مدرين المكتومية- الرؤية

دائماً ما تكون السياسة الخارجية العمانية محل إشادة من مختلف قادة الدول الإقليميين والدوليين، إذ إنها تنطلق من مبادئ راسخة نبتت من تراث السلطنة العريق، وهي مبادئ إحلال السلام والأمن في مختلف المناطق.

ولقد بُنيت هذه السياسة على أساس حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين وهو ما يطلق عليه مصطلح "الحياد الإيجابي"، وعلى إرساء نظام عادل لتبادل المنافع والمصالح وإقامة أسس الاستقرار والسلام والإسهام فيها بإيجابية.

ولا تحيد عمان عن مبادئها وثوابتها في القضايا الكبرى الإقليمية والدولية مهما اختلفت الظروف، فمواقفها لا تتبدل وسياستها لا تنحرف عن المسارات المرسومة.

ولقد جاء خطاب جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال افتتاح دور الانعقاد السّنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عمان، مؤكدا على هذه الثوابت والمبادئ، إذ أكد جلالته- أعزه الله- ثبات موقف السلطنة من القضية الفلسطينة، إذ إن مواقف عمان لا تقتصر على التنديد والاستنكار وحسب، بل تنشط الجهود العمانية الدبلوماسية وتتخذ المواقف الجادة لمنح أصحاب الحقوق حقوقهم.

 

السعيدي: الخطاب السامي اتسم بالشمولية وتلبية تطلعات المواطنين

وأكد الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس جمعية الصداقة العُمانية الصينية، أن خطاب جلالة السلطان- أعزه الله- اتسم بالشمولية والتأكيد على الثوابت، كما أنه رسم الآمال لمستقبل أكثر ازدهارا، لافتا إلى أن الشأن الداخلي العماني لم يشغل جلالته- أبقاه الله- عن القضية الفلسطينية، وما يمارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي من عدوان غاشم وعقاب جماعي وحصار جائر للشعب الفلسطيني وخصوصا سكان قطاع غزة.


 

ولفت السعيدي إلى أن جلالته تحدث عن هذا العدوان الإسرائيلي، وأكد- حفظه الله- على المبادئ الثابتة لسلطنة عمان إزاء القضية الفلسطينية والتي تتضمن المطالبة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مضيفا: "لقد أكد أيضا جلالة السلطان على ثبات سياسة عمان الخارجية القائمة على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وعلى المساهمة الإيجابية في إرساء دعائم نظام عالمي عادل يقوم على تبادل المنافع والمصالح ويعزز أسس الاستقرار والسلام ".

وذكر الدكتور خالد أن الخطاب السامي كان شاملا وملبيا لتطلعات وآمال المواطن العماني، إذ أشاد جلالة السلطان المعظم بجهود مجلس عمان ومبادراته خلال الفترة الماضية، باعتباره شريكا أساسيا في منظومة الدولة، ومساهما فاعلا في مسيرة النهضة المتجددة، موضحا: "بلا شك هذه الإشادة وسام فخر واعتزاز لكافة المنتمين لمجلس عمان، وفي نفس الوقت تحملهم أمانة المسؤولية بأن يكونوا على قدر الثقة التي منحت لهم".

وتابع السعيدي قائلا: "كانت السلطة القضائية حاضرة بقوة في خطاب جلالته، حيث أكد- حفظه الله- أهمية مرفق القضاء باعتباره ركنا أساسيا من أركان الدولة، وأن هذا المرفق يحظى باهتمام جلالته الشخصي، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية دعم السلطة القضائية بالكوادر البشرية المؤهلة للقيام بمسؤولياتهم وتحقيق أهدافهم المتمثلة في تحقيق العدالة الناجزة بكفاءة واقتدار".

وأوضح: "بعد أن عبر جلالته عن رضاه عن ما تحقق من نتائج طيبة وإنجازات مهمة في مختلف المجالات خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة للخطط والبرامج المدروسة التي تم وضعها بعناية ومتابعتها بدقة، أشار- أعزه الله- إلى مجموعة من الملفات الوطنية المهمة للمرحلة القادمة، مثل الاستمرار في التوسع في نظام اللا مركزية الإدارية من خلال دعم عمل المحافظات والمجالس البلدية، وتطوير أجهزة الرقابة والمتابعة، وتبسيط الإجراءات والاهتمام بالبيئة والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، كما أن جلالته تحدث عن التحديات التي تتعرض لها منظومة القيم الاجتماعية، داعياً إلى التصدي للممارسات الدخيلة التي لا تمت بصلة إلى قيمنا الأصيلة، وإلى أهمية قيام حواضن التنشئة كالبيت والمدرسة والمسجد والإعلام بدورها في غرس القيم والمحافظة على الأخلاق التي تربينا عليها والنابعة من تراثنا العربي وشريعتنا الإسلامية".

باقوير: السياسة الخارجية العمانية ذات سمعة عالمية والأكثر مصداقية في المنطقة

قال المكرم عوض بن سعيد باقوير إنَّ السياسة الخارجية العُمانية تتميز بالقبول والاحترام العربي والإقليمي والدولي، لأنها نابعة من قيم وثوابت راسخة من أكثر من نصف قرن، وهي الثوابت التي رسمها السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ليستكمل جلالة السلطان هيثم بن طارق- أعزه الله- هذا الطريق ويبني على منجزاته لتحقيق أهداف النهضة المتجددة، إذ ترتكز السياسة الخارجية العمانية على أسس السلام والحوار والتعاون بين الدول والشعوب وحل قضايا الخلاف عبر الحوار .


 

وأوضح أن سلطنة عمان لعبت أدوارا محورية عديدة خلال السنوات الماضية، كما أنها تسير على نفس النهج لإيجاد حلول سياسية لعدد من الملفات الإقليمية والدولية المعقدة، ناهيك عن دورها الدبلوماسي المهم والملموس لحل أعقد الملفات الدولية المتمثل في الملف النووي الإيراني، لتتوج هذه المساعي بالاتفاق الشامل في فيينا عام 2015، بالإضافة إلى دورها الفاعل في حل الأزمة اليمنية وتحقيق العديد من الهدن الإنسانية، لتمضي على هذا النهج حتى تحقيق السلام الشامل بين الأطراف اليمنية، إضافة إلى دور السلطنة على الصعيد الإنساني والحضاري.

وأضاف باقوير: "تبقى القضية الفلسطينية أحد المرتكزات الأساسية في التحركات العمانية، انطلاقاً من القيم الراسخة الثابتة في دعم الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، ولعل مواقف سلطنة عمان المشرفة قيادة وشعباً تجاه الأحداث المؤلمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي عموم فلسطين المحتلة، تعطي مؤشرا على ثبات ورسوخ مبادئ السياسة الخارجية لسلطنة عُمان، والتي أصبحت ذات سمعة عالمية وهي الأكثر وضوحًا ومصداقية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تعد مسقط محطة سياسية هامة من خلال الاستماع لصوت عمان الذي يصدح بالحق والعدل والاحتكام إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي، مما أكسب سياسة بلادنا احتراما ومصداقية واسعة لدى قيادات وشعوب العالم، وهذا إنجاز حضاري وإنساني لسلطنة عمان ذات الموقع الاستراتيجي وذات التاريخ العريق الذي يمتد لآلاف السنين، وسوف تظل سلطنة عمان واحة للسلام والاستقرار ومد يد العون لحل الأزمات الإقليمية والدولية، في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه".

الحارثي: عمان تقود إدارة الأزمات العالمية لتحقيق السلام

قال صالح الحارثي- سفير سابق- إن السياسة الخارجية العمانية تمثل حجر الزاوية في مسيرة النهضة المباركة على مدى عقودها الذهبية الخمسة الماضية، مؤكدا أن عمان دائمًا ما تقود إدارة الأزمات الإقليمية والدولية لتحقيق السلام.


 

وأضاف: "السياسة الخارجية العمانية كسبت الشقيق والصديق، البعيد والقريب، فكانت أجود ما تكون في الخير كالريح المرسلة، تحط من الخلافات ولا تنظر إلى الزلات، تترفع عن سفاسف الأمور وتدفع بالعلاقات إلى الضياء والنور، فكسبت بذلك تقدير العالم واحترامه، كما أنها إيجابية في التعامل مع القضايا الشائكة والملفات العالقة، وهي قيادية في إدارة الأزمات ورائدة في حل الخلافات".

وتابع الحارثي أن: "السياسة الخارجية تتسم بالحكمة والأداء والمودة والإخاء، فهي قوية الشكيمة ومفعمة العزيمة، ثابتة في المبادئ ولا تزعزها الضغوط، وراسخة في الثوابت لا تهزها الظروف،  إن تحدثت أسمعت، لأنَّ حديثها نعمة وصمتها حكمة، لا تهرف بما لا تعرف ولا تسوِّف ولا تُحرِّف، ولا تتدخل فيما لا يعنيها، ولا تعمل إلا ما تراه صوابا ويرضيها، تقول بالصوت الواضح المسموع للحق هذا حق، وللباطل هذا باطل،  ولاتخشى في الله لومة لائم، لا تهمها الأقاويل ولا تعنيها الأباطيل، اعتلت القمة في عهد قائد ملهم وثبتت على ذات المبادئ والهمة في عهد سلطان مُعظم".

وأشار إلى أنَّ عمان تبذل قصارى جهدها لإحلال السلام دون مقابل، وانطلاقاً من ثوابتها وإيمانها بضرورة ترسيخ مبادئ الأمن والأمان، وأن تبنى العلاقات على أساس الصداقة والمودة بين الدول.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خطبة الجمعة من المسجد الحرام

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “في زمان كشفت الفتن فيه قناعها، وخلعت عذارها، لا يندّ عن فهم الأحوذي، ولا يشذّ عن وعي الألمعي، استشراف الحوادث وتفحص الأحداث، فالتأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي، وأمر إلهي، قال جل وعلا: “لقد كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”، وإن استهلال عام هجري جديد ليذكرنا بأحداث عظيمة جليلة، كان فيها نصر وتمكين، وعز للمرسلين والمؤمنين، تبعث في النفس التفاؤل والأمل، وحسن الظن بالله مع إتقان العمل، إنها قصة موسى -عليه السلام-، وهجرة المصطفى سيد الأنام -عليه أفضل صلاة وأزكى سلام-، ويوم عاشوراء ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه نبيه موسى -عليه السلام- من فرعون وملئه”.

ولفت الشيخ السديس النظر إلى أن الله -عز وجل- أوحى إلى موسى وهارون -عليهما السلام- ليذهبا إلى فرعون لدعوته إلى التوحيد والإيمان وهذا درس عظيم في الدعوة إلى الله تعالى، وهو أن يلتزم الداعي إلى الله الرفق واللين والحوار، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فخرج موسى ببني إسرائيل وتبِعهم فرعون وجنوده، فنظر بنو إسرائيل إلى فرعون قد ردِفهم، وقالوا: “إِنَّا لَمُدْرَكُونَ”، فكان الرَّدُّ الحازم من موسى -عليه السلام-: “كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ”، وهذا درس آخر في اليقين وحسن الظن بالله، موصيًا فضيلته بإحسان الظن بالله، والأخذ من تلك القصص والأحداث والأنباء الدروس والعبر والإثراء، وأنه على قَدْرِ اليقين الراسخ والإيمان الثابت لنبي الله موسى -عليه السلام- كانت الإجابة الفورية: “فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ”، فأغرق الله فرعون وقومه جميعًا، وكان ذلك في يوم عاشوراء، فكانت نعمة عظيمة على موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل، فصام موسى -عليه السلام- هذا اليوم شكرًا لله تعالى، وصامه بنو إسرائيل، وهكذا تحقق النصر المبين والعاقبة للمتقين.

أخبار قد تهمك خطبة الجمعة من المسجد النبوي 4 يوليو 2025 - 1:54 مساءً خطب الجمعة من الحرمين: “السلام” عنوان موحّد بـ35 لغة 4 يوليو 2025 - 1:35 مساءً

وبين الشيخ السديس أن في حدث الهجرة النبوية ما يُقرّر هذه السنة الشرعية والكونية: “إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: “والله يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا”، فقال -عليه الصلاة والسلام- بلسان الواثق بنصر ربه: “يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا”.. إنه اليقين بنصر رب العالمين، ولهذا كان من أهمية هذا الحدث العظيم أن أجمع المسلمون في عهد عمر -رضي الله عنه- على التأريخ به اعتزازًا بالهوية الدينية والتاريخية والوطنية، مما ينبغي اقتفاء أثره والاعتزاز به فنحن أمة لها تاريخ وحضارة ورسالة على مر الأيام وتعاقب الأعوام.

وأوضح فضيلته أن منهج المسلم عند حلول الفتن الاتجاه إلى الله بالدعاء، وكثرة التوبة والاستغفار، وعدم الخوض فيما لا يعنيه، ورد الأمر إلى أهله، والإسلام يدعو إلى نبذ العنف وتحقيق الوئام والتفرغ للبناء والإعمار، والتنمية والإبهار والبعد عن الخراب والفساد والدمار، فما أحوج الشعوب إلى نبذ الحروب، وما أحوج البلاد والعباد إلى الأمن والسلام والرشاد، وفي قصة نبي الله موسى -عليه السلام- وهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنموذج عملي متكامل للنجاة من الفتن بالتمسك بشرع الله تعالى، وحسن الظن به، وجميل التوكل عليه.

وقال فضيلته: “فموسى ومحمد -عليهما السلام- حتى في لحظة الانتصار، أدَّيا حقَّ الشُّكرِ لربِّ العالمين، فكانا يصومان هذا اليوم -يوم عاشوراء- شكرًا لله على عظيم نِعْمَتِهِ”، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “قَدِمَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- المدينةَ فرأَى اليهودَ يصومونَ يومَ عاشوراءَ فقال لهم: ما هذا اليومَ الذي تَصومونهُ؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومٌ نَجَّى اللهُ فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى -عليه السلام-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنا أحق بموسى منكم، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصومه”.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية السعودي: السلام الخيار الاستراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي
  • خطبة الجمعة من المسجد الحرام
  • منيمنة: لا إشارات إيجابية من حزب الله لتسليم السلاح
  • وزير الخارجية: سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري
  • الجزائر تجدّد دعمها الثابت لجهود السلام والاستقرار في الصومال
  • وزير الخارجية يؤكد لـ جوتيريش: مصر تواصل اتصالاتها لتحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم
  • وزير الخارجية: مصر ستواصل اتصالاتها وبذل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار فى الإقليم
  • “الخارجية”: المملكة تدين التصريحات الإسرائيلية التي تدعو لفرض السيادة على أراضي الضفة الغربية
  • الرئيس التونسي يستقبل وزير الخارجية
  • العمانية للعناية بالقرآن تفتتح فرعها الـ 12 في بركاء