ملتقى ثقافي وفني بقصر ثقافة طنطا لمناهضة العنف ضد المرأة
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
نظم قصر ثقافة طنطا التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، ملتقى ثقافي وفني، تحت عنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"، ضم عدداً من الفعاليات التوعوية وورش لصناعة المشغولات اليدوية، تحت إشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، وأدارته نجلاء نصر مديرة القصر، بالتنسيق مع ابتسام قنديل مسؤولة نشاط المرأة في فرع ثقافة الغربية.
واستعرضت جيهان السيسي، الخبيرة النفسية بمحكمة الأسرة، أنواع العنف ضد المرأة فهناك عدة أنواع من العنف منها عنف بدني، وعنف لفظي، وعنف اقتصادي خاص بحرمان المرأة من حقوقها المالية خاصة المواريث، والعنف الجنسي والتحرش أو الختان أو الاغتصاب وغيره، والعنف الاليكتروني أو الابتزاز.
أشارت أن البنت تتعرض للعنف قبل ولادتها منذ معرفة الأسرة بأن الجنين أنثى وليس ذكر وتتعرض لسوء معاملة بعد الولادة ويتم التمييز بينها وبين أخوها في الحقوق سواء المادية أو التعليم
والأسوأ عندما تصل لسن الزواج ويقوم الأب باختيار الزوج لها دون رغبتها والذي يتعامل معها بعنف وإهانة، مؤكدة أنه لابد من تغيير هذا الموروث الثقافي الخاطئ والاعتراف بحقوق البنت.
أضافت أن الشرع والقانون يكفل للمرأة حقوقها ولابد من الالتزام بذلك، مشيرة أن الدولة سنت قوانين للحفاظ على حقوق المرأة لكن أحياناً المرأة نفسها وأسرتها تضيع حقها ولا تقوم بالإبلاغ عن أي تجاوز ولا تطالب بحقوقها.
بينما قالت الدكتورة مآثر السيد أن الدولة تسعى لمناهضة العنف ضد المرأة، وهناك مبادرة سنوية تبدأ من يوم ٢٥ نوفمبر إلى ١٠ ديسمبر لمناهضة العنف ضد المرأة، وهناك عيادات تابعة لوزارة الصحة تم تخصيصها لمواجهة حالات العنف ضد المرأة.
وأوضحت أن قضية الختان تعد من أهم قضايا العنف ضد الفتاة، وكشفت أن الأطباء الذين يقومون بإجراء عملية الختان يجتهدون ولا يستطيعون تحديد ما إذا كانت الحالة تستدعي الختان من عدمه، مما يسبب عواقف سلبية لدى الطفلة مشيرة أنه لايوجد في كلية الطب ما يسمى بالختان.
أضافت أن هناك مبادرة للتوعية قبل الزواج يتم خلالها عمل اختبار نفسي العروسين لتأهيلهم لمرحلة الزواج وتعليمهم كيف يبدأون حياتهم الزوجية الجديدة حتى يتم تلاشي حدوث حالات طلاق
وجهت نصيحة للزوجة بالالتزام بالشرع ونحن مع عمار الأسرة.
وأكدت الدكتورة إيمان مكاوي أخصائية نساء وتوليد بمركز طبي سعيد ومديرة مركز مناهضة العنف ضد المرأة، أن الحالات التي تتعرض للعنف لا تأتي مباشرة للإبلاغ ولكنها تأتي من أجل أعراض أخرى، ولا تتطرق لما حدث معها وهناك حالات لفتيات وصبايا تعرضن للاغتصاب ولا يتم الإبلاغ ضد الجاني خوفاً من الفضيحة ومواجهة المجتمع.
وأضافت أن وظيفتنا اكتشاف الحالة وتقديم الدعم النفسي قبل الذهاب للشرطة ولا يوجد مبرر للعنف أيا كان، وهناك حالات كثيرة لا تبلغ الشرطة وبالتالي تهدر حقها، مشيرة أن العنف موجود في كل المستويات الاجتماعية حتى الطبقات العليا و أن السيدة هي وحدها التي تستطيع تغيير هذا السلوك والمطالبة بحقها، وهناك جهات عديدة تستطيع اللجوء لدعمها منها المجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات وغيرها، كما أن الدولة أطلقت مبادرة لتمكين المرأة وتوفير فرصة عمل لها للعيش حياة كريمة، والمجتمع بدأ يعي قضية العنف ضد المرأة وأقسام الشرطة بها وحدة لمواجهة العنف ضد المرأة.
فيما أكد دكتور محمد السعيد قطب استشاري التدريب والتطوير المؤسسي ورئيس فرع الإتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة الغربية، أن العنف الاليكتروني ضد المرأة من أشد أنواع العنف، وأن الاحصائيات العالمية تقول أن نسبة ٦٠ ٪ من العنف الذي تتعرض له المرأة يتم عبر شبكات التواصل الالكتروني والباقي يتم خارج الشبكات على أرض الواقع.
أضاف أنه عند بحث المشكلة من بدايتها نجد أننا نقوم بالتعامل مع شبكات التواصل وقبول طلبات صداقة لا نعرفها أو نثق فيها ويتم نشر صور خاصة على الصفحة والوسائل المختلفة، ثم تحدث المشكلة عند سرقة الهاتف، ومع التطوير التكنولوجي يتم التلاعب في الصور وفبركتها بحيث يتم استخدامها للابتزاز بعد ذلك.
وأضاف أنه من الخطأ عند التعرض للابتزاز عبر الفيس يتم حظر الشخص مما يتسبب في إهدار حق المجني عليها وعدم إثبات عملية الابتزاز وحذفت دليل الإدانة، والحل هو التوجه لإدارة مكافحة جرائم الانترنت في سرية تامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المتهم، ويتم حلها بالطرق الودية أولا ثم الطرق الرسمية محذراً من وضع صور فردية خاصة للبنات على الفيس، ويفضل وضع صور جماعية وتجنب سرد تفاصيل الحياة أمام الأشخاص حتى الأقارب.
من جانبها وجهت نجلاء نصر مديرة قصر الثقافة نصيحة للزوجين بحل مشاكلهم بنفسهم دون أن يتم سردها للأقارب حتى لا تتفاقم وأن يتحمل كل طرف المسؤولية ولابد من زيادة الوعي في هذا الأمر.
أقيم على هامش الملتقى معرضاً للمشغولات اليدوية التي قامت بها مجموعة من السيدات تحت إشراف أمل شرشر مسؤولة نشاط المرأة بقصر الثقافة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الهيئة العامة لقصور الثقافة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة قصر ثقافة طنطا مناهضة العنف ضد المرأة العنف ضد المرأة
إقرأ أيضاً:
ليبيا.. الدولة الغائبة والوعي المؤجل
في ظل مشهد مضطرب تعيشه ليبيا منذ أكثر من عقد، تتكشف حقيقة صادمة: لم تُبنَ في ليبيا دولة بالمعنى الحقيقي، رغم مرور أكثر من سبعين عامًا على الاستقلال، ورغم ما توفر من ثروات وفرص. بل إن ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة سياسية أو اقتصادية، بل أزمة بنيوية عميقة في الوعي والانتماء، وفي العلاقة بين المواطن والدولة.
من الاستقلال إلى التيه
استقلت ليبيا عام 1951، في تجربة رائدة على مستوى أفريقيا والعالم العربي، وكان من الممكن أن تشكّل نموذجًا للدولة الوطنية الحديثة.
وبالفعل، شهدت البلاد خلال الستينات وحتى أواخر السبعينات تقدمًا في مجالات التعليم، والصحة، والبنية التحتية، بل صُنفت حينها من بين الدول المتقدمة نسبيًا.
لكن هذا التقدم لم يكن مستندًا إلى بنية مؤسسية راسخة، بل ظل هشًا، يعتمد على مركزية القرار، وعلى النفط كمصدر وحيد للثروة، دون تنمية ثقافة العمل والإنتاج.
دولة الريع وتآكل الوعي
منذ اكتشاف النفط، تحوّلت الدولة إلى “خزانة” توزع الموارد بدل أن تبني اقتصادًا متوازنًا، فترسّخت ثقافة الاتكالية، وتراجعت قيمة العمل، وتحول المواطن إلى تابع ينتظر “العطاء”، لا شريكًا في التنمية.
تآكلت بذلك ثقافة المسؤولية، وغاب الشعور بالملكية الجماعية للوطن، وتم استباحة المال العام، والمؤسسات، وحتى فكرة “الدولة” نفسها.
المجتمع… بين الجهوية والقبيلة
لم تتطور الهوية الوطنية الجامعة، وبقيت الانتماءات القبلية والجهوية والمناطقية هي السائدة. ليس ذلك فحسب، بل أصبحت أحيانًا أدوات صراع على السلطة والمناصب والثروة، حتى في أوساط المتعلمين والنخب. فما بالك بالمواطن البسيط الذي لم يتح له الوعي، ولا أدوات المشاركة الحقيقية؟
هذه الولاءات الضيقة ساهمت في تفكيك النسيج الاجتماعي، وأضعفت روح المواطنة، وعرقلت بناء مؤسسات وطنية مستقلة عن النفوذ العصبوي والمناطقي.
غياب ثقافة الدولة والمجتمع المدني
لم تُبنَ ثقافة الدولة لدى الأفراد. لم نُدرَّب في المدارس ولا في الإعلام ولا في المساجد على احترام القانون، وعلى أن الوطن فوق الجميع. لم تُزرع قيم العطاء والمبادرة، بل سادت ثقافة التلقّي، و”من الدولة لنا”، لا “منّا للدولة”.
كما لم يتشكل مجتمع مدني حقيقي، بل تمت محاصرته، أو تم تسليحه، أو تحريكه بالمال السياسي، ففقد دوره التوعوي والتنموي.
فشل النخب قبل فشل السلطة
من المثير للأسف أن النخب المتعلمة لم تنجُ من عدوى الانتماء الضيق، ولم تتمكن من تقديم خطاب وطني جامع. في كثير من الأحيان، تحوّلت إلى أدوات في الصراع، أو وقفت عاجزة أمام تعقيدات المشهد، فغاب المشروع، وغابت القيادة المجتمعية.
لماذا تراجعت ليبيا؟
الجواب ببساطة: لأن الدولة لم تُبنَ على قاعدة من الوعي، ولم يُبنَ الإنسان الليبي كمواطن حرّ ومسؤول، بل ظل تابعًا، هشًا، يقاد بالعاطفة، لا بالعقل.
ولهذا، حين انهارت السلطة بعد 2011، انهارت معها الدولة، لأن البناء لم يكن حقيقيًا، والمؤسسات كانت هشة، والمجتمع كان مفككًا.
نهاية الحلم وبداية الحقيقة
اليوم، لم يعد يختلف عاقلان على أن ليبيا دخلت نفقًا ضيقًا ومظلمًا، وأن الليبيين باتوا يندمون على ما آل إليه حال البلاد. فقد تبيّن أن الدولة ما قبل 2011، رغم عيوبها، كانت أكثر استقرارًا وسيادة من واقع الفوضى والانقسام الراهن، حيث كانت السلطة موحّدة، وصوت القرار واضح، وإن اختلف معه الكثيرون.
فلا يُعقل أن تُسمى “ثورة”، ثم تعود البلاد إلى فوضى شاملة، وفساد غير مسبوق، يهدد بانهيار كامل، في ظل أخطار خارجية متزايدة، تجعل ليبيا عاجزة عن الدفاع عن مصالحها أو فرض إرادتها.
ومع فشل مشروع “الديمقراطية الموعودة”، لم تعد هناك أولوية تتقدّم على استعادة القانون، وبسط النظام، وإعادة الاعتبار لفكرة الدولة نفسها.
خاتمة: وعي الإنسان قبل بناء الدولة
ليبيا ليست دولة فقيرة، ولا تفتقر إلى الثروات أو الإمكانات. لكنها افتقرت — وتفتقر — إلى وعي حقيقي بمعنى الدولة، وإلى إنسان مؤمن بقيم المواطنة والانتماء.
ولهذا، لم تُبنَ في ليبيا دولة حقيقية، بل كيان مؤجل، ينتظر من يؤمن به ويُخلِص له، ويعيد بناءه على أسس راسخة: إنسان حر، مجتمع واعٍ، ودولة عادلة.
أما إذا استمر غياب الوعي، فسوف تظل الأزمات تتوالى، والانهيارات تتكرّر، وتضيع البلاد. فالتحديات جسيمة، تبدأ من ضرورة إعادة بناء الإنسان والمجتمع، لا سيما فئة الشباب الذين يعانون البطالة، والمخدرات، وانعدام الدعم، فضلًا عن التحديات الديموغرافية المقلقة، كتراجع معدلات الخصوبة، وارتفاع العنوسة، واتساع الفجوة الاجتماعية.
لهذا، آن الأوان لأن يتحرّك الليبيون بوعي وجدية. فالشعارات لم تعد تكفي، والوقت لم يعد في صالح أحد. لا بد من سلطة وطنية واحدة وقوية، تبسط الأمن والاستقرار، وتعيد للدولة هيبتها وفاعليتها… قبل أن يفوت الأوان.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.