سواليف:
2025-07-01@03:43:18 GMT

ما بعد حرب غزة

تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT

ما بعد حرب غزة

سعيد ذياب سليم

يقف بلينكن أمام الكاميرات في تل أبيب يخاطب وسائل الإعلام المختلفة بطريقة سوبرمان الأمريكي واضعا قناع الحرب ليصب في كأس إسرائيل ترياق الثقة بالنفس بعد أن اندلق في عملية طوفان الأقصى.
هل جاء مراقبا ، ناصحا أم مشرفا على المعركة؟ بعد ذلك بقليل تنقض طائرات درون الإسرائيلية والتي تملأ سماء غزة على قافلة من سيارات الإسعاف تحمل جرحى باتجاه معبر رفح فتعيدها إلى مستشفى الشفاء ثم لتنقض مرة أخرى على بوابة المستشفى لتوقع مزيدا من الشهداء و الجرحى بين المدنيين في مشهد مروّع ترى وتسمع بين الصراخ و العويل بعض من يموت أمام الكاميرا و من يلقنه الشهادتين مشهد يجعل أعتى الرجال يجهشون بالبكاء من هول الصدمة.

لايزالون منذ عام ١٩٤٨يقتلون الأطفال و يبقرون بطون النساء الحوامل ويرتكبون كل وسائل الإجرام التي يندى لها جبين الإنسانية.
بدأ ذلك بمجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية الهاجانة و الإرجون و شتيرن، قاموا بها في قرى دير ياسين و الطنطورة و غيرها يدفعون بها أصحاب الأرض إلى تركها في سياسة لازالت هي الوسيلة المستخدمة منذ النكبة مرورا بالنكسة و لن تنتهي بحرب غزة الأخيرة.
التهجير مسلسل مستمرة حلقاته لتفريغ الأرض من أهلها وتوطين شراذم يهود العالم مكانهم. في بداية الحرب كان الحديث عن تهجير سكان القطاع و دفعهم إلى سيناء وجاء “سانتا كلوز” إلى المنطقة قبل موسم الأعياد حاملا كيس نقوده لكنه لم ينجح في عقد صفقة مناسبة مع المصريين وبموقف الأردن الرافض للتهجير لم يعد أمام إسرائيل إلا أن يلقوا صواريخهم و قنابلهم فوق رؤوس المدنيين القاطنين في مخيمات القطاع يدفعون بهم إلى الجنوب كخطوة أولى لكنهم مازالوا صامدين رغم الحصار و سياسة التجويع وسياسة الإبادة و الترويع التي يمارسها جيش العدوان الإسرائيلي.

لن يجد سانتا أطفالا في غزة بعد اليوم و إن وجد فسيكون حقيرا إذا أهداهم كرات قدم وهم بلا أطراف.
لم تنته الحرب بعد ولم نُحِط بكافة النتائج إلا أن سيناريوهات عدة وضعت لغزة بعد الحرب و لا أقول بعد حماس.
من الواضح أن إسرائيل تسعى لأن يكون القطاع بلا حماس و بلا فلسطينييه فهي تقوم بإبادة جماعية في مجزرة ليس لها مثيل في التاريخ تنقض على المدارس و المستشفيات و دور العبادة وتسرق من الأم أطفالها و تفرض على العالم قانون القوة و الغطرسة وليس لديها خطة معلنة لما بعد.
و أما واشنطن فيعرض رجالها خطط مختلفة يتكهنون فيها ماذا سيحدث لو عُزلت حماس ، هل ستتولى إدارتها دول المنطقة بتعاون أمريكي و أوروبي، أم ستكون هناك قوات دولية لحفظ السلام، أم أن الأمم المتحدة ستقوم بإدارتها مؤقتا لتنتهي بسلطة فلسطينية ما؟ هذا و المعركة لم تُحسم بعد و المقاومة ضارية وقد تنتهي بوضع حماس شروطها بقوة رجالها المقاتلين كالأشباح فوق الأرض و تحت الأرض و في السماء يهدهدون كالطفل قذيفة العمل الفدائي قبل لصقها على آليات العدو من المسافة صفر و التي تسعى لإقامة دولة فلسطين و عاصمتها القدس.
في نفس الإطار ترشح أسماء مثل مروان البرغوثي الذي تسعى حماس لتحريره في صفقة الأسرى و تبييض السجون . فهل تسمح حماس لغيرها أن يجني ثمار المعركة التي قدم فيها شعب غزة أكثر من تسعة آلاف شهيد و أكثر من ثلاثين ألف جريح غير المفقودين و هدم أكثر من ثلث المباني في غزة والتهجير القسري، هل من أحد يجلس في الظل يحزم أوراق اعتماده للقيادة ؟ هذا و يجب أن لا ننسى أن ما يدور أمام أعين السلطة من مواجهات ضارية بين المواطنين و جيش العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية مدنها و مخيماتها هو امتداد لحرب غزة و أن ما يحدث في غزة سينعكس على الضفة وعلى سلطتها.
الصراع في أُوَجِه عسكريا و سياسيا و اجتماعيا والكل في سباق لفرض هدنة و ممرات للمساعدات الإنسانية و معالجة الأسرى في هذه الأثناء يتحدثون عن مستشفيات عائمة على ساحل غزة! فهل سيحمل البحر المقاتلين الفلسطينيين مرة أخرى ؟ سعيد ذياب سليم

مقالات ذات صلة التحالف الامريكي الاسرائيلي ضد العدالة الجنائية الدولية 2023/11/06

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

حول واقع ومستقبل التنظيمات الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر

في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من صراع وهيمنة متزايدة من قبل الآلة العسكرية الإسرائيلية، ومن ورائها الدعم الأمريكي والغربي المباشر بواسطة السلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي، يأتي سؤال استشرافي حول مستقبل الحركات والفصائل الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها، وخصوصا بعد التغيرات التي تحدث في إعادة تشكّل لموازين القوى في المنطقة العربية. من هنا، نحاول أن نرى راهنية الحركات الفلسطينية المقاومة، وهل من الممكن إعادة بناء أو تأسيس حركات جديدة، كي تقاوم إسرائيل في المستقبل القريب، وسواء كانت الإمكانية متواجدة من عدمها، فما هي الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا أو ذاك؟

لم تنته الحرب بعد، ولا أحد لديه تصوّر عما سينتهي إليه قطاع غزة بعد وقف الحرب. لكن، من المؤكد أن حركة حماس لن تكون كما كانت في حكم القطاع، إذ كل المقترحات منذ عودة الحرب مرة أُخرى لا تشمل وجود حركة حماس في السُلطة، وقد أعلنت حركة حماس عن موافقتها بعدم المشاركة في إدارة القطاع، لكنها أيضا ما زالت مُصرّة على خروج الاحتلال مرة أُخرى من القطاع وإدارة القطاع من خلال حكومة فلسطينية، بمساعدات وإشراف مصري وعربي.

هذا على المستوى السياسي، أما على المستوى العسكري، فقد استنزفت الحركة عسكريا في حربها مع إسرائيل خلال أكثر من عام ونصف، في ظل انقطاع أي إمداد عسكري من خارج غزة، لسيطرة إسرائيل على كل الحدود والمعابر، أو تقلص المساحة لتصنيع الأسلحة داخل القطاع، بسبب احتلال القطاع والوجود الأمني المنتشر للجنود على المحاور المختلفة، وانشغال المقاتلين في القتال لا في الإعداد والتصنيع، وغير ذلك من معوقات صناعة السلاح.

أما فيما يخص الضفة الغربية، فمجموعات المقاومة هناك، في مخيمات نور الشمس وطولكرم وجنين وغيرها من جيوب مقاومة، فلم تكن هذه المجموعات تملك أسلحة ثقيلة، فضلا عن أن الجيش الإسرائيلي مستمر في عملياته العسكرية ضد تلك المجموعات حتى من قبل السابع من أكتوبر، لكن اشتد القتال فيما بعده، ما أضعف هذه المجموعات، بينما قام الاحتلال بهدم البيوت وتهجير آلاف من أهالي المخيمات، كما استهدف كثيرا من القيادات الشبابية التي كانت تؤسس وتُخطط للقتال في الضفة الغربية.

لم يكن الاحتلال يستطيع إنهاك هذه المجموعات المقاتلة في مخيمات الضفة الغربية لولا مساعدة السلطة الفلسطينية، فهي لا تنسق مع الاحتلال فحسب، بل أحيانا تتدخل بنفسها للاشتباك واعتقال وقتل هؤلاء الشباب المقاوم، من هنا، تبرهن السُلطة أن ليس لها مستقبل في تحسين الوضع الفلسطيني في مقاومة توسّع وهيمنة الاحتلال الإسرائيلي، بل أي محاولات حيال إصلاح منظمة التحرير من بعد 7 أكتوبر، عارضتها السُلطة، سواء كان أبو مازن أو حسين الشيخ من بعده، فلا أي اعتماد على السُلطة الفلسطينية بشكلها الحالي.

أما خارج فلسطين، فلا توجد فصائل فلسطينية سوى في مخيمات لبنان، فصائل تابعة لحركة فتح وحماس والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي، وهذه الفصائل انتهى تأثيرها الفعلي تدريجيا منذ خروج منظمة التحرير من بيروت في عام 1982 حتى اتفاق الطائف بداية التسعينيات. من بعد ذلك، حُددت ملامح الدولة اللبنانية، كنظام طائفي مقسم على اللبنانيين، وقد تم تحييد وإضعاف، بل والهيمنة على أي بقايا فلسطينية متواجدة داخل المخيمات، وانتهى عصر الوجود الفلسطيني في السياسة اللبنانية.

من بعد وقف إطلاق النار في لبنان، أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وانتخاب رئيسين للبلاد والوزراء وهما جوزيف عون ونواف سلام، بدأت الدولة وكأنها تحاول استعادة المركزية في إدارة البلاد سياسيا واقتصاديا، فضلا عن الملف الخاص بإعادة الإعمار واستكمال وقف إطلاق النار، برغم الاختراقات الإسرائيلية المتكررة. في ذات السياق، ومع زيارة رئيس السُلطة الفلسطينية محمود عباس واجتماعه مع نواف سلام وجوزيف عون، فقد صدر بيان اتُفق فيه على بدء نزع السلاح من المخيمات الفلسطينية، ضمن خطة حصر السلاح اللبناني في يد الدولة فقط، فضلا عن بيان مجلس الدفاع اللبناني الذي حذّر، وبشدة، بأنه لن يسمح بارتكاب أي أعمال مسلحة داخل الأراضي اللبنانية، مشيرا إلى أي أعمال ينفذها فلسطينيون أو لبنانيون ضد إسرائيل.

ما يتبقى لحركة حماس في ظل الوضع الحالي، هو تمثيل سياسي، رسمي وغير رسمي، في بضعة دول (قطر وتركيا وإيران والجزائر)، هذا التمثيل ضعف عما كان عليه من قبل، بسبب ضعف التمثيل السياسي ذاته داخل القطاع، كما تأثرت القوة العسكرية لحركة حماس إثر حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل على قطاع غزة، وربما بعد انتهاء الحرب، تتأثر أكثر، إذ طيلة الفترة الماضية، كانت هناك ضغوطات أمريكية وإقليمية حيال التضييق على التمثيل السياسي لحركة حماس في هذه البلدان.

ما العمل؟

في هذه الحالة، نحن أمام وضع هش وتحدّيات كبيرة أمام التنظيمات الفلسطينية لا سيما حركة حماس، ومن أجل استعادة دور التنظيمات الفلسطينية من حيث وجودها وتأثيرها على المشهد الفلسطيني داخليا وخارجيا، ومقاومة إسرائيل، يجب على هذه التنظيمات أن تنهض مرة أُخرى. داخليا، ربما من الصعب جدا إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، بسبب سيطرة حركة فتح عليها، كما سيطرة الاحتلال على حركة فتح ذاتها، وجعل هذه الحركة بمثابة سُلطة تخدم أهداف الاحتلال في الهيمنة، حتى أصبحت كما هي الآن، بعقلية قياداتها، عبئا على القضية الفلسطينية.

أما خارجيا، فوجود الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن، والعالم كله، هو بلا أي تنظيم سياسي حقيقي، ربما تنشط بعض المجموعات الصغيرة -في أوروبا تحديدا، حيث تتوفر مساحة أكثر من الحرية للعمل الثقافي- التي تتضمن أنشطتها فعاليات تضامنية مع غزة ومع القضية الفلسطينية بشكلها العام، كما مجموعات لإحياء التراث الفلسطيني، وجمع التبرعات ورصد الانتهاكات الإسرائيلية وغير ذلك من عمل فلسطيني ذات أبعاد رمزية وثقافية وحقوقية ومادية، لكنها غير سياسية بالمعنى المباشر.

إذن، نحن أمام واقع هش للغاية للعمل التنظيمي السياسي الفلسطيني، هذا الواقع من أجل التغلب عليه يحتاج إلى مزيد من العمل، البناء وإعادة البناء مرة أُخرى، وعمل المراجعات والبحث بشكل جاد وصادق لتاريخ التنظيمات الفلسطينية، ومحاولة التعلم من الماضي، وامتلاك وعي نقدي ذاتي للواقع أو للماضي، للمضي نحو المستقبل بكامل تحدّياته غير الهينة. إذ في واقعنا توجد أنظمة عربية قمعية لن تسمح لوجود العمل الفلسطيني، حتى سياسيا، من داخل أراضيها، مثلما تفعل أنظمة مصر والأردن ولبنان، وسوريا مؤخرا، إذ غير مرحب بالعمل الفلسطيني في هذه الدول، وصراحة، الدولة الوحيدة التي كانت ترعى وجود حماس السياسي والعسكري، وتساعد في بقائه، كانت إيران، لكنها الآن وبعد تلقّيها ضربات كبيرة ومؤثرة، سواء على أذرعها أو على رأسها، بعد الضربات الأمريكية، انكفأت على ذاتها، لمحاولة ترميم ما فقدته من قوة خلال العامين الماضيين.

هذا هو تشخيص، بإيجاز، للواقع الهش للتنظيمات الفلسطينية. ربما يسعنا في مقال آخر، بعد وقف الحرب، الكتابة حول إمكانية البناء وإعادة البناء مرة أُخرى.

مقالات مشابهة

  • 80 شهيدا في غارات الاحتلال منذ فجر اليوم بينهم 57 بمدينة غزة وشمال القطاع
  • حول واقع ومستقبل التنظيمات الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر
  • الهندي يُثمّن قرار الحكومة بتحمّل كلف الفوائد على القروض الجديدة التي تُمنح للفنادق ويستغرب استثناء فئة الخمس نجوم
  • عربات “جدعون” الغارقة في وحل غزة
  • منطقتان فقط في العالم قادرتان على النجاة من كارثة نووية
  • المفسدون في الأرض
  • الكأس الذهبية لا تبتسم للضيوف.. السعودية ثامن المنتخبات التي تفشل في التتويج باللقب
  • إسرائيل تأمر بإخلاء مناطق بشمال غزة وترامب يدعو لإنهاء الحرب
  • مادورو ليهود العالم: أوقفوا جنون الحرب التي يقودها نتنياهو
  • الكشف عن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل في الحرب مع إيران