وجه وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي رسالة إلى الأسرة التربوية في عيدي العلم والإستقلال جاء فيها :

"عيد استقلال لبنان هذه السنة ، ليس مناسبة احتفالية عابرة ، ولا يحتمل الخطب الرنانة ولا التمنيات الإنشائية . إنه استحقاق مصيري في ظل العدوان الإسرائيلي الذي يتكرر يوميا على جنوب لبنان ، ويسقط بنتيجته شهداء كان آخرهم عند كتابة هذه الرسالة الصحافيان فرح عمر وربيع المعماري ، وقبلهما بأيام قليلة المصور الصحافي عصام عبدالله ،والتلميذات الثلاث وجدتهن من آل شور ، يضاف إليهم في كل يوم ضحايا أبرياء ومدافعون عن الحق والأرض .



نتذكر اليوم أن أعواد المشانق حملت في ساحة الشهداء صحافيين من ذلك الزمان وقادة رأي وقفوا في وجه العثمانيين وتمسكوا بالوطن من دون حساب الخسارة والربح ، فقدموا انفسهم شهداء ليحيى الوطن ويقوم بعده الإستقلال .

يأتي عيد الإستقلال في ظل شغور عنيد في رئاسة الجمهورية ، وتعطيل للمؤسسات الدستورية وانهيار لهيبة الدولة وعدم انتظام في مؤسساتها . لكننا مع الأسرة التربوية بكل مكوناتها ، متمسكون بالوطن وبالعيش الواحد . متمسكون بقوة لبنان في وحدته العصيّة على التقسيم والتجزئة والدعوات إلى الفيدراليات .

اليوم نجد انفسنا أكثر التفافا حول محور الدولة ومؤسساتها وجيشها ، نتفيأ علم لبنان الذي نحتفل بعيده رمزا للإنتماء الوطني الجامع للكل من دون تفرقة ولا تمييز .

نحن في التربية ومن خلال كل معلم ومتعلم وأهل ، نتعلق برسالتنا في صون الإستقلال عملا لا قولا . نتعلق بإعداد الأجيال على أسس الحق والحرية وقيام المؤسسات .

نجتهد في زمن تفلت السلاح واستشراء الفوضى وتغليب المصالح الشخصية والفئوية على المصلحة الوطنية ، لنحافظ على المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة ، ونوفر لهيئاتها التعليمية بعضا من الحقوق في ظل الشح المسيطر على مداخيل الخزينة .

إن مسؤوليات التربية كبيرة جدا ، ونتطلع مع كل واحد منكم إلى العمل بإخلاص مع التلامذة وأهاليهم ومع المؤسسات الحية في المجتمع ، لكي نصون إستقلالنا يوميا ، ونحافظ على وحدتنا ، ونرعى مواردنا البشرية ونسهر على تنشئتها بحسب مناهجنا المجددة . فلا مكان في هذا الزمن العصيب للتفريط بالعام الدراسي ، ولن نسمح بإبقاء أي متعلم دفعه العدو الإسرائيلي قسرا إلى مغادرة قريته ومدرسته من دون خطة للحصول على التعليم ،ولن نترك أي معلم أقفل القصف المعادي مدرسته من دون ممارسة رسالته ، والمحافظة على توفير بدل إنتاجيته .

في عيد الإستقلال الضائع في دماء الجنوبيين ، ومجازر غزة وفلسطين ، أدعو المسؤولين الفعليين في دولتنا العميقة ، إلى التنازل عن الأنانيات والمصالح من أجل أن يبقى لبنان ، فلا يضيع الوطن في فوضى ملفات المنطقة . وأستصرخ قادة العالم لكي يبعدوا عنا ويلات الحرب ، فقد نلنا منها دمارا كثيرا على مدى السنوات المنصرمة .

أدعوكم جميعا إلى وقفة ضمير لكي نحافظ على التربية ونعيد تكوين المؤسسات تحت علم لبنان وبحماية جيشه مؤسساته"
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

لماذا توسّع الجزائر مساهمتها في المؤسسات المالية الدولية؟

رسّخت الجزائر في السنوات الأخيرة توجهًا ماليا مغايرًا ضمن محيطها الإقليمي والدولي من خلال توسيع مساهماتها داخل أبرز البنوك التنموية، من دون أن تلجأ إلى الاستدانة منها.

فقد عزّزت حضورها في بنك التنمية الأفريقي عبر مساهمات إضافية، ووقّعت اتفاقيات تعاون واسعة مع البنك الإسلامي للتنمية تمتد بين عامي 2025 و2027. تجلّى آخر هذه الخطوات في إعلان رئيسة بنك التنمية الجديد ديلما روسيف، الخميس الماضي، انضمام الجزائر رسميًا إلى بنك مجموعة "بريكس" بالتزام مالي يُقدّر بـ1.5 مليار دولار. كما وافقت الجزائر خلال عام 2024 على زيادة اكتتابها في بنك التنمية الأفريقي بأكثر من 36 ألف سهم لتُصنّف ضمن أبرز المساهمين الإقليميين غير المدينين. وفي فبراير/شباط 2025، رفعت الجزائر حصتها في رأسمال البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير "أفريكسيم بنك" من خلال الاكتتاب في 2285 سهمًا إضافيا.

وخلال اختتام أشغال الاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية المتعددة الأطراف في الجزائر العاصمة، كشف رئيس الهيئة المالية محمد سليمان الجاسر أن إطار التعاون الموقع بين البنك والجزائر يتضمن خدمات تمويلية وتأمينية لصالح الأخيرة بقيمة تصل 3 مليارات دولار خلال الفترة بين 2025 و2027، نافيًا أن يكون ذلك بمثابة قرض أو استدانة خارجية.

إعلان

ورغم هذه الشراكات الواسعة، فإن الجزائر لا تلجأ إلى الاستدانة، لا من هذه المؤسسات ولا من غيرها، وهو ما بات بمثابة عقيدة راسخة في سياستها الاقتصادية. فمنذ توليه منصب رئيس الجمهورية في ديسمبر/كانون الأول 2019، كرّر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفضه القاطع للاستدانة الخارجية، معتبرًا إياها تهديدًا لسيادة البلاد واستقلال قرارها الوطني.

وقد أعلن الرئيس تبون في 11 يوليو/تموز 2023 أن بلاده "لا مديونية لها"، مؤكدا أنها "حرة في قراراتها السياسية والاقتصادية".

رئيس بنك التنمية الأفريقي (الثاني يسار) أشاد بالمساهمة المالية للجزائر في مختلف هياكل البنك (الرئاسة الجزائرية) استثمار النفوذ

يرى البروفيسور فارس هباش، أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف، أن توسّع الجزائر في المساهمة بالبنوك التنموية الكبرى لا يُعد مجرد خيار اقتصادي، بل يمثل إستراتيجية سيادية شاملة. فالجزائر لم تعد تكتفي بدور المتلقي، بل تسعى إلى ترسيخ موقعها بوصفها مساهما فعّالا يمتلك صوتًا في توجيه التمويل وصنع القرار.

وأشار هباش إلى أن انخراط الجزائر في هذه المؤسسات يمكّنها من التأثير على أولويات المشاريع وسياسات التمويل، بما يتماشى مع مصالحها الوطنية.

وأضاف أن هذا التموضع يفتح أمام الجزائر آفاقًا لتعزيز شراكات إستراتيجية مع دول الجنوب، والترويج لمشاريع تنموية كبرى في مجالات المياه والطاقة والنقل، مما ينعكس إيجابًا على الاستقرار والتنمية الإقليمية، ويمهّد لدور جزائري أكثر حضورًا وتأثيرًا في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.

وفي تقدير فارس هباش، فإن الجزائر تراهن على هذه المنصات البنكية لتكريس موقعها كقوة فاعلة في الجنوب العالمي. فمن خلال مشاركتها في الحوارات التنموية تسعى إلى توجيه التمويل نحو مناطق تتقاطع معها مصالحها السياسية والاقتصادية، والدفع نحو تشكيل نظام مالي عالمي أكثر توازنًا وعدالة.

وأوضح أن الجزائر ستحقق من هذه المساهمات عوائد مالية واستثمارية من خلال المساهمة في مشاريع تنموية واقتصادية مربحة.

إعلان

كما توقّع أن تواصل الجزائر تعزيز استثماراتها في هذه المؤسسات لمواكبة تطورات الاقتصاد العالمي، والتركيز على تمويل مشاريع مستدامة تندرج ضمن أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.

استقلال تمويلي

وأكد الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي أن عضوية الجزائر في البنوك التنموية الدولية تمثل "أداة من أدوات الدبلوماسية الاقتصادية"، ولا تعني بالضرورة رغبتها في الاقتراض، بل تُعد خطوة لتوسيع خياراتها الإستراتيجية مع الحفاظ على سيادتها المالية.

الجزائر وافقت خلال 2024 على زيادة اكتتابها في بنك التنمية الأفريقي بأكثر من 36 ألف سهم (الرئاسة الجزائرية)

وشدّد الحيدوسي، في حديثه للجزيرة نت، على أن عزوف الجزائر عن الاقتراض من هذه المؤسسات يعود إلى توفر بدائل تمويلية تجعلها في موقف مريح، وعلى رأسها احتياطات النقد الأجنبي التي تتجاوز 70 مليار دولار، إلى جانب احتياطات الذهب التي تتخطى 80 مليار دولار، وهي كافية لتغطية سنوات من الاقتراض، بالإضافة إلى تحقيق الجزائر معدلات نمو مهمة في السنوات الأخيرة من أموالها الخاصة.

وقال إن "الجزائر تتعامل  مع الاستدانة كخطر حقيقي على قرارها السيادي"، مستشهدًا بتجربة البلاد خلال تسعينيات القرن الماضي.

واعتبر أن "الاستقلال المالي ليس شعارًا سياسيا بل خيارا إستراتيجيا نابعا من دروس الماضي، ويستند إلى رؤية تنموية قائمة على تعبئة الإمكانات الوطنية وتجنّب أي تبعية خارجية".

وأضاف الحيدوسي أن الحكومة الجزائرية تركز على التمويل الداخلي وتسعى إلى تعبئة الموارد المحلية من خلال برامج تنموية، حيث تعمل على التوفيق بين متطلبات التمويل ورفض التبعية المالية بالاعتماد على مواردها الذاتية، لا سيما العائدات المحققة من الصادرات، سواء من قطاع المحروقات أو من قطاعات أخرى كالفلاحة والتعدين والطاقة المتجددة.

إعلان آفاق مستقبلية

ويرى مدير مؤسسة الدراسات الاقتصادية وتطوير المؤسسات حمزة بوغادي أن الجزائر اليوم تتموضع في موقع قوة نظرًا لما تمتلكه من أرصدة مالية خاصة واحتياطات صرف وقدرات مالية وتشغيلية سنوية مستقرة، إلى جانب مداخيل منتظمة تُعزّز الأرباح السنوية للدولة. كما تتمتع الجزائر بشراكات وعقود طويلة الأمد، وهي كلها عناصر تُعزّز الثقة في قدراتها عند التوجه نحو أي طلب تمويل إن أرادت ذلك.

وأوضح بوغادي، في حديثه للجزيرة نت، أن تمويلات هذه البنوك تُخصص لمشاريع ذات جدوى اقتصادية عالية، كونها تُبنى على شراكات تجارية مدروسة وليست مجرد قروض تقليدية.

وأشار إلى أن هذه المساهمات تُترجم توجّهًا إستراتيجيا نحو تنويع المحفظة المالية والاستثمار خارج الحدود، وهي سياسة تعتمدها العديد من الدول ضمن ما يُعرف بالاستثمار المالي العصري أو "التمويل العصري".

وأضاف بوغادي أن هذه الخطوة تتيح للجزائر توفير وسائل تمويل ذكية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمشاريع تنموية داخلية ذات فائدة كبرى من مثل المشروع الطموح في قطاع السكك الحديدية، والذي من شأنه أن يحوّل الجزائر إلى قطب عالمي في تصدير الحديد والفولاذ ومشتقاته.

وأكد أن بإمكان الجزائر اللجوء إلى التمويل من هذه البنوك متى أرادت كونها شريكة ومساهمة فيها، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي لهذه المؤسسات هو تمويل مشاريع الدول الأعضاء بطريقة مختلفة تمامًا عن التمويلات التقليدية التي تفرض شروطًا قاسية وتسعى للتدخل في شؤون الدول.

مقالات مشابهة

  • مراسل سانا: وزيرا التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي ‏والشؤون الاجتماعية والعمل السيدة هند قبوات يفتتحان مركز الابتكار الرقمي ‌‏(ديجت) في دمشق، المنفذ من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتمويل من ‏الحكومة اليابانية
  • جولة ميدانية للاطلاع على واقع محصول الفستق الحلبي في مدينة مورك بريف حماة
  • الخطيب: للتعاون بين المؤسسات الرسمية والأهلية للحدّ من تفشي الفقر والآفات
  • لماذا توسّع الجزائر مساهمتها في المؤسسات المالية الدولية؟
  • جابر: حركة موفدي الصناديق والمؤسسات تمويلية مؤشر على التعافي بعد الأزمات الخانقة
  • خطيب المسجد الأقصى: الاحتلال اتخذ إجراءات هدفها التقسيم الزماني والمكاني
  • باسيل: فوزنا باتحاد المتن إنجاز سياسي والتيار حاضر بقوة في الجنوب وجزين
  • وزارة التربية: لدعم دولي مستدام ومرن لتعزيز نموذج التعليم الشامل
  • من وزارة التربية.. دعوة للأساتذة المتعاقدين
  • مطر: ننتظر بيانا من وزيرة التربية حول محاضرة في إحدى ثانويات طرابلس