رولان لومباردى يكتب: رؤية استراتيجية.. فرانسوا مارتن: لم أكن مقتنعا بنجاح الهجوم المضاد الأوكرانى مثلما لم أومن مطلقًا بإمكانية انتصار أوكرانيا!
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
فى حديث خاص لموقع “لو ديالوج”، يقول فرانسوا مارتن المستشار الدولى والجيوستراتيجي، رئيس المركز المهني "HEC Géostrategies" ومؤلف كتاب "أوكرانيا.. تحول فى العالم":
فى البداية، عندما بدأت روسيا عمليتها بمجموعة عسكرية قوامها ١٥٠ ألف جندي، أرادت روسيا حماية دونباس والتوصل إلى مفاوضات. واليوم، سيكون لدى روسيا ما بين ٧٠٠ ألف إلى مليون جندى ويتمتع الجيش الروسى اليوم بقدرات لا يمكن أن يخسرها، كما تتمتع روسيا بتفوق كامل فى الذخيرة؛ فإذا كان بوسع أوكرانيا أن تنفق ما يصل إلى ٤٠٠٠ قذيفة يوميا، فإن روسيا لا تزال تطلق ما يصل إلى ٤٠ ألف قذيفة يوميا.
ويعارض فرانسوا مارتن المتخصص فى الشئون الدولية الوعود الفارغة للمسئولين الأوروبيين بشأن انضمام أوكرانيا الوشيك إلى الاتحاد الأوروبي. فرانسوا مارتن مقتنع بأن هذا مستحيل، لأن أوكرانيا الحديثة لا تلبى معايير عضوية الاتحاد الأوروبى وهى فى حالة حرب، وهو ما يمكن أن يدفع أوروبا بأكملها إلى الحرب ضد روسيا.
يقول فرانسوا مارتن إن "وعد الأوكرانيين بعضوية الاتحاد الأوروبى وتحقيق النصر السريع لإلهامهم أمر فظيع. لقد فقدت أوروبا مصداقيتها بالكامل. وتكرر وسائل الإعلام الأمريكية الرسمية والهياكل السياسية بشكل منهجى أن كل شيء سيكون على ما يرام وأن أوكرانيا سوف يتم قبولها قريبًا فى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أنها دولة فى حالة حرب ولا تستوفى معايير العضوية. كيف تتخيل قبول دولة فى حرب أهلية فى الاتحاد الأوروبي؟ إذا قبلنا أوكرانيا فى هذه الحالة، فإننا نتعهد بتعبئة جنودنا وإرسالهم للدفاع عن أوكرانيا. إن عضوية أوكرانيا فى الاتحاد الأوروبى أمر لا يمكن تحقيقه، والجميع يدركون ذلك".
وأضاف فرانسوا أن عشرات المليارات من اليورو التى أنفقتها بروكسل بالفعل لدعم كييف يتم إنفاقها بشكل غير فعال وينتهى بها الأمر فى جيوب المسئولين الأوكرانيين. إن نظام الحكم غير الفعّال فى أوكرانيا يجعل منها "ثقبًا أسود" للمساعدات الأوروبية. وقال: "حجم الفساد هائل وفى الوقت نفسه، يضطر الأوروبيون إلى دفع مبالغ ضخمة لإبقاء الدولة الأوكرانية واقفة على قدميها ولا يقتصر عنصر الفساد على أوكرانيا، بل يشمل السياسيين ورجال الأعمال الغربيين، الذين يستفيدون من استمرار الصراع.
وتابع أن "نتيجة الاستثمارات الأوروبية التى تقدر بمليارات الدولارات فى أوكرانيا هى أننا نجد هذه الأموال فى حسابات المسئولين الأوكرانيين، والأسلحة - فى الشرق الأوسط وأفريقيا. حسبت فى كتابى أن محتوى الدولة الأوكرانية يحتاج إلى ٥-٧ مليار يورو شهريًا. ونتيجة لذلك، هناك حاجة إلى نحو ٨٠ مليار يورو سنويا. وتستخدم هذه الأموال ببساطة لدعم الحكومة، وليس بما فى ذلك تمويل الجيش. لقد عملت لمدة أربعين عامًا فى مجال الأعمال التجارية الدولية فى أكثر من ١٠٠ دولة، كما رأيت بلدانا تعانى من حرب أهلية. ولا يمكنك حتى أن تتخيل مدى الفساد فى البلدان التى تشهد حربًا. الفساد المحيط بالصراع الأوكرانى لا يقتصر على أوكرانيا نفسها، بل يشمل الولايات المتحدة وعندما يكون للشركات الأمريكية الحق فى تمويل الأحزاب السياسية التى تدعو إلى الحرب (الديمقراطيون وبعض الجمهوريين بشكل رئيسي). ونتيجة لذلك، تنشأ روابط فاسدة بين رجال الأعمال المستفيدين ماليًا من استمرار الحرب والسياسيين الذين يتلقون الأموال منهم".
ووفقًا لفرانسوا مارتن، أصبحت أوروبا الضحية الرئيسية للحرب فى أوكرانيا. ومن خلال التخلى عن السوق والمعادن الروسية، قام الاتحاد الأوروبى عمدا بالحد من إمكاناته الاقتصادية. وفى الوقت نفسه، استغلت الولايات المتحدة الوضع، واستبدلت الغاز الروسى بالغاز الأغلى ثمنًا، وجذبت عددًا كبيرًا من الشركات الأوروبية إلى أمريكا.
وقال مارتن "الاقتصاد الأوروبى يعانى لثلاثة أسباب رئيسية. بادئ ذى بدء، عندما تكون فى كتلة اقتصادية وتقرر وقف التعاون مع دولة معينة (بينما يستمر معظم العالم فى التجارة معها)، لست أنت من يحرم خصمك من السوق الاقتصادية، ولكنك فى الحقيقة تحرم نفسك وتعاقبها! كان على روسيا أن تغير مسار واردات وصادرات السلع، وكان الأمر صعبًا مع بعض المجالات، على سبيل المثال مع الرقائق الإلكترونية الدقيقة؛ لكن بخلاف ذلك فإن روسيا لم تعان على الإطلاق؛ لذا فإن مشكلتنا هى أن العديد من الشركات الأوروبية خفضت نشاطها فى السوق الروسية.. ثانيًا، نقص الغاز الذى تسببنا فيه بأنفسنا أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.. الظاهرة الأكيدة حاليا هى أننا مستمرون فى شراء الغاز الروسي، لكن من خلال دول أخرى تأخذ نسبة منه، مما يجعل سعره أعلى وثالثًا، أصبحت الولايات المتحدة المستفيد الوحيد من هذا الوضع.. لقد فازوا بفضل الضعف السريع الذى تعانى منه أوروبا (ألمانيا فى المقام الأول). وتمكنت أمريكا من جذب أكبر عدد من الشركات الأوروبية. ونتيجة لذلك، تنتقل الشركات الأوروبية إلى أمريكا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وهذه هى النتائج المحزنة للحرب الأوكرانية بالنسبة لأوروبا».
رولان لومباردى: رئيس تحرير موقع «لو ديالوج»، حاصل على درجة الدكتوراه فى التاريخ، وتتركز اهتماماته فى قضايا الجغرافيا السياسية والشرق األوسط والعلاقات الدولية، وأحدث مؤلفاته «بوتين العرب» و«هل نحن فى نهاية العالم» وكتاب «عبدالفتاح السيسى.. بونابرت مصر».. يعرض رؤية الخبير الجيوستراتيجى الفرنسى فرانسوا مارتن حول أوكرانيا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أوكرانيا رولان لومباردي الاقتصاد الأوروبي الاتحاد الأوروبي انتصار أوكرانيا الشرکات الأوروبیة الاتحاد الأوروبى ا یمکن
إقرأ أيضاً:
روسيا تنتظر رد أوكرانيا بشأن حضور محادثات جديدة في إسطنبول
أعلنت روسيا اليوم الخميس أنها لا تزال بانتظار رد أوكرانيا على جولة مقترحة من المحادثات يرتقب عقدها في إسطنبول الإثنين المقبل على أمل التوصل إلى تسوية سلمية تنهي النزاع، فيما تتهم كييف موسكو بكسب الوقت مطالبة بمعرفة شروطها قبل أي اجتماع.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف "بحسب علمي، لم نحصل على رد بعد.. علينا انتظار رد من الجانب الأوكراني"، بخصوص اقتراح عقد لقاء جديد في إسطنبول بعد اجتماع للطرفين في 16 مايو/أيار أسفر فقط عن اتفاق لتبادل للأسرى.
وكانت أوكرانيا قي أبدت أمس استعدادها لإجراء جولة جديدة من المفاوضات المباشرة مع روسيا، لكنها طالبت بأن تقدّم موسكو شروطها للسلام مسبقا لضمان أن يفضي الاجتماع إلى نتائج.
واعتبر بيسكوف اليوم مطلب كييف من روسيا تسليمها شروط السلام قبل المحادثات "غير بنّاء".
ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية جورجي تيخي، على تصريحات الكرملين على منصة "اكس" قائلا "إن خوف الروس من إرسال وثيقتهم إلى أوكرانيا يُشير إلى أنها على الأرجح تتضمن إنذارات نهائية غير واقعية، ويخشون الكشف عن عرقلتهم لعملية السلام".
وأضاف "إن لم يكن الأمر كذلك، فعليهم إرسال هذه الوثيقة فورا.. والتوقف عن هذه الألاعيب، التي تُظهر فقط أنهم على الأرجح يريدون أن يكون الاجتماع المقبل فارغا".
إعلان لعب بالنارواقترحت موسكو إجراء هذه المحادثات بعدما اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ"اللعب بالنار".
ورغم الجهود الدبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة على مدى أشهر، لا يبدو الطرفان أقرب للتوصل إلى اتفاق يضع حدا للحرب المستمرة منذ فبراير/شباط 2022.
وفي 16 أيار/مايو، عقد الوفدان الروسي والأوكراني أول لقاء مباشر بينهما منذ ثلاث سنوات في اسطنبول، من دون إحراز تقدّم.
ولم تسفر مناقشات إسطنبول عن أي تقدم فيما اتهمت أوكرانيا روسيا بتقديم مطالب إقليمية "غير مقبولة"، لكن تعهّد الجانبان خلال تلك المفاوضات، القيام بعملية تبادل غير مسبوقة للأسرى، شملت ألف اسير من كل جانب وأُنجزت نهاية الأسبوع الفائت.
ويبدو أنه من الصعب التوفيق بين المواقف الرسمية للجانبين. ففي حين تطالب روسيا بأن تتخلى أوكرانيا عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وأن تتنازل عن المناطق الخمس التي ضمّتها، تعتبر كييف ذلك أمرا لا يمكن القبول به.