عالج مفتشو البيئة في المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي 2650 شكوى تلوث بيئي منذ مطلع عام 2023، عبر الرقم المخصص للبلاغات البيئية 988 .

وكشف تقرير المركز عن ارتفاع نسبة الوعي البيئي لدى المواطنين خلال الربع الثالث بنحو 70%، مقارنة بالربع الأول، نتيجة مساهمة المبلغين في الحد من التلوث السمعي أو تلوث الأوساط البيئية من ماء وهواء وتربة.

وكشف تقرير الربع الثالث للمركز عن معالجة 1337 بلاغًا بيئيًا أثر على جودة الحياة في المناطق السكنية والصناعية، مثل ارتفاع مستوى الضوضاء أو انتشار الروائح الضارّة وانبعاثات الأدخنة الضارّة.

وأوضح المركز في تقريره الربعي أن مسار الرقابة على الالتزام بمعايير واشتراطات البيئة أخذ منحى تصاعدياً، في عدد الجولات الرقابية على المنشآت ذات الأثر البيئي، إذ بلغت 31 ألف جولة منذ مطلع العام الجاري، مرتفعةً في الربع الثالث فقط بنسبة 43% مقارنة بالربعين الأول والثاني معاً، وتزامن ارتفاع الرقابة المجدولة على كافة المنشآت المرخصة بيئية مع ارتفاع مماثل لعدد البلاغات البيئة التي يباشرها مفتشي البيئة .

وأشار التقرير الربعي للمركز إلى أن 30% من المشاكل البيئية التي عانى منها السكان تتعلق بالتلوث الضوضائي، الناتجة عن أسباب عدة منها الأعمال الإنشائية خارج ساعات العمل المصرح بها، فيما بلغت نسبة البلاغات المتعلقة بالروائح الضارة 23% تمّ تحديد مصادرها من قبل مفتشي المركز وإبلاغ الجهة المتسبّبة لإزالة أسبابها، كما أنهى المركز البلاغات الواردة حول الأدخنة داخل المناطق السكنية والصناعية والتي بلغت نسبتها 13%، وذلك عبر التأكد من بقاء مؤشرات جودة الهواء في مستويات آمنة. 

وتنوّعت باقي بلاغات البيئة حول وجود بقع زيتية وانتشار عوالق ترابية، التي تعزى سببها إلى أعمال البناء والتجريف.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: المركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي

إقرأ أيضاً:

غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء

بقلم : سمير السعد ..

في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:

“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”

ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:

“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”

هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.

تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:

“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”

هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:

“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”

فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:

“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”

في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.

ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:

“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”

فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:

“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”

بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:

“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”

لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:

“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”

وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:

“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”

ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.

غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.

شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.

في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • مؤسسة جودة الحياة: منتدى أفريقيا خضراء منصة حوار لمواجهة التحديات
  • الأحساء.. معالجة 571 بلاغًا بيئيًا خلال الربع الأول من 2025
  • البرلمان يدعم خطة تطوير العواصم: تحسين جودة الحياة وتعزيز الجذب الاستثماري
  • هنا جودة تتأهل للدور الثالث ببطولة العالم لتنس الطاولة
  • الفيصل الزبير يحصد المركز الثالث في حلبة زاندفورت الهولندية
  • نيجيريا تحرز المركز الثالث في كأس افريقيا للشباب بعد تغلبها على مصر
  • إليك أسعد خمس مدن في العالم لعام 2025 بحسب معهد جودة الحياة
  • «هلال الباحة» يتعامل مع أكثر من 3,800 بلاغ إسعافي خلال الربع الأول من عام 2025
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • مهرجان الورد في أربيل.. تنوع نباتي ووعي بيئي متزايد بيومه الثالث (صور)