هل سألت نفسك يوما: لماذا تقع في حب الأشرار الذين تشاهدهم على الشاشة رغم اختلافك معهم أخلاقيا أو فكريا؟ فقد فاز محمود المليجي بحب الجمهور رغم قيامه بدور الشرير في أغلب أدواره، وتحول توفيق الدقن إلى الشرير المفضل للجميع بفضل خفة ظله، وفي السينما العالمية ترك الأشرار -من أمثال الجوكر وغيره- أثرا محببا لدى قطاع عريض من الناس!

البعض يبرر ذلك بكون الأشرار أكثر إثارة ومتعة، خاصة أن ردود أفعالهم غير متوقعة.

دفعت هذه الظاهرة -حسب مجلة "ساينس كونكتد" (Science Connected Magazine)- لإجراء استطلاعات ودراسات علمية من أجل تقصي الحقائق بالأرقام والدلائل.

وبعد سلسلة من التجارب، اُكتشف أن أشرار الحكايات يمنحون المشاهدين مُتنفسا لاستكشاف الجانب السيئ والمظلم أو غير الأخلاقي من أنفسهم، من دون الحاجة للتصرّف بناء عليه في الحياة الواقعية أو تحمُّل العواقب، والأهم من دون التعرُّض للحُكم أو جلد الذات.

ولهذا ينجذب الأغلبية للأشرار الذين يشبهونهم في السمات الشخصية أو يُذكّرونهم بأنفسهم؛ مما يجعلهم قد يفضلون مشاهدة العمل على انفراد لضمان الحفاظ على صورتهم الذاتية من دون تهديد.

ومن خلال القائمة التالية سنتعرّف على أشهر الأشرار في السينما، الذين كانت لديهم وجهات نظر تستحق التأمل وإعادة التفكير قبل التسرّع وإطلاق الأحكام.

The Killing of a Sacred Deer (2017)
dir. Yorgos Lanthimos pic.twitter.com/CXYSIvNja6

— Buffed Film Buffs (@buffedfilmbuffs) June 23, 2023

الانتقام طبق يؤكل باردا

كعادة المؤلف والمخرج اليوناني يورغوس لانثيموس، يأخذنا عبر فيلمه "مقتل الغزال المقدس" (The Killing of a Sacred Deer) الذي صدر في 2017 إلى مأساة أشبه بالملاحم الإغريقية التي تضعنا أمام اختبار قاسٍ وعنيف.

قصة الفيلم تحكي عن جراح قلب يعيش حياة مستقرة وهادئة مع زوجته وطفليه، لا يُنغصها سوى إدمانه الخمر وهو ما يؤثر عليه مهنيا، إذ يتسبب في قتل مريض نتيجة قلة التركيز أثناء إحدى العمليات الجراحية، ومع ذلك يُنكر فعلته ويتظاهر بالكمال.

لكنه في الوقت نفسه يحاول التكفير عن خطيئته بالتقرّب إلى الابن المراهق للمتوفي، وما لم يتوقعه كان اكتشاف الابن الحقيقة، ورغم سجية الفتى الطيبة فإن مرارة التجربة تجعله ينوي التظاهر بالجهل التام، قبل أن ينتقم من أسرة البطل بأكملها بطريقة مرعبة ولا يمكن التنبؤ بها، قبل أن يضع الطبيب أمام اختيار إجباري وغير إنساني يجعله يذوق من الكأس نفسها.

إلى أي مدى يمكن للغاية أن تبرر الوسيلة؟

"الغاية تبرر الوسيلة" قاعدة شائعة، وإذا لم توضع لها ضوابط وشروط قد يُساء استخدامها إلى حد التسلط والدكتاتورية، لكنها تظل المحرك الأساسي واللافتة التي يرفعها العديد من أشرار الدراما، خاصة إذا صاحب ذلك يقينهم بأنهم يعرفون أكثر.

هذا بالضبط المنهج الذي اتبعه الممثل جي كيه سيمونز أثناء أدائه شخصية "المايسترو" حاد الطباع "فلتشر" في فيلم "ويبلاش" (Whiplash). فرغم أساليبه الغليظة وغير الشرعية أحيانا فإنه طالما وجدها قابلة للتمرير، إذ إن الهدف منها إجبار المبتدئين على بذل أقصى ما يمكنهم فعله ذهنيا وجسديا لتحقيق أحلامهم حتى ولو كان السبيل لذلك إصابتهم بالقلق والاضطرابات النفسية أو إجبارهم على الانعزال مجتمعيا.

Directed by D.Chazelle

the Masterpiece in 2014
won 3 oscars.

this movie is a record which
Andrew literally engaged in
mortal combat with Fletcher
in the world of JAZZ.
lastly
we'll go to territory
that nobody's ever been
and give a round of applause
to the ending.#WHIPLASH pic.twitter.com/Yb4VBgWfsB

— 涼 (@BringMeTheXXX) April 13, 2023

جدير بالذكر أن فيلم "ويبلاش" صدر عام 2014، وحصل عنه سيمونز على جائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد، وبجانب ذلك اقتنص العمل أيضا جائزتي أوسكار أفضل مونتاج وأفضل مزج صوت، في حين احتل المرتبة 41 ضمن قائمة أفضل 250 فيلما في تاريخ السينما العالمية، وفقا لموقع "آي إم دي بي" (IMDb) الفني.

أيهما ستختار: الصالح العام أو مصلحة الفرد؟

المُتابع لأفلام الأبطال الخارقين يُدرك كيف يمكن للشيطان أن يكمن في التفاصيل، خاصة حين تصبح المعضلة هي الاختيار بين كفتي ميزان: الأولى تضم بعض البشر، والثانية تضم الصالح العام لبقية العالم.

"الصالح العام خير وأبقى من مصلحة الفرد". تلك هي النظرية التي اعتنقها "ثانوس" (أحد أكثر الأشرار الخارقين قوة وشرا في عالم مارفل، في فيلم "المنتقمون: الحرب اللانهائية" (Avengers: Infinity War)) حين قرر وضع حد للزيادة السكانية المرعبة والخلاص من نصف سكان كوكب الأرض بسبب قلة الموارد بعد أن صار المتاح لا يضمن استمرارية العيش سوى لنصف سكان العالم، فأي فائدة تُرجى إذا ظل الجميع أحياء لوقت قصير وبعدها فُني العالم بأكمله؟

This is why Thanos was right look at them they’re suffering. pic.twitter.com/wz0pJECsyH

— Best of ❼ ᴴᴰ (@HeronoVillain) June 21, 2023

وفي محاولة منه أن يظل عادلا، قرر المساواة في الظلم والقتل بطريقة عشوائية تنفي عنه تهمة التمييز، لكن الغريب أن قطاعا عريضا من رواد منصات التواصل الاجتماعي وافق على ما فعله ثانوس ووجدوا دوافعه منطقية، حتى أنهم سجلوا موقفهم عبر "تويتر" مُستخدمين وسم "#ثانوس كان على حق" (Thanos was right#).

حين تغيب العدالة

إنهم محض لصوص مكانهم الطبيعي السجون، قد يظن البعض أن هذا هو رد الفعل المتوقع والرأي الشائع لجموع شعب شاهد -على الهواء مباشرة- حفنة من اللصوص يسطون على دار صك النقود الملكية في دولتهم، لكن هذا ليس ما جرى.

La Casa De Papel hits different because it's not typical to have a whole series where the ones who are supposed to be the criminals are cleaner than the detectives, also the righteous ones.

To me the whole police force are the ruthless villains of this entire show, I swear.

— ୨୧ ???????????????????? (@huffkitten) January 19, 2021

على مدار مواسم مسلسل "لا كاسا دي بابل" (La casa de papel)، والمعروف أيضا باسم (Money Heist)، ظل المشاهدون يتمنون التوفيق للفرقة التي كوّنها البروفيسور والنجاح بالسطو على البنوك، اقتناعا منهم بأن الجريمة ليست دنيئة بأي حال وإنما نتيجة منطقية في غياب العدالة الاجتماعية.

حتى أن كثيرين تعاملوا مع الأبطال بوصفهم رمزا ثوريا يمنحهم الأمل ليس في حياة أفضل بالضرورة، بل بأن تتجرّع السلطة الرأسمالية شيئا من المرارة، وأن تدفع ولو ثمنا بخسا جراء جشعها اللامتناهي.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

كوميدي.. اجتماعي: الصف الأول في قاعات السينما

عاد مرزاق علواش بقوة من خلال فيلمه الجديد الصف الأول، وهو كوميديا عائلية تُعرض في صالات السينما في الجزائر ابتداءً من 7 جوان 2025.

ويمثّل هذا الفيلم منعطفًا مهمًا في مسيرة المخرج، حيث يخوض لأول مرة تجربة الكوميديا العائلية المعاصرة. محافظًا في الوقت نفسه على نظرته الحادة للمجتمع الجزائري، وهي السمة التي لطالما ميّزت أعماله.

ويمزج فيلم الصف الأول بين الكوميديا والعاطفة والسخرية الاجتماعية، ويقدّم صورة حيوية لأشقاء يواجهون قرارات مصيرية في حياتهم، بين التقاليد والطموحات الفردية وعبثية الحياة اليومية. وبأسلوبه السلس والعميق، ينجح علواش في تقديم عمل إنساني، بسيط، ومرتبط بالواقع المحلي بكل تفاصيله.

وقد لقي الفيلم إشادة واسعة في المهرجانات الدولية: تم اختياره ضمن برمجة مهرجان تورونتو السينمائي الدولي (TIFF)، وعُرض في عرض خاص بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة، حيث حصل مرزاق علواش على جائزة تكريمية من مجلة Variety، كما استُقبل بحرارة في أيام قرطاج السينمائية، حيث قدّم المخرج أيضًا ماستر كلاس حول السينما المغاربية المعاصرة.

وقال مرزاق علواش:
” أردت أن يُشاهد هذا الفيلم أولًا هنا، في الجزائر. إنه تحية لثقافتنا، ولروحنا الفكاهية، ولهذه القدرة الفريدة التي نملكها على الضحك معًا. الصف الأول هو فيلم يجمع الناس، بكل بساطة”.

يضم طاقم التمثيل عددًا من أبرز وجوه السينما الجزائرية - نبيل عسلي، هشام مصباح، هنا منصور، إدير بن عيبوش – إلى جانب مواهب شابة من الجيل الجديد من الممثلين والممثلات المحليين، ما أضفى على العمل طاقة حيوية وأصالة واضحة.

وأكدت أمينة كاستينغ، المنتج المشارك للفيلم:
” النجاح الذي حققناه في جدة عزز قناعتنا بأنه يمكننا صنع كوميديا تنبع من واقعنا اليومي، وتلقى صدى لدى الجمهور الدولي أيضًا”.

ولمرافقة هذا الإصدار الوطني، ستُطلق حملة ترويجية كبيرة لتسليط الضوء على الإبداع الجزائري وجذب جمهور متنوع من جميع الفئات. وسيتم الإعلان عن الخطوط العريضة لهذه الحملة قريبًا خلال حدث خاص موجه للمهنيين والصحفيين.

مع الصف الأول، يقدم مرزاق علواش فيلمًا سخيًا، واقعيًا، وإنسانيًا بعمق — دعوة للضحك، والمشاركة، والتفكير الجماعي.

اكتشفوه في دور العرض التالية ابتداءً من 7 جوان 2025: سينما TMV في غاردن سيتي، قاعة كوزموس، قاعة ابن زيدون، قاعة ابن خلدون، قاعة الساحل الشراڨة، سينه‌غولد وهران، AZ سين وهران، وقاعة أحمد باي قسنطينة.

مقالات مشابهة

  • صوفان: من ضمن الصلاحيات التي طلبناها من رئيس الجمهورية إمكانية القيام بإجراءات، منها إطلاق سراح الموقوفين الذين لم تثبت إدانتهم إضافة إلى أمور تفاعلية مع مؤسسات الدولة
  • أدوار الشر بتغسلني من جوة.. صلاح عبدالله يمازح جمهوره
  • الرجال في قبضة الخوف: حين يصبح البيت فرعاً لشرطة طالبان
  • الافتراء بالتبعية: حين يصبح تداول النص في الواتساب جريمة كاتبِه!
  • النمسا وجهة خورفكان الخارجية
  • كوميدي.. اجتماعي: الصف الأول في قاعات السينما
  • الخارجية الإيرانية: العقوبات الأمريكية تعكس سلوك واشنطن المتناقض
  • عودة: الشرّ في الأرض هو في حركة تزايد متصاعد
  • دراسة: إزالة قرون وحيد القرن أهون الشرّين لحمايته
  • قاليباف: سلوك واشنطن متناقض وغير صادق