نباتات تستشعر انتشار كيميائيات سامة.. هل يصبح إنذارا مبكرا؟
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
تخيل أن حقلاً من النباتات يتحول فجأة إلى اللون الأحمر عند انتشار مادة كيميائية ضارة. ففي دراسة تبدو وكأنها من الخيال العلمي، طور باحثون في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد (UC Riverside) نباتا يتحول لون أوراقه الخضراء إلى الأحمر الزاهي عند وجود مواد كيميائية سامة من حوله.
ويمكن لهذا الابتكار أن يُحدث ثورة في كيفية اكتشافنا للمواد غير الآمنة في محيطنا، لكنه لا يخلو من مخاطر.
كان الباحثون بصدد تطوير مواد ذات تفاعلية عالية لاستخدامها في المراقبة البيئية. وفي هذا الإطار قاموا بالبحث في كيفية تمكين النباتات من الإحساس والتفاعل مع مادة كيميائية في البيئة دون الإضرار بقدرتها على العمل بشكل طبيعي في جميع النواحي الأخرى.
وبحسب بيان نشر على موقع الجامعة، فإن الهدف الذي سعى الباحثون لتحقيقه هو إدخال تحويرات على أحد أنواع نبات الشمندر كي يتمكن من التعرف على سموم بيئية محددة دون إعاقة عمليات النمو الطبيعي أو آليات البقاء لدى النبتة.
وكانت الأساليب التي طُورت سابقا غالبا ما تتداخل مع العمليات الحيوية للنبات مثل الانتحاء الضوئي (وهي حركة انحناء النبات الناتجة عن التعرض للإضاءة غير المتساوية على جانبيه)، أو الحفاظ على المياه أثناء فترات الجفاف. وفي المقابل، فإن التقنية الجديدة تحافظ على هذه الوظائف الأساسية سليمة، كما يقول إيان ويلدون الأستاذ المساعد في الهندسة الكيميائية والبيئية في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد.
We developed a new CID module that can be reprogrammed to bind diverse ligands. It works very well in plants, and we used it to make plant-based biosensors. W/ @LabWheeldon, T. Whitehead, @NusinowLab, @bvolkie, @BeltranJBio, https://t.co/5LaJx33wWN
— Sean Cutler (@cutlersr) October 23, 2023
برمجة مستقبلات للتعرف على المبيداتخلال هذه الدراسة قام الباحثون بإدخال تحويرات على أحد العمليات البيولوجية التي تحدث داخل نبات الشمندر وتتضمن حمض الأبسيسيك (ABA)، وهو هرمون نباتي يكيف سلوك النبات مع السيناريوهات المجهدة مثل الجفاف. وفي مثل هذه الظروف، تقوم النباتات بإنتاج الحمض الذي يرتبط بعد ذلك ببروتينات مستقبلات محددة، مما يؤدي إلى بدء استجابة البقاء على قيد الحياة لدى النبات، مثل إغلاق ثغورها لمنع فقدان الماء، على سبيل المثال.
Genetically engineering plants to change colors when they encounter a contaminant could help scientists better understand their needs—and the environment. @cutlersr @LabWheeldon
By @cogcelia @WIREDScience
These Plants Can Sound the Alarm in a Toxic World https://t.co/EUNDMSyOhM
— Twist Bioscience (@TwistBioscience) November 16, 2023
اكتشف العلماء أن هذه المستقبلات المرتبطة بحمض الأبسيسيك يمكن إعادة برمجتها للتعرف على مواد كيميائية مثل الأزينفوس إيثيل، وهو مبيد حشري معروف بسمّيته تم حظره سابقا في العديد من الدول، ويَنتج عن تفاعل النبات مع هذا المبيد إشارة بصرية تتمثل في تغيير لون أوراقه الخضراء إلى اللون الأحمر.
يقول شون كاتلر أستاذ بيولوجيا الخلايا النباتية في جامعة كاليفورنيا والمشارك في الدراسة التي نشرت مؤخرا في دورية "نيتشر كيميكل بيولوجي" العلمية: "تخيل أن حقلاً من النباتات يتحول فجأة إلى اللون الأحمر، مما يشير إلى وجود مادة ضارة. إن الآثار المترتبة على المراقبة البيئية في الوقت الحقيقي عميقة".
قفزة علمية لا تخلو من مخاطريطمح معدو الدراسة الجديدة إلى الذهاب إلى ما هو أبعد من اكتشاف المبيدات الحشرية، فيأملون في إنشاء أجهزة استشعار حية قادرة على اكتشاف مجموعة واسعة من المواد مثل بقايا الأدوية التي وجدت طريقها نحو مصادر المياه المستخدمة في الشرب والري.
ورغم أن هذا الإنجاز العلمي يمثل قفزة نحو معالجة هذه القضايا بشكل فعال، فإنها لا تزال في مهدها ولا تخلو من تحديات، بحسب تقرير نشر على موقع "إيرث دوت كوم". فعلى سبيل المثال، لم تبلغ هندسة نباتات تطورا يُمكٌنها من الكشف عن مواد متعددة في وقت واحد.
يُذكر أن هذا الابتكار النباتي لن يظهر في التطبيقات التجارية في وقت قريب، وذلك نظرا لما تتطلبه الموافقة على مثل هذه الكائنات المعدلة وراثيا من عملية طويلة ومعقدة لضمان أنها آمنة للنظم البيئية الأكبر، ويتضمن ذلك فهم استجابات النباتات في ظل ظروف مختلفة، والتأكد من إمكانية نشرها بفعالية في بيئات متنوعة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كفتة العدس - حين يصبح الصمود وجبة
في زِقاقٍ ضيّقٍ من شارع الوحدة غرب مدينة غزة ، حيث الخيام المؤقتة تُحاكي بيوتًا فقدها أصحابها تحت القصف، تتصاعد رائحة العدس المطهو على نار الحطب، الرائحة، رغم بساطتها، تحمل في طياتها قصّص صمود لا تُروى كثيرًا.
كانت تغريد شامية (45 عامًا) تُقلّب العدس على نار هادئة، الروائح المنبعثة تُشبه طقوس الأعياد، لكنها هذه المرة ليست لوليمة فرح… بل لوصفة بديلة، اخترعتها من رحم الحاجة.
تقول تغريد: كنت أرى الحزن في عيون أطفالي حين لا يجدون اللحم، ففكرت: لماذا لا نصنع كُفتة من العدس؟ الآن، أصبحوا يطلبونها كل يوم!.
هذه ليست مجرد وجبة عادية، بل "كُفتة العدس"، أو كما يطلق عليها الغزيون "الكُفتة الكدابة"، وصفةٌ ابتكرتها نساء غزة لمواجهة شحّ اللحوم وانعدام المواد الغذائية بسبب الحرب والحصار.
تُعرف "كفتة العدس" أو "الكفتة الكدابة" بأنها وجبة شعبية تعتمد على العدس بدلًا من اللحم، تُحضّر بطحن العدس المنقوع مع البطاطس المسلوقة، والبصل، والتوابل، ثم تُشكّل على هيئة أصابع وتُقلى في الزيت.
تغريد، الأرملة التي فقدت زوجها في الحرب، وخريجة علم نفس، تكافح يوميًا لإطعام أطفالها الخمسة، تقول: زمان، كنا نعمل كفتة بلحمة، اليوم، العدس صار لحمتنا، مش لأنه أرخص، بس لأنه الموجود.
ثم تبتسم وهي تُنادي على ابنتها لتساعدها: أمي كانت تعملها لما يغلى اللحم… واليوم، أنا بعلّم بناتي كيف يصنعو من العدس كرامة مشبعة، عندما يُصبح العَدَسُ أغلى من الذهب.
وقبل النوم، يهمس عمر: ماما، كفتة اليوم ألذ من مبارح!. تضحك تغريد وهي تعلم أن السرَّ في البرد والجوع اللذين يجعلان كلَّ شيءٍ مالحاً وباهتاً، لكنها لا تخبره أن العدس سينفد قريباً... وأن المعركة القادمة ستكون مع وصفةٍ من لا شيء.
وفي زقاق مخيم ملعب فلسطين، كانت أم وسيم (53 عامًا) تُفرم البصل بهدوء، وكأنها تُحضّر وجبتها لضيوف من القلب، لا مجرد طعام على عجل.
أنا بقول لأولادي: "اللقمة مش بلحمها، اللقمة بقيمتها"، تقول وهي تُنظّف يديها في مريولها المنزلي، وتتابع بحنين: مرة، ابني رجع من الجامعة وقال لي: ماما، الشباب بيضحكوا علينا لأن ما معنا نشتري لحمة. قلت له: قولهم أنا بأكل من صنع أمي، وأمي شيف الأزمة.
تبتسم وهي تُقلّب خليط العدس، ثم تضيف: لما بنات الحارة بيزوروني، بنعمل ورشة كفتة عدس. مش بس طبخ… منحكي، منضحك، ومنحس إنه في حياة رغم كل شيء.
لكن وراء هذه الابتسامات، تكمن معاناة لا تُحصى.
وترى أم وسيم في العدس رمزًا للمقاومة اليومية، وتقول: "العدس زينا، بسيط بس فيه قوة، بيغلي بهدوء، بس آخره يشبع."
وفي حي الجندي المجهول، تقف أم نبيل (60 عامًا) على باب خيمتها الصغيرة، تحمل صحنًا من "الكفتة الكدابة" لجارتها.
"كل بيت في غزة فيه قصة عدس"، تقول وهي تضحك، ثم تضيف: أنا بوزّع كفتة مش بس أطعِم… أطمّن، يعني الجارة اللي أكلت اليوم، بتنام أهدى.
أم نبيل لا تملك أولادًا، لكنها "أم الحارة" كما يُلقبها الجميع، وتقول بفخر: تعوّدنا نتحمل، بس ما تعوّدنا نجوع سوا ونسكت، العدس صار أداة مقاومة، وموّحد عائلي واجتماعي.
برغم الجوع والخوف، ترفض نساء غزة الاستسلام.
نحن لا ننتظر المساعدات، نصنع الحياة من لا شيء، تقول أم نبيل بينما تُطعم أطفال المخيم، لكن العالم يجب أن يعرف: الحرب لا تقتلنا بالصواريخ فقط، بل ببطء عبر الجوع والنسيان.
في زوايا الخيم، تُكتب قصص الصمود بملاعق خشبية، وصحون خاوية تتحول إلى وليمة بصبر أمهاتٍ يهمسن لأطفالهن: كلوا... ففي كل لقمة دعوة للصبر وللعيش.
-وفق تقارير محلية، أكثر من 65% من نساء غزة هنّ المعيلات الرئيسيات لأسرهن، والكثيرات منهنّ اخترعن وصفات بديلة، ليست فقط لسد الجوع، بل لحفظ الكرامة.
-وفقًا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فإن عدد الأرامل المعيلات: حتى بداية عام 2025، فقدت 13,901 امرأة فلسطينية أزواجهن نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، مما جعلهن المعيلات الوحيدات لأسرهن في ظل ظروف اقتصادية خانقة تفاقمت بفعل الحصار والدمار.
هذه الأرقام تسلط الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجهها النساء في غزة، خاصةً الأرامل اللواتي يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
هنا، كل وصفة تُطبخ تحت الحصار، لكنها تُقدَّم للعالم كرسالة: لسنا ضحايا… نحن نساء نُقاوم بالملاعق لا بالبكاء.
هذه ليست مجرد وصفة طعام... بل إبداع الكرامة في زمن الموت، إنها إعلان حبٍّ من أمٍّ تقبض على الحياة بيدٍ واحدة، وتَمسح دموعها باليد الأخرى.
ملاحظة : هذا النص مخرج تدريبي لدورة الكتابة الإبداعية للمنصات الرقمية ضمن مشروع " تدريب الصحفيين للعام 2025" المنفذ من بيت الصحافة والممول من منظمة اليونسكو.
المصدر : وكالة سوا - -شروق شابط اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين 3 شهداء و46 جريحا قرب نقطة مساعدات الشركة الأمريكية برفح الرئاسة تعقب على مصادقة إسرائيل على إقامة 22 مستوطنة جديدة فصائل المقاومة تعقب على توزيع المساعدات في غزة الأكثر قراءة سعر صرف الدولار والدينار مقابل الشيكل اليوم الأربعاء 21 مايو طقس فلسطين: ارتفاع على درجات الحرارة اليوم محدث: 47 شهيدا في الغارات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة اتصال إماراتي-إسرائيلي يُثمر عن إدخال مساعدات إنسانية عاجلة لغزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025