تفاصيل مطالبة المعارضة الماليزية أنور إبراهيم بالاستقالة
تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT
كوالالمبور- طالبت المعارضة الماليزية رئيس الوزراء أنور إبراهيم بالتنحي، وذلك في أكبر مظاهرة تنظمها منذ تسلمه السلطة في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، وقد قدرت الشرطة عدد المتظاهرين في ساحة الاستقلال، أمس السبت بنحو 18 ألفا، وهو أقل بكثير مما توقعته أحزاب المعارضة، ورفع المشاركون شعار "يسقط أنور".
ويتشكل تحالف المعارضة أساسا من الحزب الإسلامي الماليزي بزعامة الشيخ عبد الهادي أوانج وحزب وحدة الملايو بزعامة رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين، بينما يقود المعارضة في البرلمان وزير الداخلية السابق حمزة زين الدين.
ويحظى هذا الحراك الأخير بدعم رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد الذي شارك في المظاهرة وقد بلغ المئة في 10 يوليو/تموز الجاري، وخسر مقعده النيابي في الانتخابات الأخيرة.
دوافع المعارضة
أما الحكومة فتتشكل من تحالف حزبي واسع يملك أغلبية الثلثين في البرلمان، يضم "تحالف الأمل" بقيادة أنور إبراهيم، الذي فاز بأكثر المقاعد دون حسم الأغلبية، وتحالف "الجبهة الوطنية" ذا النفوذ الواسع نظرا لحكمه البلاد أكثر من 60 عاما، وتحالف أحزاب ولايتي ساراواك وصباح في القسم الشرقي من البلاد.
تعتمد المعارضة في تعبئة الشارع الماليزي على القول بارتفاع مستوى التضخم، واتهام الحكومة بالتراجع عن وعودها الانتخابية بتحسين مستوى الحياة، بل وفرضها ضرائب جديدة.
وعدّد وان فيصل عضو البرلمان عن حزب وحدة الملايو (برساتو) للجزيرة نت، أسباب تحرك المعارضة بإخفاق الحكومة في حل مشاكل المواطنين، وتنفيذ وعودها الانتخابية، خاصة مكافحة الفساد، وتورطها في قضايا فساد، ذكر منها "منح أحد المقربين من رئيس الوزراء عقد استثمار لأراض شاسعة في ولاية صباح".
واتهم وان فيصل، وهو أحد القيادات المنظمة لحملة "يسقط أنور"، رئيس الوزراء بالتدخل في القضاء، في إشارة إلى الجدل في تعيين رؤساء قضاة المحاكم الفدرالية والاستئناف والعليا، والتقدم بطلب حصانة للمثول لدى المحكمة في قضية شذوذ جديدة، وهو الطلب الذي رفضته المحكمة، بينما تقول الحكومة إن الدعوى مفبركة، ويضيف إخفاقات أمنية عن نشاط جهاز الموساد الإسرائيلي في ماليزيا.
إعلانلم تفاجئ مشاركة مهاتير محمد أحدا في المسيرة التي طالبت باستقالة أنور إبراهيم، لا سيما بعد سلسلة انتقادات وجهها له أخيرا وتاريخ حافل من الصراع بين الرجلين.
ويرى كثيرون أن تركيز المعارضة على شخص إبراهيم دون الحكومة يعكس توجهات مهاتير الشخصية، وذلك بعد فتح ملفات فساد لشخصيات سياسية وبورجوازية مقربة من مهاتير، ومصادرة أملاكهم كما حدث مع وزير المالية السابق عبد الدايم زين الدين، الذي واصلت هيئة مكافحة الفساد تعقب عقاراته وأمواله داخل البلاد وخارجها حتى بعد وفاته قبل عدة أشهر.
واتهم مهاتير إبراهيم بالاستيلاء على صلاحيات القضاء والادعاء العام، وذلك عندما قررت الحكومة تنفيذ وصية لجنة تحقيق ملكية بمحاكمة مهاتير في قضية النزاع في جزيرة "الصخرة البيضاء" مع سنغافورة، وكان رئيس الوزراء قد برر عدم محاكمة مهاتير بكبر سنه.
وكان أنور إبراهيم قد رفض التمديد لرئيسة المحكمة الفدرالية، القاضية ميمون مات التي يعتقد إلى حد واسع أنها محسوبة على مهاتير محمد، بينما وافق إبراهيم على التمديد لرئيس هيئة مكافحة الفساد عزام باقي بعد بلوغه 60 عاما.
ويرى مقربون من الحكومة، أن المعايير التي أخذتها في قضية التعيينات القضائية مركزة على روح الدستور الذي ينص على أن أحد أبرز واجباتها حماية النظام الملكي والدين وعرق الملايو، وهو ما يلقى معارضة من فئات ليبرالية في المجتمع، التقت مصالحها مع أحزاب المعارضة.
انتقدت منظمات مجتمع مدني زج المعارضة باسمها في المطالبة بإسقاط أنور إبراهيم، وأصدرت 6 منظمات رئيسية بيانا شددت فيه على أن إصلاح المؤسسات يجب أن يكون شاملا لجميع الأحزاب سواء في الحكومة أو المعارضة، وأن البرلمان هو المكان المناسب لهذه الإصلاحات.
ورفضت المؤسسات المعنية بإصلاح العملية الديمقراطية ونزاهة الانتخابات ومكافحة الفساد ما وصفته بالتغيير من الأبواب الخلفية، وأشارت في ذلك إلى إسقاط الحكومة عام 2020 بما يعرف بـ"حركة شيراتون" وذلك عندما اتفق قادة أحزاب في فندق شيراتون على تغيير الحكومة خارج نطاق البرلمان.
وحذرت من أن يتسبب الإخلال بالاستقرار السياسي في تدمير جهود إصلاح المؤسسات الديمقراطية، وأضاف البيان "أن تفرد حزب أو كتلة حزبية بعملية التغيير لم يكن إلا في مصلحتها الآنية ولا يخدم التنمية الديمقراطية على الأمد البعيد".
في المقابل، تجاهلت الحكومة دعوات المعارضة إلى استقالة رئيسها، وقالت إن المكان المناسب لمناقشة جميع القضايا التي تثيرها هو البرلمان، بل إن رئيس الوزراء أنور إبراهيم اعتبر في منشور على صفحته في فيسبوك أن ضمان حرية التعبير والتجمع السلمي وعدم تدخل السلطات لتفريق المتظاهرين أو مضايقتهم انتصارا للمبادئ التي تعهد بحمايتها.
وتحدى إبراهيم المعارضة بالتوجه للبرلمان والتقدم بمشروع لحجب الثقة عن حكومته، أو الانتظار لموعد الانتخابات المقبلة بعد عامين، بينما رأى كتاب ومحللون سياسيون مقربون من الحكومة أن المعارضة أخفقت إلى حد كبير في حشد الأعداد التي أعلنت عنها والتي قالت إنها ستكون بمئات الآلاف.
إعلانوينتقد فار كيم بينغ أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية العالمية المظاهرة، كونها من لون واحد هو الملايو، ولم تشترك العرقيات وأتباع الديانات الأخرى، وهو ما جر إلى انتقادات تتهم منظميها بالعنصرية وعدم الشمولية.
وأضاف بينغ للجزيرة نت، أن غلاء المعيشة ظاهرة عالمية تشمل ماليزيا، لكن في المقابل هناك تحسن في مستوى دخل الفرد وهو ما تشير إليه التقديرات الدولية والمحلية.
وعنون الأستاذ إبراهيم أحمد من جماعة "يو سي إس آي" مقاله بعنوان "نصر غير مقصود: كيف حولت المعارضة أنور إبراهيم إلى بطل ديمقراطي"، وقارن الكاتب تعامل الحكومات السابقة مع الاحتجاجات المعارضة وتعامل الحكومة الحالية، واختتم مقاله بأن الكرة في ملعب إبراهيم وإثبات قدرته في استثمار الحالة الديمقراطية على الرغم من تحديات كثيرة تواجهها البلاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات رئیس الوزراء أنور إبراهیم
إقرأ أيضاً: