عربي21:
2025-12-14@17:47:53 GMT

نصر لله.. كثير من الأيديولوجيا وقليل من الفعل

تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT

لم يكن خطاب الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر لله مفاجئا، سواء لقاعدته الشعبية أو لأولئك الذين كانوا يتمنون منه إعلان الحرب على إسرائيل، فقرابة الشهر من الحرب الإسرائيلية الشرسة على أهالينا في قطاع غزة، مع اقتصار الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة على مناوشات عسكرية مدروسة من كلا الجانبين الإسرائيلي و"حزب الله"، يؤكد أن ما سمي بساحات "المقاومة والممانعة" ليست واحدة ومتكاملة.



فأوجاع غزة لم تسمع كما يجب لا في لبنان وجنوبه، ولا في سوريا، ولا في إيران، ناهيك عن مصر والسعودية وباقي البلدان العربية.

نعم، لقد جانب الصواب السيد نصر لله في حديثه عن عظمة عملية "طوفان الأقصى"، وعن الهوان والضعف العربيين، وقد أصاب كبد الحقيقة حين قال إن انتصار المقاومة في غزة هو انتصار لمصر والأردن ولبنان وسوريا وباقي البلدان العربية.

في هذا الجانب ـ وأمام حالة الخذلان والدعم الذي تبديه بعض الأنظمة العربية لإسرائيل للقضاء على المقاومة في غزة ـ يبدو خطاب السيد نصر لله صادقا يعبر عن مشاعر حقيقية داعمة لغزة، لا شك في ذلك.

غير أن الأمين العام لحزب لله، ومن ورائه محور "المقاومة والممانعة" حاولوا إقناعنا على مدار سنوات طويلة بأنهم القلة التي "اختارهم الله" لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتقديم الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية في غزة.

ووفقا لهذه السردية، التي تقول في إحدى تعبيراتها إن "طريق القدس يمر من القصير السورية"، كنا نتوقع أن يبادر الحزب بعد مرور أسبوعين من الحرب الإسرائيلية على القطاع أن يرفع مستوى القتال، من مجرد مناوشات وإطلاق بضعة صواريخ لا تشكل تهديدا عسكريا للاحتلال، إلى شن هجمات قوية توقع قتلى في صفوف الاحتلال.

لكن ما سمعناه هو كلام عام وفضفاض حين يجري الانتقال من المشاعر إلى الفعل، فقد حاول نصر لله إقناع مستمعيه بأن الحزب منخرط في الحرب منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، في رد على الأصوات التي اعتبرت أن حدود المناوشات الثانوية غير مؤثرة، ولا ترقى إلى مستوى اشتباكات خطيرة تهدد بحرب حقيقية، فقد اعتبر أن عمليات الحزب في الجنوب أجبرت الاحتلال على إبقاء ثلث الجيش الإسرائيلي ونصف القوات البحرية وربع القوات الجوية، مما يخفف الحمل عن مقاتلي حماس في غزة.

غير أن نصر لله لم يكتف بتوصيف الحال على الجبهة اللبنانية ـ الفلسطينية فحسب، بل أعلن أن مسار الحرب على الجبهة اللبنانية ـ الفلسطينية مرتبط بأمرين: أولهما يتعلق بتطور الأحداث في غزة، والثاني مرتبط بسلوك إسرائيل تجاه لبنان.

تفرض علينا الأمانة القول بأن "حزب الله" بهذه المناوشات العسكرية التي أدت إلى استشهاد نحو ستين شخصا في الجنوب اللبناني بين لبنانيين وفلسطينيين، متقدم عن الدول العربية قاطبة، تلك الدول التي يمتلك بعضها مقدرات اقتصادية كبرى وبعضها الآخر مقدرات عسكرية وبشرية، بما فيها مصر التي ظهرت سيادتها منقوصة على معبر رفح بين مصر وقطاع غزة.نحن هنا أمام خطاب ممتلئ بالأيديولوجيا والشعارات، وهو نفسه الذي قال في منتصف خطابه أن عملية "طوفان الأقصى" والحرب الإسرائيلية على غزة حدث تاريخي مفصلي يختلف تماما عما جرى في السابق.

ألا يستدعي هذا الحدث التاريخي والمفصلي رد فعل من الحزب ومحور "المقاومة والممانعة" رد فعل يتناسب مع اللحظة التاريخية والمفصلية.

كان الأجدى بالأمين العام لـ "حزب الله" التحدث بلغة سياسية واقعية تعكس حالة المأزق والارتباك في "المحور المقاوم": لم يعد الحزب بعد حرب تموز عام 2006 قادرا على التحرك عسكريا كما كان الأمر قبل ذاك التاريخ أولا، وهو يدرك أن فتح جبهة عسكرية سيُستتبع برد عسكري إسرائيل لا يتحمله لبنان بما قد يؤدي إلى انفجار الوضع الداخلي ثانيا، فضلا عن عدم رغبة طهران في هذه المرحلة من التوافق مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي أن تعيد خلط الأوراق بعد مسار طويل من المفاوضات ثالثا، وأيضا عدم رغبة النظام السوري بفتح جبهة الجنوب اللبناني بعدما تلقت دمشق تحذيرات من أبو ظبي من مغبة القيام بذلك بما ينعكس سلبا على العلاقات الإماراتية ـ السورية رابعا.

لم يحدثنا نصر لله عن هذه المعطيات الواقعية التي تحول دون اتخاذ "محور المقاومة والممانعة" بقرار الحرب على إسرائيل في هذا المفصل التاريخي الخطير الذي قد يؤدي، إذا ما تم القضاء على المقاومة في غزة، إلى السقوط الأخلاقي والسياسي لهذا المحور.

ومع كل ذلك، تفرض علينا الأمانة القول بأن "حزب الله" بهذه المناوشات العسكرية التي أدت إلى استشهاد نحو ستين شخصا في الجنوب اللبناني بين لبنانيين وفلسطينيين، متقدم عن الدول العربية قاطبة، تلك الدول التي يمتلك بعضها مقدرات اقتصادية كبرى وبعضها الآخر مقدرات عسكرية وبشرية، بما فيها مصر التي ظهرت سيادتها منقوصة على معبر رفح بين مصر وقطاع غزة.

ليس هدف هذا المقال مهاجمة "حزب الله" ولا مهاجمة أمينه العام، فالقصد هو أن الحدث التاريخي الذي تمر به غزة يفترض لغة واقعية توضح طبيعة محور "المقاومة والممانعة" وقدراته وحدود تأثيره، بدلا من الوعد والوعيد والتهديد.

لقد مر أقل من شهر على الحرب الإسرائيلية الغاشمة على القطاع، استشهد فيها نحو تسعة آلاف شخص، وأصيب عشرات الآلاف، ودمرت أكثر من نصف مباني القطاع: أبعد كل ذلك، هل المناوشات العسكرية على الجبهة اللبنانية ترتقي إلى مستوى الحدث؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله الحرب غزة الفلسطينية فلسطين غزة حزب الله حرب موقف مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب الإسرائیلیة حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

فلنغير العيون التي ترى الواقع

كل مرة تخرج أحاديثنا مأزومة وقلقة وموتورة، مشحونة عن سبق إصرار وترصد بالسخط والتذمر، نرفض أن نخلع عنا عباءة التشاؤم، أينما نُولي نتقصّى أثر الحكايات شديدة السُمية، تلك الغارقة في البؤس والسوداوية. 

في الأماكن التي ننشُد لقاءت متخففة من صداع الحياة، نُصر على تصفح سجل النكبات من «الجِلدة للجِلدة»، فلا نترك هنّة ولا زلة ولا انتهاكًا لمسؤول إلا استعرضناه، ولا معاناة لمريض نعرفه أو سمعنا عنه إلا تذكرنا تفاصيلها، ولا هالِكِ تحت الأرض اندرس أثره ونُسي اسمه إلا بعثناه من مرقده، ولا مصيبة لم تحلُ بأحد بعد إلا وتنبأنا بكارثيتها. 

ولأننا اعتدنا افتتاح صباحاتنا باجترار المآسي، بات حتى من لا يعرف معنىً للمعاناة، يستمتع بالخوض في هذا الاتجاه فيتحدث عما يسميه بـ«الوضع العام» -ماذا يقصد مثله بالوضع العام؟- يتباكى على حال أبناء الفقراء الباحثين عن عمل، وتأثير أوضاعهم المادية على سلوكهم الاجتماعي، وصعوبة امتلاك فئة الشباب للسكن، وأثره على استقرارهم الأُسري، وما يكابده قاطني الجبال والصحراء وأعالي البحار! 

نتعمد أن نُسقط عن حواراتنا، ونحن نلوك هذه القصص الرتيبة، جزئية أنه كما يعيش وسط أي مجتمع فقراء ومعوزون، هناك أيضًا أثرياء وميسورون، وكما توجد قضايا حقيقية تستعصي على الحلول الجذرية، نُصِبت جهات وأشخاص، مهمتهم البحث عن مخارج مستدامة لهذه القضايا، والمساعدة على طي سجلاتها للأبد. 

يغيب عن أذهاننا أنه لا مُتسع من الوقت للمُضي أكثر في هذا المسار الزلِق، وأن سُنة الحياة هي «التفاوت» ومفهوم السعادة لا يشير قطعًا إلى الغِنى أو السُلطة أو الوجاهة، إنما يمكن أن يُفهم منه أيضًا «العيش بقناعة» و«الرضى بما نملك». 

السعادة مساحة نحن من يصنعها «كيفما تأتى ذلك»، عندما نستوعب أننا نعيش لمرة واحدة فقط، والحياة بكل مُنغصاتها جميلة، تستحق أن نحيا تفاصيلها بمحبة وهي لن تتوقف عند تذمر أحد. 

أليس من باب الشفقة بأنفسنا وعجزنا عن تغيير الواقع، أن نرى بقلوبنا وبصائرنا وليس بعيوننا فقط؟ أن خارج الصندوق توجد عوالم جميلة ومضيئة؟ ، أنه وبرغم التجارب الفاشلة والأزمات ما زلنا نحتكم على أحبة جميلين يحبوننا ولم يغيرهم الزمن؟ يعيش بين ظهرانينا شرفاء، يعملون بإخلاص ليل نهار، أقوياء إذا ضعُف غيرهم أمام بريق السلطة وقوة النفوذ؟ 

النقطة الأخيرة 

يقول الروائي والفيلسوف اليوناني نيكوس كازنتزاكس: «طالما أننا لا نستطيع أن نغير الواقع، فلنغير العيون التي ترى الواقع». 

عُمر العبري كاتب عُماني 

مقالات مشابهة

  • لميس الحديدي تشيد بفيلم "الست": نحن أمام عمل هام.. ومنى زكي إجتهدت كثيرًا
  • أسوأ سيناريو يواجهه حزب الله.. قوات دولية ستدخل الحرب؟
  • مصيبة كبيرة وإثم عظيم.. إياك وهذا الفعل يحرمك من عفو الله
  • نزع السلاح.. محور المقاومة أمام لحظة كسر عظم
  • حزب الله: الدولة معنيّة بتثبيت السيادة والمقاومة أدّت دورها في مساندتها
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • أمين عام حزب الله: سلاح المقاومة لن يُنزع تحقيقاً لهدف “إسرائيل” ولو اجتمعت الدنيا
  • إعلاميات وناشطات في حديث خاص لـ (الأسرة): فاطمة الزهراء.. قدوة المرأة المسلمة في العطاء والتضحية
  • أمانة العاصمة تشهد وقفات شعبية حاشدة تحت شعار “جهوزية واستعداد.. والتعبئة مستمرة”
  • وقفات حاشدة بصنعاء تحت شعار جهوزية واستعداد.. والتعبئة مستمرة