غزة التي أحن إليها.. لوموند: ذكريات شابة فرنسية فلسطينية من غزة في فرنسا
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
تشاهد ناصرة التي أخرجت من غزة في بداية شهر نوفمبر/تشرين الأول مع والديها، عبر الأخبار، ما لحق بالمدينة التي ولدت ونشأت فيها من دمار، وكيف دمر منزل والديها وأصيب بعض أفراد عائلتها التي بقيت هناك.
بهذه المقدمة، بدأت صحيفة لوموند تقريرا بقلم بياتريس غوري تحدثت فيه مع الشابة ناصرة التي حصلت على درجة الدكتوراه في فرنسا وحصلت على عقد عمل دائم، أتاح لها التقدم بنجاح للحصول على الجنسية الفرنسية، لتتمكن عائلتها من الانضمام إليها.
ونظرا لعنف الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، ترى ناصرة أن كل التفاصيل تصبح مهمة بعد أن نزحوا قسريا تحت القنابل، وتقول "كل ليلة تراودني كوابيس وأتذكرها. كل صباح أسأل نفسي هل هذه حياتي أم حياتي بعد الموت؟"
ذكريات وحنين
"حتى قبل الحرب كان من الصعب تصور المستقبل في غزة، أما الآن؟" فناصرة بلغتها الفرنسية الممتازة، ولغتها الإنجليزية المثالية، تتابع دراسات متخصصة في مدينة فرنسية كبيرة، ولكن جمعية "فرانس هورايزون" التي تؤوي والديها، لم تجد لهما سوى شقة من غرفتين في إحدى ضواحي باريس، وهي بالتالي تقول إنه "من الصعب العمل في مثل هذه الشقة الصغيرة".
وتقدر الشابة أن تنظيف غزة وإعادة بنائها يحتاج إلى عدة سنوات، ودون التفكير ولو للحظة في العودة للعيش هناك، ترى أن غزة الماضي التي تستحضرها بابتسامة، لن تعود أبدا، انتهى زمن الذهاب الممتع لتناول مشروب بجانب البحر على شرفات الفنادق الكبيرة التي قصفت.
ولدت ناصرة قرب البحر، لكنها لا تعرف السباحة وتقول "بعد سن العشرين، لا يمكنك أن تذهبي إلى هناك لأن الناس ينظرون إليك كثيرا"، مضيفة و"لكن كما تعلمون، لدينا الكثير من حمامات السباحة الخاصة، يمكنك استئجارها للاجتماع مع العائلة أو الأصدقاء والسباحة عندما يصبح مقياس الحرارة مجنونا".
دمرت الجامعة
وطوال فترة دراستها في المدرسة الابتدائية العامة كان البنات والبنين مختلطين، ولكن التعليم الثانوي كان أحادي الجنس، باستثناء عدد قليل من المدارس الخاصة، وتوجد في غزة 5 جامعات معظمها حكومية، أشهرها الأقصى والأزهر التي "كنت أرغب دائما في متابعة التعليم العالي فيها، كما أردت الذهاب إلى أوروبا بعد الإجازة"، وقد تعرض حرم الأزهر، الذي أصبح الآن كومة من الأنقاض، للقصف في 26 أكتوبر/تشرين الأول وتم تدميره في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني.
وتشعر ناصرة بنوع من الدوخة وهي تشاهد الأخبار على هاتفها الخلوي، كل خبر كارثي أكثر من الآخر، وتقول "يشاهد والدي الأخبار طوال اليوم"، عندما لا يذهب للتسوق، ونادرا ما تخرج والدتها التي ترتدي الحجاب، أما ناصرة فتفكر في خططها بعد الحرب، ويضيء وجهها "سأتعلم السباحة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ذكريات الميدان … وصدى الملك و الرجال.
صراحة نيوز- بقلم : الدكتور يوسف عبيدالله خريسات.
و الميدان شاهد والتراب يعرف الخطى والجبال تحفظ أسماء الرجال هنا تختبر القلوب وهنا يضع الوطن امتحانه الحقيقي ويقف الرجال في مواجهة أنفسهم قبل مواجهة العدو.
في هذا المكان وقف جلالة الملك عبدالله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة بين رجال خدموا معه في القوات الخاصة فلم يحمل اللقاء شكليته المعتادة وانما كان عودة إلى الذاكرة وإلى الأرض التي تعرفه ويعرفها وإلى الساعات التي تمر ثقيلة كأنها الجبال.
نظر القائد إلى الوجوه التي شاركته الطريق وجوه رسمت عليها الشمس خطوط الصبر ورسم الليل عليها ظلال التعب. رجال يعرفون ما يعني أن تحمل الوطن على كتفيك وأن تنام وأنت تحرس حلمه ومستقبله وتستيقظ وأنت تحمي حدوده.
ابتسامة القائد كانت صادقة عفوية وكانت أعمق من أي خطاب وقالت لهم بصمت أنتم رجال الميدان وأنا واحد منكم والميدان يتكلم والذكريات تنطق وجمال الذكريات في حفظ التفاصيل.
تذكر الجنود خطواتهم الأولى في الخنادق وصوت الأوامر وصرير الصخور تحت أحذيتهم والصمت الذي يسبق الاشتباك واليقين الذي كان يجمعهم أن القائد بينهم لا خلفهم رجل يعرف قيمة الجندي ويعرف معنى أن تقف وحيدا في الظلام وتحمل مسؤولية وطن بأكمله في قلبك.
ولقد كان حظكم أيها الجنود وافرا وأكبر من حظنا فنحن لم نخدم بين صفوف أبطال الميدان فأنتم تعرفون التراب والصخور والغبار وتعرفون الملك الجندي عن قرب وتعرفون معنى أن يكون القائد رفيق الدرب.
لقاؤكم كان تجديدا للذاكرة حفظا السردية الوطن وكان استدعاء للرجولة في أنقى صورها وكان تذكيرا أن الشرف لا يشترى وأن الوفاء لا يزول وأن من وقف في الميدان مرة لن يغادره أبدا حتى لو ترك البزة العسكرية.
عندما مد الملك القائد يده لرجاله شعر كل واحد منهم أن السنين كلها تلخصت في تلك المصافحة وأن الميدان لا يموت أن الخطى القديمة تدق ذكرياتها في القلب وأن صوت الوطن في الميدان حاضر
فالميدان مدرسة يعلمك الصبر ويعلمك الثبات حين ترتجف الأرض ويعلمك الفرق بين رجل يقود ورجل يتقدم فالقائد الحقيقي كما يعرفه الرجال هو من يمشي على التراب نفسه الذي مشوا عليه
هكذا يبقى اللقاء وهكذا تبقى الذاكرة رجال وقائد جمعهم الميدان وصنع بينهم رباطا لا تقطعه السنين