فلسطينيون يوثقون يوميات الحرب في غزة على إنستغرام
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
يوثق فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي قصصا ومقاطع مصورة تظهر تجاربهم المروعة للحياة في ظل استمرار القصف الجوي والهجوم البري لاإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر.
تقول صحيفة "نيويورك تايمز"، التي التقت عددا من هؤلاء المؤثرين، إنه بينما تمنع إسرائيل ومصر معظم الصحفيين من دخول غزة، يقوم هؤلاء الفلسطينيون بتوثيق الدمار الذي خلفته الغارات الجوية الإسرائيلية والغزو البري على حساباتهم الشخصية في إنستغرام.
يستخدم هؤلاء المؤثرين، الذين يجيدون اللغة الإنكليزية، هواتفهم النقالة لنقل ما يجري في غزة لعدد كبير من متابيعهم.
من بين هؤلاء شاب يبلغ من العمر 24 عاما يدعى معتز عزايزة حاصل على درجة البكالوريوس في الترجمة الإنكليزية من إحدى جامعات غزة.
بدأ عزايزة في الحديث أول مرة عن التجربة التي عاشها في السابع من أكتوبر عندما شنت حماس هجومها المباغت على جنوب إسرائيل وقتلت نحو 1400 شخص، معظمهم مدنيون واختطفت عشرات آخرين.
في ذلك اليوم تأخر عزايزة في النوم حتى الساعة الرابعة من الفجر، نتيجة انشغاله بتحرير مقطع فيديو لوكالة تابعة للأمم المتحدة حيث كان يعمل كمنتج بدوام جزئي.
"سيارة الجيب والكارثة"بعد ساعتين، استيقظ على صوت الانفجارات وركض إلى سطح منزله ليرى وابلا من الصواريخ فوقه.
لم يكن هناك أي تحذير، ولم يكن هناك أي تبادل لإطلاق النار، وهو ما يشير عادة إلى اندلاع حرب شاملة.
بعدها أخذ عزايزة كاميرته وتوجه للخارج عندما شاهد مسلحين فلسطينيين يقودون سيارة جيب عسكرية إسرائيلية ومعهم ثلاثة محتجزين، اثنان منهم يرتديان الزي العسكري، واستعرضوهم أمام السكان.
قام الشاب بتصوير المشهد، وحمّل الفيديو لمتابعيه على إنستغرام البالغ عددهم 24 ألفا.
يقول عزايزة للصحيفة: "لم أكن أعرف حتى ما الذي أشعر به.. لم نكن نعلم أن سيارة الجيب هذه ستجلب علينا هذه الكارثة".
مع بداية الحرب ارتفع عدد متابعي عزايزة على إنستغرام لنحو 13 مليون.
ومع ذلك كان لتغطيته وشهرته تكلفة فهو يجد الآن صعوبة في التركيز، ويشعر بالإرهاق بسبب ما شاهده من دمار وقتل، ويخشى على سلامته.
View this post on InstagramA post shared by UNRWA USA National Committee Inc. (@unrwausa)
تقول الصحيفة إن عزايزة شاهد زملاءه وهم يقتلون وكيف كانت منازلهم تنهار نتجية الغارات الجوية، وحتى أنه أحيانا يضطر لإخراجهم من تحت الأنقاض.
في النهاية اضطر عزايزة لمغادرة منزله. وفي 4 نوفمبر، نشر مقطع فيديو ذكر فيه أنه لم يعد موجودا في مدينة غزة، وأن العودة ستكون محفوفة بالمخاطر لأنها كانت محاصرة من قبل القوات الإسرائيلية.
وقال في مقطع نشره على إنستغرام: "أشعر أن جسدي سينهار.. أتمنى أن أتمكن من تغطية كل شيء، ولكن سأحاول تغطية ما أستطيع دون المخاطرة بحياتي."
"عاجزون ومخدرون"أما هند الخضري البالغة من العمر 28 عاما فقط أجبرت هي الأخرى على ترك منزلها بعد فترة وجيزة من بدء الحرب في غزة.
تعمل هند مراسلة مستقلة لوكالة الأناضول، وهي خدمة إخبارية تركية، وتعد واحدة من الصحافيات القلائل اللواتي يتواجدن في مكان الهجمات.
أثناء قيامها بمهمة صحافية، أمرت إسرائيل بإجلاء السكان من شمال غزة لتنضم وعائلتها إلى مئات الآلاف من الفلسطينيين الفارين جنوبا.
استمرت هند في توثيق مشاهد الحرب، لكنها لم تتمكن من العودة إلى منزلها بعد تعرض الحي الذي تقطنه للقصف.
View this post on InstagramA post shared by Hind Khoudary (@hindkhoudary)
في مقاطع الفيديو التي تنشرها على إنستغرام تصف هند الأماكن التي كانت قائمة في مكان الانفجار ووسط الأنقاض، وتشارك مقاطع عن حياتها في زمن الحرب.
لا تزال هند بعيدة عن عائلتها المكونة من زوجها ووالدتها وإخوتها الثلاثة وابن أخيها البالغ من العمر 5 سنوات، لكنها مع ذلك مصممة على إبقاء متابعيها على اطلاع بما يجري.
وتقول هند للصحيفة إن "الناس يريدون الاستماع والقراءة.. الآن، أشعر بمسؤولية كبيرة."
فقدت هند، حالها حال عزايزة، العديد من الأصدقاء في هذه الحرب، وأيضا لم تنجُ عائلات زملائهم من الموت كذلك.
تضيف هند: "نحن عاجزون عن الكلام ومخدرون، نظن أن أرواحنا قد انطفأت".
"أصعب أيام الحرب"وبالنسبة لنور حرازين (34 عاما)، التي تعمل مراسلة في شبكة "سي جي تي إن" الصينية فقد تفاجأت بهجوم حماس على إسرائيل، لكنها سرعان ما أدركت خطورته.
كزوجة وأم لطفلين، تعد السلامة هي من أهم أولويات نور، لذلك اتخذت القرار الصعب بالفرار إلى الجنوب مع عائلتها.
انتقلت نور إلى غزة من الإمارات العربية المتحدة مع والديها قبل الحرب الأهلية عام 2007 بين الفصائل الفلسطينية والتي أدت إلى سيطرة حماس على غزة.
خلال السنوات التي تلت ذلك استثمرت نور في غزة، حيث افتتحت متجرا لمستحضرات التجميل في أحد الأحياء الراقية في عام 2019. ولا يزال المتجر قائما حتى الآن.
تعيش نور حاليا في شقة تضم حوالي 20 شخصا، وتتقاسم السرير مع زوجها وطفليها، حيث يعتمدون بشكل رئيسي على التونة المعلبة للبقاء على قيد الحياة.
View this post on InstagramA post shared by Noor Harazeen نُور الحرازيّن (@noor.harazeen)
تقضي نور معظم وقتها في أحد مستشفيات غزة لتكتب تقارير عن الجرحى هناك، وتنشر قصصهم على صفحتها على إنستغرام، التي وصل عدد متابعيها إلى 100 ألف متابع في أقل من ثلاثة أسابيع.
تركز مقاطع الفيديو التي تنشرها نور على الضحايا الأصغر سنا، مع صور محزنة لأطفال حديثي الولادة أصيبوا بجروح، وآخرين تعرضوا لصدمات نفسية.
تقول نور إنها تتذكر بوضوح يوم 15 أكتوبر، عندما كان معظم الضحايا الذين رأتهم في المستشفى من الأطفال.. "بعضهم فقد أطرافه، والبعض الآخر كان ممزقا".
وتضيف نور: "كان ذلك أحد أصعب الأيام بالنسبة لي في الحرب.. لم أجد الكلمات للتعبير عن المشهد وأنا أقف أمام الكاميرا".
ووفقا للجنة حماية الصحفيين فقد قتل ما لا يقل عن 33 إعلاميا فلسطينيا داخل غزة منذ بدء الصراع.
وفي السابع من أكتوبر الماضي، شنت حماس هجوما على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، مما أدى إلى مقتل نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، فضلا عن اختطاف 240، وفقا للسلطات الإسرائيلية.
وردا على ذلك تشن إسرائيل هجوما جويا وبريا وبحريا على القطاع، وقال مسؤولو الصحة في غزة إن ما لا يقل عن 11 ألف فلسطيني قتلوا، بينهم 4412 أطفال، وفق آخر إحصائية، الخميس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: على إنستغرام فی غزة
إقرأ أيضاً:
صالح الجعفراوي.. ناشط وثق حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة
ناشط ومصور وصحفي فلسطيني غزي، ولد عام 1998 وقتل برصاص مسلحين في أكتوبر/تشرين الأول 2025. اشتهر بتوثيقه حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة بعدسته، حتى صار من أبرز الأصوات الميدانية التي جسّدت معاناة المدنيين ونقلتها إلى العالم.
استخدم حسابه على إنستغرام لنشر ما تلتقطه كاميرته من قتل ودمار في غزة بسبب العدوان الإسرائيلي، على إثرها مارس الاحتلال حملات تشويه ضده، فحينا اتهمه بالعمالة، وأخرى بالفبركة.
المولد والنشأةولد صالح عامر الجعفراوي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1998 بقطاع غزة.
الجعفراوي حافظ لكتاب الله تعالى، وعرف بترتيله العذب -كأبيه- على منصات التواصل الاجتماعي، وإنشاده الذي كان يرفع معنويات الغزيين أثناء حرب الإبادة، وكانت من أبرز أناشيده أغنيته الشعبية "قوية يا غزة".
الدراسة والتكوين العلميدرس الصحافة والإعلام في كلية الآداب بالجامعة الإسلامية بغزة، وتخرج فيها عام 2019.
اشتهر بلعبه تنس الطاولة في طفولته، وبرز فيها وانضم في فترة دراسته الجامعية إلى فريق الجامعة الإسلامية بغزة، وحصل على المركز الأول على مستوى الجامعة الإسلامية لتنس الطاولة عام 2022.
وفي الرابع من 4 فبراير/شباط 2023، شارك في بطولة العالم التي أقيمت في دولة قطر ممثلا عن دولة فلسطين.
التجربة الصحفيةعمل الجعفراوي مصورا مستقلا لعدد من المؤسسات الإعلامية المحلية في غزة، وعرفه الناس أول مرة في مسيرات العودة عام 2018، حين برز إعلاميا شابا ميدانيا يمتلك حسا صحفيا عاليا وقدرة على الوصول إلى قلب الحدث كما وصفه زملاؤه.
وغطى الجعفراوي أحداث مسيرات العودة من الخطوط الأمامية، وأُصيب أكثر من مرة، لكنه واصل المسير.
وبرز أكثر منذ الأيام الأولى للعدوان على غزة واحدا من الأصوات الميدانية، ومن أبرز الوجوه الإعلامية التي اختارت البقاء في قلب الخطر لتوثيق جرائم الاحتلال بحق المدنيين على مدى عامين بعدسته عبر حسابه في إنستغرام.
عرفه المتابعون بشجاعته في تغطية القصف والدمار وتنقله بين المستشفيات والملاجئ والمناطق المنكوبة. وحصدت مقاطعه مشاهدات عالية، حتى تخطى عدد متابعيه 10 ملايين شخص على إنستغرام، مما تسبب بإغلاق حسابه الشخصي مرات كثيرة، ومنعه من إنشاء حسابات جديدة.
إعلانوبسبب تغطيته حرب الإبادة والتجويع وضعته إسرائيل في "النشرة الحمراء" تمهيدا لاستهدافه مثلما استهدفت صحفيين آخرين، وبينهم مراسلو الجزيرة وعلى رأسهم أنس الشريف.
وواجه الجعفراوي حملة إعلامية إسرائيلية واسعة هدفت إلى تقويض مصداقية ما ينقله من جرائم وانتهاكات في غزة، وسخّرت موارد إعلامية ودبلوماسية كبيرة لمواجهة روايته التي وصفتها في تقاريرها بأنها "ادعاءات كاذبة".
وشنّ حساب "إسرائيل" الرسمي، الذي يعرّف نفسه بأنه تابع للحكومة الإسرائيلية، حملة سخرية واسعة ضد الجعفراوي، ونشر عنه قائلا "الشيطان يعمل بجد، لكن صناعة السينما في غزة تعمل بجد أكبر. تعرفوا على صالح الجعفري: مذيع حماس، الأب المريض، المغني والصحفي".
ونشر الجعفراوي -عبر حسابه على إنستغرام- صورة من النشرة الحمراء الإسرائيلية، وعلق عليها بالقول: "تفاجأت بانتشار هذا الخبر على الكثير من المجموعات والقنوات العربية والعبرية، مصحوبا بالكثير من التهديدات الأخرى. على ما يبدو أن الاحتلال موجوع جدا من فضحنا حقيقة وجهه الدموي".
وأضاف "أنا صالح الجعفراوي صحفي حر، ومن المفترض أن يحظى الصحفيون بحماية دولية، أُحمل مسؤولية سلامتي الشخصية للمجتمع الدولي. لن أتوقف عن نشر الجرائم بحق أبناء شعبي الفلسطيني".
وسرعان ما تفاعل متابعوه مع المنشور، وتصدّر وسم #صالح_الجعفراوي منصات التواصل، مطالبين بتوفير الحماية له ولزملائه الصحفيين.
واتهمت قناة "فيلت" الألمانية -المعروفة بدعمها لإسرائيل- الجعفراوي بالتمثيل وأطلقت عليه وصف "باليوود"، وهو مصطلح تستخدمه المنصات الإسرائيلية لتشويه الصحفيين الفلسطينيين عبر الادعاء بأنهم يفبركون المشاهد.
وتبنت عدد من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية الأميركية رواية القناة الألمانية، وأعادت نشر الاتهامات نفسها ضد الجعفراوي، متهمة إياه بـ"الفبركة" والتلاعب بالوقائع.
ورغم كل حملات التشويه والتهديدات التي تعرض لها، رفض الجعفراوي مغادرة غزة رغم تلقيه الكثير من العروض.
المجال الإنسانيإلى جانب عمله الصحفي، برز الجعفراوي وجها إنسانيا نشطا في العمل الخيري، وشارك في عشرات المبادرات لمساعدة النازحين والمكلومين.
وكان من أهم من أسهموا في توزيع المساعدات أثناء الحرب، كما شارك في حملة ضخمة لإعادة بناء مستشفى للأطفال في غزة، تمكنت من جمع 10 ملايين دولار في وقت قياسي.
وعقبها نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي منشورا جاء فيه "مسرحية هزلية من إنتاج المدعو صالح الجعفراوي بعنوان (شوفوني وأنا متبهدل ومتغبر. لو سمحتم 10 آلاف دولار تبرعات)، هؤلاء أمثاله من رحم حماس والإخوان المفلسين يتاجرون بمآسي ومعاناة الناس فقط لا غير".
وكان له دور بارز في عيد الأضحى 2025، حين أسهم في تقديم عدد كبير من الأضاحي على مستوى القطاع رغم ظروف الحرب والحصار.
الاستشهادوفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وبعد إعلان وقف الحرب في غزة بأيام، أفادت مصادر فلسطينية بمقتل الجعفراوي برصاص مسلحين جنوبي مدينة غزة، وقالت إن قاتليه خطفوه وأعدموه بـ7 رصاصات.
وقالت المصادر إن الجعفراوي تعرّض لإطلاق نار من عناصر في "مليشيا مسلحة" أثناء تغطيته آثار الدمار بحي الصبرة.
إعلان