فعالية سياسية بعنوان “طوفان الأقصى والخارطة المستقبلية لمحور المقاومة”
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
الوحدة نيوز/ عقدت بصنعاء اليوم، الفعالية السياسية المركزية بعنوان ” طوفان الأقصى والخارطة المستقبلية لمحور المقاومة في ظل المتغيرات الدولية الراهنة”.
وفي الفعالية التي نظمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحليين السياسيين – ممثلية اليمن، بالشراكة مع المؤسسة الأكاديمية للمؤتمرات والبحوث والتحكيم العلمي والمركز الإعلامي لمؤسسة كفل واللجنة العليا للفعاليات برعاية الهيئة العامة للزكاة، أكد رئيس الهيئة الشيخ شمسان أبو نشطان، أن العربدة الاسرائيلية وجرائم الابادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة وفلسطين المحتلة أسقطت المتشدقين بحقوق الإنسان، وكشفت الوجه القبيح للكيان الصهيوني وأمريكا ودول الغرب الداعمة لهذا الكيان.
وأشار إلى أن العالم المنافق يرى وحشية الكيان الصهيوني بحق مئات الآلاف من الاسر التي تباد في غزة بالغارات والقنابل المحرمة دوليا في جرائم نازية لم تحصل على مر التاريخ، لافتا إلى أن الكيان الصهيوني لم يكتف بذلك بل أنه يهدد باستخدام السلاح النووي لضرب غزة.
ونوه بالمواقف المشرفة للمقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى التي تنتصر للمسلمين والمقدسات الإسلامية في فلسطين .. مؤكدا أن محور المقاومة يقف إلى جانب الفلسطينيين في هذه المعركة المفصلية في تاريخ الأمة.
ولفت الشيخ أبو نشطان إلى المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع في نصرة فلسطين بالمال والسلاح والرجال، معتبرا مواقف الشعوب والمسيرات المليونية التي خرجت في بلدان العالم للتضامن مع الشعب الفلسطيني دليلا على أن هذا الكيان المجرم سيزول قريبا.
من جانبه حيا ممثل حركة الجهاد الاسلامي في اليمن أحمد بركة، محور المقاومة وفي المقدمة الشعب اليمني وقيادته الشجاعة ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والذي خرج بمسيرات حاشدة منذ الساعات الأولى للمعركة دعما وتأييدا للمقاومة في فلسطين.
وأشاد في كلمة فصائل المقاومة الفلسطينية، بمواقف دول محور المقاومة وأحرار الأمة والعالم الذين وقفوا سندا للمقاومة في مواجهة همجية الكيان الغاصب في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأنتقد المواقف الضعيفة لبعض الأنظمة العربية التي لا ترتقي إلى مستوى الحدث وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة جماعية على مرأى ومسمع من هذه الأنظمة وكل الأنظمة الدولية التي تتشدق بحقوق الإنسان وحماية المدنيين.
كما حيا أبطال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الذين يسطرون أروع الملاحم البطولية في مواجهة العربدة الصهيونية ويسجلون تاريخا جديدا في الصراع مع الكيان الغاصب ومن يقف خلفه من دول الغرب الكافرة وعلى رأسها الشيطان الأكبر أمريكا.
وأشار بركة إلى أن العدوان على غزة كشف الوجه القبيح للكيان الصهيوني وداعميه من الغرب المعادي للأمة الذي هب لدعم ومساندة هذا الكيان المجرم.. لافتا إلى أن عملية “طوفان الأقصى” أثبتت أن هذا العدو أضعف مما يتوقع الكثير من المنبهرين به بعد أن رأى الجميع فشله على كافة المستويات.
وأوضح أن عملية طوفان الأقصى تؤكد للمطبعين أن الكيان الذي يهرولون للتحالف معه عاجز عن حماية نفسه أمام المجاهدين في غزة فكيف له أن يقوم بحمايتهم.. مؤكدا أن هذا الطوفان سيجرف الاحتلال والذين يراهنون عليه ويسعون للتخلي عن فلسطين مقابل الحصول على صداقة هذا الاحتلال.
ولفت ممثل حركة الجهاد الإسلامي، إلى أن المجاهدين في المقاومة اليوم يخوضون هذه المعركة بكل قوة واقتدار معتمدين على الله وعلى إمكانياتهم التي طوروها وعلى دعم الأحرار الذين يرفضون الظلم ويقفون إلى جانب الحق الفلسطيني.
وقال: “من صنعاء الصمود نوجه رسالة للأمة أنه قد جاء الوقت الذي لا يجب أن يقاتل الفلسطيني فيه نيابة عنها، بل يجب على الأمة أن تقوم بواجبها تجاه فلسطين وتشارك في هذه المعركة كونها معركة الحق ضد الباطل”.. داعيا شعوب الأمة العربية والإسلامية إلى التخلص من القيود التي فرضتها عليهم أنظمتهم المطبعة والعميلة والتقدم لقتال هذا العدو المجرم ونصرة الفلسطينيين الذين ذاقوا كل ويلات الاحتلال والأسر والحصار.
وذكر أن عملية “طوفان الأقصى” عززت وحدة ساحات المقاومة في داخل فلسطين وخارجها من خلال دعم محور المقاومة للمجاهدين الفلسطينيين حتى صارت المعركة هي معركة المحور من لبنان إلى اليمن والعراق وسوريا وليس الفلسطينيين وحدهم.
وأكد أن غزة التي يهددونها اليوم بالسلاح النووي أصبحت أكبر من حقدهم وأقوى من مخططاتهم التي صاغوها في الغرف المظلمة.
فيما أشار المدير التنفيذي للرابطة الدولية لخبراء والمحللين السياسيين- ممثلية اليمن حمدي الرازحي، إلى أن معركة “طوفان الأقصى” تمثل انتصارا للقضية الفلسطينية قضية الأمة المركزية التي آمن بها الشعب اليمني وحملها عتادا وجنادا وقوة ورجالا.
وأكد أن القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان الجمعي للشعب اليمني وستظل خالدة شامخة شموخ أهلها وأبطالها.. مبينا أن طوفان الأقصى أسهمت بحضورها الفعال وأدبياتها ووقائعها وأحداثها أن الشعب الفلسطيني قادر على رسم مسار الأحداث في ظل وضع مأساوي وخنوع تعيشه الأمة العربية والاسلامية.
وذكر أن هذه العملية بما حققته من انجازات كشفت زيف المزاعم التي تسوق لها المؤسسات الاستخباراتية والمراكز الإعلامية والبحثية الغربية بأن جيش “إسرائيل ” لا يقهر.
وقال “نعيش اليوم حرب مصطلحات ومفاهيم لتضليل الأمة، تستوجب من جميع المؤسسات الاعلامية والبحثية والثقافية التركيز في فضح تلك المفاهيم حتى نؤصل لوعي مقاوم قادر على الصمود والبقاء”.. مشيرا إلى أن الخارطة المستقبلية لمحور المقاومة، تتمثل في عصر المقاومة الحالية والانتصار للقضية الفلسطينية والاندحار لهذا الكيان.
ودعا الرازحي، إلى تضافر جهود الجميع للانتصار لهذه القضية المركزية المحورية، فالأمة العربية والإسلامية لن تقوم لها قائمة ما دام هذا الكيان الغاصب موجود على أرض فلسطين.
بدوره تطرق رئيس مؤسسة كفل التنموية علي بيضان، إلى الأبعاد الاستراتيجية التي حققتها عملية “طوفان الأقصى” والتي تمثل الانتصار الحقيقي الذي هزم أكبر ترسانة عسكرية واستخباراتية وتكنولوجية لجيش كان يتم تسويقه على أنه الجيش الذي لا يقهر.
وقال ” لقد انتصرت حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية رغم فارق القوة والعدد وسطرت عملية طوفان الأقصى صفحة جديدة في سجل المقاومة، وسيشهد العالم مرحلة جديدة من مراحل التصدي للكيان المؤقت ومؤامرات الغرب الاستكباري”.
ولفت إلى أن اسرائيل ستبقى مرعوبة من تداعيات وآثار هذا الانتصار لعقود طويلة من الزمن وإن حاول الكيان المؤقت إظهار غير ذلك، منوها إلى أن انتصار عملية طوفان الأقصى أسهم في تنمية الوعي لدى شعوب المنطقة بشكل غير مسبوق والذي سيؤسس لمرحلة مفعمة بروح الثورة والمقاومة والتصدي لمؤامرات قوى الاستكبار في المنطقة وليس في فلسطين وحسب.
وأكد بيضان، أهمية العمل في هذه المرحلة على ترسيخ قيم الوحدة الإسلامية انطلاقا من وحدة القضية المصيرية للأمة وفق منهجية واحدة ورؤى مستنيرة.
وقُدمت في الفعالية التي حضرها، رئيس قطاع التعليم والثقافة والإعلام حسن الصعدي، ونائب وزير الثقافة محمد حيدرة وعدد من قيادات الجهات والمؤسسات الحكومية والجهات المنظمة وممثلو فصائل المقاومة الفلسطينية، خمس أوراق عمل، تناولت الأولى لرئيس الهيئة العامة للكتاب عبدالرحمن مراد ” الواقع العربي .. بين طوفان غزة .. وأبعاده النظرية”، في حين ركزت الثانية لعضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين فرع اليمن سليم الجعدبي على ” الآثار الاقتصادية لعملية طوفان الأقصى على الكيان الصهيوني المؤقت وعلى الاقتصاد العالمي”.
فيما قدم الدكتور عبدالملك عيسى الورقة الثالثة بعنوان “عملية طوفان الأقصى وانعكاساتها على اليمن .. السيناريوهات والتوقعات”، وقدم العميد الركن عابد الثور قراءة عسكرية تحليلية بعنوان ” طوفان الأقصى .. أفق المقاومة .. وأبعاد المؤامرة “، وركزت الورقة الخامسة للدكتور يحيى السقاف، على الأبعاد والتداعيات لعملية طوفان الأقصى.
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي المقاومة الفلسطینیة عملیة طوفان الأقصى الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی محور المقاومة هذا الکیان إلى أن
إقرأ أيضاً:
باستثناء إسرائيل صدى طوفان الأقصى يتردد في ثورة بنغلاديش
يوشك أن يمضي عام كامل على إحدى أكثر اللحظات السياسية درامية في جنوب آسيا خلال القرن 21. فخلال صيف 2024، تحوّلت بنغلاديش من دولة يحكمها نظام استبدادي مستقر، إلى دولة تعيش مخاض تحول جذري تقوده حكومة انتقالية نشأت من رحم ثورة شعبية استلهمت طاقتها من أبعد نقطة في غرب آسيا؛ من طوفان الأقصى في قطاع غزة المحاصر.
ففي أغسطس/آب 2024، وبعد أسابيع من القمع الدموي الذي أودى بحياة أكثر من 1000 شخص، فرت الشيخة حسينة من البلاد، منهية عقدين من حكمها الاستبدادي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نهاية المرأة الحديدية.. كيف أطاحت الاحتجاجات برئيسة وزراء بنغلاديش؟list 2 of 2ما الذي تغير ليرفض الغرب حرب الإبادة على غزة؟ ولماذا الآن؟end of listوسرعان ما عُيّن محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام، رئيسًا لحكومة انتقالية. وعودة يونس من منفاه الأوروبي لم تكن بوصفه اقتصاديًا فقط، بل لكونه رمزا أخلاقيا للعدالة الاجتماعية والتغيير في أعلى مستوياته. وقد اتسم خطابه الأول بنبرة هادئة، لكن هذا الهدوء حمل معه وعدا وتهديدا بمحاسبة القتلة، وتفكيك أجهزة القمع، وإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع.
من المدهش حقًا أن تندلع شرارة ثورة شعبية في بنغلاديش بسبب مشاهد القصف في غزة. ففي خريف 2023، اجتاحت المظاهرات الجامعات والشوارع في البلاد تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وما تلاه من حرب إبادة شنّتها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
إعلانغير أن شعارات التضامن مع غزة تحولت بسرعة إلى هتافات ضد القمع المحلي، وصارت صورة الطفل الغزّي المذبوح انعكاسا لمشهد طفل بنغالي فقير تدهسه قوات الشرطة في دكا. ومن هنا، تحولت المظاهرات من تضامنية مع غزة، إلى ثورية تطالب بإسقاط النظام في بنغلاديش.
استمرت المظاهرات، وتصاعدت في الصيف وكان الطلاب في صدارتها، وفي نهاية المطاف رحلت الشيخة حسينة، وعاد محمد يونس بعد أن كان منفيّا إلى البلاد التي كانت شوارعها لا تزال غارقة بدماء المتظاهرين، وثلاجات الموتى فيها ممتلئة بجثث أكثر من 1000 متظاهر وطفل اخترقت أجسادهم رصاصات رجال شرطة نظام الشيخة حسينة.
ومع أن حوارات محمد يونس منذ توليه منصبه تبدو متسمة بالهدوء وضبط الأعصاب، وخالية من الراديكالية أو محاولة استثارة غضب أي طرف داخلي أو خارجي، فإن بنغلاديش شهدت الكثير من التغيرات خلال الشهور التي أعقبت نجاح الثورة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
مشهد سياسي متغيرمنذ اليوم الأول لإدارته، أعاد يونس فتح المجال العام في بنغلاديش، وأفرج عن آلاف المعتقلين السياسيين وأوقف الرقابة على الإعلام. وفي المجمل، عادت الحياة السياسية بقوة، لكن هذا الانفتاح قاد لاستقطاب جديد.
في الشارع البنغالي ظهرت قوى إسلامية محافظة كانت محظورة في عهد حسينة، وعلى رأسها حركة "حفظة الإسلام"، و"الجماعة الإسلامية"، و"حزب التحرير"، كلها خرجت إلى العلن تطالب بدور أكبر للإسلام في التشريع، والتعليم، والمجال العام، وهو ما بدا واضحًا في أبريل/نيسان 2025 حين اجتمعت حشود ضخمة في العاصمة البنغالية دكا من مختلف الأحزاب والمنظمات الإسلامية والقومية، لترفع علم فلسطين وتعلن عن دعمها الكامل لغزة في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية.
اللافت للنظر هنا أن الجهات المشاركة في المظاهرات، مثل الحركة الإسلامية البنغالية، وحزب المواطن القومي، وحزب الجماعة الإسلامية، وحزب عمار، وحركة حفظة الإسلام، والحزب الوطني البنغالي، قد امتنعوا عن رفع أية شعارات فئوية أو رفع أية أعلام حزبية؛ إذ رفعوا علميّ فلسطين وبنغلاديش فقط، ورددوا هتافات منددة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لدعمهما دولة الاحتلال الإسرائيلي.
إعلانوفي ظلال هذا التوجه الواضح منذ شهور في الشارع البنغالي لنصرة القضية الفلسطينية والسخط على جيش الاحتلال وحلفائه، أعادت سلطة البلاد الانتقالية وضع عبارة "صالح لكل البلدان باستثناء إسرائيل" على جوازات السفر البنغالية، وهي العبارة التي ألغاها نظام الشيخة حسينة الاستبدادي من الجوازات.
وفي غمرة المظاهرات الشعبية، شهدت العاصمة دكا مظاهرة لحشود ضخمة من مؤيدي حركة "حفظة الإسلام" التي تسعى لتعزيز التوجه الديني المحافظ في البلاد، للمطالبة بإلغاء لجنة إصلاح شؤون المرأة التي شكلتها إدارة يونس الانتقالية، معتبرين أن تلك اللجنة ومثيلاتها تستقي أفكارها من منابع مخالفة للقرآن والسنة النبوية.
وعرضت الحركة بديلًا وهو أن يتم تشكيل لجنة أخرى للمرأة تضم علماء مسلمين ونساء منتميات للتيار الإسلامي، مؤكدة أن الإسلام هو المنبع الأساسي لهذا المجتمع والممثل الرئيسي له، ومشددة على رفضها أية إصلاحات على النمط الغربي لا تراعي الدين. وعلى جانب آخر كانت "الجماعة الإسلامية" قد نظمت مظاهرات حاشدة هي الأخرى تزامنًا مع عيد العمال، داعية إلى تعزيز حقوق العمال البنغال، وإيقاف استغلال أصحاب المصانع لهم.
تلك المظاهرات وغيرها أعطت صورة يصعب التشكيك فيها أن قطاعات واسعة في الشارع البنغالي تريد التعبير عن نفسها بعد سنوات من القمع، وتريد توجيه دولتها الجديدة باتجاه قومي إسلامي محافظ يراعي حقوق العمال والطبقات الفقيرة، ويبتعد أكثر عن الهند، ويقترب أكثر من العالم الإسلامي.
هذا التوجه أثار قلق الكثيرين في الخارج، كما العادة. وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية فإن يونس بات "متهما" بأنه لم يبذل الجهد الكافي لإيقاف تصاعد ما وصفوه بـ "اليمين الإسلامي المحافظ" في البلاد، بعكس الشيخة حسينة التي قررت حظر الأحزاب الإسلامية واضطهدت القادة الإسلاميين في بلادها.
إعلاناليوم، يمنح يونس الحرية الكاملة والتامة للإسلاميين لممارسة نشاطاتهم وتوسيع قواعدهم الشعبية. وبحسب الصحيفة، فقد وصل الأمر إلى حد إيقاف مباريات كرة القدم للفتيات البنغاليات بسبب تنديد الجماعات الإسلامية المحافظة بهذا النشاط.
أما مجلة فورين بوليسي الأميركية فقد نشرت مقالًا ينتقد يونس بسبب فشله في كبح من أسمتهم "المتعصبين الإسلاميين"، ومنحهم الفرصة لتصدّر المشهد ورفع الحظر عن جماعاتهم، بل وترددت المجلة في وصف الدافع الذي جعل يونس متساهلًا مع الإسلاميين، فهي لا تدري إن كان متساهلًا لأنه غير قادر على كبح تلك الجماعات أم لأنه غير راغب في ذلك.
كما ادعى المقال أن بعض المتعصبين الإسلاميين استهدفوا أفرادًا من الأقليات الأحمدية والهندوسية مما يعزز الطائفية في البلاد، مشيرا إلى أن "أسلمة الحياة العامة" في بنغلاديش قد تؤدي أيضًا إلى تدهور غير مسبوق في العلاقة بين البلاد وجارتها الهندوسية الهند.
السياسة الخارجية تتغير أيضًاهذه التغيرات الداخلية وبروز الحس القومي الإسلامي داخل بنغلاديش صاحبتها إعادة رسمٍ حذرة للسياسة الخارجية للبلاد في عهد إدارة يونس الانتقالية، ويعد التوجه الأكثر وضوحا لهذه السياسة هو الابتعاد أكثر فأكثر عن الهند التي يعتبرها المواطنون البنغال شريكا رئيسيا في قمعهم، بسبب تحالفها مع رئيسة الوزراء السابقة حسينة واجد، في مقابل الاقتراب أكثر نسبيا من باكستان، التي طالما تمتعت بعلاقات متوترة مع بنغلاديش منذ الانفصال بين البلدين عام 1971.
ففي أبريل/نيسان الماضي أقدمت بنغلاديش للمرة الأولى منذ 15 عامًا على إجراء مباحثات دبلوماسية مع جارتها باكستان، وسهّلت الكثير من إجراءات التأشيرات للباكستانيين الراغبين في زيارة البلاد، كما أظهرت تساهلًا مع مواطنيها الراغبين في زيارة باكستان. وفي ظل هذه الانفراجة السياسية بين البلدين، ظهرت أيضًا انفراجة أخرى بين رجال الأعمال في البلدين، وفتحت البلدين النقل البحري المباشر بينهما.
إعلانالأهم أن حكومة يونس تظهر ميولا واضحا في سياساتها تجاه الصين، بل وصل الأمر إلى أن يونس في زيارته إلى بكين في مارس/آذار الماضي عرض عليها أن تكون بلاده منفذًا لتوسيع النفوذ الصيني في جنوب آسيا على حساب الهند.
كما أشار صراحة إلى أن شمال شرق الهند منطقة غير ساحلية تمامًا، وأن بنغلاديش تتحكم في وصولها إلى المحيط، داعيا الصين إلى تعزيز استثماراتها في تلك المنطقة، في مغازلة جيوسياسية واضحة لبكين، لم تخل من استفزاز واضح لنيودلهي، نظرا لأن ممر سيليغوري، الذي يبلغ عرضه 22 كلم عند أضيق نقطة، يمثل نقطة الضعف الكبرى في الجغرافيا الهندية، ويمثل شريان حياة للولايات المتاخمة للصين وميانمار.
من جانبها، لم تفوت الصين مغازلات بنغلاديش وقابلتها بمبادرات سخية، حيث منحت الصادرات البنغالية إعفاء كاملا من الرسوم الجمركية، وتعهدت باستيراد المزيد من السلع منها.
وحصل يونس على التزام بتمويل صيني بقيمة 2.1 مليار دولار، إلى جانب اتفاقيات تعاون في مجال البنية التحتية والتعاون العسكري، وهو ما أثار مخاوف الهند من كابوس جيوسياسي واضح: بنغلاديش المعادية، المتحالفة مع الصين وباكستان، تُهدد بخنق ممر سيليغوري، وعزل الشمال الشرقي الهندي.
لا يعد هذا مجرد افتراض نظري، فقد سبق أن شنت الهند توغلا خطيرا داخل الحدود الصينية في يونيو/حزيران 2017 لمنع العمال الصينيين من بناء طريق، بسبب مخاوفها من اقتراب بكين من ممر سيليغوري. ويبدو أن الهند تفهم جيدًا توجهات يونس الجديدة، ومن ثم فهي تظهر لإدارته العين الحمراء تدريجيًا.
بادئ ذي بدء، رفضت نيودلهي منع الشيخة حسينة من إصدار خطاباتها وبياناتها من داخل الهند التي ترى إدارة يونس أنها تحاول زعزعة الأمن الداخلي في بنغلاديش من خلالها، كما اتخذت قرارات صارمة ضد بنغلاديش بإيقاف التسهيلات التي اعتادت أن تقدمها لدكا فيما يتعلق باستخدام الموانئ والمطارات الهندية لتصدير البضائع، وهي الخطوة التي رأى الكثير من الخبراء أن دافعها ليس اقتصاديًا فقط، بل سياسيًا أيضا في ظل توجهات ونوايا بنغلاديش الجديدة، والتي قد تشتمل على إنشاء قاعدة مدعومة صينيًا قرب الممر البري الهندي الضيق.
إعلانيظهر إذًا بوضوح أن إدارة يونس تسعى لإعادة توجيه السياسة الخارجية لبلاده، لكن يونس مع ذلك يحاول أن يكون ماهرًا ومتأنيًا في مسعاه، ففي حواراته المسجلة يتجنب دائمًا الحديث عن "جارته الكبيرة" بشكل ندّي أو عدائي، ولا يحاول أن يصف العلاقات بين البلدين بأنها دخلت في طور جديد أو في مرحلة فتور، وإنما يستخدم لغة دبلوماسية تؤكد أن البلدين يحاولان أن يصلا دائمًا إلى ما هو أفضل لكليهما، وأن هناك بعض الملفات التي يجري الحديث والتشاور بشأنها ليس إلا، وأن العلاقة لا تشهد فتورًا، ومن تلك الملفات منع الشيخة حسينة من استخدام الهند "منبرا لزعزعة السلم العام في بنغلاديش".
ونتيجة لعدم استخدامه لهجة عدائية مباشرة مع الهند، فقد التقى يونس في أبريل/نيسان الماضي رئيس وزراء الهندي ناريندرا مودي على هامش قمة إقليمية في تايلند، أكد فيها مودي رغبته في رؤية بنغلاديش دولة ديمقراطية وعادلة وتقدمية وحامية للأقليات داخلها.
لذلك وبحسب مجلة "ذي دبلومات"، فإن يونس يبدو ناجحًا للغاية في سياسته الخارجية، إذ استطاع أن يبرم مع الصين عدة صفقات، وتواصل بشكل براغماتي مع رئيس الوزراء الهندي مؤخرًا، وفي الوقت نفسه استطاع أن يكون مقنعًا للإدارة الأميركية على نحو يجعلها تدعم حكومته.
الاستقطاب يسود المشهد.. والجيش حاضرهذا النجاح الخارجي لا يعني أن كل شيء سيكون على ما يرام بالضرورة، فالواقع أن البلاد تشهد انقسامًا حادًا على المستوى الداخلي.
وبحسب مجلة "ذي دبلومات" تشهد بنغلاديش انقساما سياسيًا متفاقمًا، إذ يريد شباب الثورة من يونس إجراء إصلاحات دستورية وقانونية وهيكلية قبل إجراء أي انتخابات، وذلك لأنه -بحسب رأيهم- إذا لم يتغير شكل النظام من الأساس فسيعود استبداد نظام حسينة، لكن في ثوب آخر، ومن ثم فإن تغيير البيئة -من وجهة نظرهم- أهم من الانتخابات في حد ذاتها.
إعلانعلى الجانب الآخر، يرى الحزب الوطني البنغالي، وهو الأكثر اهتمامًا بإجراء الانتخابات سريعًا لاعتقاده بأنه سيفوز بها، أن يونس يستخدم تكتيكات تصب في مسار تأجيل الانتخابات الديمقراطية.
هذا الانقسام والاحتقان في بنغلاديش، قد يقود -بحسب مجلة "ذي دبلومات"- إلى عودة الاحتجاجات في الشوارع بين الأطراف والأحزاب المتنافسة، علمًا بأن يونس وعد منذ البداية بأن يسلم السلطة في مارس/آذار 2026 كحد أقصى.
جدير بالذكر أن إدارة يونس ومعها قطاع عريض من شباب الثورة، يرون أنه لا يمكن إجراء انتخابات قبل الانتهاء من "ميثاق يوليو" الذي تُعده لجنة وطنية من خلال النقاش والتفاهم مع مختلف الأطراف السياسية في البلاد، والذي يهدف في النهاية إلى بناء "إطار لدولة ديمقراطية تضمن حقوق كل المواطنين واستقلال القضاء"، بغض النظر عن الفائز القادم في الانتخابات.
ولا يخلو هذا المشهد المضطرب من صوت الجيش البنغالي أيضًا، إذ صرح قائده واكر الزمان بأن البلاد في حالة فوضى، وأنه إذا استمرت الانقسامات والاضطرابات على هذا النحو فستكون سيادة البلاد في خطر. وكعادته، لم يتعامل يونس مع تلك التصريحات بلهجة صارمة، وأكد أنه لا يتعرض لأي ضغط من المؤسسة العسكرية، وأنه يتمتع بعلاقة جيدة وقوية معها.
مشكلة أخرى تواجه الإدارة الانتقالية وهي مسألة الأمن، صحيح أن إدارة يونس استطاعت أن تحاكم كبار ضباط الشرطة الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة في عهد الشيخة حسينة، وأخلت مقرات التعذيب السرية من المعارضين الذين كانوا فيها، مع تحسن واضح في الوضع الأمني بعد فرار الشيخة حسينة بحسب "فورين بوليسي" الأميركية.
هذا التحسن، دفع منظمة "هيومن رايتس ووتش" في يناير/كانون الثاني الماضي إلى الإشادة بإدارة يونس بسبب التقدم الكبير الذي أحرزته في تحديد مراكز الاحتجاز السرية، كما أن الجيش تعامل بجدية مع حادثة وفاة شاب من الحزب الوطني البنغالي بعد احتجازه لديه، وعزل الضابط الذي احتجزه، كما أن إدارة يونس أدانت الحادثة على الفور، وهو ما لم تكن تفعله الحكومات السابقة في حوادث مشابهة.
إعلانلكنّ هذا كله يترافق مع غياب نسبي للأمن في الشوارع، رغم نفي يونس لهذا الأمر، فالشرطة تبدو مترددة في العودة لممارسة عملها بشكل جاد، وهو حال أشبه بما حدث في مصر بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ومن ثم تجد العصابات في شوارع البلاد مرتعًا لها، حيث تمارس مختلف أشكال الجرائم، وقد وصل الأمر -بحسب مجلة "ذي دبلومات"- إلى حرق المتظاهرين دمية تمثل وزير الداخلية، مطالبين بإقالته بسبب تفشي الجريمة في البلاد.
وبحسب "هيومن رايتس ووتش" فإن قوات الأمن ما زالت تكرر أنماطها المألوفة من الانتهاكات ضد بعض المواطنين، حتى بعد إسقاط نظام الشيخة حسينة.
يضاف إلى ذلك أنه بالرغم من أن صورة يونس لا تزال ناصعة في عيون قطاع عريض من المواطنين، حتى أن الحزب الوطني البنغالي الذي ينتقده؛ يُقر بالاستقرار والنجاح النسبيين لإدارته بحسب منصة "بينار نيوز" المتخصصة في الشأن الآسيوي، فإن بعض مزاعم الفساد حول أفراد مقربين منه ومن حكومته -بحسب "ذي دبلومات"- تساهم في زيادة أعباء المرحلة الانتقالية. ومع أن هذه المزاعم تعاملت معها جهات مكافحة الفساد بجدية، فإن كثرة الأخبار حولها تجعل المرحلة الانتقالية أكثر صعوبة.
كان البنك الدولي قد توقع في بداية هذا العام أن تحقق بنغلاديش نموًا اقتصاديا بنسبة 4.1% في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو/حزيران القادم، لكنه عاد مؤخرًا ليخفض توقعاته إلى 3.3%، وهو أبطأ معدل نمو تشهده البلاد منذ 36 عامًا.
ويعود هذا الانخفاض -بحسب البنك الدولي- إلى الضبابية السياسية وانخفاض الاستثمارات وارتفاع التضخم وتزعزع الاستقرار في القطاع المالي، علمًا بأن كل نقطة انخفاض تهدد بفقدان شريحة واسعة من المواطنين البنغال لأعمالهم.
إعلانمع ذلك، لا يوجه الكثير من الاقتصاديين أصابع الاتهام إلى إدارة يونس في هذا الشأن بعدما استطاعت الحصول على دعم بمليارات الدولارات من مؤسسات وأطراف مختلفة، وذلك لأن يونس تسلم مقاليد الأمور في البلاد وهي تتعرض لدرجة عالية من "النهب" بحسب مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، إذ كانت احتياطيات النقد الأجنبي ضئيلة للغاية، ومعدل تضخم أسعار المواد الغذائية في حدود 15%، بل إن "بينار نيوز" تشير إلى أن يونس استطاع تعيين مسؤولين ووزراء أكفاء للتعامل مع المشاكل الاقتصادية التي ربما كانت مرشحة للتفاقم أكثر من ذلك.
وبحسب "ذي فايننشال إكسبرس" الهندية، فإن إدارة يونس الانتقالية أعادت بجدارة هيكلة القطاع المالي المنهار وتنظيمه، واستخدمت أدوات السياسة النقدية لكبح التضخم، ورشّدت إنفاق القطاع العام وبذلت محاولات جادة لاستعادة الأموال من الملاذات الآمنة.
كما أنه ولأول مرة منذ سنوات وبحسب نفس الصحيفة، لم ترتفع أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان المنصرم في بنغلاديش. وجدير بالذكر هنا أن إدارة يونس أجرت دراسة عميقة من 385 صفحة، خلصت فيها إلى أن أرقام النمو في عهد الشيخة حسينة كانت مفبركة ومبالغا فيها، وأنه لم تكن هناك معجزة اقتصادية في البلاد مثلما حاول النظام السابق تسويقه بحسب "ذي إيكونوميست" البريطانية.
ومع ذلك، فإن صندوق النقد الدولي وبنك التنمية الآسيوي يتوقعان انتعاشًا تدريجيًا للاقتصاد البنغالي على المدى المتوسط، إذا ما استطاعت البلاد أن تواجه تحدياتها بالتخطيط والحكمة اللازمة.
وقد صرح خبير الاقتصاد الكلي ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الفكرية "بوليسي إكستشانج البنغالية" لصحيفة "داكا تريبيون" واسعة الانتشار في البلاد، أنه بالرغم من أن الاقتصاد يتحرك ببطء، فإنه يتجه في الواقع ناحية التعافي، وأن توقعات البنك الدولي مؤخرًا لا ينبغي أن تُفسَّر بأنها تشير إلى كارثة اقتصادية مرتقبة في بنغلاديش.
إعلان