سلطت تقارير غربية وإسرائيلية خلال الساعات الماضية الضوء على زعيم حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، وكيف أن سلوكه بات يحكم "مفاوضات الهدنة" التي وصلت إلى مراحل متقدمة، دون أن تصل حتى الآن إلى وضع اللمسات الأخيرة لعملية التنفيذ والإعلان الرسمي. 

ويعتبر السنوار الشخصية الأبرز التي حملتها إسرائيل مسؤولية هجوم السابع من أكتوبر.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو وصفه بأنه "رجل ميت يمشي"، قاصدا الهدف المتعلق بقتله.

ورغم أن القيادي البازر في حماس لم يخرج بأي إطلالات إعلامية كباقي قيادات الحركة خلال الأيام الماضية من الحرب في غزة، يشير مسؤولون إسرائيليون وأميركيون إلى أنه "يمتلك الكلمة الأخيرة" فيما يتعلق بالمفاوضات المتعلقة بـ"الرهائن".

كما يعتقد مسؤولو دفاع إسرائيليون، حسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الاثنين، أن "قيادة حماس الخارجية لا تتمتع بنفوذ كبير" قياسا بنفوذ السنوار، وأن الأخير "لا يزال مبتهجا بنجاح مذبحة 7 أكتوبر، وبالتالي فهو يتمسك بمواقفه التفاوضية المتشددة ويتجاهل المعاناة الهائلة التي جلبها على سكان القطاع".

"انقطع وعاد للاتصال"

وتسود توقعات في الوقت الحالي بقرب الاتفاق بين إسرائيل وحماس بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مقابل الإفراج عن رهائن إسرائيليين، وفق تصريحات متقاطعة لمسؤولين مطلعين على سير المفاوضات، نقلت عنهم "واشنطن بوست"، و"سي أن أن" الأميركية، وموقع "أكسيوس".

ونقل موقع "أكسيوس"، الأحد، عن 3 مصادر على اطلاع مباشر بسير المفاوضات، أن الاتفاق شهد "تقدما متواضعا" بعد توقف دام عدة أيام.  

وأضاف أن زعيم حماس في غزة أرسل ردا جديدا للوسطاء القطريين "أشار فيه إلى تضييق بعض الفجوات بين الطرفين، لكن ليس بما يكفي للتوصل إلى اتفاق"، بحسب اثنين من المصادر.

وكان السنوار قد التزم الصمت وتوقف عن التعامل مع ممثلي الحركة في محادثات الدوحة بعد أن داهم الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء بمدينة غزة الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تعليق المحادثات. 

لكن، ووفقا لموقع "أكسيوس" فإنه عاد خلال الساعات الـ24 الماضية للاتصالات، وأكد ذلك تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية لكاتبها عاموس هاريل، الاثنين.

لكن تقرير الصحيفة يوضح أن "إسرائيل تعتقد أن زعيم حماس في غزة غير عقلاني، مما يجعل صفقة رهائن أكثر ضرورة".

وعقد مجلس الوزراء الحربي، الأحد، اجتماعا آخر لبحث الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين.

وبموجب الاقتراح المطروح الآن على الطاولة، الذي تمت مناقشته بشكل متقطع منذ أسابيع، ستقوم حماس بإطلاق سراح حوالي 50 امرأة وطفلا، أو ربما أكثر. 

وقال كل من سفير إسرائيل في واشنطن، مايكل هرتزوغ، ونائب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون فاينر، الأحد، إن المفاوضين قاموا "بتضييق الفجوات"، لكنهم لم يقدموا أي وعود بالتوقيع على اتفاق.

وكالعادة، كما تضيف "هآرتس": "سيعتمد الكثير على السنوار"، وتشير إلى أن الأخير قطع في الأسبوع الماضي الاتصال غير المباشر مع الوسطاء القطريين لعدة أيام، و"لكن يبدو أنه عاد للاتصال بهم الآن".

ويرى البعض أن "إسرائيل يجب أن تغتنم الفرصة للتوصل إلى اتفاق، رغم أنها لن تطلق سراح جميع الرهائن"، ويقولون أيضا إن "السنوار أقل عقلانية من حزب الله على سبيل المثال، وبالتالي قد يقطع الاتصال مع الوسطاء أو حتى مع الرهائن إذا اشتدت الحرب".

وتوضح "هآرتس" أن "هناك هناك حاجة ملحة لتخليص أي شخص نستطيع إنقاذه من الأسر بسرعة".

وجادل كل من وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، هرتزل هاليفي، طوال هذه الأسابيع بضرورة مواصلة الضغط العسكري على حماس، "لأن هذا سيزيد من فرصة إحراز تقدم في المفاوضات".

ومع ذلك، يتعين على القادة العسكريين أن يدركوا أن عليهم التزاما بإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الرهائن في أسرع وقت ممكن، ويضيف كاتب التقرير في "هآرتس"، عاموس هاريل: "هذا هو واجبهم الأخلاقي تجاه الرهائن في ظل الفشل العسكري الذريع الذي أدى إلى هذه الكارثة".

"تصريح وحيد"

من بين جملة المواقف والتصريحات لقادة حماس، خرج السنوار منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بتصريح وحيد نشرته وسائل إعلام في 29 من شهر أكتوبر. 

وفي ذلك الوقت أعلن جاهزية الحركة لتنفيذ فوري لـ"صفقة تبادل عن جميع الأسرى في السجون الإسرائيلية مقابل أسرى إسرائيل لدى فصائل المقاومة الفلسطينية"، حسب  تعبيره.

وقال السنوار: "جاهزون فورا لعقد صفقة تبادل تشمل الإفراج عن جميع الأسرى في سجون العدو الصهيوني مقابل الإفراج عن جميع الأسرى لدى المقاومة".

كما "دعا الهيئات والمؤسسات العاملة بمجال الأسرى لعد نفسها في حالة انعقاد دائم، وإعداد قوائم بأسماء الأسرى والأسيرات لدى الاحتلال دون استثناء تحضيرا لمستجدات المرحلة القادمة"، وفق تصريحاته.

وردا على زعيم الحركة في غزة، وصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، استعداد حماس للإفراج عن الرهائن بأنه "إرهاب نفسي بشكل ساخر لممارسة الضغط".

وقال هاغاري في مؤتمر صحفي "ما قام به السنوار إرهاب نفسي، لا يوجد أي عرض على الطاولة بخصوص الرهائن، والسنوار لا يمكنه إصدار بيانات، يتحدث بواسطة آخرين، حماس لا تقيم اتصالات دون وساطة مع إسرائيل، وسنواصل كل الجهود، المدنية والاستخبارية، لإعادة المختطفين". 

"قضية رئيسية"

وحتى الآن لا توجد بوادر إيجابية بشأن "مفاوضات الهدنة"، إذ يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته على الأرض حتى الآن، وقد وصلت في الساعات الأولى من يوم الاثنين إلى محيط المستشفى الإندونيسي، الواقع في بيت لاهيا شمالي القطاع.

ونقلت "سي أن أن" عن مصدر وصفته بالمطلع على المفاوضات، أن إحدى القضايا الرئيسية "لإتمام الاتفاق بشكل نهائي"، هي "إدخال المساعدات إلى غزة".

وقال المصدر إن "إسرائيل قدمت مقترحا يقضي بالإفراج عن 100 رهينة من المدنيين"، لكن حماس عرضت الإفراج عن 50 مختطفا خلال عدة أيام من الهدنة، على أن يتم إطلاق سراح "ما بين 20 و25 رهينة آخرين حال تمديد تلك الهدنة".

ولفتت حماس إلى أنها "تريد تلك الهدنة من أجل جمع الرهائن المحتجزين في أماكن مختلفة، وبواسطة مجموعات مختلفة موالية لها في غزة"، وفق الشبكة.

ولا يزال العمل جار يا على تفاصيل عدة أخرى، مثل فكرة المساعدات التي أعربت إسرائيل عن مخاوفها من أن "تساعد حماس أكثر من المدنيين" في غزة.

وأشار أحد المصادر للشبكة الأميركية، إلى أن حماس "طلبت بشكل أولي إدخال 500 شاحنة مساعدات يوميا"، فيما قال مصدر آخر إنه "لم يتم التوافق حتى الآن بشأن عدد شاحنات المساعدات التي ستدخل القطاع، بجانب عمليات التفتيش ونقاط الدخول".

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، في وقت سابق، أن المفاوضين وضعوا وثيقة من 6 صفحات تحدد متى وأين وكيف سيتم نقل الرهائن بأمان خارج غزة. 

ومن شأن الاتفاق، الذي سيشهد وقف العمليات القتالية مؤقتا، أن يسمح أيضا بزيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل الجيب. 

ويؤمل أنه إذا تم التجميد الأولي للقتال وتم إطلاق سراح النساء والأطفال بسلاسة، فإن ذلك سيشكل نموذجا يسمح بإطلاق سراح مجموعات أخرى من الأسرى، بما في ذلك الرجال المدنيين والجنود الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، وفق الصحيفة الأميركية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الإفراج عن إطلاق سراح حتى الآن إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

محللون: واشنطن أول المطالبين بموقف واضح تجاه الصفقة وإسرائيل أمام معضلة إستراتيجية

اتفق محللون سياسيون على أن الولايات المتحدة هي أول المطالبين بموقف واضح في إطار مفاوضات محاولة التوصل لصفقة تبادل أسرى وإنهاء الحرب بقطاع غزة، في حين رأى أحدهم أن تزامن التصعيد في الجبهة الشمالية للأراضي المحتلة مع مفاوضات صفقة التبادل يكشف معضلة إستراتيجية أمام الاحتلال الإسرائيلي  .

وسلط محللون تحدثوا لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟" الضوء على غموض وازدواجية مواقف وتصريحات مسؤولين أميركيين بشأن مجريات المفاوضات المتعلقة بالصفقة وأطرافها، ففي الوقت الذي يحملون فيه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية عدم إتمامها، يغضون الطرف عن التجاهل الإسرائيلي لتحديد موقف منها، في حين تأتي تصريحاتهم متضاربة بشأن هذه التفاصيل.

ويرى الباحث السياسي ساري عرابي أن التصعيد الأخير بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي وتزامنه مع مفاوضات الصفقة، يضع إسرائيل في معضلة إستراتيجية حتى الآن، إذ لم تتمكن من حسم خياراتها فيما يتعلق بقطاع غزة وشمالي فلسطين، لافتا إلى أن التصريحات المتناقضة من الجانب الإسرائيلي تعكس هذه المعضلة.

ويوضح عرابي أن هذه المعضلة تكمن في ربط الملفين بعضهما ببعض وتسليم إسرائيل بهذه المعادلة حيث يعد ذلك من وجهة نظرها هزيمة إستراتيجية، وتظهر تلك المعضلة بوضوح في تصريحات الحكومة، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث تُطرح جميع الخيارات للحل في الشمال بما فيها الدبلوماسية والحرب.

وفي هذا السياق، لفت إلى أن الجيش الإسرائيلي أرسل توصية لمجلس الحرب -الذي من المقرر أن ينعقد الليلة- بوقف العملية في رفح والاستعداد لمواجهة في شمالي فلسطين، مما يدل على تأثير دعم حزب الله للمقاومة على مسار الحرب في غزة ووضع إسرائيل أمام خيارات صعبة.

لا ضمانات أميركية

وعن الموقف الأميركي، يرى عرابي أن تصريحات الرئيس جو بايدن بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار ومفاوضات لاحقة تفتقر إلى الضمانات لكبح إسرائيل، وتعكس هذه المشكلة تضارب المواقف الأميركية منذ بدء رغبتها في عقد صفقة، حيث تقدم تصريحات متضاربة.

وأشار عرابي إلى تناقض التصريحات بين وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس، الذي أشار إلى وجود إمكانية لعقد صفقة أوقفها نتنياهو، وبين تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن التي تدعي العكس، معتبرا أن هذا التناقض يدفع إلى القول إن الولايات المتحدة هي أول المطالبين بموقف واضح وجلي من الصفقة ومجريات مفاوضاتها.

بدوره، يرى الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين، أن هناك نقطتين رئيسيتين تؤثران على الوضع الراهن، الأولى هي التصعيد النوعي على الجبهة الشمالية خلال الأسبوع الأخير، والثانية الصمت المدوي من الجانب الإسرائيلي حيال مفاوضات صفقة التبادل.

وأشار جبارين إلى أن تشكيل مجلس الحرب الجديد الذي أعلنت عنه إسرائيل، قد يعكس توجهات نتنياهو في التعامل مع الوضع المستقبلي، فهو وفقا لجبارين، يُعد رسالة واضحة إلى الإدارة الأميركية التي تصر على أنه لم يصدر أي رد إسرائيلي رسمي يناقض الطرح الأميركي.

وإستراتيجية الصمت، بحسب جبارين، تخدم إسرائيل في محاولتها للحفاظ على الغموض بشأن ما يجري في الجبهة الشمالية وعدم إعطاء ذرائع للمتطرفين. وأنه إذا فشلت الصفقة، فإن اللوم سيقع على حركة حماس، حيث لم تُصدر السلطات الإسرائيلية أي قرار يناقض هذا السيناريو.

خروج بأقل الأضرار

ويرى جبارين أن واشنطن تسعى لترويج هذه الاتفاقية كلحظة نجاح للإدارة الأميركية في محاولة لإقناع الناخبين العرب والمسلمين في أميركا بأن العقبة الرئيسية هي حماس وليس إسرائيل، لافتا إلى أن ذلك يأتي ضمن مسعى بايدن للخروج من هذا الوضع بأقل الأضرار من خلال هذه الرسالة.

أما بخصوص نتنياهو، فهو -حسب جبارين- يعمل بدوره على تعقيد المشهد الميداني لتعقيد الوضع السياسي، وهو ما يتوافق مع المطلب الإسرائيلي العام، فحتى إذا لم تستطع إسرائيل إخضاع حماس، فهي على الأقل تسعى لضمان عدم خروج حماس بوضع أقوى مما كانت عليه قبل التصعيد.

فيما ترى ياسمين الجمل، المسؤولة السابقة بوزارة الدفاع الأميركية لشؤون الأمن القومي، أن الإدارة الأميركية على مدى الأشهر الماضية جعلت من أولوياتها الحيلولة دون وقوع حرب إقليمية، خصوصا مع حزب الله، لافتة إلى أن حرب 2006 كانت معرقلة لمصالحها في المنطقة بشكل أكبر من الحرب الحالية في غزة

وأكدت الجمل أن غياب الوضوح والتضارب في مواقف الإدارة الأميركية منذ خطاب الرئيس جو بايدن هو المشكلة الرئيسية في هذه المفاوضات، مضيفة أن الخطاب كان واضحا ومهما، ومع ذلك، أصبح الوضع بعده مضطربا ومربكا، حيث إن المسؤولين الأميركيين يصرون على أن العبء يقع على حماس لقبول المقترحات، في حين لم تعلن إسرائيل قبولها بشكل صريح.

ولفتت الجمل إلى أن الإدارة الأميركية تعتقد أن تهدئة الموقف في غزة ستسهم في تهدئة الوضع في المنطقة، وأنها تسعى لتجنب حرب مع الجبهة اللبنانية، نظرا لقدرات حزب الله الكبيرة، مشيرة في الوقت ذاته إلى وجود أصوات مرتفعة في الكونغرس تحث على دعم إسرائيل أمام حزب الله، مما يعكس تعقيدات السياسة الأميركية الداخلية تجاه هذا النزاع.

مقالات مشابهة

  • بعيد الأضحى.. إسماعيل هنية يجدد موقف حماس من مقترح بايدن لوقف الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن
  • هنية: رد حماس على مقترح الهدنة يتوافق مع مبادئ الخطة التي أعلنها بايدن
  • شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فورية لإطلاق سراح الأسرى بغزة
  • "مقتل المدنيين بغزة تضحية ضرورية".. قيادي بحماس يعلق على رسائل يحيى السنوار (فيديو)
  • منذ طوفان الأقصى حتى الآن.. كيف تطورت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟
  • حماس: لا نعلم عدد الرهائن الأحياء.. والحرب "رد فعل"
  • زعيم حزب إسرائيلي: من المستحيل تحرير الرهائن وتدمير حماس معا
  • حماس: إسرائيل قتلت اثنين من المحتجزين بقصف على مدينة رفح
  • فورين بوليسي: حزب الله وإسرائيل لا يريدان حربا شاملة
  • محللون: واشنطن أول المطالبين بموقف واضح تجاه الصفقة وإسرائيل أمام معضلة إستراتيجية