جمال زقوت من الواضح أن حرب جيش الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنيه ضد شعبنا، والتي لم تتوقف يوماً،بل، تتصاعد بصورة غير مسبوقة في هذه المرحلة، وخاصة في مخيم جنين ومدينة نابلس وغيرها من المدن والمناطق الفلسطينية، سيما تلك التي تتنامى فيها روح الوحدة والمقاومة، هي ليست مجرد حرب لتصفية بؤر المقاومة بالمعني الأمني المجرد كما تحاول اسرائيل تسويقها، بقدر ما هي جزء من خطة اسرائيلية متكاملة و متعددة الأبعاد و محددة الهدف، وهو تصفية القضية الفلسطينية، وضم معظم أراضي الضفة الغربية إن لم يكن جميعها.

فما يجرى منذ صباح أمس في مخيم جنين، وقصف أهداف مدنية بما في ذلك مسرح الحرية وغيره من منشآت المخيم وبيوته المتهالكة، و البنية التحتية لمحيطه، إنما ينبئ برائحة مجزرة دموية تحاكي ما جرى في العام 2002، ولكن بحرص شديد لتجنب مثل تلك الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في حينه. من المؤكد أن اعتماد الخيار العسكرى كخيار أساسي في محاولة اخضاع كل جيوب المقاومة، والتي يقف مخيم جنين ومحيطه في صدارتها، هو مقدمة لمحاولة اخضاع الشعب الفلسطيني لتلك المخططات الاجرامية المُحْكمة التخطيط عسكرياً وسياسياً. فحكومة سموتريتش- بن غڤير بزعامة نتانياهو تعتقد واهمة أن الطريق للضم باتت سالكة، وهي تواصل تضليل العالم بأنها تخوض حرب ما تسميه” اجتثاث الارهاب”، والتي كما يبدو أنها تحظى بالموافقة الأمريكية عليها،  هي حرب تهدف بشكل جوهري إلى إخضاع الذين يقفون في مواجهة خطتها، مدعية أنها تدافع عن وجودها ، وما تسميه بأمن مواطنيها. كما أن تلك الحكومة الارهابية تعتقد في نفس الوقت أن حالة الخنوع التي تعيشها القوى المهيمنة على المشهد الانقسامي تمكنها من تحقيق أهدافها بانهاء القضية الفلسطينية، والتي هي في واقع الأمر الضم الكامل للأرض الفلسطينية المحتلة ، مستبعدة ربما في اللحظة الراهنة ضم الكتل السكانية في المدن الرئيسية، في محاولة منها لتقليل خطر الانزياح نحو الخيار الوحيد المتبقي لمستقبل الصراع وهو الدولة الواحدة، وما يترتب عليه من خطر ديمغرافي، طالما سعت المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة لتجنبه، سواء كان ذلك بالحديث اللفظي عن حل دولتين كما جرى في عهد بيريس، أو تكريس “دولة” غزة الانفصالية، والتي تتكرس منذ الانقسام الحمساوي في قطاع غزة.  ذلك بانتظار تحولات إقليمية  ودولية تسعى إسرائيل لخلقها أو لاستثمارها بأقصى الحدود لتنفذ خطة التهجير”الترانسفير” واستكمال ما لم تنجزه خلال نكبة عام 1948، كما سبق وأعلن عدد من قادة اليمين المتطرف. يبدو أن إدارة بايدن لا تمتلك سوى قلة الحيلة وعدم الاكتراث سوى ببقاء السلطة بعجزها غير المسبوق حد حافة الانهيار، ويقيني أن هذا الحرص على بقاء السلطة، وهي في حالة الشلل تلك، هي جزء من خطة حكومة الاحتلال، في سياق سعيها الشديد لعدم تحمل مسؤولية “السكان”، ومرة أخرى لتجنب الاندفاع السريع نحو حل الدولة الواحدة، حيث تواصل هذه الادارة الحديث الأجوف عن حل الدولتين ، في وقت ترى فيه بالعين المجردة تشييع هذا الخيار مع كل شهيد تغتاله قوات الاحتلال وكل بيت تهدمه، وكل جريمة عنصرية وارهابية تنفذها جنباً إلى جنب مع ميليشيات المستوطنين الاجرامية. ومع ذلك تستمر قيادة السلطة في اللهاث وراء وهم استعادة مسار المفاوضات، بما في ذلك محاولات ترويج لقائي العقبة وشرم الشيخ بأنها استهدفت ذلك، بينما لم يُنتج هذان الاجتماعان سوى مفهوم أمني هو مصلحة اسرائيلية بحتة، مهدت لما يجري من جرائم دموية، وتحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد وكالة أمنية في اطار مخططات الاحتلال . نتانياهو الذي يُسارع لعقد إجتماعات أمنية على أعلى المستويات لبحث واقع السلطة الوطنية ومصيرها، بعد أن سبق وأعلن أن وجود السلطة يشكل مصلحة اسرائيلية بحته تتطلب الحرص على بقائها، مؤكداً حرصه على انتزاع ما أسماه بوهم تحقيق الدولة من عقول قادتها، كما أنه يدرك تماماً أن ما يجري من عدوانية دموية يصب في خدمة محاولة انقاذه من المأزق الداخلي الذي تعيشه حكومته العنصرية، كما يعتقد هو وشريكيه بن غفير وسموتريتش أنهم بذلك سيتغلبون على المأزق التاريخي للمشروع الصهيوني، من خلال وهم استكمال النكبة والتهجير . اذا انطلق نتانياهو من تقييم واقع السلطة ومدى عزلتها عن نبض شعبها، أو لهاث حماس لوراثة السلطة المتهالكة ، فلن يستنتج سوى المضي بمخططاته والقاء بعض الفتات لطرفي الانقسام .وفي المقابل فإن أجهزته الأمنية تعلم مدى عناد الشعب الفلسطيني واستعداده للتضحية في سبيل حقوقه، وأن العقبة التي تقف في طريق مخططاته ليست مجرد بؤر مقاومة يمكن عزلها وتصفيتها ، بل هي الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده . فنقطة الضعف اطلاقاً لا تتمثل في انهاك الشعب الفلسطيني، الذي يزداد تشبثاً بأرضه وحقوقه، إنما هي في قيادته التي باتت عاجزة ومتهالكة بفعل انقسامها. مرة أخرى، وكما كان متوقعاً، لم يخرج عن اجتماع “القيادة” لبحث ما يجري في جنين ومخيمها سوى الادانة والتنديد والكلام اللفظي عن تعزيز صمود الناس، واستمرار الحديث بلا أي مصداقية عن وقف التنسيق الأمني مع اسرائيل، بينما، وفي نفس اللحظة تؤكد للادارة الأمريكية التزامها به، خشية أن تتهدد مصالحها بارساء عطاء الوكالة الأمنية على حماس التي تبدي استعداداً لمناقصات مغرية لنيلها . لقد سئم الشعب الفلسطيني تلك المعزوفة التي باتت كمثل الغريق الذي يكرر ادعاء الغرق، وعندما سقط فيه لم يهب أحد لانقاذه، فمصداقيته كانت قد سبقته للموت. أما ما لا يدركه ثلاثي الاجرام نتانياهو ومعه شريكاه سموتريتش – بن غفير هو أن الشعب الفلسطيني لا يملك ترف الاستسلام، وأن على نتانياهو وچالانت أن يستدعيا جنرالات الجيش المتقاعدين منذ الانتفاضة الشعبية الكبرى عام 1987، ليتعلم منهم الدرس الفلسطيني، حيث كانوا جميعاً قد تفاجأوا بعبقرية هذا الشعب العنيد بحكمته و صلابته وطول نفسه في معركة لن تنتهي سوى بالحرية وتقرير المصير . و على القيادة المنقسمة أن تدرك بأن المدخل الوحيد لمواجهة هذه الحرب وأهدافها هو الوحدة والديمقراطية وخطة ملموسة لتعزيز صمود الناس تسهر على تنفيذها حكومة وحدة انتقالية تستجيب لاحتياجات الناس  ومطالبها ،وليس التخلي عن المسؤولية المناطة بأي قيادة بتكرار استجداء ما يسمى بحماية دولية لن يستجيب لها أحد . وبغير ذلك يكون بقاء الحال من المحال . فالشعب باقٍ والاحتلال والانقسام إلى زوال . كاتب فلسطيني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

المقاومة الفلسطينية تقتل وتصيب جنود الاحتلال في جباليا والشجاعية

 

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الأربعاء مقتل أحد جنوده وإصابة آخر بجروح خطيرة خلال مواجهات مع المقاومة الفلسطينية في شمال قطاع غزة، في وقت أفادت فيه وسائل إعلام عبرية بإصابة ثلاثة جنود آخرين في منطقة جباليا شمالي القطاع.

وأوضح بيان صادر عن جيش الاحتلال أن القتيل يحمل رتبة رقيب أول وينتمي إلى كتيبة الاستطلاع 6646، وأن جندياً آخر أصيب خلال المعارك الدائرة في الشمال. وبحسب وسائل إعلام عبرية، فقد أصيب ثلاثة جنود في جباليا جراء هجوم نفذته طائرة مسيّرة تابعة لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث ألقت عبوة ناسفة على قوة عسكرية تابعة للاحتلال.

وفي سياق متصل، قُتل أمس الثلاثاء جندي من جيش الاحتلال وأصيب اثنان آخران خلال اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وأشارت مصادر إعلامية عبرية إلى أن طائرة مسيّرة ألقت قنبلة على الجنود خلال المواجهات، وسط استمرار الاشتباكات في المنطقة.

وذكرت التقارير أن مروحيات عسكرية تابعة للاحتلال هبطت في مستشفى إيخيلوف في تل أبيب ومستشفى سوروكا في بئر السبع، وذلك بعد إعلان سابق عن توجه طائرات عمودية إلى القطاع لإجلاء المصابين من الجنود.

وفرض جيش الاحتلال تعتيماً إعلامياً مشدداً على مجريات الحدث الأمني، مشيراً إلى معلومات تفيد باستخدام طائرة مسيّرة فلسطينية لإلقاء قنبلة على قوة عسكرية للاحتلال في الشجاعية.

وفي وقت لاحق، أكدت وسائل إعلام عبرية الهجوم الذي نفذته طائرة مسيّرة تابعة لحماس ضد جنود الاحتلال في حي الشجاعية، وسط اشتباكات لا تزال متواصلة حتى الآن.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند المقاومة الفلسطينية تقتل وتصيب جنود الاحتلال في جباليا والشجاعية سوسن أرشيد تعود للظهور الإعلامي بعد غياب وتعلّق على أمل عرفة: “لا يوجد تمثيل تحت التهديد” مجلس الأمن يصوّت على مشروع قرار يدعو لوقف دائم وفوري لإطلاق النار في غزة كيف تفوز بيوم عرفة خطة ذكية تستغلون فيها يوم عرفة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني: نتنياهو يطيل أمد الحرب لضمان بقائه السياسي
  • المقاومة الفلسطينية تقتل وتصيب جنود الاحتلال في جباليا والشجاعية
  • الوحشية الإسرائيلية.. سمير فرج: الشعب الفلسطيني يتحمل ما لا يتحمله بشر في العالم
  • فعالية تضامنية في جنيف مع الشعب الفلسطيني
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين من حجاج دولة فلسطين: الاستضافة أعظم الأعمال وأجلها التي تقدمها المملكة للشعب الفلسطيني
  • المجموعة العربية المشاركة بمؤتمر العمل الدولي تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني بجنيف
  • الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني تُدين مجزرة الاحتلال في نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية
  • “الأحرار الفلسطينية”: أمن السلطة سيفاً مسلطاً على رقاب شعبنا ومقاومته
  • «رئيس الوزراء الفلسطيني» يجدد دعوته إلى لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين
  • شيخ الأزهر: الشعب الفلسطيني يتعرض لإبادة جماعية والكيان أثبت أنه ضد الإنسانية