شهادات صادمة: جنود إسرائيليون يعترفون باستخدام مدنيين فلسطينيين كدروع بشرية
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
تظهر هذه الصورة التي قدمتها منظمة «كسر الصمت» وهي مجموعة مكونة من جنود إسرائيليين سابقين، اثنين من المعتقلين اللذين استخدما بوصف أنهما درعان بشريان داخل منزل في منطقة مدينة غزة في عام 2024 (أ.ب)
المرات الوحيدة التي لم يكن فيها الرجل الفلسطيني أيمن أبو حمدان مقيداً أو معصوب العينين، كانت عندما استخدمه الجنود الإسرائيليون درعاً بشرياً، وفق ما قال لوكالة «أسوشييتد برس» للأنباء.
وأوضح أبو حمدان، الذي كان يرتدي زياً عسكرياً وكاميرا مثبتة على جبهته، أنه أُجبر على دخول منازل في قطاع غزة للتأكد من خلوها من القنابل، والمسلحين.
وأشار الرجل البالغ من العمر 36 عاماً إلى أنه عندما انتهت إحدى الوحدات منه، تم نقله إلى الوحدة التالية.
وعن فترة احتجازه لمدة أسبوعين ونصف الصيف الماضي لدى الجيش الإسرائيلي في شمال غزة، قال: «ضربوني، وقالوا لي: ليس لديك خيار آخر؛ افعل هذا، وإلا قتلناك».
وأوضح ضابط إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، أن «الأوامر غالباً ما كانت تأتي من الأعلى، وفي بعض الأحيان كانت كل فصيلة تقريباً تستخدم فلسطينياً لإخلاء المواقع».
تظهر هذه الصورة التي قدمتها منظمة «كسر الصمت» وهي مجموعة مكونة من جنود إسرائيليين سابقين جنديين خلف معتقلين فلسطينيين يتم إرسالهم إلى منزل في منطقة مدينة غزة لإخلائه في عام 2024 (أ.ب)
تظهر هذه الصورة التي قدمتها منظمة «كسر الصمت» وهي مجموعة مكونة من جنود إسرائيليين سابقين جنديين خلف معتقلين فلسطينيين يتم إرسالهم إلى منزل في منطقة مدينة غزة لإخلائه في عام 2024 (أ.ب)
كذلك، أكد العديد من الفلسطينيين والجنود لـ«أسوشييتد برس» أن القوات الإسرائيلية تجبر الفلسطينيين بشكل منهجي على العمل كدروع بشرية في غزة، وترسلهم إلى المباني والأنفاق للتحقق من عدم وجود متفجرات أو مسلحين، لافتين إلى أن هذه الممارسة الخطيرة أصبحت شائعة خلال 19 شهراً من الحرب.
ورداً على هذه الادعاءات، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحظر تماماً استخدام المدنيين على أنهم دروع بشرية، وهي ممارسة طالما اتهم «حماس» باستخدامها في غزة.
وفي بيان للوكالة، أضاف الجيش أنه «يحظر أيضاً إجبار المدنيين على المشاركة في العمليات، وأن جميع هذه الأوامر تُشدد بشكل روتيني على القوات».
وأشار إلى أنه «يحقق في عدة حالات تزعم مشاركة فلسطينيين في مهام»، لكنه لم يقدم تفاصيل. ولم يُجب عن أسئلة حول نطاق هذه الممارسة، أو أي أوامر من القادة.
وفي هذا الإطار، تحدثت «أسوشييتد برس» مع سبعة فلسطينيين وصفوا استخدامهم على أنهم دروع بشرية في غزة والضفة الغربية، ومع عنصرين من الجيش الإسرائيلي قالا إنهما شاركا في هذه الممارسة التي يحظرها القانون الدولي.
وتدق جماعات حقوق الإنسان ناقوس الخطر، قائلة إنها أصبحت إجراءً قياسياً يُستخدم بشكل متزايد في الحرب.
وقال ناداف فايمان، المدير التنفيذي لمنظمة «كسر الصمت»، وهي مجموعة مُبلغين عن المخالفات من جنود إسرائيليين سابقين جمعت شهادات حول هذه الممارسة من داخل الجيش: «هذه ليست روايات معزولة؛ إنها تشير إلى فشل منهجي، وانهيار أخلاقي مروع».
وأضاف: «تُدين إسرائيل (حماس) لاستخدامها المدنيين على أنهم دروع بشرية، لكن جنودنا يصفون فعل الشيء نفسه».
في شقتها ببلدة الزبابدة المحتلة بالضفة الغربية عرضت الفلسطينية إيمان عامر صورة تقول إنها تُظهر جنوداً إسرائيليين يجبرونها على الذهاب إلى منزل أحد جيرانها بوصف أنها درع بشري في مخيم جنين للاجئين (أ.ب)
في شقتها ببلدة الزبابدة المحتلة بالضفة الغربية عرضت الفلسطينية إيمان عامر صورة تقول إنها تُظهر جنوداً إسرائيليين يجبرونها على الذهاب إلى منزل أحد جيرانها بوصف أنها درع بشري في مخيم جنين للاجئين (أ.ب)
17 يوماً وهو درع بشري
وقال أبو حمدان إنه احتُجز في أغسطس (آب) بعد فصله عن عائلته، وأخبره الجنود بأنه سيساعد في «مهمة خاصة».
وأخبر أنه أُجبر لمدة 17 يوماً على تفتيش المنازل، وفحص كل حفرة في الأرض، بحثاً عن أنفاق، مشيراً إلى أن الجنود وقفوا خلفه، وبمجرد أن اتضح الأمر، دخلوا المباني لإتلافها، أو تدميرها.
وذكر أبو حمدان أنه قضى كل ليلة مقيداً في غرفة مظلمة، ليستيقظ ويفعل ذلك مرة أخرى.
الفلسطيني محمد عامر وزوجته إيمان يجلسان في شقة في بلدة الزبابدة بالضفة الغربية حيث لجآ عندما داهم الجيش الإسرائيلي مخيم جنين للاجئين (أ.ب)
الفلسطيني محمد عامر وزوجته إيمان يجلسان في شقة في بلدة الزبابدة بالضفة الغربية حيث لجآ عندما داهم الجيش الإسرائيلي مخيم جنين للاجئين (أ.ب)
«بروتوكول البعوض»
واستخدام الدروع البشرية «انتشر كالنار في الهشيم»، وبحسب جماعات حقوق الإنسان فإن إسرائيل استخدمت الفلسطينيين على أنهم دروع في غزة والضفة الغربية لعقود. حظرت المحكمة العليا هذه الممارسة عام 2005. لكن المنظمات استمرت في توثيق الانتهاكات.
ومع ذلك، يقول الخبراء إن هذه الحرب هي المرة الأولى منذ عقود التي تنتشر فيها هذه الممارسة -والنقاش الدائر حولها- على هذا النحو.
قال الجنديان الإسرائيليان اللذان تحدثا إلى لـ«أسوشييتد برس»، وثالث أدلى بشهادته لمنظمة «كسر الصمت» إن القادة كانوا على دراية باستخدام الدروع البشرية، وتسامحوا معه، حتى إن بعضهم أصدر أوامر بذلك.
وقال البعض إنه أُطلق عليه اسم «بروتوكول البعوض»، وإن الفلسطينيين أُطلق عليهم أيضاً اسم «الدبابير»، وغيرهما من المصطلحات المهينة.
وقال الجنود، الذين لم يعودوا يخدمون في غزة، إن «هذه الممارسة سرّعت العمليات، ووفرت الذخيرة، وجنبت الكلاب القتالية الإصابة، أو الموت».
وأوضح الجنود أنهم أدركوا لأول مرة استخدام الدروع البشرية بعد وقت قصير من اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما هاجمت «حماس» إسرائيل، لافتين إلى أن هذه الممارسة انتشرت على نطاق واسع بحلول منتصف عام 2024.
وفقاً للضابط الذي تحدث إلى «أسوشييتد برس»، فإن «أوامر (إحضار بعوضة) كانت تأتي غالباً عبر الراديو، وهي اختصار يفهمه الجميع. وكان الجنود ينفذون أوامر الضباط القادة».
وقال الضابط البالغ من العمر 26 عاماً إنه بحلول نهاية الأشهر التسعة التي قضاها في غزة، كانت كل وحدة مشاة تستخدم فلسطينياً لإخلاء المنازل قبل الدخول.
وأضاف: «بمجرد أن بدأت هذه الفكرة انتشرت كالنار في الهشيم. رأى الناس مدى فعاليتها، وسهولة تطبيقها».
ووصف اجتماعاً تخطيطياً لعام 2024، حيث قدم قائد لواء لقائد الفرقة شريحة مكتوباً عليها «إحضار بعوضة»، واقتراحاً بأنهم قد «يصطادون واحدة من الشوارع».
كتب الضابط تقريرين عن الحادث إلى قائد اللواء، يُفصّل فيهما استخدام الدروع البشرية، وقال إنهما كانا سيُرفعان إلى قائد الفرقة.
وتابع: «وثّق أحد التقارير مقتل فلسطيني عن طريق الخطأ، ولم تدرك القوات أن وحدة أخرى كانت تستخدمه على أنه درع، وأطلقت النار عليه أثناء ركضه إلى منزل. أوصى الضابط بارتداء الفلسطينيين ملابس الجيش لتجنب الخطأ في التعرف عليهم».
وقال إنه يعرف فلسطينياً آخر على الأقل توفي أثناء استخدامه على أنه درع، فقد أغمي عليه في نفق.
توسلوا لتحريرهم دون جدوى
وتحدث رقيب في الجيش الإسرائيلي، شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، كاشفاً أن القوات استخدمت فتى يبلغ من العمر 16 عاماً، ورجلاً يبلغ من العمر 30 عاماً لبضعة أيام.
وقال إن الصبي كان يرتجف باستمرار، وكلاهما يردد «رفح، رفح»، أقصى مدينة في جنوب غزة، حيث فر أكثر من مليون فلسطيني من القتال لأماكن أخرى في تلك المرحلة من الحرب، وأضاف: «بدا أنهما يتوسلان لتحريرهما».
أما مسعود أبو سعيد، فقال إنه استُخدم على أنه درع لمدة أسبوعين في مارس (آذار) 2024 في مدينة خان يونس الجنوبية، وقال إنه توسل قائلاً: «لدي أطفال».
وروى أنه قال لجندي: «هذا أمر خطير للغاية. لدي أطفال، وأريد أن ألتقي بهم».
وأخبر الرجل البالغ من العمر 36 عاماً بأنه أُجبر على دخول منازل، ومبانٍ، ومستشفى لحفر أنفاق مشتبه بها، وتطهير المناطق. وأشار إلى أنه كان يرتدي سترة الإسعافات الأولية لسهولة التعرف عليه، وكان يحمل هاتفاً، ومطرقة، وقواطع سلاسل.
وخلال إحدى العمليات، اصطدم بأخيه الذي استخدمته وحدة أخرى على أنه درع. تعانقا، قال: «ظننت أن الجيش الإسرائيلي قد أعدمه».
كما أفاد الفلسطينيون بأنهم يُستخدمون بوصف أنهم دروع بشرية في الضفة الغربية.
الفلسطينية هزار استيتي تُقبّل ابنها نزار البالغ من العمر واحداً وعشرين شهراً والذي تحتضنه جدته نازك (أ.ب)
الفلسطينية هزار استيتي تُقبّل ابنها نزار البالغ من العمر واحداً وعشرين شهراً والذي تحتضنه جدته نازك (أ.ب)
وقالت هزار استيتي إن الجنود أخذوها إلى منزلها في مخيم جنين للاجئين في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأجبروها على تصوير عدة شقق داخله وإخلائها قبل دخول القوات.
وروت أنها توسلت للعودة إلى ابنها البالغ من العمر 21 شهراً، لكن الجنود لم يستمعوا.
وأضافت: «كنت خائفة للغاية من أن يقتلوني، وألا أرى ابني مرة أخرى».
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: مخیم جنین للاجئین الجیش الإسرائیلی البالغ من العمر الدروع البشریة بالضفة الغربیة هذه الممارسة أسوشییتد برس على أنه درع وهی مجموعة أبو حمدان کسر الصمت إلى منزل وقال إن عام 2024 إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
فلسطيني يروي كيف استخدمه جنود الاحتلال درعا بشرية في شمال غزة
قال المعتقل الفلسطيني السابق طلال الزعانين إن جيش الاحتلال كان يستخدمه ومعتقلين آخرين دروعا بشرية خلال العمليات العسكرية في شمال قطاع غزة.
وأضاف -في مقابلة مع قناة الجزيرة- أن قوات الاحتلال نقلته هو ونحو 50 معتقلا -بينهم نساء أطفال- من بيت حانون إلى مناطق أخرى قبل أن تطلق سراح غالبيتهم، وتبقي على 7 فقط كان هو واحدا منهم.
وتم ترحيل اثنين من هؤلاء المعتقلين إلى إسرائيل، في حين قامت القوات بعصب أعين الخمسة المتبقين، واصطحابهم إلى أحد البيوت قبل نقلهم في دبابة إلى أحد معسكرات الجيش، كما قال الزعانين.
وفي المساء، تم فك العصابات عن أعين المعتقلين الخمسة وإجبارهم على التحرك مع الجنود إلى بيت حانون شمالا ثم سلموهم طائرات كواد كابتر مسيرة، ووزعوهم على مجموعات للقيام بعمليات التفتيش، حسب الزعانين.
استخدام المعتقلين دروعا بشريةورفض الزعانين ومن معه القيام بعمليات التفتيش لكن الضابط الإسرائيلي أخبرهم بأن "هذا عملهم وسيقومون به"، وفق قوله.
وقام الزعانين بتفتيش الدور الأرضي في إحدى المدارس عند جسر بيت حانون وعندما تأكد من عدم وجود خطر أمره الجنود بالتوجه للأدوار العليا لإكمال عملية التفتيش.
وقال المعتقل -الذي قضى 14 يوما في هذا الوضع- إنه تعرض لإطلاق النار خلال صعوده للأدوار العليا، وإن الضابط الإسرائيلي اتصل بالجندي المرافق له ووبخه لأن أحد المقاتلين كان في المكان وتمكن من الخروج، ثم أمره بمواصلة التفتيش.
إعلانوعندما انتهى الزعانين من تفتيش المدرسة، أمضى ليلته برفقة نحو 50 جنديا في أحد الفصول، وفي الصباح أمروه بدخول منزل آخر، وطلبوا منه تفتيش كل شيء بما في ذلك خزانات وغسالة الملابس، حسب قوله.
وأوضح الزعانين أنهم كانوا يرسلونه للتأكد من عدم وجود ألغام أو متفجرات في المكان بحيث تنفجر فيه هو بينما هم بعيدون عن الخطر.
وقال إن كل من تم اعتقالهم وذهبوا بهم إلى بيت حانون وجباليا والعزبة كانوا يستخدمون دروعا بشرية للجنود، مشيرا إلى أنهم لم يكونوا يفتشون كل البيوت، بل بيوتا محددة يشكون بوجود متفجرات بها.
التعرض للموت
وتعرض الزعانين لإطلاق النار 4 مرات خلال هذه العمليات، ووجد قذيفة في أحد البيوت، فأخبره الجندي الإسرائيلي بأنه رصدها من خلال الكواد كابتر وأنه كان سيقتله لو لم يبلغ عنها.
وأعطت القوة الزعانين مقصا وطلبت منه إبطال مفعول القنبلة، لكنه رفض رغم تهديدهم له ثم طلبوا من معتقل آخر إبطالها فرفض هو الآخر، حسب المتحدث.
وبعد إطلاق سراح الزعانين تم توقيفه من قبل قوة إسرائيلية في بيت حانون فأمر أحد الضباط جنديا بقتله لكن ضابطا آخر سأله عن سبب قدومه للمكان، ثم اتصل بالجيش رقم "40" وعرف منه أنه كان برفقتهم فأمر بإطلاق سراحه.
وقال المعتقل الفلسطيني السابق إنهم أعطوه عكازا لأن قدمه كانت مصابة وشريطا من القماش يلوح به لأي قوة أخرى تقابله في الطريق، مضيفا أنه قابل دبابتين وعندما لوح لهما بالشريط أطلقوا النار عليه.
وأصيب الزعانين برصاصة في كتفه وأخرى في ذراعه، وعندما وصل إلى قوة إسرائيلية في مقر الإدارة المدنية رفضت تقديم العلاج له، وتركوه في الشوارع بعدما جردوه من ملابسه تماما، حتى كادت الكلاب تمزقه.
أوامر عليا
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قالت إنها وثّقت -بشهادات من جنود وضباط في جيش الاحتلال- استخدام المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية في قطاع غزة والضفة الغربية، بأوامر صريحة من قيادات عسكرية عليا.
إعلانوأكدت الوكالة أن هذا الأمر يشكّل جريمة حرب موصوفة يحظرها القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف، وكل المواثيق الدولية.
كما نقلت الوكالة عن ضابط إسرائيلي -لم تكشف عن هويته- أن أوامر استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية "كانت تصدر في الغالب من قيادات عليا، وإن هذا الأسلوب اتبعته تقريبا كل كتيبة ميدانية".
وتحدث جنديان إسرائيليان أيضا عن ممارسات مشابهة، مؤكدين أن استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية بات أمرا شائعا، وأشارا إلى استخدام مصطلحات مهينة في وصفهم.
واعتبرت منظمة "كسر الصمت" وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية، تنشر شهادات جنود سابقين حول انتهاكات الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن هذه الشهادات "لا تمثل حوادث فردية، بل تشير إلى فشل ممنهج وانهيار أخلاقي خطير".