في ظل الاحتقان القائم.. هل ستجرؤ الحكومة على تفعيل قرار الاقتطاع من أجور الأساتذة؟
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
بقلم: إسماعيل الحلوتي
في خضم الاحتقان القائم في الساحة التعليمية منذ أن صادق المجلس الحكومي المنعقد يوم الأربعاء 27 شتنبر 2023 على المرسوم رقم: 781.23.2 بشأن النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، الذي أشعل فتيل الاحتجاجات والإضرابات المتوالية، التي شلت مؤسسات التعليم العمومي في كافة جهات المملكة، حيث خرج عشرات الآلاف من نساء ورجال التعليم للتعبير عن رفضهم له، معتبرينه نظاما مجحفا وتراجعيا، لا يستجيب لانتظاراتهم ويهدف إلى الحط من كرامتهم وإثقال كاهلهم بالمهام الإضافية، فضلا عن تطويقهم بحزمة من العقوبات الزجرية.
وبناء على مراسلة الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتفويض من الوزير شكيب بنموسى، الموجهة إلى مدير نفقات الموظفين بالخزينة العامة للملكة بتاريخ 17 نونبر 2023 تحت عدد 23/315 الرامية إلى تفعيل مسطرة الاقتطاع من أجور المضربين ابتداء من فاتح نونبر 2023، بسبب ما اعتبرته "تغيبا عن العمل بصفة غير مشروعة"، وهو أمر بالاقتطاع من أجور 47 ألف موظفة وموظفا تغيبوا بصفة غير قانونية...
تجدد الجدل ثانية حول مدى مشروعية هذا الإجراء، وإذا ما كان الإضراب حقا مشروعا كما تنص عليه دساتير المملكة والمواثيق الدولية، أم هو "تغيب عن العمل بصفة غير مشروعة" كما تدعي الوزارة الوصية، التي تلوذ بالتكتم الشديد حول طريقة تفعيل هذا الإجراء، ورفض مصالحها المختصة تقديم أي إفادة بخصوص المبالغ المزمع اقتطاعها من أجور الموظفين المنخرطين في الإضرابات، ولا عن عدد الأيام المعنية بذلك، باستثناء الحديث عن المذكرة السالفة الذكر التي تهم مباشرة 47 ألف "أمر باقتطاع".
فتضاربت الآراء حول هذا القرار الذي ما انفك يؤرق الموظفين في ظل غياب قانون تنظيمي للإضراب، إذ هناك من يتحدث عن أن الاقتطاع سوف يشمل فقط نصف الأساتذة المضربين، من الذين تصنفهم الوزارة في خانة المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، وبين من يرى أنه لن يهم مجموع أيام الإضراب دفعة واحدة، مرجحا بأن تأتي الاقتطاعات مجزأة على دفعات متتالية، لأن اللجوء إلى اقتطاع أيام الإضراب كاملة من شأنه أن يؤدي إلى خصم حوالي 2500 درهم من أجرة كل مضرب، إذا ما اعتبرنا أن مدة الإضراب لا تقل عن عشرين يوما، غير أن هناك اختلافا في الوضعيات الإدارية على مستوى الإطار والسلم، وهو الأمر الذي سيفاقم وضعية الأساتذة المضربين في ظل غلاء المعيشة، لما باتت تعرفه أسعار المحروقات من زيادات متصاعدة، أرخت بظلالها على أسعار باقي المواد الأساسية الوسعة الاستهلاك خلال السنتين الأخيرتين.
ومن المفارقات الكبرى أن يتم اللجوء إلى الاقتطاع من أجور المضربين، علما أن المغرب يعترف بحق الإضراب ومشروعيته منذ أول دستور له سنة 1962 في انتظار سن قانون تنظيمي، لكن تلكؤ الحكومات المتعاقبة حال دون إقرار ذلك النص الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق، مما فتح الباب أمام اجتهادات بعض "الفقهاء" في القانون، الذين يؤكدون على أن "الاقتطاع من أجر المضرب أمر مشروع إذا ما نظر إليه من الناحية القانونية الصرفة، وحسب ما دأب عليه القضاء سواء تعلق الأمر بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية، أو مختلف الأنظمة التي تضبط عمل الهيئات والمؤسسات والإدارات في القطاع العام، وأنه لا يمكن للأجر أن يؤدى في غياب عنصر العمل، وذلك وفق ما تضمنه مرسوم المحاسبة العمومية لسنة 1967، الذي قام بتفعيله رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله ابن كيران، إعمالا لمبدا "الأجر مقابل العمل".
فتطبيق مبدأ "الأجر مقابل العمل" مازال مثار جدل واسع ويطرح مشكلا كبيرا في تأويل القانون منذ أن تم اعتماده في مواجهة الإضرابات، إذ يرى فيه الكثيرون قرارا تعسفيا لمخالفته دساتير البلاد جميعها، خاصة أن هناك تفسيرات قانونية تعتبر الإضراب حقا مكفولا بقوة الفصل 29 من الدستور، الذي نص على أن "حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته" إلا أن هذا الفصل يعتبر دون فعالية أو "موقوف التنفيذ" لعدم صدور ذلك القانون التنظيمي، حتى وإن كان الدستور يتميز بالسمو عن المرسوم المنظم لمبدأ "الأجر مقابل العمل". ويرى أحد أساتذة القانون الإداري أن الدولة تستطيع إيجاد تأويلات في اتجاه تكييف الاقتطاعات ومنحها سندا قانونيا، عندما تذهب إلى اعتبار الإضراب تغيبا عن العمل بدون عذر شرعي، يمس باستمرارية المرفق العمومي. وهو ما يعد تهريبا له من وضعه كحق مكفول دستوريا نحو تكييفات أخرى، وبالتالي يمكن اعتبار الاقتطاع إجراء مشروعا في الجانب القانوني، بيد أنه ليس كذلك من الناحية السياسية، لما يشكله من إجهاز على أحد الحقوق الأساسية...
إننا وإن كنا نرفض بشدة حرمان حوالي ستة ملايين تلميذا من الدراسة في مؤسسات التعليم العمومي لخمسة أسابيع متوالية، ومازالت المدة مرشحة للارتفاع مع ما لذلك من كلفة باهظة على عدة مستويات، ما لم تسارع الحكومة إلى إنهاء مسلسل الإضرابات بإسقاط "نظام المآسي"، يحز في أنفسنا كذلك أن تظل بلادنا التي يقال عنها دولة "الحق والقانون" رهينة نص قانوني منذ أزيد من خمسة عقود، تتخبط في جدال حول مدى مشروعية الاقتطاع من أجور المضربين، في وقت يستطيع فيه المشرع المغربي سد فراغ الفصل 29 من الدستور، بإقرار نص تنظيمي لممارسة حق الإضراب، "وكفى الله المؤمنين القتال".
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الاقتطاع من أجور عن العمل بصفة غیر
إقرأ أيضاً:
"إي فاينانس" تشارك في تفعيل منصة محكمة استئناف القاهرة الرقمية وبرنامج الترجمة والاستعلام المميكن
شاركت شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية "إي فاينانس" مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والهيئة القومية للبريد، وشركة "كلاود فور رين" في توقيع ثلاثة بروتوكولات تعاون، لتفعيل منصة محكمة استئناف القاهرة الرقمية وبرنامج الترجمة المميكن والاستعلام المميكن عن الدعاوي المدنية والأسرة والعمال.
وقد شهد توقيع بروتوكولات التعاون المستشار محمد نصر سيد – رئيس محكمة استئناف القاهرة – عضو مجلس القضاء الأعلى، والمهندس محمود بدوي، مساعد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لشئون التحول الرقمي.
وقع البروتوكولات كل من المهندس حسام الجولي العضو المنتدب لشركة "إي فاينانس"، القاضي علي الهواري، رئيس المكتب الفني والمتابعة لمحكمة استئناف القاهرة والأستاذة داليا الباز، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد، والمهندس أشرف الصناديلي، رئيس مجلس إدارة شركة “كلود فور رين”.
وحضر توقيع البروتوكول كل من السادة المستشارين جيهان البطوطي، وطارق الحتيتي، وسامح عثمان، واحمد العنبسى،وعمرو صبري أعضاء المكتب الفني والمتابعة لمحكمة الاستئناف.
ويشمل بروتوكول التعاون بروتوكول التحصيل الإلكتروني لبوابة محكمة الاستئناف لخدمات الترجمة، حيث تتيح "إي فاينانس" خدمات السداد الإلكتروني على بوابة محكمة الاستئناف للترجمة، والتي ستمكن متلقي الخدمة من سداد الرسوم المستحقة عليه أونلاين على البوابة عن طريق إتاحة طرق سداد مختلفة حسب احتياجاته ليتمكن من السداد عن طريق الكروت البنكية والمحافظ الالكترونية والكروت البنكية الافتراضية وشبكة شركات التحصيل الموزعة على مستوى الجمهورية.
وكذلك شمل التعاون، بروتوكول التحصيل النقدي والإلكتروني داخل محكمة استئناف القاهرة، حيث تقوم شركة "إي فاينانس" بتوفير مندوب التحصيل لخدمات السداد النقدي أو بالكروت البنكية من خلال توفير ماكينات نقاط البيع (POS) داخل محكمة استئناف القاهرة ومأمورياتها.
كما سيتكمن أيضا متلقي الخدمة والمتعامل مع المحكمة من سداد الرسوم أونلاين باستخدام البطاقات البنكية والمحافظ الإلكترونية حيث توفر "إي فاينانس" خدمات التحصيل الالكتروني عن طريق إتاحة رابط سداد يتم إرساله لمتلقي الخدمة برسالة على التليفون المحمول المسجل لدى المحكمة.
وخلال منصة المحكمة سيتم استخراج شهادات متنوعة بشأن حصول الاستئناف من عدمه، واستخراج صور صحف الاستئناف، وحوافظ الاستئناف المقدمة في الدعاوى، وصور الأحكام الصادرة في الاستئناف، كما سيتم استقبال طلبات الترجمة عن طريق الموقع الإلكتروني للمحكمة أو البريد وإعادة إرسالها مرة أخرى لطالبي الخدمة.
ويقوم قسم الترجمة في المحكمة بترجمة كافة المستندات وترجمتها من وإلى اللغات (الإنجليزية – الفرنسية – الألمانية – الإيطالية – الإسبانية – الصينية – اليابانية – البرتغالية – الروسية – خط الريشة – الحجج العثمانية) كما يقدم القسم ترجمه المستندات الرسمية واعتمادها بخاتم شعار الجمهورية للتصديق عليها.
وصرَّح المستشار محمد نصر سيد، أن الهدف من توقيع هذه البروتوكولات هو المساهمة الإيجابية في تحقيق رؤية مصر ۲۰۳۰ استجابة لتوجيهات الرئيس السيسي في تحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة والتحول الرقمي في كل المجالات – خاصة وأن هذه المشروعات قد خرجت من كونها فكرة وأصبحت واقع، مشيرًا إلى أن هذه البروتوكولات تمثل خطوة نوعية غير مسبوقة نحو تحديث آليات العمل داخل المنظومة القضائية، وتعكس الحرص على تبني التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لتيسير العدالة وتحقيق الكفاءة في تقديم الخدمات.
و عن التوقيع صرح السيد إبراهيم سرحان رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة اي فاينانس لللإستثمارات المالية ان شركة اي فاينانس تعتز بشراكتها مع محكمة الإستئناف القاهرة وتعاونها مع كل من وزارة الاتصالات والهيئة القومية للبريد وشركة "كلود فور رين"، لتفعيل منصة محكمة استئناف القاهرة الرقمية وبرنامج الترجمة المميكن والاستعلام المميكن عن الدعاوي المدنية والأسرة والعمال.
وأضاف أن جهود "إي فاينانس" ومشاريعها على مدار السنوات الماضية مع كبرى الوزارات ومؤسسات الدولة لرقمنة وميكنة المنظومات المالية والمنظومات الأكثر أهمية وحيوية في الدولة، يؤكد ويعكس قدرات الشركة على التطوير الرقمي المرتقب في محكمة استئناف القاهرة بما يدعم قدرات المنظومة القضائية في خدمة السادة المواطنين وجميع المتعاملين بأعلى درجات السرعة والجودة والكفاءة والموثوقية والأمان.
هذا وقد أعرب المهندس حسام الجولي العضو المنتدب لشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية "إي فاينانس" التابعة لمجموعة "إي فاينانس" للاستثمارات المالية والرقمية ثقته الكاملة في القدرات الهائلة للشركة في التوسع الكبير في قيادة ميكنة المدفوعات في محكمة الإستئناف، حيث تمتلك الشركة بنية تحتية رقمية هي الأكبر على الإطلاق والأقدرعلى استيعاب التريليونات من المدفوعات الرقمية اللحظية فضلًا عن تكامل الخدمات الرقمية التي تقدمها الشركة، بما يؤكد الجاهزية التامة لإحداث طفرة رقمية مالية في مدفوعات محكمة الإستئناف.