شيطان الرقابة المتنكر.. هكذا يخدم إسرائيل في وسائل إعلام غربية

تمتلك إسرائيل قوة مذهلة، لا سيما في عدد من الدول الديمقراطية الغربية، ويتجلى ذلك في التحركات الرامية إلى عدم نشر مواد إعلامية تنتقد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأحيانا استهداف الصحفيين الذين يتجرؤون على انتهاك هذه الأوامر، وفقا لبينوي كامبمارك في تقرير بمجلة "إنترناشونال بوليسي دايجست" الأمريكية (IPD).

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري 18 ألفا و800 شهيد، بينهم أكثر من 8 آلاف طفل، بالإضافة إلى 51 ألف جريح، ودمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.

وأضاف كامبمارك، في التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الرقابة وحش متعدد الجوانب، والنهج التقليدي لها هو تنقيح المواد الإعلامية، كما توجد طريقة أخرى هي فرض ما يشبه التوازن المزيف، فإذا ذُكر قتل الآلاف من الأطفال الفلسطينيين لابد وأن يُخفف مثلا بذكر عشرات الأطفال الإسرائيليين الذين قتلوا".

وتابع: في أكتوبر الماضي، فصلت شركة أكسل سبرينجر، عملاق الإعلام الألماني،  الشاب المتدرب في قسم الأخبار قاسم رعد (20 عاما)؛  بسبب اعتراضه على الخط المؤيد لإسرائيل".

وأردف: "وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضيي، وقَّع نحو 10 من العاملين في صحيفة لوس أنجلوس تايمز (الأمريكية) على رسالة مفتوحة تدين العمليات الإسرائيلية في غزة، معتبرين أنها إلى جانب الحصار الإعلامي تهدد جمع الأخبار بطريقة غير مسبوقة".

وفي رسالتهم، قالوا: "كمراسلين ومحررين ومصورين ومنتجين وغيرهم من العاملين في غرف الأخبار في جميع أنحاء العالم، نشعر بالفزع إزاء ذبح زملائنا (92 صحفيا في غزة حتى الأحد) وعائلاتهم على يد الجيش الإسرائيلي".

ومنددين بـ"الخطاب اللاإنساني الذي تستخدمه غرف الأخبار الغربية لتبرير التطهير العرقي للفلسطينيين"، شددوا على أن "المعايير المزدوجة وعدم الدقة والمغالطات تكثر في المنشورات الأمريكية".

اقرأ أيضاً

جماعات مؤيدة لإسرائيل تضغط على وسائل الإعلام لتغيير سردية الحرب في غزة

معاداة السامية

و"من الأمور المفضلة لإدارة الأخبار أيضا عدم تجديد العقود، وهو ما فعلته صحيفة الجارديان (البريطانية) مع رسام الكاريكاتير المخضرم ستيف بيل في أكتوبر الماضي، بعد ارتباط دام أربعة عقود"، كما أضاف كامبمارك.

وأوضح أن بيل رسم كاريكاتور يُظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يجري عملية جراحية على بطنه بمبضعين بينما كان يرتدي قفازات الملاكمة، ويكشف عن شق في اللحم على شكل غزة.

واعتبرت الإدارة أن هذه الكاريكاتور الذي يتضمن "رجل يهودي ورطل من اللحم؛ هو مجاز معادٍ للسامية".

وقال كامبمارك: "لو أن الحمقى في الصحيفة أجروا أبحاثهم، لكانوا أدركوا أن بيل لم يكن يشير إلى اللحظة الشكسبيرية الشهيرة لشايلوك في (رواية) تاجر البندقية".

وتابع: "بل كان الكاريكاتور مستوحى من عمل ساخر لرسام الكاريكاتير ديفيد ليفين، وهو مساهم متكرر في مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس، وسخر في عام 1966 من الرئيس الأمريكي ليندون جونسون وهو يقف أمام الكاميرات ليظهر ندبة خلفتها جراحة المرارة، إذ أعطت لمسة ليفين البسيطة للندبة شكل فيتنام"، في إشارة إلى الحرب الأمريكية في هذه البلد الآسيوي.

اقرأ أيضاً

جماعات مؤيدة لإسرائيل تضغط على وسائل الإعلام لتغيير سردية الحرب في غزة

إبادة جماعية

و"حتى في أجواء النقاشات الأكاديمية، كان شيطان الرقابة يقوم بعمله خلف الستار، ففي اجتماع لمجلة هارفارد لو ريفيو، في 18 نوفمبر، صوّت المحررون (104) بأغلبية لصالح منع نشر مقال لمحامي حقوق الإنسان الفلسطيني ومرشح الدكتوراه ربيع إغبارية"، كما زاد كامبمارك.

وأكد المقال أن "الكارثة التي تتكشف في غزة من شأنها أن تلبي عتبة الإبادة الجماعية وأن النكبة، التي تضمنت طرد الفلسطينيين (750 ألف) من أراضيهم في عام 1948، تستحق الاعتراف بها كجريمة".

ولم يُعجب قرار المنع نحو 125 أستاذ قانون وقَّعوا على رسالة مفتوحة أثاروا فيها مسائل "الرقابة"، وكذلك ما يزيد عن 25 محررا وجدوا، عبر بيان في 22 نوفمبر، أن القرار يهدد "الحرية الأكاديمية ويديم قمع الأصوات الفلسطينية"، كما أوضح كامبمارك.

اقرأ أيضاً

عبر رسالة.. 750 صحفيا ينتقدون تغطية الإعلام الغربي للحرب في غزة

المصدر | بينوي كامبمارك/ إنترناشونال بوليسي دايجست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد