ترتبط المجتمعات الإنسانية في كل مراحل التاريخ بالنخبوية، وتبقى المساواة المطلقة في كل الأحوال حلمًا من الأحلام. حيث تكون هناك دائمًا أقلية من الحكَّام (النخبة) تنفرد بالسلطة وبيدها زمام الأمور، وتستحوذ أيضًا على أغلب المناصب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والإعلامية والدينية، في الوقت الذي يتم فيه تغييب أغلبية الشعب عن صنع القرار أو المشاركة فيه.
ومصطلح «النخبة» Elite وفقًا لقاموس كامبردج لعلم الاجتماع هو أن النخبة: هي الفئة المسيطرة على موارد الطاقة المتركزة في المؤسسات الكبرى، على سبيل المثال رأس المال، والسلطة، ووسائل الإكراه، والاتصال الجماهيري، والمعرفة، والكاريزما، وكذلك قدرة مجموعات النخب العمل بشكل جماعي. وتظهر النخب في جميع المجتمعات المنظمة، وعلى وجه الخصوص في الدول البيروقراطية القوية. لذلك يُعَدُّ الجزء الأكثر وضوحًا من النخبة الوطنية هي النخبة السياسية (القادة).
كما تشير كلمة «النخبة»؛ في الدراسات السوسيولوجية الوصفية؛ إلى تلك الفئة المالكة للقوة، والمال والمؤهلات، والامتيازات. وينتمي إلى هذه الفئة السياسيون ورجال الدين، والمثقفون، والمجرمون، والناجحون، ويمكن التعبير عن هذا المعنى على نحو آخر؛ فنقول إن «النخبة» هى فئة يمكن النظر إليها بوصفها تتميز عن الأنواع الأخرى من الفئات الاجتماعية بامتلاكها نوعًا ما من القوة. وهناك نوعان من «النخبة»: واحدة تشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في الحكومة، أي «النخبة الحاكمة، أو الطبقة الحاكمة، والأخرى لا تشارك في الحكم، وإنما تمتهن العلم أو الفنون وهي نخب غير حاكمة. وبذلك نجد أن النخبة تتحكم في السلطة؛ ليس فحسب في مجالها الخاص، بل أيضًا في مجال الشؤون العامة.
تتميز النخبة بأنها على درجة عالية من الثقة بالنفس والحصافة والقدرة على رؤية مواضع ضعف الآخرين وحساسيتهم، واستغلال ذلك لمصلحتها الخاصة، بينما تكون الجماهير عادةً مرتبكة ومحاصرة في شبكة من المشاعر والأحكام المسبقة، وهذا يبرر وجود مجتمع منقسم إلى قسمين: الأول تسوده المعرفة، والثاني تسوده المشاعر، بحيث يكون الفعل قويًا وحكيمًا. بهذا المعنى، تتمتع النخبة بالوصاية الكاملة على كافة قضايا المجتمع التي تواجهها، بمعنى يسود الموقف الذاتي لهذه النخبة أو تلك المجموعات النخبوية، وليس تعبيرًا عن الواقع الموضوعي. لذلك تعتقد النخب أن لديهم الحقيقة المطلقة، ومِنْ ثَمَّ لديهم الحق في الرفض أو الإثبات المطلق.
إن امتلاك الثروة تؤهل للوصول للمكانة النخبوية في حال ارتباطها بالسلطة والأشخاص الأقوياء، ولكن امتلاك الثروة وحدها لا تضمن الوصول للمكانة النخبوية، لأنه من الممكن أن يتحول الرأسمالي إلى مجرد مستثمر إذا لم يتمكن من توجيه رأسماله لحشد عشائري وحزبي من أجل الدعم والوصول إلى حالة النفوذ السياسي.
إن فكرة تمايز النخبة، أي عدم المساواة في قدرات الأفراد، هي فكرة تُعبر عن مبدأ ثابت لتوصيف حالة انقسام المجتمع، التي يُنْظَر إليها بوصفها مسألة حتمية لا مناص منها. ويستند التمييز بين فئة من الناس وأخرى فيما يتعلق بإمكاناتها، ونشاطاتها، إلى جملة من المؤشرات المتعلقة بالقدرات الجُسمانية والعقلية، مثل: المهارات والذكاء وغيرها مما يسمح به المجال العام لتمكين جماعة ما تمثل أقلية من احتلال مكانة اجتماعية عالية.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
الإسكان: تحسين بيئة الاستثمار وإدارة منظومة المياه في ورشتي عمل بـ 15 مايو
قال المهندس علي سعد، رئيس جهاز تنمية مدينة 15 مايو، إنه تم عقد ورشة عمل تدريبية تحت عنوان "التجميل الميداني والتنسيق الحضري في إطار التحديات ورؤية مصر 2050"، بهدف تحسين بيئة الاستثمار، وتدريب العاملين على تحقيق تلك الأهداف، وذلك بمشاركة الإدارات المعنية بالجهاز وأعضاء لجنة 2050 من الأجهزة المختلفة.
يأتي ذلك في ضوء توجيهات المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بأهمية التركيز على إدارة ومتابعة تحسين بيئة الاستثمار بالمدن الجديدة، بهدف تعظيم أصول هيئة المجتمعات العمرانية والأجهزة التابعة لها، ودعم الحوكمة الرشيدة كأحد مرتكزات رؤية مصر 2050.
وألقى الدكتور أسامة محمد علي، مدير عام التجميل بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، كلمة تناول خلالها أهمية التنسيق الحضري والتجميل الميداني كأدوات فاعلة في تحقيق بيئة عمرانية متكاملة تواكب تطلعات الدولة وتدعم مناخ الاستثمار بالمدن الجديدة، بجانب توضيح سعي هيئة المجتمعات العمرانية إلى تبنّي رؤى جديدة لتمويل مشروعات التجميل والتطوير من خلال الشراكة المجتمعية مع القطاع الخاص، بما يتيح تنفيذ المشروعات دون تحميل الدولة أعباء مالية إضافية.
كما تناولت ورشة العمل، رؤية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، نحو تحقيق طموحات التطوير الحضاري بالمدن الجديدة، وتوفير الموارد من عائد هذه المشروعات، مع الحفاظ على التنسيق العمراني والهوية البصرية، ويتم تنفيذ المشروعات باستخدام أفكار مبتكرة ومتكاملة، بما يحقق عوائد مادية ويشجع الشركات والمؤسسات على المشاركة في تنمية المدن.
وشهدت الورشة حضورًا مميزًا لفريق عمل "رؤية مصر 2050" بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والذي ضم الدكتورة أماني ممدوح، والمحاسب سامح مجدى، والدكتور محمد السرنجاوي.
وفي السياق ذاته، استضاف جهاز تنمية مدينة الصالحية الجديدة، ورشة عمل نظمتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بهدف تدريب العاملين على أحدث الأساليب والتقنيات في إدارة وتشغيل منظومة المياه، استعدادًا لتحديث النظام وتطبيقه في المدينة.
تأتي هذه الخطوة في إطار تنفيذ توجيهات المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، وجهود هيئة المجتمعات العمرانية، للارتقاء بكفاءة البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، من خلال تأهيل الكوادر الفنية وتزويدهم بالمعرفة اللازمة للتعامل مع الأنظمة الحديثة.
وتضمنت الورشة عروضًا توضيحية وتدريبات عملية حول آليات التشغيل والصيانة، بالإضافة إلى مناقشة التحديات المحتملة وسبل التغلب عليها لضمان استدامة الخدمة.
يُذكر أن مدينة الصالحية الجديدة تشهد حاليًا تطويرًا شاملًا في شبكات المياه والصرف الصحي، ضمن خطة الدولة لتحديث البنية التحتية في المدن الجديدة.