"لست بالخب ولا الخب يخدعني"
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
نجد الدبلوماسية العمانية التي طالما عملتُ وجلستُ واستمتعتُ ونهلتُ من مدرستها، عشتُ حياتي فيها في قلبِ مسرحها الدبلوماسي، استأنسُ بمبادئها لأتشرفُ بتنفيذها واستلهمُ من عواملها الأساسية دروس الحياة الدبلوماسية، وأسباب التميز في معالجتها للقضايا، حين يبرز موقفها بكل شجاعة وبلا خشية أو تردد، فبرهنتْ على نزاهة وصدق في أتونها، واطفأت نارًا هناك ومنعت صراعات.
والوقت الذي قضيته لإعداد مقالي هذا، أشبه بأمواج تجتاح مشاعري، فمرة تأخذني الذاكرة لأيام عايشتُ فيها تعامل الدبلوماسية العمانية لقضايا معينة، فتغمرني السعادة، واخرى تذكرني بأحداث مرت على وطننا العربي فيعتصر قلبي ألمًا، ثم تلبث وتواجهني موجة لاحقة لتعيد إليّ صورة دبلوماسية بلادي التي توحي بإحساس مرهف في قضاياها الانسانية، وفكر قيادتها الثاقب، ومدرستها الجادة في العمل الدبلوماسي، تلك كانت حالتي وأنا أقرأ بيان وزارة خارجية سلطنة عمان في الرابع من نوفمبر 2023م، مستنكرًا الأعمال الوحشية والجرائم البشعة التي تمارس على الشعب الفلسطيني في غزة وعموم أراضيه المغتصبة، مطالبة بتشكيل محكمة دولية لجرائم الكيان الصهيوني في غزة.
الدبلوماسية العمانية عنوان يعكس الحاجة المتجددة لفهم المبدأ، والمنهج، والإتزان، ودقة الرؤية، والتسامح ونبذ العنف، وللقول إن منطق الصدام الذي يتبناه الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين، والغرب الذي يناصره، هو بعيد عن المنهج الدبلوماسي، الداعي لقيام عالم آمن يسوده التعاون والتواصل والتكامل والتعايش.
الحضارة الإنسانية في مفهومها حضارة واحدة تعاقبت الأمم على بنائها خلال تاريخ طويل، وهي اليوم نتاج كفاح الأمم جميعاً، والسنن الاجتماعية، الحرية والعدالة والمساواة والإخاء، الإنسانية جميعها شركاء في شرعتها، ففي حقوق الإنسان التي مرت عبر التاريخ في مواجهات كثيرة ضد الاستبداد والقهر، شارك حكماء عمانيون بصيحة العدالة في وجه الظلم، بما تملي عليهم عقيدتهم وقيمهم ومبادئهم، وما تقدمه الدبلوماسية العمانية اليوم ما يقطع الشك في قدرتها الحكيمة على التأثير إيجابياً في القضايا المحلية والإقليمية والدولية، وقدرتها على تغليب الحوار في فض النزاعات، وقيام المصالحات، وهو الدور الذي قامت وتقوم به منذ أزمنة بعيدة بثبات وحكمة .
وإذ أكتب هذه السطور فإنني أرجو أن أضع بين يدي القاريء شيئًا مما انتهجته الدبلوماسية العمانية في قضايا عدة، وما بذلته من جهد في السلم العالمي، وفق منهجها السياسي المتزن، وحضورها البارز الرصين، ليس فقط لما أبدته من مواقف ثابتة، وربما المهم العربية والإسلامية، وإنما أيضا العوامل الأساسية في تاريخها، والأهم كيف توظف الآن تاريخها السياسي خدمة لقضايا الأمة.
ففي خضم فوران بركان الصراع الفلسطيني- الصهيوني، يبرزُ دور الدبلوماسية العمانية المميز، المستند على العدالة، الداعم للحق، والمعالج لكل ما يهدد الإنسانية، وها هي، بعد مراقبتها لمجريات الأفعال الإجرامية التي ارتكبتها وترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني، خرجت بالقول الفصل، في بيان واضح لا لبس فيه ولا خداع، تُرسخ فيه قناعتها بأن دبلوماسية السلام تسطيع أن تسود دون ربطها بجرائم إبادة يمارسها الكيان الصهيوني المحتل على شعب يطالب بحقوقه وينشد حريته، جاء قول الدبلوماسية العمانية بمنظور العقلانية والواقعية، فهي لا تميل للمخادعة ولا تقبل الخديعة، لأنها لا تستنسخ عملها بل تقوم به بالأصالة، على أساس أن قضية الحق والعدالة هي الهدف والغاية، والسلام الأرضية الأصح لتجسيد حقوق الإنسان.
عندما أُخبركم بنجاح الدبلوماسية العمانية في قضية فلسطين، فإني أروي قصة حضارية أوسع، كونها لا تترجم فقط المكانة التي تحتلها عمان في نادي الدبلوماسية الدولية، والتي بوأتها منصة صلبة للحوار الدبلوماسي والمفاوضات السياسية، وإنما لأبرهن عن عدالة القضية ومكانتها الأخلاقية والدينية والإنسانية، وهنا يكون للدبلوماسية العمانية مؤثراتها الذاتية من أول الأمر، ثم بعد ذلك قوتها الناعمة التي تملكها، وعلاقتها بالعالم، ومن دورها الإنساني الذي جاء بعد أن دارت عجلة الصراع العربي - الصهيوني الذي هو بالتأكيد ليس شاملا، ولكنه بالتأكيد انتقل الى نقطة تحول مُهمة من صراع وجودي إلى صراع تعايش مع الآخر، التي كانت اللحظة الفاصلة فيه هي حرب أكتوبر 1973م. لم يكن الاهتمام حينها بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وإنما كان الهدف إقامة نظام شرق أوسطي مُستقر تهيمن عليه الولايات المتحدة، وقائم على قدرة النظام الصهيوني في فلسطين المحتلة على ردع الدول العربية مع إعطائه الوقت الكافي لكي يتغلب على هشاشة تكوين دولته. وما يقوم به الجيش الصهيوني من إبادة جماعية في غزة ليس جديدًا على النظام الصهيوني، ومهما فُتح الضوء الأخضر الأمريكي والغربي لهذا الكيان الغاصب في ارتكاب جرائمة البشعة في حق الشعب الفلسطيني، فإن القول المناسب لمؤججي الصراع ومرتكبي الجرائم هو القول المأثور "لست بالخب ولا الخب يخدعني".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الدبلوماسیة العمانیة
إقرأ أيضاً:
الآسيوي يمنح الأندية العمانية مقعدا مباشرا في دوري أبطال آسيا 2
منحت لجنة المسابقات في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الأندية العمانية مقعدا مباشرا وآخر عبر الملحق في دوري أبطال آسيا 2 للموسم بعد القادم 2026-2027 وذلك عقب إعلان الاتحاد الآسيوي التصنيف الأحدث لمسابقات الأندية بعد ختام الموسم الحالي 2024-2025 حيث احتل الدوري العماني المركز السابع عشر قاريا برصيد 26.1 نقطة، بينما واصل الدوري السعودي صدارته للترتيب القاري عقب النجاح المتلاحق لأنديته في دوري النخبة الآسيوي وصعود ثلاثة أندية للمربع الذهبي للنسخة الأخيرة
وجمعت الأندية السعودية ما مجموعه 119.957 نقطة، لتتربّع على قمة التصنيف، متقدمة على اليابان التي حلّت في المركز الثاني، وجمهورية كوريا التي جاءت ثالثة، وحلّت اليابان في المركز الثاني برصيد 107.663 نقطة، بعد وصول كاوازاكي فرونتال إلى نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة، وهو الظهور السادس لفريق ياباني في نهائي البطولة القارية الأولى على مستوى الأندية، أما جمهورية كوريا فقد جاءت ثالثة برصيد 90.982 نقطة، مستفيدة من بلوغ غوانغجو ربع نهائي دوري أبطال آسيا للنخبة في مشاركته القارية الأولى، إلى جانب وصول جيونبوك هيونداي موتورز إلى ربع نهائي دوري أبطال آسيا الثاني، وحجزت الإمارات المركز الرابع برصيد 74.5 نقطة، بعد تتويج الشارقة التاريخي بلقب دوري أبطال آسيا الثاني يوم الأحد الماضي، إلى جانب تتويج العين بلقب دوري أبطال آسيا 2023-2024.
واحتلت قطر المركز الخامس برصيد 69.3 ثم إيران 68.9 وتايلاند 54.9 والصين 54.7 وأوزبكستان 49.8 وأستراليا 40.4 وماليزيا 40 ثم العراق 39.3 والأردن 36.9 وفيتنام 35، حققت سنغافورة أكبر قفزة في التصنيف هذا الموسم، بصعودها ثمانية مراكز لتصل إلى المرتبة 15، بفضل الإنجاز التاريخي لنادي ليون سيتي سايلرز، الذي أصبح أول نادٍ سنغافوري يبلغ نهائي بطولة آسيوية كبرى عبر مشاركته في دوري أبطال آسيا 2، واحتلت البحرين المركز 16 برصيد 27.2 ثم سلطنة عُمان 26.1 والهند 25 وهونج كونج 24.4 وتركمانستان 24.2 والكويت 21.3 ولبنـان 20.3 نقطة.
فيما يخص توزيع المقاعد لموسم مسابقات الأندية الآسيوية 2026-2027، واصلت السعودية تصدّرها لمنطقة الغرب بحصولها على ثلاثة مقاعد مباشرة في دور المجموعات من دوري أبطال آسيا للنخبة، بالإضافة إلى مقعد في دوري أبطال آسيا 2، وجاءت الإمارات وقطر في المركزين الثاني والثالث في منطقة الغرب، حيث نالت كل منهما مقعدين مباشرين ومقعدا غير مباشر في دوري أبطال آسيا للنخبة، إلى جانب مقعد مباشر في دوري أبطال آسيا 2، وإيران مقعد مباشر في النخبة وآخر بالملحق بجانب آخر في دوري أبطال آسيا 2، بينما سيكون لدى أوزبكستان والعراق ملحق مباشرة بالنخبة وآخر في دوري أبطال آسيا 2، بينما الأردن والبحرين وعُمان والهند سيكون لها مقعد مباشر في دوري أبطال آسيا 2 وآخر عبر الملحق للمسابقة ذاتها.
بينما سيكون توزيع الأندية في الموسم القادم 2025-2026 من خلال ثلاثة مقاعد للسعودية في دوري أبطال آسيا للنخبة وآخر دوري أبطال آسيا 2، وتأتي في المرتبة الثانية الإمارات وقطر، حيث حصلت كل منهما على مقعدين مباشرين ومقعد واحد غير مباشر في دوري أبطال آسيا للنخبة، إلى جانب مقعد مباشر في دوري أبطال آسيا 2، وفي الشرق، تمتلك اليابان أكبر عدد من المقاعد المخصصة مع ثلاث بطاقات مباشرة إلى دوري أبطال آسيا للنخبة، بالإضافة إلى مقعد إلى دور المجموعات في دوري أبطال آسيا 2، وحصلت كل من كوريا الجنوبية والصين، على التمثيل ذاته مثل الإمارات وقطر، من خلال الحصول على مقعدين مباشرين ومقعد واحد غير مباشر في دوري أبطال آسيا للنخبة، إلى جانب مقعد مباشر في دوري أبطال آسيا 2، كما منح الاتحاد الآسيوي سلطنة عمان في الموسم القادم مقعدا مباشرا في بطولة كأس التحدي الآسيوي ومقعدا في ملحق التأهل لدوري أبطال آسيا 2.
وشارك السيب الماضي في ملحق دوري أبطال آسيا للنسخة 2023-2024 قبل أن يخرج أمام نادي أجمك الأوزبكي في 15 أغسطس من عام 2023 ، والسيب أعاد الأندية العمانية للملحق بعد غياب قرابة 9 سنوات حيث كان آخر تواجد في ملحق نسخة 2015 من البطولة نادي النهضة والذي شارك حينها بصفته بطل الدوري لموسم 2013-2014 ولعب أمام الجيش القطري وتقدم بهدف مبكر في استاد ثاني بن جاسم بنادي الغرافة ولكن في آخر 12 دقيقة تغيرت الموازين حينما سجل الجيش هدفا أول في الدقيقة 78 عن طريق ريبيرو ثم سجل لاعب نادي الاتحاد السعودي الحالي رومارينهو هدفا ثانيا عند الدقيقة 93 يتأهل الجيش للقاء نادي نفط طهران، وسبق النهضة نادي السويق حينما خاض ملحق نسخة 2014 بعد تتويجه بلقب الدوري 2012-2013 ولعب أمام القادسية الكويتي بإستاد السيب الرياضي فبراير من عام 2014 وقدم مباراة جيدة قبل أن يخسر أيضا عند الدقيقة 94 برأسية المحترف الإيفواري إبراهيما الكويتي ليصعد الأصفر الكويتي لمواجهة بني ياس الإماراتي.