قال الأستاذ الدكتور شوقي علام  مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إن الرسالات السماوية جميعًا عُنِيَتْ في المقام الأول ببناء الإنسان وتطويرِه وتأهيلِه لخلافة الله في الأرض، والقيامِ بمقتضيات تلك الخلافة، وأَوْلَت الشريعة المحمدية على وجه الخصوص عنايتَها البالغة ببناء هذا الإنسان، بوصفه ركيزة الحضارة، ومناط عملية النهضة والتنمية، وسَعَتْ إلى تشييد هذا البنيان الإنساني على قواعد ثابتة مستقرة".

الرسالات السماوية جميعًا عُنِيَتْ في المقام الأول ببناء الإنسان وتطويرِه وتأهيلِه

وأضاف أن الإسلام يسعى إلى بناء إنسان متعلِّم؛ فالعلم هو الضامن الحقيقي لإعادة صياغة الشخصية وتطويرها بالقدر الذي تستطيع به مواكبة متطلبات العصر وتحدياته، مؤكدًا أن الإنسان الذي يسعى الإسلامُ إلى بنائه ينبغي أن يكون مرتبطًا بتراثه العريق الذي يحفظ له هُوِيَّتَه الثقافية، وذاتيته الحضارية.

جاء ذلك خلال الاحتفال الذي أقامته الهيئة الوطنية للإعلام بمناسبة ختام تدريب عدد من الأئمة على مهارات الإعلام، حيث أكد فضيلة المفتي أهمية بناء القدرات الذي يعد جزءًا من بناء الإنسان، مشيرًا إلى أن الإسلام دين يحث على إتقان العمل والتفوق فيه «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه».

وقال فضيلة المفتي: «لن يكتمل إتقان العمل إلا بأن تُبنى قدرات الشباب وتُنقل لهم العلوم والخبرات والمهارات من السابقين عليهم، ولكي يتم بناء إنسان منتج يجب أن تتكامل فيه القدرات في سائر الجوانب ويكون على إحاطة بمختلف ما يعنيه في مجاله».

كما شدد فضيلة المفتي على أهمية التدريب والتأهيل في كل مجال لأنه أساس النجاح، ففاقد الشيء لا يعطيه (المعلم غير المؤهل يضلل طلابه وتلاميذه-الطبيب غير المؤهل يموت مرضاه أو تتفاقم أمراضهم... وهكذا).

وتابع فضيلته: «إننا نعيش في عصر التأهيل والتدريب وبناء القدرات، لتميز هذا العصر بالمتغيرات والتطورات المستمرة، والتأهيل والتدريب عملية مستمرة على المستوى الفردي والقومي، فإنها أحد مقومات الجمهورية الجديدة؛ يُعبِّر عن ذلك اهتمام الدولة بالتأهيل وبناء القدرات على كافة الأوجه».

زيادة وعي الشباب

وأوضح فضيلة المفتي أن التأهيل والتدريب لن يكون إلا بزيادة الوعي لدى الشباب، من خلال بيان زيف الأفكار والمعتقدات الهدامة من جهة، ونقيم الوعي الصحيح البنَّاء في مقابلة الوعي غير البنَّاء من جهة أخرى، وتنمية الوعي لا يقف عند حدود الفكر فقط وإنما يمتد إلى الأخطار التي تُهدد الشباب في صحتهم وفي انتمائهم.

وثمَّن فضيلة المفتي جهود الدولة المصرية في الاستثمار في الإنسان، منوهًا بإدراك الدولة لأهمية الاستثمار في الإنسان، لذلك اهتمت الدولة ببناء الإنسان من خلال تطوير البنية التحتية، وتطوير مناهج التعليم، والقضاء على العشوائيات.

وأشار فضيلته إلى جهود الدولة في التنمية واهتمامها بسد العوز من خلال إقرار معاش «تكافل وكرامة»، وإقامة المشروعات الحيوية في النجوع والقرى الفقيرة (مشروع حياة كريمة)، وكذلك اهتمام الدولة بالمشروعات الصحية وإنشاء المستشفيات والقضاء على أمراض الكبد والكشف عن الأمراض في المراحل المبكرة (مشروع مليون صحة)، واهتمام الرئيس السيسي ببناء الإنسان (جلسة بناء الإنسان ضمن فعاليات يوم الاحتفال بتفوق جامعات مصر-توجيه الرئيس بإنشاء 100 مدرسة جديدة خلال عام بتكلفة 15 مليار جنيه-تشجيع القطاع الخاص للمشاركة في الاستثمار بالتعليم-ضرورة اختيار المعلمين وإعدادهم وتأهيلهم).

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المفتي الإسلام الرسالات السماوية الهيئة الوطنية للإعلام ببناء الإنسان فضیلة المفتی بناء الإنسان

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: غياب المقوِّمات العلمية عن المتصدِّر للإفتاء يُنتج آراء وفتاوى مشوَّهة

قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-: إنه لا أحد يملك وحدَه احتكار التحدث باسم الدين، ولكن ينبغي لمَن يريد التصدُّر للعِلم والإفتاء أن يملك المقومات العلمية المطلوبة لهذه المهمة العظيمة الشأن، والتي من أهمها الفهم الصحيح للنصِّ الشرعيِّ وللقواعد التي صار عليها العلماء قديمًا وصارت منهجًا وأصلًا، فضلًا عن التمكن في قواعد اللغة العربية ودلالات الألفاظ، ومعرفة استعمالات هذه الألفاظ في حقائقها الموضوعة لها لغًة وشرعًا وعرفًا، وغيرها من المتطلبات والمقومات المطلوبة.

مفتي الجمهورية يدين ارتكاب الكيان الإسرائيلي محرقة خيام النازحين برفح مفتي الجمهورية: الحكم بتكفير أي إنسان لا يكون إلَّا عن طريق القضاء

جاء ذلك خلال حواره في برنامج "اسأل المفتي" على فضائية "صدى البلد" مع الإعلامي حمدي رزق مضيفًا أن غياب هذه المقومات ينتج عنها آراء وأفكار وفتاوى مشوَّهة غير منضبطة، والتي بدَورها تؤثر على المجتمعات واستقرارها.
وأوضح فضيلة المفتي خلال إجابته عن سؤال حول من له حق التصدر للشأن الديني والتحدث باسم الدين، بأنه هو الشخص الذي استجمع المقومات المطلوبة من تكوين علمي، وتأهيل وفهم للواقع وللمقاصد الشرعية.

وثمَّن أهمية ودَور المذاهب الفقهية المعتبرة، حيث إنها حفظت لنا الدين وحملت عنا عبء النظر والاستدلال الذي يستغرق سنوات وسنوات من الجهد المضني والتعب الشديد، وحفظت علينا العبادات والمعاملات وكل شئون الحياة، نؤديها ونحن مطمئنون إلى صحة ما ورد إلينا من أقوالهم فيها، مع ما اشتملت عليه من اختلاف في طرق الاستدلال وتباين وجهات النظر، وكل هذا لا يمنع من التفاعل مع ما يقع من حوادث ومستجدات، فهذه المذاهب تركت لنا المعايير والمناهج التي تتيح لنا التعامل مع الواقع وَفق مراد الشرع الشريف، مشيرًا إلى أن علماء المذاهب الفقهية كانوا يكنون بعضهم لبعض كل تقدير واحترام، وسيرتهم في ذلك معروفة مُشتهرة.

منهج الأزهر في جانب الفقه الإسلامي قام في الأساس على التعدد

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن منهج الأزهر في جانب الفقه الإسلامي قام في الأساس على التعدد‏،‏ ففتح أبوابه لدراسة المذاهب الفقهية التي تلقَّتها الأمة بالقَبول‏،‏ وجعل من ساحاته وأروقته مجالًا لدراسة هذه المذاهب جميعها، وما قصر الدارسين فيه على واحد منها دون الآخر، ولم يُقْصِ أبدًا أيَّ مذهب من المذاهب المعتبرة، فضلًا عن أن المذهبية تتَّسع للجميع، وهذا الحال ينطبق على كبرى المدارس والجامعات الشرعية والفقهية المعتبرة في العالم.

مفتي الجمهورية

وأضاف أن منهجية دار الإفتاء المصرية في إصدار الفتاوى منهجية علمية موروثة قائمة على احترام المذاهب المعتبرة وتقديرها، وعندما يَرِدُ سؤال إلى دار الإفتاء فلدى علمائها منهجية وخبرات متراكمة، مشيرًا إلى أن الدار تلجأ أحيانًا إلى المتخصصين في العلوم المختلفة، مثل الطب والاقتصاد والسياسة وغيرها قبل أن تصدر فتوى في أمر يتعلق بهذا التخصص؛ لاستجلاء الأمر والإلمام بكافة تفاصيله، بل لقد أنشأنا في دار الإفتاء المصرية مرصد الاستشراف الإفتائي، لنُعدَّ العدَّة من الآن -نحن المفتين-لمواجهة تحديات المستقبل وما قد يطرأ من أمور تتعلق بالفتوى.

واختتم المفتي حواره  بالرد على سؤال عن حكم التحايل لاستمرارية حصول الأرملة على المعاش بعدم توثيق زواجها الجديد والاكتفاء بأن يكون في شكل زواج عُرْفيٍّ، قال فضيلته: إن عدم توثيق الزواج لغرض الحصول على معاش الزوج المتوفَّى تحايل على القانون؛ وذلك لأنها تأخذ مالًا حرامًا لا يحل أخذه، وغير قانوني، بل يعتبر عملًا محرمًا؛ لأن قوانين الدولة أباحت صرف المعاش بضوابط معينة، ويعتبر هذا أكلًا لأموال الناس بالباطل، فالمال الذي تتقاضاه الزوجة ليس من حقها، مشيرًا فضيلته إلى أن دار الإفتاء المصرية لا تنصح بالزواج العرفي بل  تنصح بالتوثيق الرسمي للزواج وأن يستوفيَ أركانه وشروطه ومتطلباته.

مقالات مشابهة

  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر
  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو مستحب
  • بلدهم أولى.. المفتي يدعو المصريين بالخارج لإرسال زكاتهم وأضاحيهم لوطنهم
  • بلدهم وأهلهم أولى.. المفتي يناشد المصريين بالخارج بإرسال زكاتهم وأضاحيهم لوطنهم
  • مفتي الجمهورية: هناك توءمة بين العلم والدين والنصوص الشرعية تحثُّنا على إعمال العقل والتدبر.. ولم نجد لم نجد أمّة من الأمم سادت إلا بفضل العلم والبحث العلمي
  • مفتي الجمهورية: المذاهب الفقهية المعتبرة حفظت لنا الدين
  • "فلوس حرام"| مفتي الجمهورية يكشف حكم عدم توثيق الزواج للحصول على المعاش
  • مفتي الجمهورية: غياب المقوِّمات العلمية عن المتصدِّر للإفتاء يُنتج آراء وفتاوى مشوَّهة
  • المفتي: عدم توثيق الأرملة زواجها الجديد لأخذ معاش زوجها المتوفي حرام شرعا
  • مفتي الجمهورية: الأرملة التي ترفض توثيق زواجها الجديد لتستمر في الحصول على المعاش «تأكل مالا حراما»