Sudan: Romancing the Gun

عبد الله علي إبراهيم

حملت رشا عوض على حركات دارفور المسلحة في مقال لها في مارس الماضي. فقالت إنها مجرد تمردات لا ثورات برؤية للتغيير. وأضافت أنها كانت "من أشرس المدافعين عن هذه الحركات المسلحة من باب الانحياز الصادق للمهمشين" لتعترف، وقد رأت مآلات الحركات المسلحة، بأنها أخطأت في الدفاع عنها في الماضي دون أن "تتفحص بدقة مدى تأهيلها الأخلاقي والفني لنصرة قضايا المهمشين".

وقلت أمس إن اعتذارها هذا غير كاف. فهو مثل التملص عن خطأ دام لعقود ولم يكبد البلاد وأهلها الويلات فحسب، بل وهذه الحرب العبثية (كما قد تصفها) أيضاً التي من ثماره المرة البليغة. وأكثر سبب رشا لهذا الانقلاب على حركات دارفور هو اعتزالها الثورة وقدومها لميدانها متأبطة العسكريين. وما كان المحري فيها بعد زمالة نضالية لعقدين من الزمان. وطلبت منها بدلاً الاعتذار السهل عن خطأ فادح ماحق أن تفرغ لمحاكمة تكتيكاتهم خلال معارضة الإنقاذ وسياساتهم التي أعمتهم عن كساد هذه الحركات حتى استبانوا عوارها ضحى الغد. وقلت إن هذا باب للنقد الذاتي طلباً للشفافية لإصلاح حركة سياسية حداثية مدنية ديمقراطية تاريخية أمامها ليومنا خياران: أن تستنقذ نفسها من ركاكتها طوال عقود الإنقاذ وما قبلها مما اعتذرت عنه رشا، أو الانتحار. وأخشى أن تكون هذه الحركة منخرطة ليومنا في ارتكاب الخيار الأخير.
فلم يغب نقد الحركات طوال ما ناضلت الإنقاذ. كان هناك من ظل يلح على معارضي الإنقاذ أن يأخذوا الحركات المسلحة بالشدة بعد التضامن معها. أنا مثلاً لم أكف عن نقد حركات دارفور المسلحة. ومن ذلك أنني كتبت كلمة في الإنجليزية لدى سماعي عن زيارة السيد مني مناوي، قائد حركة تحرير السودان، جناح مني، إلى فرنسا وهولندا في إبريل ٢٠١٤. وكان قبل سفره لهما أحدثت قواته خراباً كثيراً في شمال دارفور. فكتبت احتج باسم الديمقراطيين السودانيين على البلدين الأوربيين ترحيبهما بمثله وهو من تضرر أهله بحربه أكثر من الحكومة. وذكرت في السياق احتجاجي في ١٩٨٨ على ألمانيا الاتحادية لدعوتها للعقيد جون قرنق لمخاطبة برلمانها وهو الذي لم يكلف خاطره النزول في انتخابات لبرلمان بلده في ١٩٨٦ بذرائع. وسميت ترحاب الغرب بمسلحين مثل قرنق ومناوي "الفرح بالسلاح" المغامر وعواقبه وخيمة. وأردت نشر كلمتي عن مني بالواشنطن بوست ولم أوفق.
وأدناه نص الكلمة تالياً.

• In 1988, I made a forlorn visit to the Embassy of the Federal Republic of Germany in Khartoum. I wanted to deliver a note protesting a scheduled appearance of Colonel John Garang de Mobior, the charismatic leader of the Sudan Liberation Movement/Army (SPLM/A), before the German Bundestag. I reasoned in my petition that giving audience in a democratically elected body to a boycotter of democracy at home would send a dispiriting message to Sudanese democrats. Hopes of these democrats hinged on Garang contesting the 1986 elections to use his electoral weight in the then southern Sudan region to tip the balance for the secular agenda of the 1985 popular uprising that ousted President Nimerie after 17 years of personal rule.
• To the dismay of Sudanese democrats Garang decided to boycott the 1986 elections claiming that it would only bring the same old “traditional parties” and their ugly ways. He would rather continue the fight to implement a “new democracy” altogether. Having to fight a war in addition to putting in order the country after a long dictatorship, the restored democratic system ran amok. A veteran politician described its sorrowful state as a discarded bone that dogs can grab it undeterred. In 1989, a military coup, allegedly instigated by an Islamist party, put the system to rest. Sixteen years later Garang would be signing a comprehensive peace agreement with this military regime that led to the creation of two Sudans in 2011.
• This dangerous romancing of the gun came back to me with the news of the visit paid by Mani Arko Manawi, the rebel leader of the Sudan Liberation Front-Darfur, in April to Holland and France. I was stunned to see him granted visas to these countries when the trail of tears he left behind in Darfur, presently in a Hobbesian state of war of all against all, is still raw. On the second and again on the thirteenth of March his forces attacked four villages in Northern Darfur State. Reports on the destruction of government and services installations in these villages aside, the attacks are especially criticized for being motivated by ethnic prejudice and for causing students and families immense hardships at final exams time. The Berti people, the dominant community in the villages, believe that Manawi targeted them to settle scores with Osman Kibir, the Berti governor of the state. In fact, an attempt on Kibir’s life was made and failed in the context of these attacks. Worse still, some would view the attacks as being executed in alliance with Musa Hilal, the infamous leader of the Janjaweed of the mid-2000s. The Berti are frustrated for being targeted wholesale for having the governor of the state from their rank.
• Unfortunately, the attacks came at the wrong time for the students sitting entrance exams to various levels of education. The insecurity in the villages caused the government to postpone the finals until alternative centers were established in government-controlled towns. Make-shift halls and dorms were built; UNICEF provided the bathrooms, the government mosquito nets, and some NGOs donated food for 10 days.
• A story reported by the press about Aziza Ahmed Muhammad of one of these villages is graphic in showing the hardship students went through during the finals season. Aziza did not want to miss the exam or be sent far away to the state capital to take the exam. Instead, she chose to travel to Dien, the nearby capital of Eastern Darfur state. It took her three hours walking to get to the nearest bus depot. She reached Dien one day late to miss out on the test on the Glorious Quran.
• Not unlike Garang’s invitation to address the Bundestag, Manawi’s free entry to European capitals in the aftermath of his destructive campaign in Darfur sends an unsettling message to civil society activists who never gave up on restoring democracy by peaceful, popular means like they did in 1964 and 1985. Embracing violence, in Ursula K. Le Guin, is to lose everything else. In courting rebels, Western well-intended, unnervingly long, and pricey projects to bring peace to Sudan have been losing everything else. The on-going genocidal wars in South Sudan are a tragic proof that espousing violence comes with a heavy price tag. The mayhem in the new country underscores the need to disengage, blacklist, and sanction rebels like Manawi who harass and hurt civilians irrespective of the justice of their cause. I am gladdened that Samantha Power, the US ambassador to the United Nations and an ardent supporter of the creation of South Sudan, is not averse now to impose sanctions against “political spoilers and those who target civilians.”



[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنها

قال موقع "ميديا بارت" إن مطالب المجتمعات النيجيرية، التي كانت ضحية لعنف الجيش الفرنسي عام 1899، بالاعتراف بالجرائم الاستعمارية والتعويض، لم يكن واردا بالنسبة لباريس، في سياق القطيعة الدبلوماسية الحالية مع نيامي.

وأوضح الموقع -في تقرير بقلم ريمي كارايول- أن فرنسا بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون كانت قادرة على فتح أرشيفاتها والاعتراف ببعض جرائمها الاستعمارية، كما حدث في الجزائر والكاميرون والسنغال في السنوات الأخيرة، ولكن ليس في جميع الظروف، ولا مع كل الجهات.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزةlist 2 of 2لوتان: كفى وعودا فارغة ولا بد من مواجهة مسرح الموت في غزةend of list

وقد ردت الحكومة الفرنسية بحزم على نيجريين يدعون أنهم من ذرية ضحايا "بعثة أفريقيا الوسطى"، المعروفة أيضا باسم "فرقة فوليه-شانوان" التي زرعت الرعب عام 1899 على الطريق المؤدي إلى بحيرة تشاد، وأوضحت أنها لن تمتثل لطلباتهم المتعددة، باستثناء طلب استعادة القطع المنهوبة خلال عملية الغزو هذه.

منذ الانقلاب ومغادرة الجيش الفرنسي للنيجر انقطع الاتصال بشأن الإرث الإنساني الفرنسي في النيجر (الجزيرة)

وأكدت الدبلوماسية الفرنسية في نهاية رسالة موجهة إلى مقرري الأمم المتحدة، الذين نقلوا إليها شكوى النيجر في رسالة رسمية قبل شهرين، أن "فرنسا تبقى منفتحة على الحوار الثنائي مع السلطات النيجرية، وعلى أي تعاون في مسائل البحث عن المنشأ أو التعاون في مجال التراث"، أما بالنسبة لبقية الطلبات، فليست لدى السلطات الفرنسية أي نية لمتابعتها، لا إعادة تأهيل النصب التذكارية، ولا التعويضات.

لا تعترف بارتكاب جريمة

وقد طلب مقررو الأمم المتحدة من فرنسا "بموجب الصلاحيات الممنوحة لهم من قبل مجلس حقوق الإنسان"، تزويدهم بمعلومات عن التدابير المتخذة لإثبات "حقيقة الوقائع"، والاعتذار العلني، وتقديم تعويضات للضحايا، فردت بعموميات لا تكاد تخفي تقاعسها، ووصفت اتهامات النيجريين بأنها مجرد "ادعاءات".

إعلان

بعد ذلك انقطعت العلاقة مع النيجر منذ عامين عقب استيلاء الجيش على السلطة في نيامي يوم 26 يوليو/تموز 2023، وطرد الجيش الفرنسي من البلاد، وكذلك شركة أورانو النووية العملاقة، وأغلقت السفارة الفرنسية، وعلقت فرنسا الحوار على إطلاق سراح الرئيس المخلوع محمد بازوم وعائلته، ودعت للعودة السريعة إلى النظام الدستوري.

بيد أن حسيني طاهر أمادو، وهو أحد قادة مجموعة مجتمعات النيجر من أجل العدالة التصالحية التي تمثل مجتمعات من 6 مناطق دمرها جيش التحرير الشعبي، لم يجد في الرد الفرنسي ما يرضي طموحات مجتمعاته، وقال إن فرنسا "لا تعترف حتى بارتكاب جريمة، رغم أن كل شيء موثق من قِبل الضباط الفرنسيين".

وذكر التقرير بأن جيش التحرير الشعبي نشر في يناير/كانون الثاني 1899 من أجل الاستيلاء على الأراضي الواقعة شرق بحيرة تشاد، قبل البريطانيين والألمان والأتراك، ووضع تحت قيادة ضابطين، هما النقيب بول فوليه والملازم جوليان شانوان، اللذان "برزا" أثناء الاحتلال العنيف لبلاد الموسي في بوركينا فاسو، وكتب شانوان آنذاك أن هؤلاء الناس "برابرة لا يفهمون إلا القوة".

لم يكن عنف مهمة فوليه-شانوان سوى نسخة مضخمة من الممارسات الشائعة آنذاك. الأرتال الضخمة التي كانت تقتات على البلاد، وتترك الجرحى والمرضى على الطرق، وتطلق النار على الهاربين، وتطلق المدافع على القرى، وتحرقها بالكامل

بواسطة كامي لوفيفر

مجازر

منذ اللحظة التي بدأ فيها جيش التحرير الشعبي زحفه فيما يعرف الآن بغرب النيجر، تميز هذا الرتل الضخم الذي بلغ عدده نحو 1700 شخص، بينهم 8 أوروبيين، و600 جندي، و800 حمال، وما بين 200 و400 امرأة، بعنفه الشديد، حيث كانت القوات تتغذى "على الأرض"، حسب تعبير الجيش الذي نقلته المؤرخة كامي لوفيفر في كتابها "بلاد الشفق.. لحظة الاحتلال الاستعماري".

وسرد التقرير عددا من المجازر المتتالية في عدد من المدن والقرى قتلت خلالها أعداد كبيرة من السكان، وكان أعنفها مذبحة بيرنون كوني، حيث قتل نحو ألف شخص واختطفت مئات النساء والفتيات، وأعلن الفرنسيون في برقية بعد "الاستيلاء" على هذه المدينة أن "العدو صمد رغم القصف المدفعي العنيف. قرية صغيرة يسكنها 600 نسمة. كلفنا الهجوم قتيلين و14 جريحا. قتل جميع السكان، وأُحرقت القرية".

وكتبت كامي لوفيفر "لم يكن عنف مهمة فوليه-شانوان سوى نسخة مضخمة من الممارسات الشائعة آنذاك. الأرتال الضخمة التي كانت تقتات على البلاد، وتترك الجرحى والمرضى على الطرق، وتطلق النار على الهاربين، وتطلق وابلا من الرصاص على السكان المدنيين، وتطلق المدافع على القرى، وتحرقها بالكامل، كانت ظواهر متكررة".

ورغم أن الأمر كان فضيحة في فرنسا وأن تحقيقا فتح داخل الجيش، فلم يقدم أي ضابط للعدالة، ولم يقدم أي اعتذار علني، ولكن صدر أمر للمقدم جان فرانسوا كلوب بمتابعة المهمة وتولي قيادة الفرقة، ولكنه أعدم وهو على رأس الفرقة، وبعد 3 أيام قتل فوليه وشانوان على يد قواتهما.

إعادة اكتشاف

ورغم كل هذا لم تكن لدى حسيني طاهر أمادو كالعديد من النيجيريين، سوى معرفة سطحية بجرائم فرقة فوليه-شانوان عندما التقى بالكاتب البريطاني روب ليمكين عام 2014، حين كان يدرس التاريخ في إحدى المدن التي دمرها الفرنسيون، وكان ليمكين ينتج فيلما وثائقيا لهيئة الإذاعة البريطانية عن هذه المهمة.

إعلان

يقول حسيني طاهر أمادو "اكتشفت الكثير من الأشياء التي لم أكن أعرفها، والتي لم يكن يعرفها الكثير من النيجيريين مع أن هذه الحادثة موثقة بشكل واف، ومن هنا ولدت فكرة الشكوى، التي قدمت عام 2021".

ومثل ليمكين في فيلمه الوثائقي، تشير لوفيفر إلى أن عنف هذه الفرقة تسبب في "صدمة عميقة" في المناطق المتضررة، كتبت مجموعة المدعين أن " آثار الانتهاكات التي تعرضوا لها تجاوزت الأذى الجسدي والنفسي الذي لحق بالضحايا المباشرين، لتشمل أضرارا مادية جسيمة وصدمات نفسية متوارثة عبر الأجيال أثرت على أحفادهم".

وختم الموقع بأن حسيني طاهر أمادو يصر على أنه "يجب أن نحيي ذكرى هذه الجرائم بالكشف عنها. كما يجب علينا أيضا إصلاح ما ترتب عن هذه الجرائم، بإعادة المسروقات، مع الحاجز إلى تعويضات مالية، بشكل أو بآخر".

مقالات مشابهة

  • مناوي يطالب “الأمم المتحدة” باتخاذ هذا الإجراء…
  • عبد المنعم سعيد: مصر لها أولوياتها الوطنية وحركات التحرر الفلسطينية لم تحقق أهدافها
  • ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
  • النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنها
  • سأحدد متى ستكون لحظة المواجهة مع مناوي
  • يمكن أن يتواصل مناوي مع الجنجويد لإبقائهم في دارفور إن أراد هو
  • عمر فاتح مرشح الديمقراطيين لعمدة مينيابولس
  • وقفة احتجاجيّة في بورتسودان
  • عائشة الماجدي: أعقل يا مناوي عيب والله
  • داخل قوات مناوي ليس هناك رصيد تعاطفي يمكن أن ينقذ “ال دقلو” من غضب جنود المشتركة