التفكُّر، وتُسبب الإحباط والاكتئاب بدل أن تكون درسا للتعلُّم. وبدهي أن الإشكاليَّة حينها لن تكمُن في التجربة ذاتها، وإنما في مُستقبِلها وكيف استقبلها. فهذا الطفل الشكاء البكاء الذي لا يُخطئ، يتوهَّم -ببراءته الممقوتة!- أنه يستحق أكثر مما نال، وأن الزمن جار عليه، وأن البشر ظلموه، وأن على الأقدار الترفُّق به دون سبب أو مسوغ معقول، حاشا ما ترسَّخ في نفسه من أوهام نشأته. أما إن كان ممن لا يُسمح له بالخطأ؛ فهو يخشى العواقب ويتربص من مقدرته على تحمل تبعة أفعاله، ويحسب ألن يقدر على تحمل الخطأ، ودع عنك التعلم منه. وهؤلاء وأولئك قد ينهارون تماما إذا وقعوا في أزمات كبرى؛ فلم يجدوا من يمد لهم يد العون، ويحمل عنهم أوزارهم. فإنما ظنوا الحياة نُزهة طوباوية وفردوسا أرضيّا هم ملائكتُه، وهذا خلل إيماني ضخم؛ يخلف معضلات نفسيَّة واجتماعيَّة صارت اليوم مما عمت به البلوى.
إن من ابتُلي بشيء من هذا الاختلال لن يُقلَب ميزان حياته بمقال ولا كتاب، ولن يخرج من عنق زجاجة أوهامه بأي عون بشري يتوقعه من خارج نفسه التي بين جنبيه. وإنما أول طريقه هو الخروج عن مألوفاته، وكسر سيئ عاداته، واكتساب خبرات حياتيَّة حقيقية ينتفع بها في مسيرة حياة جديدة يتخيَّرها.
ألا فاعلم أيها المسكين -ضحية نفسه وأهله!- أنك لن تخرج من بؤس نفسك إلا بالخبرة والمكابدة، والمعاناة والألم، إنما يلزمك الكثير والكثير من حُرقة المكابدة حتى تصير إنسانا.
x.com/abouzekryEG
facebook.com/abouzekry
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء التنمية الخطأ التجربة التعلم تنمية تجربة خطأ شخصية تعلم قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة م من الأخطاء ة الخبرة لا ی مکن یجب أن
إقرأ أيضاً:
معركة الفنادق مع بوكينغ.. ما الذي تعنيه للمسافرين؟
إذا كنت من عشاق السفر وحجز الفنادق عبر الإنترنت، فلا بد أن اسم "بوكينغ دوت كوم" (Booking.com) مرّ عليك مرات لا تُعد. هذه المنصة العالمية العملاقة للحجز الفندقي، ومقرها في هولندا، أصبحت الوجهة الأولى للمسافرين في أوروبا والعالم، لكنها اليوم تقف في قلب معركة قانونية كبرى قد تغيّر طريقة حجزنا للغرف الفندقية إلى الأبد.
قبل أيام فقط، أعلنت أكثر من 10 آلاف فندق من مختلف الدول الأوروبية انضمامها إلى دعوى قضائية جماعية ضد "بوكينغ" أمام محكمة في العاصمة الهولندية أمستردام.
اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3أبرز 7 تطبيقات للسفر 2025.. تعرف عليهاlist 2 of 3كيف تسافر بأقل التكاليف في الطيران والإقامة والتنقل؟list 3 of 3سفر أكثر ذكاء و أقل كلفة.. 4 توصيات لصيف 2025end of listهدف هذه الفنادق كان واضحا وهو الحصول على تعويضات عن خسائر استمرت 20 عامًا بسبب ما، يُعرف ببنود أفضل الأسعار.
ما قصة "أفضل الأسعار"؟بند "أفضل الأسعار" هي سياسة كان يفرضها عملاق الحجز على الفنادق، إذ يلزمها بعدم عرض أسعار أرخص مما يعرضه على المواقع الرسمية لتلك الفنادق أو على أي منصة منافسة لبوكينغ.
قد يبدو هذا الأمر للوهلة الأولى حماية للمنصة مما يُسمى "الانتفاع المجاني"، أي أن يبحث المسافر عن الفندق على المنصة، ثم يذهب للحجز مباشرة من موقع الفندق بسعر أقل.
ولكن على أرض الواقع، أدت هذه البنود إلى التالي:
حرمان الفنادق من حرية التسعير وإجبارها على رفع الأسعار لتغطية العمولات العالية التي تذهب لمنصة بوكينغ. ثانيا، شفافية أقل تجاه المسافرين، إذ تبدو الأسعار موحّدة ولا تمنح الفرصة للعميل للحصول على العروض المباشرة الأرخص. ثالثا، إضعاف المنافسة في السوق لصالح المنصة العملاقة على حساب المواقع والمنصات الصغيرة والناشئة. القضاء يدخل على الخطلم تأتِ الخطوة القانونية للفنادق ضد عملاق الحجز من فراغ، ففي 19 سبتمبر/أيلول 2024، أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكما اعتبر بنود "أفضل الأسعار" مخالفة لقوانين المنافسة في الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن "بوكينغ دوت كوم" ألغت هذه البنود في يوليو/تموز 2024 بعد إدراجها كـ "حارس بوابة" بموجب "قانون الأسواق الرقمية"، فإن الضرر الاقتصادي على الفنادق ظل قائمًا، خاصة وأن هذه السياسة كانت مطبقة منذ 2004 وحتى 2024.
إعلانالآن، تطالب الفنادق الأوروبية منصة بوكينغ بتعويض عن الخسائر التي نجمت عن هذه البنود، والتي تمثلت في عمولات مرتفعة وأسعار مقيدة. وتقود هذه الجهود منظمة الضيافة الأوروبية "هوتريك"، بالتعاون مع أكثر من 30 اتحادًا وطنيًا للفنادق في أكبر تحرك قانوني من نوعه في قطاع الضيافة الأوروبي.
أي تأثير على المسافر؟أولا زيادة الشفافية: ستصبح الأسعار المباشرة على مواقع الفنادق متاحة بوضوح، ما يمنح فرصة للحصول على عروض أرخص مقارنة بالسابق. فالمسافر لن يكون مضطرا للاعتماد على سعر موحد تفرضه منصات الحجز الكبرى، بل يمكنه مقارنة الأسعار بين الموقع الرسمي للفندق والمنصات المختلفة لاختيار الأنسب له.
ثانيا انخفاض التكلفة النهائية: وذلك نتيجة تحرر الفنادق من العمولات المرتفعة والقيود التسعيرية، وبالتالي يمكنها تقديم خصومات أو عروض خاصة مباشرة للمسافرين، وهذا يعني أن ما يدفعه السائح سيعكس القيمة الحقيقية للإقامة، من دون تكاليف خفية ناتجة عن سياسات منصات الحجز.
ثالثا تنوع المنافسة: ستتمكن المنصات الصغيرة والناشئة من المنافسة على تقديم خدمات مبتكرة وأسعار جذابة، ما يوسع خيارات المسافر ويخلق عروضا أفضل وأكثر تنوعا. وهذا قد يشمل مزايا إضافية مثل وجبات الإفطار المجانية أو خصومات على الإقامات الطويلة.
رابعا، تجربة أكثر عدالة ومرونة: مع اختفاء القيود القديمة، سيشعر المسافر بحرية أكبر في اختيار المنصة التي يفضلها للحجز، سواء عبر موقع الفندق مباشرة أو عبر منصة أخرى، من دون القلق من دفع مبالغ إضافية بسبب الاتفاقيات المبرمة بين الفنادق والمنصات.
باختصار، فإن نجاح هذه الدعوى القضائية لا يعود بالنفع على الفنادق فحسب، بل قد يفتح بابًا أمام مرحلة جديدة من التنافسية والشفافية في سوق الحجز الفندقي الإلكتروني، ما يمنح كل مسافر تجربة أفضل وأسعارًا أكثر عدالة.
أكبر من معركة تعويضاتهذه القضية تكشف الجانب الخفي لعصر الحجز الإلكتروني، ففي عام 2023، استحوذت شركة بوكينغ على نحو 71% من سوق الحجز الإلكتروني في أوروبا، بينما تراجعت نسب الحجز المباشر للفنادق. هذه الحصة الكبيرة للعملاق الهولندي جعلت الفنادق تعتمد كليا عليه كمنصة للوصول إلى العملاء، رغم تكلفتها العالية.
ويبلغ عدد مستخدمي تطبيق بوكينغ حول العالم 135 مليون مستخدم في العام 2014، بلغد عدد مرات الحجز عبر بوكينغ 1.1 مليار ليلة في السنة الماضية.
وتعد منصة بوكينغ أكبر وكالة سفر عبر الإنترنت من حيث حجم الحجز والإيرادات، وهي مسؤولة عن 25% من جميع حجوزات الفنادق حول العالم وفقا لمنصة "بيزنس أو آبس"، بلغ حجم الحجوزات عن طريق بوكينغ 165 مليار دولار، وحقق التطبيق صافي دخل بقيمة 5.8 مليارات دولار في عام 2024.
وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها "بوكينغ" عقوبات، فقد فرضت إسبانيا عليها غرامة قدرها 413 مليون يورو بسبب إساءة استغلال موقعها المهيمن، وفرض شروط غير عادلة.
إعلانورغم أن الشركة استأنفت هذه القرارات، إلا أن الضغوط القانونية والتنظيمية تتصاعد عليها في أكثر من دولة أوروبية.
نحو سوق أكثر عدالةإن انضمام آلاف الفنادق الأوروبية إلى هذه الدعوى ليس مجرد محاولة للحصول على أموال، بل هي رسالة قوية بأن سوق الحجز الفندقي يجب أن تكون عادلة.
وأما بالنسبة للمسافرين، فقد تفتح هذه المعركة القانونية الباب أمام عصر جديد من المنافسة والشفافية في أسعار الغرف، حيث يمكن الحصول على أفضل العروض دون قيود خفية.
ومع اقتراب المحاكم من البت في التعويضات، ربما نشهد في السنوات القادمة إعادة رسم خريطة سوق الحجز الفندقي الأوروبي بطريقة تضمن حقوق الفنادق وراحة المسافرين في الوقت نفسه.
إذا كنت تحجز من بوكينج وتظن أنك ذكي اقرأ هذا
لعشرين سنة، بوكينج كان يبيعك وهم أفضل سعر.
كنت تفتح موقعه تشوف السعر تروح لموقع الفندق نفسه تلقاه نفس
السعر أو أغلى.
فتقول: بوكينج هو الأرخص.
الحقيقة أنت كنت في فخ محكم الإغلاق.
الفخ اسمه بند أفضل سعر
(Best
Price Clause).
شرط… pic.twitter.com/Hh83iC5U0L
— منطـــقي (@KwRedpill) August 9, 2025
هذه القصة تذكير بأن رحلة السفر تبدأ قبل الوصول إلى الفندق؛ تبدأ من سوق عادلة وحرية اختيار حقيقية للمسافرين.
بين الماضي والحاضرويبقى أن القارئ الذي لم يقم بتجربة الحجز الفندقي الإلكتروني ربما يحتاج لبعض التوضيح..
ففي الماضي، لم يكن حجز الفنادق كما هو الآن، فقد كان على المسافر أن يتواصل مع الفندق هاتفيا أو يقوم بزيارة إحدى وكالات السفر أو حتى الذهاب شخصيا إلى استقبال الفندق لحجز غرفة (إذا كان قد وصل بالفعل إلى وجهته).
وقتها كان المسافر يعتمد في هذا الشأن على دليل السفر الورقي أو توصيات محلية، أو حتى بعض الحظ للحصول على إقامة فندقية مناسبة.
ولكن في العقدين الماضيين، شهدت صناعة السفر تحولا رقميا كاملا، فأصبح بإمكان المسافر حجز غرفته بعدة نقرات فقط عبر الإنترنت، بفضل منصات حجز الفنادق المنتشرة عبر الإنترنت، سواء المواقع أو التطبيقات أو صفحات مواقع التواصل، وأشهرها "تريب أدفايزور" و"أغودا" و"إكسبيديا" و"بوكينغ" وتريبس".
ويعد "بوكينغ دوت كوم" اليوم أحد أكبر مواقع الحجز الفندقي في العالم، إذ يتيح للمسافر تصفح آلاف الفنادق، ومقارنة الأسعار فورا، وإتمام الحجز والدفع إلكترونيا، وذلك دون أي حاجة للتواصل المباشر مع الفندق.