تقنية استنساخ بالذكاء الاصطناعي لإنشاء نسخة منك تعيش في العالم الافتراضي و"لا يمكن التحكم بها"
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
كشفت شركة "ميتا" مؤخرا عن روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والعديد منها يتميز بأشكال المشاهير، أو نسخ المشاهير من الذكاء الاصطناعي.
ويرجع الفضل في ذلك إلى تقنية Llama 2، التي يمكنها إنشاء "شخصيات" أو "رسوم متحركة" تعتمد على الذكاء الاصطناعي استنادا إلى أشخاص حقيقيين.
إقرأ المزيدوتتيح شركة أخرى تدعى Delphi للمستخدمين إنشاء نسخ افتراضية لأنفسهم أو لأي شخص آخر.
ولإنشاء نسخة من الذكاء الاصطناعي عبر Delphi، كل ما يحتاج المستخدمون إلى فعله هو تحميل شكل من أشكال التعريف وما يصل إلى آلاف الملفات، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني ونصوص الدردشة وحتى مقاطع فيديو "يوتيوب".
ويقول الخبراء إنه من الواضح أن هذه التكنولوجيا تهيمن على الصناعة بسرعة، وهذه ليست سوى البداية.
ويشرح مايكل بوسكار، المؤسس المشارك لشركة NPCx للذكاء الاصطناعي، والتي تعمل على تطوير تقنية استنساخ الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في مجال الألعاب، هذه الظاهرة بشكل أكبر.
وقال في حديث لصحيفة "ذي صن" في رسالة بالبريد الإلكتروني: "هدفنا هو السماح للاعبي ألعاب الفيديو باستنساخ أنفسهم في ألعاب الفيديو، والتصرف نيابة عنهم في اللعبة عندما لا يكونون متاحين للعب".
وأشار إلى أن منتج NPCx يسمى BehaviorX، ولم يتم طرحه للعامة بعد، لكنه قد يكون محوريا في تطوير "ميتافيرس"، تقنية العالم الافتراضي المملوكة لشركة "ميتا".
وتم نشر مصطلح "ميتافيرس" من قبل الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، مارك زوكربيرغ، ويصف عالما افتراضيا يجمع بين وسائل التواصل الاجتماعي والعملات المشفرة والواقع المعزز والألعاب.
وأضاف بوسكار: "لا تحتاج نسخنا المستنسخة إلى التواجد في بيئة ألعاب الفيديو فحسب، بل في ميتافيرس أيضا. وفي كلتا الحالتين، الهدف هو أنه عندما تتفاعل مع هذه المستنسخات، لا يمكن تمييزها بكل الطرق عن الشخص الذي تم استنساخها منه".
إقرأ المزيدولإنشاء النسخ المستنسخة، تطلب شركة NPCx من اللاعبين اللعب ومراقبتهم وبيئتهم بقدر كبير من التفاصيل.
ويوضح بوسكار: "نطلب منهم على وجه التحديد اتخاذ إجراءات معينة في اللعبة، على غرار الطريقة التي يُطلب بها من الممثلين اتخاذ إجراءات محددة في مرحلة التقاط الحركة، وهذا يمنحنا ما نحتاجه لتدريب نماذجنا وإنشاء النسخة".
وأضاف بوسكار أنه من خلال إنشاء شخصيات مبنية على أشخاص من العالم الحقيقي، يمكن للشركة أيضا إنشاء شخصيات غير قابلة للعب (NPC/ أي شخصية في لعبة لا يتم التحكم بها من خلال اللاعب) ذات شخصيات عميقة، تتصرف وتتفاعل بطرق واقعية.
وعندما سئل عن مدى جاذبية استنساخ الذكاء الاصطناعي في الألعاب، كان لدى بوسكار إجابة بسيطة، قائلا: "بالنسبة للاعبين، فإن اللعب جنبا إلى جنب أو ضد مستنسخات الذكاء الاصطناعي للاعبين أو مشاهير في العالم الحقيقي يضيف عنصرا من الواقعية والإثارة إلى تجربة الألعاب. يتعلق الأمر بإنشاء شكل ترفيهي أكثر جاذبية وتفاعلية وشخصية يتناسب مع اهتمامات المستخدم وتفضيلاته".
وبعيدا عن الألعاب وروبوتات الدردشة، يتوقع بوسكار رؤية تقنية استنساخ الذكاء الاصطناعي مستخدمة في مجموعة متنوعة من التطبيقات.
إقرأ المزيدوقال: "قد يشمل ذلك بيئات التدريب الافتراضية، والأدوات التعليمية التفاعلية، والمساعدين الرقميين الشخصيين، والمزيد. إن صناعة الترفيه، على وجه الخصوص، ستستفيد بشكل كبير، مع إمكانيات تتراوح بين تجارب الأفلام الشخصية إلى الحفلات الموسيقية الافتراضية التي تضم نسخا رقمية للفنانين".
ومع ذلك، في حين أن كل هذا يبدو وكأنه متعة جيدة، إلا أن الأخلاقيات المتعلقة بالاستنساخ الرقمي "محفوفة بالمخاطر"، كما أوضح بوسكار.
وأوضح: "بمجرد تدريب مستنسخك، فإن شبهك يتصرف بطرق خارجة عن إرادتك. ومن الناحية النظرية، إذا كانت الخوارزميات تعمل بشكل صحيح، فإنها تتصرف بطرق قد تتصرف بها أنت. لكننا لا نستطيع السيطرة على الطرف المقابل، ويمكنك أن تتخيل المواقف التي يقرر فيها شخص شرير محاكاة أفعال جنسية مع مستنسخ، أو يستخدم لغة بذيئة، أو يحاول بطريقة أخرى وضعهم في مواقف مساومة".
مضيفا أنه لذلك، من الضروري التأكد من أن الحيوانات المستنسخة يتم إنشاؤها واستخدامها بشكل أخلاقي.
المصدر: ذي صن
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: جديد التقنية ذكاء اصطناعي معلومات عامة معلومات علمية ميتا الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.