عربي21:
2025-12-15@05:04:20 GMT

غزة: مفاجآت وقعت وأخرى منتظرة

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

مرَّ أكثر من شهر على طوفان الأقصى من غير مفاجأة سوى إثخان إسرائيل في قتل الأطفال والنساء، وعدِّنا الضحايا والمنازل المهدمة، حتى ألِفْنا القتل. نرى الضحايا يستغيثون ولا نستطيع أن نغيثهم، كأننا أسرى في زنزانة وأهل غزة في زنزانة مجاورة. قال جميع الناجين من المعتقلات السورية إن أشد تعذيب ذاقوه هو سماع صيحات آلام النساء والأطفال، وعجزهم عن إغاثتهم.

ونحن بمشاهد الأخبار نتعذب أشد العذاب، أما الاحتلال وجمهوره فيستلذون بمشاهد "العرض المسرحي" الروماني، ويتطهرون به من آلام الهزيمة التي ذاقوا وبال أمرها في طوفان الأقصى.

انتظرت أن يأتي الطوفان بمفاجآت، غير صور الشهداء الأطفال وصبر أهلهم وصمودهم وعبارات التهليل والتحميد والاسترجاع، وجيش "الكي" الإسرائيلي يمطر غزة بالنار، ويقتل كل عشر دقائق طفلا.

انتظرت حادثة ما في الشارع العربي، مفاجأة في أحد قصور الحكم، مفاجأة في جيش عربي ما، مفاجأة تغير الواقع، وتبدل واقع القصف اليومي، وتسرق الأنظار والكاميرات عن صور الأطفال تحت الأنقاض، وتلوي عنان التاريخ، كأن يقتحم جندي سياج الحدود في الجولان، ألم يعلن المحللون السياسيون المقربون من بشار الأسد منذ عشرين سنة أو يزيد عن فيلم يعدّه المخرج السياسي بشار الأسد اسمه "جبهة الجولان ستشتعل قريبا"، ولعلها الفرصة المناسبة للاشتعال، لكنها لم تقع بعد.

انتظرت مفاجأة ما غير مشهد رجال الشرطة الأردنية وهم يبكون مثل بقية المتظاهرين! وحال الأردني أفضل من حال المواطن السوري الجائع، أو من حال المواطن المصري الممنوع من التظاهر أو من السعودي السعيد بعيد موسم الرياض وانقضاء عهد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

انتظرت شيئا غير المظاهرات والمسيرات في العواصم البعيدة، وعبارات التنديد المقدد، بل إن المظاهرات ندرت في أهم عاصمتين من عواصم دول "الطوق والأسورة"، هما دمشق والقاهرة!

انتظرت مفاجأة غير سحب السفراء، ولم يسحب سوى سفيرين عربيين من تل أبيب، فإما أنَّ سحب الرصاص التشعبي من تل أبيب مجهد ويحتاج إلى عمليات جراحية تحت التخدير، وقد نفدت عقاقير التخدير، أو أن سحب السفير من قاع البحر يحتاج إلى رافعات قوية ونادرة كالتي سحبت الغواصة الغارقة كورسك الروسية من قاع بحر بارينتس.

انتظرت أن يسرق طيار عربي طائرة حربية أو مدنية، ليس للحرب وقصف العدو، إنما لتوزيع منشورات أو إلقاء عبوات ماء على أهل غزة. انتظرت أن يُضرب زعيم عن الطعام -بما أنه مسكين وليس عنده سلاح غير المعدة الخاوية- فيصوم يوما أو بعض يوم في خيمة منصوبة أمام قصره الفاخر.

انتظرت أن يغضب الرئيس المصري مثل غضبته يوم غضِبَ للكرسي "واللي حيقرب منو"، الرئيس الدكر، بعد أن قُصف له مركز حدودي، فخرج يتهدد ويتوعد على طريقة " القرني" في الأفلام المصرية، فقال: من فضلكم مصر دولة لها سيادتها واحترامها! وقد احتفل إعلاميون بتصريحات السيسي الشجاعة عن غزة والقضية الفلسطينية التي يجب أن تبقى حيّة، سريريا في غرفة العناية المشددة، وأكبروا جملته عن رفضه تهجير أهل غزة إلى سيناء، وأغفلوا قوله عن إمكانية تهجريهم إلى صحراء النقب. التهجير، إن وقع، سيكون إلى صحراء خالية من الماء حتما؛ أهل غزة سيعاقبون بالتيه في الصحراء والموت عطشا فيه.

انتظرت مفاجأة كأن تستغل الصين المشهد، فتستقبل ممثلا لحماس في بكين كما فعلت روسيا، كأن تغزو تايوان، كأن يهدد زعيم دولة نفطية "بشيل العدة".. عدة التطبيع ..

انتظرت أن تهبط كائنات فضائية قوية ومقتدرة، وتقول: كفى، آن لهذا الشعب أن يترجل.

انتظرت أن يصدر ملوك العرب (كتر خيرهم كتر خيرهم) إعلانا بجائزة كبيرة لمن يعتقل أبا عبيدة حيا أو ميتا.

عفوا أيها السادة..

لكن الأخبار لم تكفّ عن المفاجآت الصغيرة وهي كثيرة:

مثل ظهور الملك الأردني في مشهد سينمائي بالزي العسكري وتأديته مشهدا كنا نؤديه صغارا مقلدين الأفلام الغريبة، ثم سمعنا خبرا عن قيام سلاح الجو الأردني بنقل شحنة أدوية إلى المشفى الأردني في غزة، للمشفى الأردني الملكي وحده وليس للمشافي الأخرى، كأنها مشاف إسرائيلية، ثم تبين أن النقل كان إلى العريش وليس إلى المشفى في غزة، وإنها ثلاثة صناديق لا غير من الأدوية وليس من موانع الحمل، وإنها نقلت بعد التنسيق مع إسرائيل تنفيسا لغضب الشعب الأردني، فسررت جدا للمشهد السينمائي، وتذكرت الفارسين المغوارين رامبو وشوارزنيجر.

ومثل فتوى إمام الحرم الشيخ السديس بضرورة طاعة ولي الأمر المعصوم، وإن ضُبط وهو يزني، ومفاجأة بفتاوى شيوخ سلاطين تحذر النساء من الغواية بجمال أبي عبيدة، مع أنه ملثم، فالاغتواء يجب أن يكون بجمال ولي الأمر أو اللاعب ليوناردو.. ثمة مفاجآت باستمرار موسم الرياض بجزئه الأول على المستوى الشعبي، وجزئه الثاني على مستوى الأمراء والقادة في مؤتمر القمة الإسلامية.

المفاجآت كانت كثيرة لكن في العدوة الأخرى من الكوكب:

في شوارع أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي اندلعت فيها مظاهرات كبيرة، اضطرت حكوماتها إلى غض النظر عنها بعد مصادرة الشعارات المعادية للسامية.

في تصريحات قادة عظام مثل بوتين عن ضرورة حل الدولتين الذي تأخر كثيرا، في فيتو الصين وفيتو روسيا، في تصريح الرئيس ترامب الذي أظهر رعبه من الصور التي شاهدها في غزة، بل إن كارها للإسلام مثل ماكرون طلب من إسرائيل الرأفة بالأطفال والنساء.

في مظاهرات حتى في طوكيو البعيدة، وفي رقصات شعب نيوزلندا النائية في المحيط الهادي.

في تصريح وزير الخارجية الأمريكية بلينكن حامي الظعائن: إن أهل غزة لن يُهجروا، وأن الإدارة الأمريكية ستوحد غزة مع الضفة. لقد أصبح الأمريكان دعاة للوحدة الوطنية والعربية!

في تصرح نتنياهو أنه يريد أن يرعى أطفال غزة في رياض أطفال وينشئهم في الحلية على حب إسرائيل وخدمة اليهود.

في انكشاف وجه إسرائيل وأنها نسخة من سوريا الأسد، النعل بالنعل والجزمة بالجزمة!

لكني ما زلت انتظر، فأنا سجين مثل ملياري مسلم أو ثلاثة مليارات من السجناء، وليس على السجين سوى الانتظار، أدّق على الحيطان على طريقة السجناء وأتواصل معهم بـ"مسحوق الهمس" ولغة الإشارة.

يتوقع المحللون هدنا تقصر وتطول، أما أنا فأنظر إلى التاريخ، وأنتظر معركة كبيرة. لقد كشف الطوفان عورة إسرائيل العسكرية، أما انكشاف عورتها الأخلاقية فأشد وأنكى، وهي ستر لعورتها تزداد استعارا وعارا.

twitter.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينية فلسطين غزة العالم العربي طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أهل غزة

إقرأ أيضاً:

د. هويدا مصطفى: العالم العربي "مستهلك" وليس "صانعاً" للأدوات الرقمية

حذرت الدكتورة هويدا مصطفى، عميدة كلية الإعلام السابق، من أن أعظم خطر على الهوية العربية في العصر الرقمي يتمثل في كون العالم العربي "مستهلكاً" وليس "صانعاً" للأدوات والمنصات الرقمية، مما يجعله عرضةً سلبيةً لكل ما يتم تداوله.

وشددت مصطفى خلال مشاركتها في جلسة نقاشية بمنتدى الحوار الإعلامي العربي الدولي في طرابلس، على أن هذه الحالة تضع الجمهور العربي، وخاصة فئة الشباب التي تستهلك المحتوى الرقمي بشكل كبير، في موقف خطر، حيث يصبح عرضة لمحتويات قد لا تتطابق مع قيمه وتقاليده، مما يشكل تهديداً لثوابت الهوية العربية، سواء في اللغة أو القيم أو التقاليد.

ورأت عميدة كلية إعلا  أن جوهر التحديات التي يواجهها الإعلام العربي في ظل الانتشار السريع للتكنولوجيا يتمثل في إشكالية تأثير هذه المنظومة على الهوية العربية، مؤكدة أن القضية قديمة وتتجدد مع كل موجة تحول رقمي.

لكنها في المقابل لم تغفل عن رصد الفرصة الكامنة في هذه الأزمة، قائلة: "سرعـة انتشار وسائل الاتصال الرقمي تمثل فرصة يجب استغلالها، حيث يمكنها تقريب المسافات ونشر الأفكار وخلق علاقات تفاعلية". ودعت إلى ضرورة مراجعة كيفية تقديم ذاتنا للآخرين، والتأكيد على قوتنا بما يتوافق مع تقنيات العصر.

واستشهدت بتجربتها الشخصية في زيارة ليبيا، حيث تغيرت تصوراتها المسبقة عن البلد عند الزيارة من مشاعر قلق وصورة قاتمة إلى صورة ايجابية ، مؤكدة على أهمية تقديم صورة حقيقية للذات العربية للعالم. واختتمت بالقول: "نحن في حاجة ملحة حالياً أكثر من أي وقت مضى إلى أن نؤكد وجودنا العربي ونتمسك به".

ناقش المنتدى محاور الهوية العربية وصناعة المحتوى الإعلامي والتدريب المهني وتطوير المحتوى الرقمي وتوظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام، وجمع عددا كبيرا من الشخصيات البارزة من بينهم السفير أحمد رشيد خطابي أمين عام مساعد جامعة الدول العربية لقطاع الاتصال والإعلام، والوزراء زهير بو عمامة من الجزائر، وحمزة المصطفى من سوريا، وأسامة هيكل وزير الإعلام المصري الأسبق، وزياد مكاري وزير الإعلام اللبناني الأسبق، بالإضافة إلى سفراء ومستشارين وإعلاميين وفنانين مصريين بارزين مثل منى الشاذلي وباسم يوسف وأحمد فايق.

مقالات مشابهة

  • أمير عزمي مجاهد يهاجم جون إدوارد: الزمالك نادٍ بطولات وليس مشاريع
  • أول تعليق من ترامب على الهجوم المسلح بجامعة براون في رود آيلاند
  • د. هويدا مصطفى: العالم العربي "مستهلك" وليس "صانعاً" للأدوات الرقمية
  •  خبيرة اقتصادية: 70% من قراراتنا الشرائية تعتمد على العاطفة وليس العقل
  • إصابة 14 شخصا في تصادم بين سيارة ميكروباص وأخرى ملاكي بالبحيرة
  • الدفاع الروسية: قصفنا منشآت للطاقة وأخرى صناعية أوكرانية بصواريخ كينجال
  • هجوم روسي على أوديسا .. تضرر 3 سفن تركية وأخرى أوكرانية
  • الهلال والنصر والاتحاد والأهلي… خطط استراتيجية منتظرة لاقتناص صفقات عالمية
  • القنوات الناقلة لمباراة الأردن والعراق في ربع نهائي كأس العرب 2025.. قمة عربية منتظرة تحت الأنظار
  • ريلز وأيادي لم ترفع وأخرى بقيت مرفوعة … تفاصيل التصويت على الموازنة ( أسماء)