زي النهارده.. ذكرى احتلال الحملة الصليبية الأولى لمدينة صيدا
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
تمر علينا اليوم الاثنين الموافق 4 شهر ديسمبر ذكري إحتلال الحملة الصليبية الأولى لمدينة صيدا، حيث إحتلت الحملة الصليبية الأولي مدينة صيدا في 4 شهر ديسمبر عام 1110.
الحملة الصليبية الأولى:
هي أولى الحملات العسكريَة المنظمة التي شنها الغرب الأوروپي على ديار الإسلام بِدعم ورعاية الكنيسة الكاثوليكية، وكان سببها الرئيسي المُعلن هو نزع السيطرة الإسلامية على الديار المقدسة وإعادتها تحت جناح العالم المسيحي، بينما كان لها على أرض الواقع أهداف عديدة سياسية واقتصاديَة واستراتيجية واستعمارية، إلى جانب الهدف الديني.
وكان السلاجقة قد ظهروا على مسرح الأحداث في الشرق الأدنى في أوائل الثُلُث الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، وتحت رايتهم أخذ المسلمون يتوسعون على حساب الإمبراطوريَّة البيزنطية في آسيا الصغرى.
وفي عام 463هـجري تم الموافقة لعام 1071، هزم المسلمون البيزنطيين في معركة ملاذكرد وأسروا الإمبراطور رومانوس الرابع ثم افتتحوا أغلب بلاد الأناضول، فوجَه الروم نداءاتٍ عديدةٍ لِلغرب كان آخرها الذي وجَّهه الإمبراطور ألكسيوس الأوَّل، يطلب فيه المساعدة لِلوقوف بِوجه التوسع الإسلامي. واستجاب البابا أوربان الثاني لِاستغاثة الإمبراطور البيزنطي مدفوعًا بِأطماعه الدينيَّة والسياسيَّة، وهي توجيه ما في طبائع أُمراء الإقطاع والنبلاء من حُبِّ القتال إلى حربٍ مُقدَّسةٍ، تصد جيوش المسلمين عن أوروپا وبيزنطة، وإدخال الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية تحت جناح البابوية، وتوحيد العالم المسيحي تحت الحكم الديني لِلبابوات، والعودة بِروما لِتكون حاضرة للعالم.
وفي مجمعٍ كنسيٍ عقد في مدينة كليرمونت عام 1095،وألقى البابا عظة حث فيها أوروپا الكاثوليكية على الحرب لِتخليص القبر المقدس من المسلمين، ووعد المحاربين بِأن تكون رحلتهم إلى المشرق بِمثابة غفرانٍ كاملٍ لِذنوبهم، كما وعدهم بِهدنةٍ عامَة تحمي بيوتهم خلال غيبتهم.
أصابت دعوة البابا أوربان نجاحًا كبيرًا، فنهض العديد من النُبلاء والأُمراء لِلزحف شرقًا، وكان لِكُلِ فريق منهم حوافز دُنيوية مختلفة، إلى جانب الحافز الديني، فقد استهدف النبلاء المغانم وتأسيس الإمارات، وكانت لِلنورمان أهداف توسعيةعلى حساب البيزنطيين والمسلمين على السواء
. وكانت المدن الإيطاليَة تهدف إلى توسيع نطاق تجارتها مع الشرق.
واجتذب هؤلاء كلهم أيضا حب المغامرة والأسفار.
ومن الأخطاء الشائعة أنَ تسمية «صليبيين» أُطلقت على الغربيين الزاحفين شرقًا لِمحاربة المسلمين حيث كانوا يخيطون صلبانًا قماشيَة على ستراتهم، والواقع أن هذه التسمية متأخرة نسبيا، ودخيلة على اللغة العربيَة، فلم يعرف المسلمون المُحتلين الغربيين الا ال«فرنجة» أو «الفرنج» أو «الإفرنج».
وقبيل انطلاق هذه الحملة، زحفت عدى جيوش غير منظمة من الفلاحين الفرنجة والألمان يقودها أمير يدعى والتر المفلس وراهبٌ يسمَى بُطرس الناسك وآخرون غيرهما، وعرفت هذه الحملة بـ«حملة الفقراء أو الحملة الشعبية»، نظرالأنها تكونت من عوام الناس. واستهل هؤلاء أعمالهم بِذبح اليهود في بلاد الراين،وأثاروا فيما بعد البلغار والمجريين فهاجموهم وشتَّتوهم. أمَّا الفرق التي وصلت القُسطنطينيَّة فقد سارع الإمبراطور ألكسيوس بنقلها إلى آسيا الصُغرى حيث هزمها السلاجقة وأفنوا ثلاثة أرباعها.
وتبع هؤلاء جيوش صليبية منظمة بِقيادة ريموند الرابع قمس طولوشة وصنجيل، وكودفري البويني، وبوهيموند الأطرانطي، وتانكرد.، وأقسم هؤلاء جميعا باستثناء ريموند وتانكرد يمين الولاء لِلإمبراطور البيزنطي، وتعهدوا بِموجبه بِقبول سيادته على ما يأخذونه من بلادٍ من المسلمين.
وزحفت جيوشهم على آسيا الصغرى، فاستولوا على نيقية عام 1097 ،وهزموا السلاجقة في ضورليم، واحتلوا أنطاكية عام 1098، والساحل الشاميّ، ثم زحفوا على بيت المقدس واحتلوها في شهر يوليو عام 1099،
وأوقعوا بِأهلها المسلمين واليهود مذبحة هائلة دامت يومين، حتى أفنوهم عن بُكرة أبيهم، وكان مصير القلة التي نجت أن بيعوا في أسواق النخاسة.
بعد تمام انتصارهم على المُسلمين، نكث الصليبيون بِيمينهم لِلإمبراطور البيزنطي، فلم يسلموه ما احتلوه من بلادٍ، فأسسوا أربع دولٍ لاتينية،
وهي: قمسية الرها وإمارة أنطاكية وقمسية طرابلس ومملكة بيت المقدس، وقد صمدت معظم هذه الدول ما يقرب من قرنين ، ورغم انها كانت محاطة بِبحرٍ إسلامي، بِسبب الخلافات والإنقسامات الحادة بين المسلمين، ولم تفقد بعض أراضيها إلا حينما برز قادةمسلمون تمكنوا من توحيد كلمة أهل الإسلام خلال العقود التالية من تثبيت دعائم الحكم الصليبي في الشام.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الكنيسة الكاثوليكية مدينة صيدا
إقرأ أيضاً:
مجلس حكماء المسلمين يحذر من خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إصدار الأحكام أو الفتاوى
نظم مجلس حكماء المسلمين ندوة فكرية بعنوان: تعزيز الوعي الرقمي وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن فعاليات اليوم الأوَّل للمعرض، حيث شهدت الندوة حضورًا نوعيًّا لافتًا، خاصَّة من فئة الشباب والمهتمين بقضايا التقاطع بين التكنولوجيا الحديثة والقيم الإنسانيَّة والدينيَّة.
واستهلَّ الندوة المفسر الجليل الدكتور محمد قريش شهاب، عضو مجلس حكماء المسلمين، ووزير الشؤون الدينية الأسبق في إندونيسيا، بتأكيد أنَّ الإسلام لا يفصل بين المعرفة والأخلاق، مشيرًا إلى أنَّ أولى آيات الوحي {اقرأ باسم ربك} تُرسِّخ ارتباط العلم بالبُعد القيمي، محذرًا من أن العلم والتكنولوجيا، ومنها الذكاء الاصطناعي، إن لم تُضبط بقيم إنسانية وروحية، قد تصبح وسيلة للضياع بدلًا من الهداية.
ولفت إلى خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إصدار الأحكام أو الفتاوى، لما قد يحمله من معلومات مستمدة من سياقات ثقافية ودينية لا تمثل البيئة الإسلامية، موضحًا أن هناك ثلاث قيم محوريَّة يجب أن تُشكِّل الضوابط الأخلاقية لاستخدام التكنولوجيا الحديثة: الكرامة الإنسانية، المنفعة العامة، والضبط القيمي.
من جانبه، تناول الباحث البارز الدكتور ريزي إيكو كاراكا، من مركز أبحاث البيانات والابتكار، الجانب العملي لتطبيقات الذَّكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنَّ التقنية الحديثة ينبغي أن تبقى في موقع الأداة، لا أن تحل محل الإنسان في اتخاذ القرار أو التفكير، وحذَّر من جملة تحديات أخلاقية مصاحبة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، أبرزها الاعتداء على الخصوصيَّة، الاعتماد العقلي الزائد على التقنية، والآثار البيئية الكبيرة الناتجة عن تشغيل الخوادم، مؤكدًا أهمية غرس ثقافة الاستخدام الواعي والمسؤول للتقنية، داعيًا إلى بناء مرجعيات فكرية وأخلاقية تستند إلى القيم الدينية.
وفي مداخلة نوعية، شدد الدكتور برتيكنو، وزير التنسيق لشؤون التنمية البشرية والثقافة بجمهورية إندونيسيا، على أنَّ مواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي تتطلب سيادة رقمية شاملة، تبدأ من بناء المحتوى المحلي، ونوَّه إلى أن غياب المحتوى المحلي عن مدخلات الذكاء الاصطناعي قد يؤدِّي إلى تشويه المفاهيم الدينية وتآكل الهوية الثقافية، داعيًا مؤسسات مثل مجلس حكماء المسلمين إلى قيادة جهود تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تعكس خصوصية القيم الإسلامية والأصالة الحضارية.
وفي ختام الندوة، أكَّد المشاركون أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة تقنية غير مسبوقة، لكنه لا يمكن أن يُعتمد عليه إلا في إطار أخلاقي، يراعي الخصوصية الدينية والثقافية، ويصون كرامة الإنسان ويخدم الصالح العام.