كتاب ونقاد يناقشون مسارات الرواية الجاذبة في معرض جدة للكتاب
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
الثقافية_ متابعة علي بن سعد القحطاني
ناقشت ندوة “دع الرواية تتحدث” المقامة ضمن البرنامج الثقافي لمعرض جدة للكتاب 2023، مسارات الرواية التي من شأنها جذب القارئ نحو القراءة الممتعة، والزمن الذي تستغرقه كتابة الرواية، إضافة إلى أهمية النقد في الرواية، والقواعد الأساسية التي يبني عليها الكاتب روايته.
وانطلقت الندوة بحديث الكاتبة العراقية حوراء النداوي عن أهمية النقد في الرواية، مبينة أنها افتقدت الناقد الحقيقي لرواياتها، إذ إن حديث النقاد كان إما مجاملة وإطراء، أو نقدًا مسيئًا موجهًا لا يناقش أسس الرواية، مستشعرة ذلك من خلال العبارات التي ينتقيها المنتقدون.
وبينت النداوي أن الرواية تحتاج إلى زمن ليس بالقصير قبل نشرها، حيث إن الرواية بعد إغلاقها تحتاج إلى مراجعات مستفيضة، مستعرضة تجربتها في زمن كتابة روايتها التي دخلت ترشيحات البوكر العربي، بأنها استغرقت عامًا كاملًا من المراجعة، بعد أن انتهت من كتابتها، مضيفة أن ذائقة المتلقي هي من تحدد عظم الرواية المطروحة بين يديه، وما إذا كانت ممتعة بالنسبة له أم لا.
من جهتها أوضحت الكاتبة الروائية المصرية الدكتورة رشا سمير أن كتابة الرواية تختلف عن كتابة القصة، وكلا الكتابتين تخضع لقواعد تحدد مسارهما، مفيدة بأن كتابة الرواية التاريخية هي من أصعب أنواع الروايات كتابة؛ وذلك لأن الكاتب يجب أن يبحر في قراءة تاريخ الشخصيات والأحداث التاريخية والوقائع، معتبرة أن الناقد الأول هو جمهور القراء، وأن أي أخطاء في السرد التاريخي أو انقطاع بأحداثها يتسبب في عزوف القراء عن قراءة كتب الراوي.
بدوره أفاد الكاتب والناقد الدكتور عبدالله العقيبي بأن زمن كتابة الرواية ليس له أهمية مقابل أن يكون المحتوى ثريًّا بالنسبة للمتلقي، مشددًا على أهمية قراءة كتب النقد الروائي قبل كتابة الرواية؛ لأنها تعد خارطة الطريق للكاتب أو الروائي المبتدئ؛ لما تحتويه من قواعد وأسس وفنون الكتابة الصحيحة، ومبيناً أنه من المهم أن يطرح الراوي سؤالاً على نفسه وهو: من هو المروي له؟
اقرأ أيضاًالمجتمعمهرجان الملك عبدالعزيز يُعلن مواعيد تسجيل الصقور المشاركة بمسابقة المزاين
يذكر أن هيئة الأدب والنشر والترجمة، مكنت زوار معرض جدة للكتاب 2023 من الاستمتاع ببرنامج ثقافي ثري، يشمل 31 ندوة ثقافية و8 محاضرات في جلسات نقاش مع المؤلف في “حديث الكتاب”، و9 عروض مسرحية، وعدداً من الأمسيات الشعرية، وورش العمل، التي يشارك بها نخبة من المختصين في الكثير من المجالات المعرفية، والتطويرية، فيما يستمرّ المعرض في استقبال زوّاره يوميًّا في أجواء مليئةٍ بالأدب والثقافة والمعرفة، حتى السبت القادم 16 ديسمبر الجاري.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية کتابة الروایة
إقرأ أيضاً:
كنوز الجبال.. فرصٌ مؤجَّلة تنتظر الإحياء
حمود بن سعيد البطاشي
في عُمق الجبال العُمانية؛ حيث تتشابك مسارات الريح مع ذاكرة المكان، تختبئ كنوز لا تقل قيمة عن أي مورد اقتصادي آخر، لكنها ما تزال تنتظر من يمدّ إليها يد الحياة. وبينما تتسارع خطوات سلطنة عُمان نحو تنويع مصادر الدخل والتركيز على السياحة كأفق استراتيجي واعد، تبدو بعض القرى وكأنها خارج خارطة الاهتمام، رغم أنها تحمل ما لا تحمله المدن من تنوّع جغرافي وثقافي وجمالي. هنا، يصبح السؤال مُلحًّا: لماذا تبقى هذه الكنوز نائمة إلى اليوم؟ ومن يوقظها قبل أن يفوت الأوان؟
السياحة الجبلية والبيئية ليست ترفًا؛ بل أحد أهم الموارد القادرة على خلق فرص اقتصادية مباشرة لأبناء القرى، وفتح مسارات جديدة للاستثمار، وتحريك عجلة التنمية في المناطق التي تعاني من محدودية الفرص. ولنا في سوط نموذج جليّ، فهي قرية تحمل في قلبها ما يكفي لإنتاج قصة نجاح وطنية لو وجد المشروع الذي يشعل شرارة البداية. من كهف أبي هبّان، أحد أكبر الكهوف في السلطنة وأكثرها تفرّدًا، إلى الحارة القديمة التي تحمل ملامح التاريخ الأول، مرورًا بالممشى الجبلي الذي يمتد بين الصخور والوديان، وصولًا إلى الوادي الذي يشكّل لوحة طبيعية جاهزة لا تحتاج سوى لمسات تنظيمية مدروسة.
الخلل لا يكمن في غياب المقومات؛ بل في غياب الاستثمار المنهجي، والتخطيط الطويل المدى، والرؤية التي تربط بين ما هو موجود وما يمكن أن يكون. قد نمتلك مواقع خلابة، ولكننا لا نمتلك منظومة متكاملة تجعل السائح يقصد المكان ويعود إليه. فالسياحة ليست فقط مكانًا جميلًا؛ إنها تجربة عاطفية، ومسار مدروس، وبيئة خدمية، وبنية تحتية تستقبل الزائر بثقة واحترام.
وما ينقص هذه المواقع ليس الكثير؛ بل حُسن الإدارة، وتفعيل الشراكة، وتحريك الاستثمار المحلي والخاص. فكهف أبو هبّان مثلًا ليس مجرد تجويف صخري؛ إنه مشروع اقتصادي ضخم جاهز للانطلاق. يمكن أن يتحول إلى مقصد سياحي عالمي عبر مسارات آمنة، وإضاءة مدروسة، ولوحات تعريفية، ومركز استقبال للزوار، ومرافق بسيطة تضمن الأمن والجاذبية. وما حوله من تضاريس يمنح فرصًا للمغامرات، ومسارات المشي، والفعاليات الجبلية التي يعشقها السياح من كل مكان. إنه كنز، والكنز إمّا أن يُستثمر، أو يُترك يضيع في صمت الزمن.
وفي الحارة القديمة، تتكرر القصة. إرث معماري لو كان في دولة أخرى لرأينا حوله مقاهي تراثية، وورشًا للحرف، وأماكن للتصوير، ومسارات ليلية مضاءة بعناية. بينما لا يحتاج اليوم سوى إلى دعم بسيط يفتح الباب أمام شباب القرية والأسر المنتجة ويمكّنهم من صناعة منتجات تراثية تمثّل روح المكان.
وما يحدث في سوط يحدث في عشرات القرى بالشرقية والباطنة والظاهرة والجبال الجنوبية. مواقع فريدة، ولكن بلا إدارة سياحية حقيقية. والنتيجة أن الفرص موجودة… لكنها مؤجّلة.
ولكسر هذا الجمود، لا بد من خطة وطنية واضحة للسياحة الجبلية والريفية تشمل:
تحديد المواقع ذات الأولوية وفق معايير الجذب وقابليتها للتطوير. إنشاء بنية أساسية: مسارات، مواقف، لوحات، نقاط خدمات. منح امتيازات وتسهيلات للمستثمرين المحليين. تمكين الشباب بمشاريع صغيرة: بيوت ضيافة، أدلاء سياحيون، مقاهٍ، ورش حرف، فعاليات موسمية. تفعيل دور البلديات والمحافظات في إزالة العوائق وتسريع الموافقات.لا شك أن الاستثمار في القرى ليس ترفًا؛ بل ضرورة اقتصادية. وفي زمن تتجه فيه دول العالم للسياحة البيئية، تملك عُمان خامات طبيعية وثقافية لا تتكرر. وإن لم نتحرك اليوم، سنجد غدًا أن الفرص التي كانت في متناول اليد قد ذهبت لمن استثمر قبْلنا.
إننا لا نطالب بمشاريع بملايين الريالات؛ بل بمشاريع ذكية وصغيرة وقادرة على خلق أثر سريع. ممشى واحد قد يغيّر اقتصاد قرية. كهف واحد مُستثمَر جيدًا قد يصنع وجهة سياحية عالمية. حارة واحدة مُعاد إحياؤها قد تُعيد القرية إلى خريطة السياحة الداخلية.
إن كنوز الجبال فرصٌ مؤجلة تنتظر الإحياء. وما لم نوقظها اليوم، سيوقظها الزمن لصالح آخرين. فالجبال تنادي… والزمن لا ينتظر.