بوابة الوفد:
2025-12-15@04:54:39 GMT

خسائر أمريكا فى الحرب على غَزة!

تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT

كلنا يعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية هى «أم إسرائيل» التى تُدافع عنها فى الحق وفى الباطل، والمبرر الأمريكى لهذا الدفاع، دائمًا، أمام العالم هو أن إسرائيل المسكينة، تعانى من خطر وتهديدات جيرانها العرب الأشرار. كانت الولايات المتحدة تقول هذا التبرير رغم أن إسرائيل كانت تعتدى على الجيران العرب وتغتصب أراضيهم وتهدد استقرارهم.

كان هذا عاديًا جدًا حتى يوم ٧ أكتوبر الماضى الذى شهد تحول مُصطلح تعريف أمريكا من «أم إسرائيل» إلى «ابنة إسرائيل» بسبب تنفيذ الولايات المتحدة لتعليمات إسرائيل وكأنها طفل صغير يلتزم بتعليمات أمه.. فلم تعد أمريكا أمًا لإسرائيل ولكنها تحولت إلى طفل وديع ينفذ تعليمات تل أبيب!!

الموقف الأمريكى كان مُخزيًا من البداية.. فقد ترددت السياسة الأمريكية كعادتها قبل التحرك لاتخاذ موقف يمنع آلة القتل الإسرائيلية من ذبح النساء والأطفال قبل الرجال فى غزة، ولم تُفرق أمريكا بين مقاتلى حماس وبين الشعب الفلسطينى، فلم نسمع منها إدانة واحدة لانتهاكات إسرائيل لكل قوانين الحرب وحقوق الإنسان، فقد كان العقاب الإسرائيلى جماعيًا، وكان القتل يطول الأبرياء قبل المُسلحين، والتدمير ينال من البيوت قبل الأنفاق، والحرائق تلتهم المستشفيات قبل المخابئ، حدث كل هذا وازداد بعد زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن لتل أبيب، فقد اعتبرت القيادة الإسرائيلية (السياسية والعسكرية) هذه الزيارة ضوء أخضر لقتل الشعب الفلسطينى وارتكاب جرائم حرب بلا مُحاسبة!!

واستمرت الولايات المتحدة فى أداء دورها بمجلس الأمن لتمنع أى قرار يوقف القتل الجماعى للفلسطينيين، رغم أن الدول من مجموعات رفض التصرفات الإسرائيلية سواء كانت ذات عضوية دائمة أو مُتغيرة فى المجلس الأممى لم تسع إلى إدانة إسرائيل أو اتهامها بارتكاب جرائم حرب، ولكنها فقط طلبت حماية المَدنيين الفلسطينيين، إلا أن الولايات المتحدة لم تهتم إلا بزيادة التسليح لإسرائيل لمزيد من قتل الفلسطينيين!!

لقد خسرت الولايات المتحدة -تمامًا- أى تقدير عربى لمواقفها فى المستقبل.. لقد خسرت علاقاتها الجيدة بكثير من الدول العربية..فقد اهتزت العلاقة.. بعد اهتزاز المصداقية فى السياسة الأمريكية لعدم إجبارها إسرائيل على وقف القتل الممنهج بأسلحة فتاكة تُدمر بلا تمييز وتقتل بلارحمة!!

خسرت الولايات المتحدة سيطرة كاملة على المنطقة وسوف تتحرك روسيا والصين بشكل أكثر حرية فى المنطقة على أنقاض بيوت غزة التى هُدمت فوق رؤوس أصحابها!!

الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج أصبحت فى حالة غليان ولم تعد تستطيع حكومات هذه البلدان مع ارتفاع حِدة الغضب الشعبى أن تعمل فى اتجاه منفرد نحو الولايات المتحدة ولا تعاون معها أكثر من النقطة الحالية.. وفى نفس الوقت لا تستطيع أمريكا توجيه اللوم لهذه الدول -فى ظل هذا الغضب الشعبى العربي- لتعاملها بشكل أكبر مع قوى عسكرية واقتصادية كبرى تنافس الأمريكيين على النفوذ فى منطقة الشرق الأوسط.

الولايات المتحدة سوف تواجه، من الآن فصاعدًا، تصديًا داخليًا كبيرًا من أصحاب الرأى الذين يريدون للولايات المتحدة ممارسة العدالة أو الانتباه لمصالح الولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط أو أنصار حقوق الإنسان الذين يرفضون التناقض الأمريكى بخصوص هذا المجال، بل إن المواجهات بين المتحمسين لإسرائيل أو ضدها سوف تزداد داخل الساحة السياسية الأمريكية بما سوف يؤثر على الانتخابات الرئاسية القادمة بالإضافة إلى انتخابات الكونجرس.. صحيفة الجارديان البريطانية قالت منذ أيام إن جماعات حقوق الإنسان فى الولايات المتحدة قد حذرت من «موجة من ردود الفعل المكارثية العنيفة» ضد انتقادات القصف الإسرائيلى لغزة بعد إقالة الأمريكيين الذين عبروا عن دعمهم للفلسطينيين، وواجهوا تهديدات بالعنف وملاحقتهم من قبل الجماعات المؤيدة لإسرائيل!! هذا التصرف الذى يأتى عكس مبادئ حقوق الإنسان -قطعًا- سوف يواجه انتقادات وردود أفعال المظلومين الذين سيعملون ضد هذه السياسة المُنحازة انحيازًا أعمى لصالح إسرائيل.

اللافت أن مجلس الشيوخ الأمريكى قد اصدر بالإجماع قرارًا يدين ما وصفتهم «المجموعات الطلابية المناهضة لإسرائيل والمؤيدة لحماس» بعد المظاهرات التى جرت فى الحرم الجامعى، والتى تضمن بعضها لغة معادية للسامية وهتافات تشيد بهجوم حماس (قطعًا المظاهرات كانت تُدين إسرائيل ولم تكن تؤيد حماس) لأن كثيرين آخرين فى الولايات المتحدة (تضامنوا مع المدنيين الفلسطينيين تحت القصف الإسرائيلى فى غزة) حسب تعبير صحيفة الجارديان. المهم أن لجنة الدفاع عن الديمقراطية أدانت قرار مجلس الشيوخ ووصفته بأنه «محاولة سافرة لإسكات وشيطنة وتجريم الانتقادات المشروعة والمعارضة المحيطة بالاحتلال الإسرائيلى والحرب على غزة».

الأصوات داخل الولايات المتحدة تتعالى لرفض المذابح الإسرائيلية.. ولكن بعد فوات الأوان.. لقد قُتل الأبرياء.. وتوحشت إسرائيل..ولكن فى النهاية لن تبقى خريطة السياسة فى الشرق الأوسط كما هى ولن تتغير بسهولة لصالح إسرائيل.. فسوف يحذر الجميع من تكرار ما حدث يوم ٧ أكتوبر.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة مجلس الشيوخ الأمريكي نور الولايات المتحدة الأمريكية الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

أمريكا ترامب وصدام حضارات مع أوروبا

في أوروبا تعرضت استراتيجية الأمن القومي الجديدة لإدارة ترامب الى انتقادات قاسية. لكنها رغم ذلك وثيقة مثيرة حقا. فهي تحاول أن تفعل شيئا طموحا وهو إعادة تعريف الأمن القومي على أسس حضارية. 

ترتكز الآراء التقليدية حول الأمن القومي على المقتضيات العسكرية والاقتصادية. ولا تتجنب الاستراتيجية الخوض في هذه القضايا الشائكة، لكن المرء يشعر أن قلب من أعدَّها ليس مع هذه الضرورات حقًا. 

في الجزء الخاص بقضية تايوان وهي بالغة الأهمية تؤكد وثيقة الاستراتيجية بوضوح أن «منع اندلاع حرب حول تايوان... أولوية». وتضيف: «نحن أيضا نحافظ على سياستنا المعلنة والراسخة حول تايوان». هذا هو بالضبط تعريف البيان المؤقت. (في السياسة الخارجية يعبر مثل هذا البيان عن موقف مؤقت إزاء قضية معيَّنة الى أن يتبلور موقف نهائي بشأنها - المترجم). 

تصبح الوثيقة أكثر حيوية وابتكارا عندما تتجه إلى القضايا الحضارية. في هذا الجانب يوجد عنصر عرقي قوي بشكل واضح في تعريف الإدارة الأمريكية للحضارة، ولو إنه لم يُفصح عنه تماما. 

الأولوية القصوى المدرجة في الوثيقة فيما يخص السياسات هي «الهجرة الجماعية». فالاستراتيجية تصر على وجوب «أن نحمي بلدنا من الغزو... من الهجرة غير المقيَّدة». 

ثم تمدِّد تلك الفكرة عبر الأطلسي الى أوروبا. وهذا ما يشكل أساس الزعم الإشكالي في الاستراتيجية بأن أوروبا تقف على حافة «محو حضاري». 

تحاجج وثيقة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة «بأن الغالبية في شعوب بلدان معينة في الناتو ستصبح خلال عقود قليلة على أفضل تقدير من أصول غير أوروبية». وفي نظرها هذا الاحتمال «أكثر من معقول». 

هذا الزعم يبدو شبيها بما يدعوه علماء النفس أحيانا الإسقاط النفسي (بمعنى أن هذه مشكلة تعاني منها أمريكا وتسقطها على أوروبا- المترجم.) في الواقع، شعب الولايات المتحدة هو الذي تشير البيانات الإحصائية الى أنه سيصبح في معظمه «من أصول غير بيضاء» بحلول عام 2045. وبناء على الاتجاهات الحالية ستمر عدة عقود أخرى قبل أن تتخطى بريطانيا أو ألمانيا عتبة سكانية مماثلة لها. 

مع ذلك، لمنع «المحو الحضاري» في أوروبا تقترح إدارة ترامب «رعاية مقاومة من داخل الشعوب الأوروبية ضد المسار الحالي الذي تمضي فيه أوروبا.» وهذا يعني بوضوح دعم الأحزاب القومية والمعادية للهجرة من شاكلة حزب البديل لألمانيا وحزب التجمع الوطني في فرنسا وحزب الإصلاح البريطاني. 

من أين جاءت هذه الانعطافة الحضارية في السياسة الخارجية الأمريكية؟ يُعتقد أن المؤلف الأكثر تأثيرا لاستراتيجية الأمن القومي هو مايكل انتون الذي كان حتى وقت قريب مدير تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأمريكية. 

أكبر أسباب شهرته في السابق تأليفه مقالا في عام 2016 تحت عنوان «انتخابات الرحلة 93». حاجج انتون في المقال بأن الحيلولة دون انتخاب هيلاري كلنتون مسألة «بقاء قومي» للولايات المتحدة والتي هي بحاجة إلى انتخاب ترامب لمنع «الاستيراد الذي لا يتوقف للأجانب من بلدان العالم الثالث.» وفي عام 2016، وصف ذلك التسامح مع الهجرة الجماعية بأنه مؤشر على «حضارة تريد أن تموت». هل يبدو هذا القول مألوفا؟ 

لكن بأي قدر من الجدية على الأوروبيين التعامل مع كل هذا؟ هنالك ثلاثة طرق عامة للنظر الى استراتيجية الأمن القومي. أولها أن استراتيجيات الأمن القومي في معظمها هراء لا معنى له. تدرسها مراكز الأبحاث بعناية لكن لا علاقة لها تذكر بالعالم الحقيقي. 

حقيقة أن انتون نفسه ترك الآن الإدارة الأمريكية، وأن ترامب لا يعتبر عموما مفكرا منهجيا يجعل من اليسير تجاهل «اللغة التي تتحدث عن الحضارة» واعتبارها لا تزيد كثيرا عن مجرد خطاب تعبوي لليمين المتطرف الأمريكي. 

وجهة النظر الثانية هي أن كل هذا جزء من مساعي الولايات المتحدة لتشديد الضغط على الاتحاد الأوروبي؛ كي يمتثل لها في القضايا التي تهتم بها إدارة ترامب حقا وخصوصا عقد اتفاق سلام مع روسيا وإنهاء الجهود الأوروبية لفرض ضوابط إجرائية على شركات التقنية الأمريكية. 

في هذا الشهر نشر كريستوفر لانداو نائب وزير الخارجية الأمريكية تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي اتهم فيها الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة « بالانتحار الحضاري.» أشار لانداو الى أن الولايات المتحدة لم يعد بمقدورها «التظاهر بأننا شركاء» مع بلدان الاتحاد الأوروبي التي تتبنى سياسات «مخالفة تماما» للمصالح الأمريكية. 

من بين السياسات التي عدّدها «رقابة إعلامية» مزعومة وأيضا «الغلُوّ في حماية المناخ». 

يبدو هذا مثل تهديد لا يكاد يَخْفَى وفحواه هو «اسحبوا سياسات الاتحاد الأوروبي التي تكرهها إدارة ترامب أو ستراجع الولايات المتحدة دعمها للناتو.» 

لغة استراتيجية الأمن القومي عند اقترانها بتهديدات لانداو يمكن أيضا أن تدعم تفسيرا ثالثا أكثر جذرية. وفقا لهذه النظرة، ليست فقط سياسات الاتحاد الأوروبي هي التي تعترض عليها الإدارة الأمريكية ولكن وجود الاتحاد نفسه والذي يُصَوّرَ كمشروع عولمة مُعادٍ للمصالح الأمريكية. 

النتيجة المنطقية لهذا التفسير هي احتمال انفصال الولايات المتحدة عن الناتو وتخليها عن حكومات أوروبا الحالية واقترابها أكثر وبشكل دائم من روسيا. 

امتدح الناطق باسم فلاديمير بوتين استراتيجية الأمن القومي الأمريكية وأشار الى أنها تتّسق مع تفكير الكرملين. واستخدم الروس القريبون من بوتين منصة «اكس» المحظورة في روسيا لتأييد زعم إدارة ترامب بأن حرية الكلام مهددة في أوروبا. 

أوضحت الاستراتيجية أن هنالك معركة تدور رحاها الآن بين نسختين للغرب تضعان الولايات المتحدة وأوروبا في مواجهة. 

نسخة إدارة ترامب تعكس نظرة «للحضارة الغربية» ترتكز على العرق والمسيحية والقومية. أما النسخة الأوروبية فنظرة ليبرالية قائمة على الديموقراطية وحقوق الانسان وحكم القانون بما في ذلك القانون الدولي. 

في أوروبا أكبر مهدِّدَين للنسخة الليبرالية للحضارة الأوروبية هي أحزاب أقصى اليمين التي تروِّج لها الولايات المتحدة والدولة الروسية التي تتودَّد لها إدارة ترامب. ولا غرابة في أن يشعر الكرملين بوجود فرصة ينبغي اغتنامها. 

  جدعون راكمان كبير معلقي الشئون الخارجية بصحيفة الفاينانشال تايمز 

مقالات مشابهة

  • أمريكا ترامب وصدام حضارات مع أوروبا
  • مصادر إسرائيلية: أمريكا تمنع إسرائيل من شن عملية واسعة النطاق في بيروت
  • النفط يسجل خسائر أسبوعية بسبب مخاوف من فائض المعروض
  • دول عربية وإسلامية تصدر بياناً حول «أونروا».. أمريكا تجدد دعم إسرائيل!
  • مصر تحذر أمريكا من محاولات إسرائيل فرض وقائع جديدة في غزة
  • طبول الحرب تقرع في الكاريبي: 3 مؤشرات لاقتراب المواجهة بين أمريكا وفنزويلا
  • غارات إسرائيل على لبنان استهدفت مناطق مفتوحة ولم تُسجل خسائر بشرية
  • الولايات المتحدة ترحب بإعادة بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل
  • إسرائيل تبلغ الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله في لبنان
  • إعلام عبري: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بالتحرك لنزع سلاح حزب الله