الخليج الجديد:
2025-07-12@15:38:07 GMT

هل باتت فرنسا «ولاية أمريكية» جديدة؟

تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT

هل باتت فرنسا «ولاية أمريكية» جديدة؟

هل باتت فرنسا «ولاية أمريكية» جديدة؟

يعرب مسؤولون فرنسيون سابقون عن خيبة أملهم من تراجع فرنسا وتبعيتها للولايات المتحدة، ويعتقدون أن السيل وصل الزبى مع الرئيس الحالي ماكرون.

فقدت فرنسا كل مبادرة سياسة في العلاقات الخارجية، وأصبحت مجرد تابع ومطيع لمبادرات واشنطن، وتفاقم هذا بعد طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023.

فرنسا تنسلخ عن استقلاليتها وتنخرط في تأييد سياسة أمريكا وإسرائيل منذ وصول ساركوزي الصهيوني للرئاسة بينما يبدو ماكرون كأنه عضو في حزب ليكود.

ولهذا، ليس من باب المبالغة القول بأن ماكرون وكأنه عضو في حزب ليكود الإسرائيلي أو جعل من فرنسا «ولاية أمريكية جديدة»، وهذه المرة في قلب أوروبا.

من كان يعتقد في فرنسا العلمانية، أن رئيسها عشية اليوم الوطني للعلمانية الذي يحتفل به بموجب قانون 1905 سيسمح بإضاءة شمعة عيد الحانوكا اليهودي في قصر الإليزيه، تخليدا لذكرى مستوطنين لقوا حتفهم في طوفان الأقصى؟!

* * *

«فرنسا ولاية أمريكية جديدة»، نعم هذا هو العنوان المناسب لسياسة باريس خلال العقدين الأخيرين، منذ رئاسة نيكولا ساركوزي إلى الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، حيث فقدت فرنسا كل مبادرة سياسة في العلاقات الخارجية، وأصبحت مجرد تابع ومطيع لمبادرات واشنطن، وتفاقم هذا بعد طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ومنذ الحرب العالمية الثانية، رسمت فرنسا لنفسها مع رؤساء مثل شارل ديغول إلى جاك شيراك مكانة خاصة في العلاقات الدولية. ورغم انتمائها إلى الغرب، فقد كانت دائما تأخذ مسافة من السياسة التي تنهجها الدول الأنكلوسكسونية، خاصة الولايات المتحدة، وتفضل التميز عبر استقلالية قرارات تسببت لها في مشاكل كبيرة مع شركائها الغربيين.

وحظيت فرنسا باحترام كبير خلال حقبة الرئيس جاك شيراك، لاسيما في حرب العراق عندما وقف وزير خارجيته آنذاك دومينيك دو فيلبان في مجلس الأمن خلال منتصف فبراير/شباط 2003 في وجه واشنطن ولندن، ونفى أن يكون للعراق علاقة بتنظيم «القاعدة» أو يتوفر على أسلحة كيماوية، رافضا الحرب على هذا البلد العربي، ومحذرا من أن «اللجوء المبكر للخيار العسكري ستكون له عواقب وخيمة للبشر وللمنظمة وللاستقرار الدولي».

وتبين للعالم صحة هذا الكلام من تدمير العراق وقتل مليون من أبنائه، وكيف ظهرت الحركات المسلحة والإرهابية منها ليدخل الشرق الأوسط أحد أسوأ فترات تاريخه الحديث.

كما حظيت باحترام الفلسطينيين، لأن موقف باريس كان هو أن أمن إسرائيل مرتبط بحقوق الفلسطينيين، ورفع شيراك هذا الشعار طيلة حياته السياسية، لاسيما عندما كان وزيرا أولا ثم رئيسا للجمهورية.

غير أن فرنسا الرسمية بدأت تنسلخ عن استقلاليتها نحو الانخراط في تأييد السياسة الأمريكية والإسرائيلية بشكل لافت، وحدث هذا منذ وصول نيكولا ساركوزي إلى رئاسة البلاد، الذي كان صهيونيا في مواقفه، ثم مرحلة التراجع الصامت إبان عهد الرئيس فرانسوا هولاند، بينما يبدو إيمانويل ماكرون وكأنه عضو في حزب الليكود وليس رئيس دولة أوروبية.

تفيد الصحافة الفرنسية ومنها «لوموند» كيف يسيطر القلق وسط الدبلوماسية والاستخبارات الفرنسية من سياسة ماكرون المنخرطة في مخططات رئيس الكيان بنيامين نتنياهو. فمن جهة، ترى كيف تفقد فرنسا كل مصداقيتها أمام الشعوب العربية، بل حتى أمام جزء من العالم، وما قد يترتب عن هذه المواقف من أعمال إرهابية مستقبلا ضد المصالح الفرنسية.

ويبرز خبراء الدبلوماسية والاستخبارات في باريس، أن موقف فرنسا كان يجب أن يكون الدفاع عن هدنة ووقف إطلاق النار، بدل تأييد حرب اتخذت مجرى الإبادة. وارتأى الرئيس ماكرون اتخاذ مواقف مختلفة، من كان يعتقد إقدامه على المطالبة بائتلاف دولي لمواجهة حماس على شاكلة ائتلاف مواجهة «داعش» رغم اختلاف السياق السياسي والتاريخي.

موقف يدل على احتقاره للتاريخ الدبلوماسي والاستخباراتي الفرنسي، حيث كانت الدبلوماسية والاستخبارات، تلحان على ضرورة لعب باريس دور الوسيط والمحاور بين الغرب والفلسطينيين.

من كان يعتقد أنه سيتراجع صاغرا بعد تنبيه من إسرائيل بأن تصريحاته لقناة «بي بي سي» البريطانية بشأن ضرورة تفادي وقوع ضحايا في صفوف المدنيين غير مناسبة، وهو الذي يرى كيف أن الكيان ضرب بشكل همجي المستشفيات والمدارس.

من كان يعتقد أنه في فرنسا التي تدافع عن العلمانية، سيقوم رئيسها عشية اليوم الوطني للعلمانية (الخميس الماضي) الذي يتم الاحتفال به بموجب قانون 1905 سيسمح بإضاءة شمعة عيد الأنوار اليهودي (الحانوكا بالعبرية) وسط قصر الإليزيه، تخليدا لذكرى المستوطنين الذين لقوا حتفهم في عملية طوفان الأقصى، وفي تجاهل لقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني أغلبيتهم من الأطفال.

وعلق المحلل السياسي جان بيير بيران، أن الوقت لم يكن مناسبا للقيام باحتفال كهذا، علما أن «مبدأ الفصل بين الدين والسياسة في فرنسا أمر مقدس للغاية، ويجب عدم المساس به ولا يقبل الاستثناءات مهما كانت الظروف».

والواقع أن تصرفات ماكرون ليست بالمفاجئة، فهو رئيس يفتقر للنضج السياسي العميق، فقد بدّد تراث فرنسا الدبلوماسي، بل لم يتردد في ما يعتبره خبراء فرنسا خيانة بلاده، عندما باع سنة 2014 عندما كان وزيرا في حكومة فرانسوا هولاند للشركة الأمريكية جنرال إليكتريك فرع الطاقة التابع لشركة «ألستوم» الفرنسية.

وهي الشركة التي تصنع توربينات الغواصات النووية وقطع حساسة في الصناعة النووية، وأصبحت الآن رهينة السياسة الأمريكية، كما باع معطيات الفرنسيين لشركات أمريكية، وهي ملفات توجد تحت أنظار القضاء. الحديث عن تراجع فرنسا على المستوى الدولي، هو بالضرورة الحديث عن ضعف الرؤساء الذين تناوبوا على رئاسة الجمهورية منذ ساركوزي إلى ماكرون، وبدوا مثل منتوج "تسويق" سياسي رخيص، حيث افتقدت باريس معهم للاستقرار في رؤيتها للكثير من قضايا العالم.

وأصبح الشغل الشاغل لهؤلاء الرؤساء هو إرضاء أمريكا بعد غضبها الشديد على باريس بسبب موقف جاك شيراك من حرب العراق. ورغم حديث هؤلاء الرؤساء عن ضرورة تعزيز دور فرنسا ودور الاتحاد الأوروبي في المشهد السياسي العالمي، فهم طبقوا سياسة معاكسة.

ويعرب مسؤولون فرنسيون منهم وزير الخارجية الأسبق دومينيك دو فيلبان ومدير الاستخبارات الخارجية آلان جوبيه، عن خيبة أملهم في تراجع فرنسا وتبعيتها للولايات المتحدة، ويعتقدون أن السيل وصل الزبى مع الرئيس الحالي ماكرون. ولهذا، ليس من باب المبالغة القول بأن ماكرون وكأنه عضو في حزب ليكود الإسرائيلي أو جعل من فرنسا «ولاية أمريكية جديدة»، وهذه المرة في قلب أوروبا.

*د. حسين مجدوبي كاتب وباحث مغربي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا فرنسا إسرائيل ليكود ديغول شيراك ماكرون ساركوزي ولاية أمريكية ولایة أمریکیة طوفان الأقصى عضو فی حزب

إقرأ أيضاً:

محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق

سيول "أ ف ب": أصدرت محكمة كورية جنوبية مذكرة توقيف في حق الرئيس السابق يون سوك يول بسبب محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية في ديسمبر 2024 على ما ذكرت وكالة يونهاب للأنباء.

وأصدر نام سي-جين القاضي في محكمة منطقة سيول الوسطى المذكرة خشية من أن يتمكن الرئيس السابق من إتلاف أدلة، وأمر بسجنه للمرة الثانية على ما أوضحت الوكالة.

وكان يون أول رئيس كوري جنوبي يتم توقيفه وهو في منصبه في يناير قبل أن يفرج عنه بعد إلغاء محكمة مذكرة التوقيف الصادرة في حقه.

وقد عزل رسميا من منصبه في أبريل لفرضه الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر ونشره الجيش في البرلمان.

وحضر الرئيس السابق ومحاموه جلسة الأربعاء ورفضوا كل الاتهامات، واقتيد من بعدها إلى مركز توقيف في سيول يقع في منطقة اويان في جنوب العاصمة بانتظار قرار المحكمة على ما ذكرت الوكالة.

وبعد صدور مذكرة التوقيف الخميس، وضع يون البالغ 64 عاما في زنزانة انفرادية في المركز حيث يمكن توقيفه مدة 20 يوما فيما يعد المدعون العامون لتوجيه التهمة إليه رسميا.

وقال يون بوك-نام رئيس جمعية المحامين من أجل مجتمع ديموقراطي لوكالة فرانس برس "في حال توجيه الاتهام إلى يون قد يبقى مسجونا مدة ستة أشهر بعد توجيه الاتهام إليه".

وأضاف "نظريا، الإفراج الفوري ممكن لكن في هذه الحالة يشدد المدعي العام الخاص على أن خطر إتلاف أدلة يبقى مرتفعا وعلى أن الاتهامات مدعومة بشكل متين".

وخلال جلسة الأربعاء، أكد الرئيس السابق إنه بات يكافح "بمفرده" على ما ذكرت وسائل إعلام محلية.

وقال يون "المدعي العام الخاص يحمل أيضا على محاميي" مشيرا إلى أنهم "ينسحبون الواحد تلو الآخر، وقد اضطر قريبا إلى أن أواجه بمفردي".

وخلال الجلسة، انتقد فريق يون القانوني طلب التوقيف معتبرا أنه غير منطقي ومشددا على أن الرئيس السابق عُزل "ولم يعد يتمتع بأي سلطة".

في 25 يونيو، رفضت المحكمة طلبا سابقا بإصدار مذكرة توقيف بطلب من النيابة العامة، بعدما رفض يون في البداية المثول أمام المحكمة لاستجوابه.

وطلب مجلس خاص مكلف التحقيق في الأحكام العرفية التي فرضت لفترة وجيزة في ديسمبر، مجددا الأحد إصدار مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق.

في ديسمبر، قرر يون فرض الأحكام العرفية بموجب مرسوم معللا ذلك بتعطيل الميزانية في البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة وبحماية البلاد من "قوى شيوعية كورية شمالية" و"القضاء على العناصر المناهضة للدولة".

وأثار قراره المدعوم من قادة روحيين وناشطين يمنيين متطرفين عبر يوتيوب، أزمة سياسية غير مسبوقة في كوريا الجنوبية. وبموجب القرار، منعت النشاطات السياسية وانتشر الجيش في البرلمان.

لكن بعد ساعتين على ذلك، تمكن نحو 190 نائبا من الوصول إلى البرلمان وقد تسلق بعضهم السياح، فيما كان آلاف الأشخاص في الخارج يطالبون برحيل الرئيس.

مقالات مشابهة

  • «بين أحلام باريس وتاريخ لندن».. من يحصد لقب المونديال في «صراع العواصم» بين تشيلسي وسان جيرمان؟
  • موهبة عربية واعدة فى باريس سان جيرمان .. من هو محمد الأمين الإدريسي؟
  • غائبة رغم شح المياه.. هل باتت الزراعة العمودية ضرورة للعراق؟
  • ماكرون يدعو إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطين من جانب باريس ولندن
  • عاجل. ماكرون يدعو إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطين من جانب باريس ولندن
  • محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق
  • ماكرون وستارمر يعززان تحالف الردع النووي.. وقناة بريطانية تقطع خطاب الرئيس الفرنسي!
  • رسوم جمركية أمريكية جديدة على ثلاث دول عربية
  • مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس الكوري الجنوبي السابق يون سوك يول
  • ماكرون وستارمر يتفقان على رادع جديد لقوارب الهجرة