غيوة نكات مدير منظمة «السلام الأخضر» لـ«الاتحاد»: نرسم المستقبل بـ «الذكاء الاصطناعي»
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
أحمد عاطف (القاهرة)
أكدت غيوة نكات المدير التنفيذي لمنظمة «السلام الأخضر» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «غرينبيس»، أن أنشطها خلال «COP28» تشمل التعاون مع جامعة أبوظبي في مسابقة لاستكشاف الآفاق التحويلية لقطاع الطاقة والاقتصاد، وتسليط الضوء على أفضل المشاركات في المؤتمر الدولي للنهوض بالمستقبل المستدام، خلال مؤتمر الأطراف، وتسليط الضوء على الأساليب المبتكرة في تحول الطاقة بدولة الإمارات.
وأوضحت في حوار مع «الاتحاد»، أن المنظمة تنظم في المؤتمر معرضاً للمستقبل البديل باستخدام الذكاء الاصطناعي والتصوير لعرض رؤية الشباب لدور الإمارات المتطور باعتبارها رائدة في مجال الطاقة المتجددة والحفاظ على التنوع البيولوجي، والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.
كما تشارك المنظمة تحالف «أمة من أجل الأرض»، في استضافة 6 أحداث جانبية في جناح تركز على قضايا تمويل المناخ الإسلامي، وندرة المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والوقود الأحفوري، وأماكن العبادة المجانية.
وأوضحت نكات، أن COP28 يعقد في ظل منعطف محوري للعمل المناخي، حيث يواجه العالم درجات حرارة قياسية، وحرائق غابات غير مسبوقة، وفيضانات، وعواصف، وموجات جفاف مدمرة للمجتمعات، والأرواح، وسبل العيش، والبيئة، ولهذا ستكون منظمة السلام الأخضر «غرينبيس» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاضرة في المؤتمر، ممثلة بخبراء المناخ والناشطين وأولئك الذين تأثروا بشكل مباشر بأزمة المناخ من أجل ضمان سماع أصوات المتضررين واستماع صناع السياسات لمطالبهم.
وأوضحت غيوة نكات لـ«الاتحاد» أن المنظمة تشارك هذا العام مرة أخرى بوفد من أبطال المناخ الشباب إلى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «COP28»، بما في ذلك ممثلين عن بعض المجتمعات الأكثر تضرراً في منطقتنا، من العراق والمغرب وتونس، إلى الأردن ولبنان.
مؤتمر تاريخي
وترى أن «COP28» أحد أهم مؤتمرات الأطراف حتى الآن، وسيسجله التاريخ باعتباره الأكثر نجاحاً على الإطلاق إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن انتقال عادل ومنصف بعيداً، وقد تمت دعوة أكثر من 500 من الرؤساء التنفيذيين والمجتمع المدني للنظر في تسريع التحول في مجال الطاقة، والنظر في الكيفية التي يمكن بها إصلاح تمويل الشركات ودعم المسار إلى مستقبل أكثر استدامة.
وتتطلع غيوة إلى أن يكون المؤتمر سباقاً لإدراج أصوات الشباب المعرضين للمناخ في عملية صنع القرار، لذا، للعام الثاني على التوالي، رحبت «غرينبيس» بـ 450 شاباً من صانعي التغيير في مخيم العدالة المناخية التحويلي في لبنان لتبادل المعرفة والموارد والأفكار.
وأشارت إلى أنه من المهم أن يتفهم زعماء العالم مدى إلحاح الاتفاق على التخلص التدريجي العادل من الوقود الأحفوري، موضحة أنهم في «غرينبيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتفقون مع رئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين على أن تقليل الوقود الأحفوري أمر ضروري لا مفر منه، ويجب أن يذهب الطموح المشترك لقمة مؤتمر الأطراف هذه إلى أبعد من ذلك، ويتضمن التخلص التدريجي العادل (وليس مجرد التخفيض) من استخدام الوقود الأحفوري، ونعترف بأن هذا يفرض تحديات، خاصة للبلدان التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز، وعلينا أن نتقبل بشجاعة التحدي المتمثل في جعل التحول إلى أنظمة الطاقة الخالية من الوقود الأحفوري عادلاً.
وعبرت غيوة عن اهتمام المنظمة بضمان أن يشمل التقييم العالمي البلدان ويلزمها باتخاذ إجراءات قابلة للقياس، وخاصة في الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وفي «COP28»، يجب على القادة رسم مسار لتسريع العمل المناخي، وسد الفجوات لتحقيق أهداف العام 2030، والعمل بشكل عاجل لضمان بقاء حد 1.5 درجة مئوية في المتناول، ومن أجل النجاة من هذه الأزمة، نحتاج إلى حساب يجبر المتسببين في التلوث تاريخياً للوقود الأحفوري، وهم المسؤولون الأكبر عن تغير المناخ، وعليهم البدء في دفع تكاليف حل الأزمة التي تسببوا فيها.
ورحبت في هذا الصدد، بالتزام الإمارات الراسخ بتمويل المناخ على جدول أعمال مؤتمر الأطراف، مشددة على أن صندوق الخسائر والأضرار الذي يعمل بكامل طاقته ويلبي احتياجات الناس على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ من شأنه أن يحمل هذه الانبعاثات التاريخية، سواء البلدان أو الشركات، المسؤولية عن تأثيرها البيئي.
وقد أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل عن صندوقها المذهل بقيمة 4.5 مليار دولار لمبادرات الطاقة النظيفة في أفريقيا، بالإضافة إلى خطتها الاستثمارية بقيمة 54 مليار دولار لمضاعفة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول العام 2030.
ودعت نكات إلى ضرورة الإصغاء لأصوات السكان الأصليين والنساء والشباب والمجتمعات المهمشة، ومن المهم بنفس القدر أن نظل يقظين ضد التأثير غير المبرر لصناعة الوقود الأحفوري، مع الاعتراف بأنه السبب الجذري لأزمة المناخ، وعندما نوازن بين الرغبة في تحقيق أرباح الشركات واحتياجات الناس العاديين، يتعين علينا أن نتذكر المعاناة الحقيقية التي يتحملها الكثير منهم في صراع يومي من أجل البقاء، وكل يوم يمر دون تغيير حقيقي بمثابة حكم بالموت على هذه المجتمعات.
وطالبت المدير التنفيذي لمنظمة السلام الأخضر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (غرينبيس) بترجمة نتائج «COP28» إلى إجراءات والتزامات ملموسة ليست طموحة فحسب، بل منصفة وعادلة أيضاً، حيث يمثل تغير المناخ تحدياً عالمياً يتطلب التعاون من جميع المناطق، بما في ذلك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأن الجميع في سباق مع الزمن في معركتنا ضد أزمة المناخ، الساعة تدق، والأزمة تتصاعد بوتيرة مثيرة للقلق، ويتعين على زعماء العالم أن يُظهروا قدرتهم على التحرك بسرعة أكبر، لأن الحلول جاهزة، ولا يوجد سبب يمنع الحكومات من حل هذه الأزمة في الوقت الحالي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الإمارات كوب 28 مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ الاستدامة فی الشرق الأوسط وشمال أفریقیا الوقود الأحفوری مؤتمر الأطراف من أجل
إقرأ أيضاً:
هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟
مؤيد الزعبي
بما أننا مقبلون على مرحلة جديدة من استخدامات الذكاء الاصطناعي وجعله قادرًا على اتخاذ القرارات بدلًا عنَّا يبرز سؤال مهم؛ هل سيصبح الذكاء الاصطناعي بوابتنا نحو مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا؟ أم أنه سيعيد إنتاج تحيزاتنا البشرية في قالب رقمي أنيق؟ بل الأخطر من ذلك: هل سيغدو الذكاء الاصطناعي أداة عصرية تمارس من خلالها العنصرية بشكل غير مُعلن؟
قد تحب- عزيزي القارئ- تصديق أن هذه الأنظمة "ذكية" بما يكفي لتكون حيادية، لكن الحقيقة التي تكشفها الدراسات أكثر تعقيدًا؛ فالذكاء الاصطناعي في جوهره يتغذى على بياناتنا وتاريخنا، وعلى ما فينا من تحامل وتمييز وعنصرية، وبالتالي فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق فقط بقدرة هذه الأنظمة على اتخاذ قرارات عادلة، بل بمدى قدرتنا نحن على برمجتها لتتجاوز عيوبنا وتاريخنا العنصري، ولهذا في هذا المقال نقترب من هذه المنطقة الرمادية، حيث تتقاطع الخوارزميات مع العدالة، وحيث قد تكون التقنية المنقذ أو المجرم المتخفي.
لنقرّب الفكرة بمثال واقعي: تخيّل شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لفرز السير الذاتية واختيار المتقدمين للوظائف. إذا كانت خوارزميات هذا النظام مبنية على بيانات تحمل انحيازًا ضد جنس أو لون أو جنسية معينة، فقد يستبعد المرشحين تلقائيًا بناءً على تلك التحيزات. وهذا ليس ضربًا من الخيال؛ فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة واشنطن (أكتوبر 2024) أن نماذج لغوية كبيرة أظهرت تفضيلًا واضحًا لأسماء تدلّ على أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 85%، مقابل 11% فقط لأسماء مرتبطة بالنساء، و0% لأسماء تعود لأشخاص من ذوي البشرة السوداء، تُظهر هذه الأرقام المقلقة كيف أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدمها نحو 99% من شركات "فورتشن 500"، يمكن أن تؤثر سلبًا على فرص ملايين الأشخاص الباحثين عن عمل، لا لسبب سوى أنهم وُلدوا بهوية مختلفة، أي أن تحيّز هذه الأنظمة يمكن أن يمس ملايين الباحثين عن العمل.
الأمر يزداد خطورة عند الحديث عن أنظمة التعرف على الوجوه، والتي تُستخدم حاليًا في تعقب المجرمين ومراقبة الأفراد. دراسات عديدة أثبتت أن هذه الأنظمة تخطئ بنسبة تصل إلى 34% عند التعامل مع النساء ذوات البشرة الداكنة، كما تُسجَّل أخطاء في التعرف على الوجوه الآسيوية، ما قد يؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو مراقبة غير مبررة لأشخاص أبرياء، فقط لأن الخوارزمية لم تتعلم بشكل عادل، وتخيل الآن كيف سيكون الأمر عندما يدخل الذكاء الاصطناعي- بكل تحيزاته- إلى قاعات المحاكم، أو إلى أنظمة القضاء الإلكترونية، ليصدر أحكامًا أو يوصي بعقوبات مشددة، وحينها بدلًا من أن نصل لقضاء عادل سنصل لعدالة مغلفة بواجهة من الحياد الزائف.
ولننتقل إلى السيناريو الأكثر رعبًا: الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. ما الذي قد يحدث إذا تم برمجة أنظمة قتالية لتحديد "العدو" بناءً على لون بشرة أو جنسية؟ من يتحمل المسؤولية حين ترتكب هذه الأنظمة مجازر على أساس تحيز مبرمج مسبقًا؟ تصبح هذه الأنظمة أداة للقتل بعنصرية عقل إلكتروني، ومن هنا ستتفاقم العنصرية، وستصبح هذه الأنظمة بلا شك أداة لقتل كل ما تراه عدوًا لها ليأتي اليوم الذي تجدنا فيه نحن البشر ألذ أعدائها.
في قطاع الرعاية الصحية أيضًا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عنصريًا خصوصًا لو تم برمجتها لتتحكم بمستحقي الدعم الصحي أو حتى استخدامها في أنظمة حجز مواعيد العمليات، فلو وجد أي عنصرية بهذه الأنظمة؛ فبالطبع ستعطي الأولوية لأصحاب بشرة معينة أو جنسية معينة مما سيحرم الكثيرين من الوصول للعلاج في الوقت المناسب.
حتى نكون منصفين هنا نحتاج إلى تمييز دقيق بين نوعين من عنصرية الذكاء الاصطناعي: العنصرية المقصودة: الناتجة عن برمجة متعمدة تخدم مصالح أو توجهات محددة، والعنصرية غير المقصودة: الناتجة عن تغذية الأنظمة ببيانات غير عادلة أو تمثل واقعًا عنصريًا، فتُصبح الخوارزميات انعكاسًا له.
وأيضًا هناك مشكلة مهمة يجب معالجتها فلو عدنا لموضوع الرعاية الصحية؛ فلو قمنا بإدخال بيانات المرضى على هذه الأنظمة وكان حجم البيانات لفئة معينة أكثر من فئة أخرى فربما يعالج الذكاء الاصطناعي هذا الأمر على أن فئة معينة لا تحتاج للعلاج أو تحتاج لرعاية صحية أقل من غيرها وبالتالي يستثنيها من علاجات معينة أو مطاعيم معينة مستقبلًا، ولهذا يجب أن نعمل على تنقيح بيناتنا من العنصرية قدر الإمكان لتجنب تفاقم الأزمة مستقبلا.
يجب ألا نعتقد أبدًا بأن الذكاء الاصطناعي سيكون منصفًا لمجرد أنه آلة لا تفاضل شيء على شيء، فهذا سيمكن الصورة النمطية الموجودة حاليًا في مجتمعاتنا، فالذكاء الاصطناعي تقنية مازالت عمياء وليست واعية بما يكفي لتميز أية التمييز وتحذفه من برمجياتها، إنما تأخذ الأنماط الموجودة وتبني عليها، وسنحتاج وقت أطول لمعالجة هذه الفجوة كلما مضى الوقت.
إذا سألتني عزيزي القارئ ما هي الحلول الممكنة نحو ذكاء اصطناعي عادل وشامل، فالحلول كثيرة أهمها أن نوجد أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على إيجاد العنصرية وتبدأ بمعالجتها واستثنائها في خوارزمياتها، وهذه مسؤولية الشركات الكبرى التي تبني نماذج الذكاء الاصطناعي، وثانيًا يجب أن نطور أنظمة ذكاء اصطناعي مبنية على العنصرية فهذه الأنظمة ستطور من نفسها وستكون عدوة للبشرية في قادم الأيام، أيضًا يجب أن يكون هناك تنويع في البيانات فكلما انعكس التنوع في البيانات والتصميم، كلما انخفضت احتمالية انتشار النتائج العنصرية وحققنا الإنصاف المطلوب.
في النهاية يجب القول إن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بالضرورة، لكنه قد يكون كذلك إذا تركناه يتغذّى على أسوأ ما فينا وأقصد هنا العنصرية.
رابط مختصر