قبل قرابة مائة سنة، في عام 1924، استحدث الدبلوماسي الألماني كارل هاوشوفر مصطلح «عصر المحيط الهادي»، مستشرفا ظهور اليابان والصين والهند بوصفها من القوى العالمية القادمة. فكتب يقول:
«إن فضاء عملاقة تمتد أمام أنظارنا وتنصب فيه قوى... تنتظر بزوغ فجر عصر المحيط الهادي، خلفا لعصر المحيط الأطلسي، والعصر المتوسطي الأوروبي الشائخ».
يرجع مصطلح (القرن الآسيوي) إلى ثمانينيات القرن العشرين. فبعد اجتماع بين الزعيم الصيني دنج شياو بينج وراجيف غاندي، رئيس وزراء الهند، نقل عن دنج قوله «إن الناس في السنوات الأخيرة باتوا يقولون إن القرن القادم سيكون قرن آسيا والمحيط الهادي».
ولقد ظهرت كتابات كثيرة عن القرن الآسيوي منذ الثمانينيات، بدءا بصعود اليابان السريع، وما يُسمى بالنمور الأربعة (كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة)، وعقد النمو الصيني المجاوز لعشرة في المائة، وها هي الهند الآن تنمو بسرعة فائقة مؤكدة نبوءة كلاوس هاوشوفر قبل قرن من الزمان.
درجت مناقشات القرن الآسيوي عادة على التركيز على براعة آسيا الاقتصادية والصناعية. ولا ينصب إلا قليل من الاهتمام على العوامل الثقافية، وكيف يمكن أن تصوغ مستقبل آسيا والعصر ما بعد الصناعي. والاستثناء الملحوظ هنا هو (آسيا 2038: عشرة اضطرابات تغير كل شيء)، من تأليف سهيل عناية الله ولُو نا.
صدر تقرير (آسيا 2038) للمرة الأولى في عام 2018، لكن الأزمة العالمية الحالية أكسبته أهمية كبيرة. فالكاتبان لا يهملان الاقتصاد، ولكنها يركزان على البعد الإنساني في التحول الذي تشهده آسيا، من قبيل دور المرأة، وإعادة تصوّر الأسرة التقليدية الممتدة، والحاجة إلى النزعة الإقليمية الحيوية، والتعايش المتنامي بين البشر والتكنولوجيا.
يذهب المؤلف المشارك سهيل عناية الله، وهو رئيس الدراسات المستقبلية في اليونسكو، إلى أن تحول آسيا يمكن أن تكون له آثار عالمية فيقول: «إنني أرى أن الإمكانات في آسيا تنتقل من قوة إلى قوة، وليس هذا فقط في ما يتعلق بفرص الأعمال والتنمية الاقتصادية ولكن في تصوّر مستقبل كوكبي جديد أيضا».
يذكرنا تقرير (آسيا 2038) بأن العولمة، مثلها مثل التحديث، لا تعني بالضرورة التغريب. فقد استوعبت آسيا العلوم والتكنولوجيا الغربية وأَسْيَنَت نسخا من الأنظمة السياسية، ولكن الغرب باستقطابه الاجتماعي والسياسي وفرديته المفرطة لا يمثل نموذجا للمجتمع ما بعد الصناعي.
تشير الدول الأكثر تقدما في آسيا، من قبيل اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، إلى حداثات متعددة، أو، على حد تعبير المؤلفين، حداثات بديلة. فآسيا تشرع في نهضة ثقافية ومحاولة لتغيير المجتمع من خلال إعادة تفسير تراثاتها الغنية من الكونفوشيوسية، والطاوية، والبوذية، والهندوسية، والصوفية.
ومن الناحية الاقتصادية يمثل صعود آسيا رجوعا إلى القاعدة التاريخية. فعلى مدار قسم كبير من التاريخ المسجل، كانت الصين والهند أكبر اقتصادين في العالم، ولم تتفوق عليهما الولايات المتحدة إلا في منتصف القرن التاسع عشر. وعند القياس باستخدام (تعادل القوة الشرائية)، نجد أن الصين تجاوزت الولايات المتحدة في عام 2014. وقبل منتصف هذا القرن، من المتوقع أن تستعيد الصين والهند مكانتهما باعتبارهما الاقتصادين الرائدين في العالم.
والتحدي الذي يواجه آسيا اليوم هو تقليل أسوأ جوانب المرحلة الرأسمالية من التنمية التي ابتليت بها المجتمعات الغربية، ومن ذلك تفكك الأسر، والعزلة الاجتماعية، وعدم المساواة، وسلطة الشركات على الحكومات التي تسببت في مستويات تاريخية من عدم المساواة.
ولعل إعادة تصوّر الأسرة الممتدة التقليدية والأسرة الممتدة الشاملة في العصر ما بعد الصناعي يشكل تحديا ولكنه أمر حاسم للمستقبل. وكما يرد في (آسيا 2038):
«إن الأسرة [الآسيوية]، ممتدة ولكن غير مكسورة، تصبح مصدرا لمزيد من الرفاهية، بل والنمو الاقتصادي في واقع الأمر».
«والبديل، إذا ما تبين أن التغييرات الجارية عنيفة للغاية فلا تستطيع التقاليد تدبرها، بما يعني صعود الرَوْبَتة، والتحول إلى العالم الافتراضي، وحقوق المثليين، والإناث العازبات، فإن لنا أن نتوقع مستقبلا أكثر تشرذما بكثير، تطالب فيه مجموعات حقوقية معينة بزيادة مساحة الاختيار، في حين يقوم حملة التقاليد -أي تقاليد زمن الأسرة الممتدة الجميل- بالتشريع من أجل حماية الأسرة التقليدية، معلنين أن أشكال القران الأخرى منافية للطبيعة».
«وهذا يمهد لمستقبل يصبح فيه الصراع الاجتماعي -كما حدث في الستينيات على سبيل المثال، وكما يجري حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية- هو القاعدة».
يضيف المؤلفان أن «ردة محافظة قد تكون أحد الاحتمالات، ولكن من المحتمل بالقدر نفسه أن تكون هناك أسرة آسيوية ممتدة، ويظل التركيز منصبا على الرخاء للجميع ولا ينصب إلا قليل منه على هويات بعينها».
«سيكون من الصعب بشكل متزايد، ومن أوجه كثيرة، الحفاظ على الأسرة الممتدة البيولوجية والتقليدية. فبدلا من إعطاء الأفضلية للأسر النووية أو الأسر ذات العائل الواحد، شأن الحال في الغرب، ربما تستطيع آسيا أن تعيد اكتشاف أو تصميم بنيتها الأسرية الممتدة».
«يكاد يكون مؤكدا أنه ما من طريق للرجوع إلى الأسر التقليدية، وإنما هو فقط طريق إلى الأمام يتماشى مع التغيرات التكنولوجية والثقافية المعاصرة. فكيف سيكون الوضع بالنسبة لآسيا؟ إضفاء الطابع النووي على الأسرة وتفككها واختفاؤها؟ أم إعادة اكتشافها وكأننا حيال الموسم الثاني من الأسرة الممتدة».
محور هذه العملية هو دور المرأة، وثمة من الأسباب ما يدعو للتفاؤل. فآسيا غير معروفة بوصفها معقلا للنسوية، لكن التقسيم الجندري في آسيا تاريخيا أقل صرامة مما هو عليه في الغرب. وتولي النساء السلطة ليس بالأمر الشاذ في آسيا. فقد كان لأربعة من دول شبه القارة قيادات نسائية، وكذلك إندونيسيا وتايلاند وكوريا الجنوبية والفلبين وتايوان. فضلا عن أن خمس دول في جنوب شرق آسيا تعد من الدول الرائدة عالميا في وجود أكبر عدد من النساء في المناصب التنفيذية. تتقدم إندونيسيا (الثانية عالميا بنسبة 41%) والفلبين (الرابعة بنسبة 40%) بفارق ضئيل على تايلاند (السادسة في العالم بنسبة 38%).
وقد أصبحت المساواة الجندرية جزءا من الثقافة الشعبية. إذ حقق فيلم بوليوودي مستوحى من قصة حقيقية عن مصارع سابق يدرب بناته على اقتفاء خطاه وتحدي الأدوار الجندرية التقليدية، نجاحا كبيرا في كل من الهند والصين.
لا تزال المرحلة الحالية من التنمية الاقتصادية في معظم أنحاء آسيا مهتمة بتزويد الناس بالاحتياجات الإنسانية الأساسية من قبيل السكن والطرق والإلكترونيات (أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة) التي أصبحت ضرورية للمشاركة في النشاط الاقتصادي.
ولقد كانت الرأسمالية فعالة للغاية في إنتاج هذه المنتجات، لكن صنَّاع السياسات الآسيويين يتطلعون إلى ما هو أبعد من المرحلة الرأسمالية في التنمية ويستكشفون بدائل واعية تتفق مع تقاليدهم الخاصة.
فقد تخلت مملكة بوتان، التي تقع في جبال الهيمالايا بين الصين والهند، عن مقياس الناتج المحلي الإجمالي (GDP) مستبدلة به مقياس إجمالي السعادة الوطنية (GNH) ومحوره هو الإنسان.
تستخدم الحكومة هناك دراسات مسحية لقياس إجمالي السعادة الوطنية. فتُطرح على الناس أسئلة مختلفة حول رفاهيتهم الاجتماعية وظروفهم المعيشية واهتماماتهم الرئيسية وممارساتهم الدينية. وتستخدم نتائج هذه الدراسات الاستقصائية في تحديد أهداف السياسة.
لقد تم إنشاء مؤشر إجمالي السعادة الوطنية، الذي اقترحته العائلة المالكة في بوتان، بالتعاون مع باحثين في أكسفورد. وهو شبيه بـ(مؤشر الحياة الأفضل) لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومؤشر التقدم الاجتماعي (SPI). ولكن مؤشر إجمالي السعادة الوطنية يتميز باحتوائه على عنصر ديني.
لقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في عام 2013 يدعو إلى اتباع نهج شامل للتنمية وحثت الدول الأعضاء على أن تحذو حذو بوتان.
من أشد الحجج إقناعا بالدور القيادي الذي تؤديه آسيا في المجتمع ما بعد الصناعي تلك الرؤية السائدة على نطاق واسع ومفادها أن الروح والمادة لا ينفصلان. فالنظرة «المادية» للعالم التي أدت إلى الثورة العلمية قد حققت غرضها ووصلت الآن إلى نهاية الطريق. وكما نقرأ في آسيا 2038:
«إن عالمنا، بكل المقاييس، في حاجة ماسّة إلى التحوّل، وإلى إعادة موازنة تجاوزاته العديدة، والانتقال إلى مستقبل أكثر استدامة وقابلية للعيش. ولا بد أن تتم التغييرات في كل من المجالات المادية والعاطفية والمعرفية، فالتحوّلات المنهجية وكذلك السردية ضرورية في الوقت نفسه».
فضلا عن أن «البوذية تعتبر الحياة وحدة بين الجسدي والروحي. وهي تنظر إلى كل الأشياء، سواء المادية أم الروحية، المرئية أم غير المرئية، بوصفها مظاهر للقانون الروحي العالمي النهائي أو مصدر الحياة.... فالجوانب الجسدية والروحية لحياتنا لا تنفصل تماما عن بعضها بعضا ولها الأهمية نفسها».
إن آسيا في وضع جيد يسمح لها بتوحيد العالم الروحي والمادي (أو بإعادة توحيده) في المجتمع ما بعد الصناعي. وتشير أدلة لافتة إلى أن هذه العملية قد بدأت بالفعل في السياقين العلماني والديني.
فقبل نحو خمسة وعشرين عاما، قدمت شركة سوني اليابانية آيبو، وهو روبوت يستجيب لأوامر مالكه، ويتعرّف على أفراد الأسرة المختلفين، ويتفاعل مع التفاعل الجسدي، وعندما «يتعب» يعود إلى محطة الشحن من تلقاء نفسه.
ارتبط العديد من مالكي آيبو بهذه الحيوانات الأليفة الآلية، وباتوا ينظرون إليها وكأنها جزء من العائلة. وعندما توقفت شركة سوني عن الإنتاج ولم تعد تتوفر الصيانة لآيبو، اصطحب الملاك روبوتات آيبو إلى المعابد البوذية لإجراء طقوس الجنازة لها.
وللمضي بالروبوتات خطوة أخرى إلى الأمام، تعاون فريق مكون من اثنتي عشرة شركة صينية في مجال التكنولوجيا والثقافة والاستثمار مع معبد بوذي خارج بكين لإنشاء راهب آلي يمزج بين الروحانية والذكاء الاصطناعي. وتم تصميم الروبوت الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الرهبان البوذيين في نشر التعاليم البوذية.
يعرف الراهب الآلي، الذي يبلغ ارتفاعه ستين سنتيمترا، باسم شيانر (وتعني حرفيا «الراهب الآلي الغبي الجدير بالاهتمام»). يستطيع شيانر تلاوة نصوص السوترات البوذية ولديه لوحة لمس على صدره تسمح له بالرد على الأسئلة المتعلقة بأي شيء بدءا بمعنى الحياة وحتى قضايا الأسرة أو مكان العمل.
يزعم المشككون أن الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لن تقدر أبدا على فهم المشاعر البشرية. لكن مطوري الذكاء الاصطناعي يحتجون بأنهم سوف يتمكنون في نهاية المطاف من تحفيز محاكاة لفهم العواطف، وبالتالي يحققون هذا الغرض. وذلك لأن أغلب الآسيويين يعرفون جيدا كيفية التعامل مع الغموض.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصین والهند فی آسیا فی عام
إقرأ أيضاً:
جيف بيزوس ولورين سانشيز يحتفلان بـ"زفاف القرن" في البندقية: تفاصيل الحدث المرتقب
يُقام حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز هذا الأسبوع في مدينة البندقية الإيطالية، وهو الحدث الذي أُطلق عليه وصف "زفاف القرن". اعلان
سيُقام حفل زفاف مؤسس شركة أمازون جيف بيزوس (61 عاماً) والصحفية التلفزيونية السابقة لورين سانشيز (55 عاماً) هذا الأسبوع في مدينة البندقية الإيطالية.
منذ إعلان خطوبتهما في مايو 2023، ظل العروسان حديث الصحافة والجمهور، مع تكهنات واسعة حول موعد الحفل ومكانه وقائمة المدعوين.
ويُقارن هذا الحدث بحفل زفاف عائلة أمباني الفاخر الذي أقيم في الهند خلال عام 2024، ويُوصف حفل بيزوس وسانشيز بأنه "زفاف القرن".
موعد الزفافسيُقام حفل زفاف مؤسس شركة أمازون جيف بيزوس والصحفية التلفزيونية السابقة لورين سانشيز في الفترة من 24 إلى 26 يونيو، وفقاً للتقارير، رغم وجود بعض التكهنات التي تشير إلى أن الحدث قد يمتد حتى 29 يونيو.
أين سيقام الزفاف؟من المقرر أن يُقام حفل الزفاف في مدينة البندقية بإيطاليا، لكن التفاصيل الدقيقة للمكان لا تزال غير مؤكدة.
ذكرت بعض وسائل الإعلام أن الحدث قد يُقام في جزيرة سان جورجيو ماجوري الخاصة. في المقابل، وأفاد متحدث باسم لويجي بروغنارو، عمدة البندقية، في مارس بأن الزفاف سيُنظم على متن اليخت الفاخر "كورو" الذي يملكه بيزوس، ويبلغ طوله 417 قدمًا وتقدر تكلفته بنحو 500 مليون دولار.
من جانب آخر، زعمت مجموعة محلية تحتج على الحدث تحت اسم "لا مكان لبيزوس" أن الحفل سيُقام في مبنى "سكولا غراندي ديلا ميسيريكورديا" التاريخي، وهو موقع خيري يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر، واستضاف من قبل اجتماعًا بابويًا عام 1799 وقمة مجموعة السبع عام 1987.
أفاد مسؤولو مدينة البندقية بأن قائمة المدعوين لحفل زفاف مؤسس أمازون جيف بيزوس والصحفية التلفزيونية السابقة لورين سانشيز تقتصر على 200 شخص.
من المشاهير التي ستحضر؟ويصعب التأكد من هوية جميع الحضور، لكن موقع TMZ ذكر أن القائمة تضم عدداً من المشاهير من بينهم كيم كارداشيان وكريس جينر وأوبرا وينفري وبيل غيتس وإيفانكا ترامب وجاريد كوشنر، وبيونسيه وجاي زي، بالإضافة إلى زميلتي سانشيز في الفضاء كاتي بيري وغايل كينغ.
كما أُشير إلى احتمال حضور كل من ليوناردو دي كابريو وإيفا لونغوريا، إضافة إلى شائعات حول مشاركة ميك جاغر. ومن المتوقع أن تحضر الملكة رانيا ملكة الأردن، ما سيمنح الحدث طابعاً "ملكيًا" رسمياً.
وكان من بين الضيوف الذين حضروا حفل توديع عزوبية سانشيز في باريس في مايو الماضي كل من كريس جينر وكيم كارداشيان وكاتي بيري وغايل كينغ وإيفا لونغوريا وفاعلة الخير ناتاشا بوناوالا ومقدمة البرامج الرياضية في قناة فوكس سبورتس تشاريسا تومبسون.
أفادت بعض التقارير بأن إلتون جون وليدي غاغا قد طُلب منهما تقديم عرض موسيقي في حفل الزفاف، لكن لم يتم تأكيد ذلك رسمياً حتى الآن.
من المنظم؟تُشاع مشاركة رئيسة تحرير مجلة "فوغ" آنا وينتور في تقديم استشارات لورين سانشيز بشأن أسلوبها في حفل الزفاف، خاصة بعد أن أوصتها بارتداء فستان من تصميم أوسكار دي لا رنتا في حفل الميت غالا، مما يفتح المجال لاحتمال رؤية المزيد من إطلالات على نفس النهج.
كما شوهد الزوجان مؤخراً في متجر "دولتشي آند غابانا" في ميلانو، ما يشير إلى احتمال ظهور تصاميم العلامة في الحدث.
ويقال إن سانشيز ستغير ملابسها 27 مرة خلال أيام الحفل الثلاثة، وهو ما يعكس مدى تفرّد وفخامة الحدث المتوقع.
يُشاع أن جيف بيزوس ولورين سانشيز سيقيمان خلال حفل زفافهما في فندق "أمان" الواقع على القناة الكبرى في البندقية، وهو نفس المكان الذي أقام فيه جورج وأمل كلوني حفل زفافهما عام 2014. وتتراوح أسعار الغرف فيه بين 3,000 و32,000 دولار لليلة الواحدة.
وبحسب ما ذكرته وسائل الإعلام الإيطالية، تم حجز خمسة من أفخم فنادق البندقية لاستضافة الضيوف المدعوين إلى الحدث.
ما ثمن هذه الفخامة؟يُشاع أن بيزوس وسانشيز سيخصصان ما بين 7 إلى 10 ملايين دولار لحفل زفافهما الذي يستمر ثلاثة أيام، وقد يتجاوز الإنفاق هذا المبلغ وفقاً للتقديرات.
وبحسب تقرير لفوربس، يُقدّر صافي ثروة بيزوس بنحو 225 مليار دولار، مما يضعه في المرتبة الرابعة كأغنى شخص في العالم، بعد إيلون ماسك (407.4 مليار دولار)، ولاري إليسون (251.9 مليار دولار)، ومارك زوكربيرغ (236.5 مليار دولار).
وبالتالي، فإن إنفاق 10 ملايين دولار على الزفاف لن يُحدث فرقاً يذكر في ميزانيتهما.
تواجه مدينة البندقية منذ فترة مشكلة السياحة الزائدة التي تُجهد البنية التحتية المحلية، وقد أثار حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز احتجاجات من قبل مجموعة نشطاء تطلق على نفسها اسم "لا مكان لبيزوس".
يقول المحتجون إن الحجم المتوقع للحدث قد يفاقم الضغوط القائمة على المدينة، ويُنظر إلى الحدث على أنه مثال آخر على استغلال أصحاب الثراء الفاحش لمواقع عامة، دون اعتبار كافٍ لسكان البندقية المحليين.
وأشارت التقارير إلى أن العديد من المدعوين سيصلون إلى البندقية على متن طائرات خاصة، ما يزيد بصمة الانبعاثات الكربونية بشكل ملحوظ. كما أُفيد بأن بيزوس حجز أسطولاً من الجندول وسفن النقل المائي لتوفير التنقلات خلال الحدث.
انتشرت لافتات وملصقات في أنحاء المدينة، وهدد المحتجون بمنع الوصول إلى بعض القنوات والشوارع، لكنهم أكدوا أن تحركاتهم ستكون سلمية.
Relatedقائمة مجلة فوربز: جيف بيزوس على القمة وكايلي جينر أصغر مليارديرةماذا فعلت طليقة جيف بيزوس بثروتها الضخمة؟ وكيف زلزلت عالم التبرعات بأموال "أمازون"جيف بيزوس يؤكّد أنه سيتبرع بمعظم ثروته للجميات الخيريةوقال أوليفييرو كاسارا، أحد المنظمين الرئيسيين للمحتجين، في بيان إن الحملة ليس لديها أي اعتراض على الأمريكيين أو على إقامة حفلات زفاف في البندقية، لكنه أضاف أن بيزوس دعم اقتصادياً وسياسياً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبالتالي فهو "مسؤول بشكل مشترك عن هذا الانحراف الذي يؤثر علينا نحن المواطنين الإيطاليين والأوروبيين".
ويؤكد المحتجون أن رفضهم لا يتعلق بالزواج نفسه، بل بما يرونه خصخصة واستغلالًا لمدينة تعاني من أصلاً من الأعباء السياحية والاقتصادية.
كيف قوبلت الاحتجاجات؟حاول عمدة البندقية لويجي بروغنارو طمأنة المحتجين على حفل الزفاف، مؤكداً أن المدينة قادرة على استضافة مثل هذه الأحداث الضخمة دون تأثر البنية التحتية بشكل مفرط. واستشهد بروغنارو بكل من مهرجان البندقية السينمائي وقمة مجموعة السبع كأمثلة على فعاليات سابقة نُظمت بنجاح في المدينة.
وقال بروغنارو، وفقاً لمجلة "فارايتي"، إنه "يشعر بالخجل من أولئك الذين يتصرفون بهذه الطريقة"، في إشارة إلى المتظاهرين الذين يحتجون على الحدث.
ومع ذلك، لا يزال الرأي العام يقارن بين هذا الزفاف وزفاف عائلة أمباني الفاخر الذي أُقيم في الهند عام 2024، والذي وُصف على نطاق واسع بأنه "إهانة" للفقراء في مومباي.
شيء واحد مؤكد: مع وصول رابع أغنى شخص في العالم إلى البندقية هذا الأسبوع، فإن مخاوف السكان المحليين ستواجه تحدياً كبيراً من الأموال الطائلة التي سيجنيها عدد قليل من أصحاب المصالح من تنظيم حدث بهذا الحجم.
المصادر الإضافية • CNN, TMZ, Forbes, Corriere della Sera, New York Times
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة